بين خطوط إيران الحمراء ومناورات ترامب.. هل تنجح مسقط في جمع المتخاصمين؟

ترجمة: شروق حسن

وسط أجواء مشحونة إقليميا وتصعيد متواصل في غزة واليمن، تستعد إيران والولايات المتحدة لاستئناف جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة، يُتوقع انعقادها قريبا في العاصمة العُمانية مسقط، وذلك وفق ما تناوله تقرير لصحيفة ” هم ميهن” الإصلاحية الأربعاء 7 مايو/أيار 2025.

وفقا للصحيفة الإيرانية “هم ميهن“، فإنه من المرجح أن تُستأنف المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بعد توقفٍ دامَ أسبوعا. 

وقد أفاد موقع “نورنيوز” الأصولي،  المقرّب من علي شمخاني، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي– الثلاثاء 6 مايو/أيار 2025، نقلا عن مصدر مطّلع، بأن هذه المفاوضات ستُعقد يوم الأحد 11 مايو/أيار 2025، في مسقط؛ وهو خبر لم تؤكده أو تنفه وزارة الخارجية حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

جولة جديدة من المفاوضات

كان باراك راويد، مراسل الموقع الإخباري “أكسيوس” الإسرائيلي، قد نقل في وقت سابق، عن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، أن البيت الأبيض يسعى لتنظيم الجولة الرابعة من المفاوضات في نهاية الأسبوع الجاري. 

وستُعقد الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران وأمريكا في ظل أوضاع غير مستقرة يشهدها الشرق الأوسط.

وتابعت الصحيفة الايرانية أنه من المقرّر أن يزور دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، الشرق الأوسط الأسبوع المقبل.

 وقد أعلن الرئيس الأمريكي، خلال لقائه الليلة الماضية مع مارك كارني، رئيس وزراء كندا، عن هذه الزيارة، مضيفا: “قبل هذه الزيارة، سيكون لدينا إعلان لخبر مهم جدا، لن أقول عن ماذا، لكنه خبر إيجابي للغاية”.


في حين لم يؤكد إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، مساء الثلاثاء 6 مايو/أيار 2025، في رده على وكالة “إيرنا”، الرسمية الايرانية الأخبار المتداولة حول توقيت المفاوضات أو ينفها. 

وقال بقائي إنه سوف يتم الإعلان عن التفاصيل المتعلقة بالزمان والمكان فور تثبيتها من قبل الوسيط العماني، وأضاف أنه وحتى هذه اللحظة، لم يُحدد موعد قطعي للجولة المقبلة من المحادثات، إلا أن المقترح العماني لعقدها في مطلع الأسبوع المقبل لا يزال قيد الدراسة.

نقاط مهمة في المفاوضات

في سياق موازٍ، فقد  نشر باراك راويد، الصحفي الإسرائيلي المقيم بالولايات المتحدة، أربعة منشورات على منصة “إكس”، احتوى اثنان منها على نقاط حوارية مع ستيف وِيتكوف، ممثل الرئيس ترامب لشؤون الشرق الأوسط، حول الملف الإيراني.

وبعد إعلانه أن الولايات المتحدة تعمل على تنظيم هذه المفاوضات في نهاية الأسبوع الجاري، نقل راويد عن ويتكوف قوله: «إذا لم تُعقد هذه المفاوضات، فسيكون السبب الوحيد هو سفر الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط».

 وقد أشار ويتكوف إلى زيارة ترامب المرتقبة الأسبوع المقبل إلى كل من السعودية وقطر والإمارات، وهي زيارة لم يكشف البيت الأبيض عن تفاصيلها بعد.

كما وصف ويتكوف المفاوضات مع إيران بالإيجابية، وقال: «نحرز تقدما، وآمل أن تمضي المفاوضات في المسار الصحيح.. الرئيس يريد، إن أمكن، حل هذه المسألة عبر الطرق الدبلوماسية”.

ما هو أبعد من طاولة المفاوضات


في سياق مواز، فإن عباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني، وستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، قد تحدثا باستمرار خلال الأسابيع الأربعة الماضية، عن أجواء إيجابية ومتصاعدة في المفاوضات غير المباشرة. غير أن المشهد الإعلامي، وما يدور خارج طاولة المفاوضات، يعكس وضعا مختلفا. 

وتابعت الصحيفة بالقول إن الأمريكيين قد أظهروا  سلوكيات متناقضة كثيرة قبل وبعد انطلاق الجولة الجديدة من المحادثات، يمكن إعداد قائمة بها؛ منها أنهم لا يزالون مستمرين في فرض العقوبات وتطبيق سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، ومن جهة أخرى، ورغم تراجع التهديدات العسكرية ضد إيران مقارنة بالماضي، فإنها لا تزال قائمة.

كما أنهم يطلقون تصريحات متضاربة بشأن الاحتفاظ بحق تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية، وهي مسألة لن تشكل إشكالا ما دامت لم تُطرح رسميا على طاولة المفاوضات. 

وتابعت الصحيفة أنه إذا حصل ذلك، فاستنادا إلى المواقف المعلنة من قِبل إيران، فإن المفاوضات ستواجه تحديا، لأن سياسة “التخصيب الصفري” التي كانت تُتابَع في عهد إدارة ترامب الأولى، تُعد من الخطوط الحمراء التي تم رسمها في هذه المباحثات.

من جانبهم، تكررت خلال الأيام الماضية تعبيرات من قبيل “تفكيك كامل للبرنامج النووي”، و”وقف التخصيب”، وما شابهها. 

وتابعت أنه في خضم هذه المناورات الإعلامية، رفع دونالد ترامب السقف خطوة أخرى، حيث قال في مقابلة أجراها يوم الأربعاء الماضي مع شبكة “NBC”، إن إيران ما دامت تمتلك النفط، فلا حاجة لها بالطاقة النووية! وهو تصريح غريب أثار ردود فعل من وزارة الخارجية الإيرانية ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية.

وتابعت الصحيفة بالقول كذلك: كان ماركو روبیو، وزير الخارجية الأمريكي، قد صرح مؤخرا بأن “تخصيب اليورانيوم دون أهداف تسليحية” أمر غير مسبوق في العالم.

علّق بهروز كمالوندي على هذه التصريحات بالقول ردا على ادعاء وزير الخارجية الأمريكي بأن إيران هي الدولة الوحيدة غير المالكة للسلاح النووي التي تقوم بالتخصيب، يجب القول إنه مخطئ؛ فهناك دول مثل هولندا، بلجيكا، كوريا الجنوبية، البرازيل واليابان، تقوم أيضا بالتخصيب دون أن تمتلك أسلحة نووية.

وتابع أن الجانب الإيراني يعلن بشكل منتظم عن مواقفه وخطوطه الحمراء، فإلى جانب قضية “التخصيب الصفري” التي تُعد خطا أحمر بالنسبة لإيران، يؤكد المسؤولون الإيرانيون دائما على أنهم يأخذون في الاعتبار احتياجات البلاد النووية، كما أعلنت وزارة الخارجية أن القضايا غير النووية ليست ضمن جدول أعمالها.

وأضاف أن القضايا غير النووية تشير إلى البرنامج الصاروخي والنشاطات الإقليمية التي تُعد مثار جدل، ومن الطبيعي أن إيران لن تتراجع عن برنامجها الدفاعي التقليدي، وهذا البرنامج ليس موضوعا للمفاوضات.

 وتابع بالقول: أما بالنسبة للقضايا الإقليمية، فالوضع مختلف تماما عن فترة مفاوضات الاتفاق النووي السابق (برجام)، فالتطورات التي شهدتها المنطقة، والوضع الذي آلت إليه الجماعات التي تتهم الولايات المتحدة وإسرائيل إيران بدعمها، تغيّر كثيرا بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول واندلاع الحرب في غزة.
لقد تغيّرت الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط بشكل كبير بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، ولم تعد المفاوضات الإقليمية تُطرح بالزخم الذي كانت تُطرح به سابقا.

المنطقة على حافة أزمة

وتابعت الصحيفة أنه بعد إطلاق صاروخ من قبل قوات الحوثيين في اليمن باتجاه مطار بن غوريون في تل أبيب، قام الكيان الإسرائيلي حتى مساء أمس بشنّ غارتين على هذا البلد.

وأضافت أن العملية الأولى استهدفت ميناء الحديدة في غرب اليمن، أما الغارة الثانية فكانت مساء الثلاثاء6 مايو/أيار 2025، واستهدفت عدة مواقع من بينها مطار صنعاء.

وتابعت أن اليمنيين قد هدّدوا بأنهم سيكملون الحصار الجوي للكيان الصهيوني، وأعلنوا عن بدء عمليات انتقامية، وأفادت وسائل إعلام يمنية بأن هذه المرة لن يكون مطار بن غوريون هو الهدف، بل البنية التحتية الإسرائيلية.

أما في غزة، فالوضع كارثي للغاية، القطاع يعاني من أزمة إنسانية شاملة، رئيس مستشفيات الميدان في غزة أعلن يوم أمس أنه منذ 62 يوما لم تدخل أي أدوية أو مياه إلى القطاع. 

وأضافت أنه وبحسب الإحصائيات، يُقتل طفل كل 40 دقيقة، فيما تجاوز عدد الضحايا المدنيين في هذه الحرب 53 ألف شخص.

وعلى الجانب الآخر من الأزمة، يستعد الاحتلال الإسرائيلي لشنّ هجوم بري على قطاع غزة.

 فقد أعلن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، أن الاحتلال يستعد لهجوم كبير على غزة، وأن القوات الإسرائيلية ستبقى في المنطقة، ويُقال إن هذا المخطط يهدف إلى احتلال كامل للقطاع.

في ظل هذه الظروف، لا يبدو أن حزب الله اللبناني في وضعية عملياتية، أو إن كان كذلك، فإن الدولة اللبنانية لا تُبدي رغبة في الانخراط في هذه الأزمة.

وتابعت أن العراق قد أوقف منذ أشهر، عمليات الجماعات المقاومة، سواء المعروفة منها أو المجهولة، ضد الكيان الإسرائيلي.

في المقابل، تملك قوات حماس وإلى حدٍّ ما الجهاد الإسلامي في غزة، ومخيمات الضفة الغربية، والمناطق المحتلة من قِبل إسرائيل، القدرة على تنفيذ عمليات.

وأضافت أن القوة الوحيدة التي تملك الإمكانيات والدوافع لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل من خارج الحدود هي القوات اليمنية. 

فقد وسّعت هذه القوات نطاق عملياتها من مضيق باب المندب والبحر الأحمر وصولا إلى عمق الأراضي الإسرائيلية.

أما إيران، التي أظهرت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، عدم رغبتها في الدخول المباشر في مواجهة مع إسرائيل، وقطعت سلسلة من الاشتباكات المحدودة مع الكيان في عام 2024، فقد أكدت حاليا أن العمليات التي يقوم بها اليمنيون مستقلة تماما ولا علاقة لها بطهران.

وعلى الرغم من تكرار إيران لهذا الموقف، لا تزال كل من إسرائيل والولايات المتحدة تحاولان استغلال هذا الوضع لصالحهما.

وأضافت أن إسرائيل تهدّد إيران بشكل مباشر وعلى أعلى المستويات، ويلعبون بالألفاظ للقول إنّ ما يقوم به اليمنيون هو في الحقيقة عمل إيراني.

 كما أن أمريكا تطرح هذا الموضوع على عدّة مستويات، وفي تغطيتهم لأخبار قصف اليمن، يشيرون باستمرار إلى “الحوثيين المدعومين من إيران”.

 ويرى المحللون أن إسرائيل تسعى لاستفزاز إيران ودفعها إلى الرد، بينما تفكر أمريكا في مرحلة ما بعد فشل المسار الدبلوماسي.

وأضافت أنه في مثل هذا الجو، من المحتمل أن تُعقد الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة. 

وأضافت إن إيران تمتلك أوراقها الخاصة، وكذلك الطرف الأمريكي يملك أدواته المختلفة، وعلى الرغم من أن إسرائيل ومن داخل إيران تيارا فكريا معينا يحاولون إفشال هذا المسار، فإن الاتصال غير المباشر لا يزال قائما.

كلمات مفتاحية: