- زاد إيران - المحرر
- إيران, متميز
- 50 Views
كتب: محمد بركات
تصاعدت في الآونة الأخيرة حدة السجالات السياسية في إيران، بعد أن فجّر أحد نواب البرلمان جدلاً واسعاً حول ثروات بعض المسؤولين السابقين. وقد أثار ذلك موجة من الردود الغاضبة، والاتهامات المتبادلة، سواء من داخل المؤسسات الرسمية أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما عكس احتدام الصراع بين التيارات المتنافسة وسط مطالب متزايدة بالشفافية والمحاسبة.
أصل القصة
ففي هجوم لاذع من تحت قبة البرلمان في جلسته المنعقدة 4 مارس/ آذار 2025، وجّه النائب البرلماني الأصولي عن طهران، أمير حسين ثابتي، انتقادات حادة للرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، متسائلا عن مصادر ثروته بعد عقود من توليه مناصب حكومية.

حيث صرح ثابتي “لقد صرح روحاني بنفسه بأنه كان مستأجرا في بداية الثورة، واليوم، فلينظر الناس إلى منزله في منطقة ولنجك كم تبلغ مساحته وكيف يعيش”، مضيفا لقد كان طوال الوقت مسؤولا في هذا البلد، فكيف تغيّرت أوضاعه المعيشية بهذا الشكل؟”.
كذلك، اتهم ثابتي الجهات القضائية، وعلى رأسها محسني ايجي رئيس السلطة القضائية في إيران، بالتقاعس عن تفعيل المادة 142 من الدستور، والتي تنص على مراقبة ثروات كبار المسؤولين قبل تولّيهم المناصب وبعدها، قائلا” هل يعقل أنه منذ الثورة وحتى اليوم، لم يكن لدينا مسؤول واحد خالف القانون أو زادت ثروته بشكل غير مشروع؟”
الرد من صهر روحاني والهجوم على ثابتي
لم يكن هذا الهجوم ليمر مرور الكرام، حيث رد كامبيز مهدي زاده، صهر حسن روحاني، على تصريحات ثابتي وذلك خلال عدة تغريدة عبر حسابه على منصة إكس، حيث كتب في 5 مارس/ آذار 2025 مخاطبا ثابتي” يا بُني، عندما بدأت الحرب المفروضة، الحرب الإيرانية العراقية، وكان البلد تحت القصف بالقنابل والهاونات وصواريخ الكاتيوشا، أنت لم تكن قد وُلدت بعد، وكان أولئك الكبار الذين ذكرت أسماءهم يقاتلون لكي تولد أنت بأمان، وعندما انتهت الحرب وتم قبول قرار وقف إطلاق النار، كان عمرك شهرين وعشرة أيام فقط! فتكلّم بما يناسب عمرك”.

وكتب كذلك” الأخ الكريم السيد محسني اجئي، ما مصير شكوى الدكتور حسن روحاني ضد رحيم بور أزغدي؟ هذا الشاب، يقصد ثابتي، يهاجم حسن روحاني من خلف المنبر، يسيء إليه، يفتري عليه، فأين هي السلطة القضائية؟، أرجو منكم أيضا أن توجهوا توصية إلى السيد ثابتي، إذ يبدو أن هناك من يستغل صبر وحِلم روحاني”.

كما هاجم ثابتي بعدها في 15 مارس/ آذار 2025، فكتب” إن الشخص الذي يقول لرئيس الجمهورية لقد أخطأت، مشيرا إلى تصريحات ثابتي في تظاهرة خارج البرلمان بسبب قانون الحجاب، لا يملك لا أخلاقا ولا أدبا، بل إنه يطعن أيضا في مصداقية مجلس صيانة الدستور! من هؤلاء الذين دخلوا إلى البرلمان ويوجهون الشتائم إلى من انتخبهم الشعب؟، إن الإساءة إلى الدكتور بزشكيان هي إساءة إلى شعب إيران بأكمله”.

هذا وقد تبع ذلك موجة من الهجوم على ثابتي في موقع إكس، لما أرجعه المستخدمين إلى دور ثابتي في إقالة همتي، وزير الاقتصاد الإيراني، وتربح ثابتي نفسه من وراء كرسيه في البرلمان، كما وجهت له اتهامات بأنه أصبح يعيش في منطقة أرقى في طهران بعد أن أنضم إليه.


من تلك الموجة ما نشره علی بر نیا، المحلل السياسي على حسابه عبر منصة إكس، حيث قال” ثابتي، الذي يصرخ يوميا مدّعيا الزهد ومحاربة الفساد، وجّه سؤالاً لروحاني قائلا كيف انتقلتَ خلال ٤٠ عاماً من المسؤولية من حيّ بيروزي إلى ولنجك؟ وهو يدّعي أيضاً أنه لم يتقاضَ حتى بدل السكن من البرلمان.”.

ويكمل” من الأفضل أن يوضح ثابتي كيف انتقل خلال أقل من 10 سنوات من حيّ ميدان شهدا في المنطقة ۱۲ إلى منطقة ۳، حيث يبلغ متوسط سعر المتر الواحد حالياً أكثر من 2500 مليون ريال، 2400 دولار، ومتوسط الإيجار الشهري أكثر من 500 مليون ريال، 480 دولار”.
وتابع “هل يمكن لأستاذ جامعي ومقدّم برامج أن يحقق مثل هذا الدخل؟ أم أن الطريق إلى ذلك كان عبر حمل الحقيبة خلف سعيد جليلي”.
رد ثابتي ومحاميه
ما حدث أجبر ثابتي على الخروج في 24 مارس/ آذار 2025 والرد على تلك التهم، حيث كتب عبر حسابه على منصة إكس ” قبل ثلاثة أسابيع، سألت رئيس السلطة القضائية لماذا لم تنفذ المادة 142 من الدستور بالشكل الصحيح؟ وهل من الممكن أنه حتى اليوم، لم يوجد مسؤول واحد في هذا البلد ازدادت ثروته بشكل غير مشروع أثناء تحمّله للمسؤولية؟ وكمثال على ذلك، ذكرت حسن روحاني، الذي صرّح بنفسه أنه كان مستأجرا في شارع بيروزي في بداية الثورة، لكنه الآن يعيش في قصر أسطوري في منطقة ولنجك”.

وتابع “اللافت أنهم شعروا بالضغط إلى درجة أنهم، وبعد مرور عشرين يوما، بدأوا مشروعا جديدا، ووجّهوا نفس الحسابات السيئة السمعة والمأجورة في الفضاء الافتراضي للهجوم علي، مدّعين كيف كنت تسكن في المنطقة ۱۲، وأصبحت اليوم في المنطقة 4؟”.
وأوضح ثابتي “أولا، لم أكن مالكا لأي منزل في حياتي، لا عندما كنت مستأجرا في المنطقة ۱۲، ولا الآن حيث أعيش في منزل والدتي، وثانيا، انتقلت من سكني السابق عام قبل ست سنوات من دخولي إلى البرلمان، لذلك، لم أصل خلال مسؤوليتي إلى أي ثروة أسطورية كما فعل بعض السادة”.
وتابع “كل ما قمت به هو طرح سؤال واحد عن أربعين سنة من مسؤوليات حسن روحاني وقصره الأسطوري! هل كان الأمر مؤلما إلى هذه الدرجة؟ ردود أفعالكم العصبية والمنفعلة هذه، تجعل عزيمتي أقوى مئة مرة لمواصلة هذا الطريق”.
وحول ما أسماه ثابتي بالمشروع الجديد ضده، صرح محمد جواد إيزدي، محامي ثابتي، خلال لقاء الثلاثاء 25 مارس/ آذار 2025 ” إن أحد الحسابات التي أساءت في الأشهر الماضية إلى ثابتي وعدد من نواب البرلمان، كان يعود لشخص يُدعى أمير تنها، وبعد تقديم شكوى ضده وعقد جلسة في المحكمة، صدر الحكم القضائي الذي أثبت إدانته وجرمه”.

وتابع” من اللافت أنه بعد تسجيل الشكوى، قام ذلك الشخص مرارا بالاتصال، طالباً العفو وتسوية القضية، وأعرب عن استعداده للحضور شخصياً إلى مكتب ثابتي من أجل توضيح سوء الفهم، بل واقترح نشر عدة تغريدات داعمة له. وقد قام فعلاً بنشر تغريدة مؤيدة لثابتي بمبادرة منه، على أمل تمهيد الطريق للعفو عنه، إلا أن محاولاته لم تؤتِ ثمارها”.
وأضاف ” كان مبرر ثابتي في رفض العفو عن هذا الناشط الافتراضي المعروف بسوابقه، هو أنه لم يتقدّم بالشكوى باسمه الشخصي، بل اعتبر أن الجرائم التي تُنشر بشكل منظّم من قبل شبكات تويتر سيئة السمعة، تشكّل اعتداء على حق الناس، وعلى كل من منحه صوته”.
كما أوضح” إن تقديرنا هو أن أموالا كثيرة يتم ضخها في الفضاء الافتراضي ضد النواب الثوريين المناهضين للفساد، بهدف تشويه صورتهم من خلال الكذب، والاقتباسات المبتورة. لكن تم تسجيل شكاوى بحق كل هذه الحسابات المأجورة والكاذبة، وسيتم الإعلان عن نتائج كل قضية على حدة”.