- ربيع السعدني
- متميز
- 22 Views
تحقيق: ربيع السعدني
انفوجراف: عاصم مسعد
في قلب المحيطات، حيث تتلاشى أعين الرقابة، يبحر “أسطول الظل” الإيراني كشبحٍ يتحدى العقوبات الدولية، شبكة معقدة من السفن القديمة تنقل ملايين البراميل من النفط الإيراني إلى مصافي “أباريق الشاي” الصينية، متجاوزة القيود الأمريكية ببراعة.
في هذا التحقيق الخاص، نرفع الستار عن شقوق وثغرات النظام العالمي، مُسلطين الضوء على مخاطر بيئية واقتصادية تتربص بالاستقرار العالمي.
ينطلق موقع “زاد إيران” في رحلة جريئة محفوفة بالمخاطر، ليكشف عن أسرار “أسطول الظل” الغامض أو الأسطول المظلم وتأثيراته العميقة، حيث يشق النفط الإيراني طريقه عبر شبكات متشابكة تتحدى العقوبات وتهز أركان النظام الدولي.
هذه الشبكات تستغل ثغرات خطيرة في قوانين الشحن والرقابة العالمية، حاملة في طياتها تهديدات بيئية واقتصادية تلوح كسيف مسلط فوق كوكب الأرض، في انتظار لحظة الانفجار.
كيف يعمل أسطول الظل؟

يُطلق مصطلح “أسطول الظل” على شبكة ناقلات نفط قديمة تعمل خارج الأطر القانونية الدولية لتهريب النفط الإيراني، وكذلك الروسي، للتحايل على العقوبات الأمريكية والأوروبية، هذه السفن، المسجلة غالبا تحت أعلام دول مثل بنما أو ليبيريا، ومملوكة لشركات وهمية، تستخدم تقنيات متطورة لإخفاء هويتها وحمولتها.
الأسطول المظلم هو شكل أكثر تقدما من النظام البحري للالتفاف على العقوبات النفطية على نطاق أوسع، وبحسب التقارير الإخبارية، فإن عملية النقل من سفينة إلى أخرى تتم عادة في الليل، ويستقبل هذا الأسطول، الذي لا يعد وجوده سرا وتمت مناقشته في وسائل الإعلام المحلية، النفط الإيراني في مواقع مختلفة ويسلمه إلى نقاط التفريغ في الصين.
تقرير لوكالة دويتشه فيله (DW) الألمانية، نقله موقع “عصر إيران” تحت عنوان: “هل يستطيع ترامب وقف صادرات النفط الإيرانية إلى الصين؟” أشار إلى أن هذه العمليات المعروفة باسم “أسطول الظل” هي جزء من صناعة دولية للصادرات غير الرسمية، والتي تستخدم وثائق مزورة لإظهار النفط الإيراني كعراقي أو ماليزي أو خليجي.

وتتم صادرات النفط الإيرانية من خلال شبكة معقدة من العمليات السرية التي تشكل جزءا من صناعة دولية ضخمة من الصادرات غير الرسمية، حيث تقوم ناقلات النفط بإيقاف أنظمة تحديد المواقع الخاصة بها حتى لا يتمكن أحد من تعقبها، وغالبا ما يُنقل النفط بين السفن في البحر لإخفاء مصدره، وتُغيّر السفن أسماءها وأعلامها وتسجيلاتها بشكل روتيني لإثارة الالتباس، وفي كثير من الحالات، تُزوَّر وثائق تُشير زورا إلى أن النفط مصدره دول مثل العراق أو ماليزيا.
ويتألف جزء كبير مما يُسمى “أسطول الظل” من ناقلات نفط قديمة تبحر تحت أعلام مختلفة، وتفتقر إلى التأمين المناسب، وقد بيع العديد منها سابقا للتخريد، ولم تعد مشمولة بالتأمين الدولي وتستفيد مصافي التكرير الصينية أيضا من الخصم.
بينما ترفض بكين الاعتراف بالعقوبات الأمريكية على إيران، وقد دقّت هذه الصناعة الموازية المزدهرة ناقوس الخطر في واشنطن، حيث يحذر المسؤولون من أن ثغرات الإنفاذ – لا سيما في جنوب شرق آسيا – تقوّض سياسة العقوبات العالمية.
ووفقا لتقارير، نقلت هذه السفن عشرات الملايين من براميل النفط الخام سنويا، بقيمة مئات الملايين من الدولارات، حيث صدّرت إيران في 2024 حوالي 1.5 مليون برميل يوميا، معظمها إلى الصين التي تستخدم اليوان في المعاملات لتفادي الرقابة الغربية.

تعتمد إيران على عمليات النقل من سفينة إلى أخرى (STS) في المياه الدولية، خاصة في بحر الصين الجنوبي وخليج عمان، مع إغلاق أجهزة التتبع الآلي (AIS) لتجنب الكشف.
هذه التقنية، المعروفة بـ”انتحال AIS” تجعل السفن تبدو ثابتة أو تتحرك بمسارات غير منطقية على سبيل المثال، ناقلة مثل “جاغوار”، التي لا تحمل علما واضحا، تُغلق أجهزة AIS لفترات طويلة، بينما نقلت ناقلة “AMOR” أكثر من 20 مليون برميل بين يناير 2022 ويناير 2025 مع إيقاف AIS بشكل متكرر وفقا لـ بيانات (MarineTraffic).
تشمل الحيل الأخرى تزوير الوثائق، تغيير الأعلام، واستخدام شركات واجهة، فعلى سبيل المثال، ناقلة “RESTON” تلقت أكثر من مليون برميل عبر STS في 2025.

وتستخدم سفن أسطول الظل أعلام دول مثل جزر البهاما وبالاو، كما نقلت ناقلات تابعة لشركة Prime Tankers LLC الإماراتية أكثر من 25.000 طن متري من المنتجات البترولية من بندر عباس إلى عمان والإمارات في 2022، باستخدام وثائق مزورة تُظهر المنتج كـ عراقي المنشأ.
يُباع معظم النفط الخام الإيراني بأسعار مخفضة للصين، التي برزت كأكثر مشتريه ثباتا رغم تهديد العقوبات الأمريكية، ويقدر المحللون أن طهران تجني ما بين 30 و40 مليار دولار سنويا من مبيعاتها النفطية، وهي عائدات ضخمة تدعم كل شيء بدءا من الدعم المحلي، ووصولا إلى نفوذ طهران الإقليمي.
أباريق الشاي.. وجهة النفط الإيراني
تُعد مصافي “أباريق الشاي” الصينية، خاصة في مقاطعة شاندونغ، العمود الفقري لاستيراد النفط الإيراني، هذه المصافي الصغيرة المستقلة، التي تُعرف باسم “قوري“، تُعالج النفط الخام الإيراني لتلبية الطلب المحلي، مستفيدة من أسعار منخفضة وتفادي العقوبات الأمريكية.
يُسوَّق النفط كـ”نفط خليجي” أو “ماليزي” لإخفاء مصدره، في 2023، وصلت صادرات إيران النفطية إلى 1.6 مليون برميل يوميا، مقارنة بـ260,000 برميل في 2019، وفي مارس/آذار 2025، بلغت 1.91 مليون برميل يوميا إلى الصين.

تشتري الصين، أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، حوالي 70% من صادراته، مما يُدر عائدات سنوية تتراوح بين 30- 40 مليار دولار، تُستخدم لتمويل برامج إيران النووية والصاروخية ودعم جماعات موالية، تقرير لموقع “آسيا تايمز” أشار إلى أن النفط الإيراني أرخص بـ13 دولارا من متوسط السوق، مما يجذب مصافي “قوري” التي تدفع باليوان، محصنة من العقوبات الأمريكية.
ولهذا السبب تسعى واشنطن لتفكيك شبكة التحايل على العقوبات، ومن خلال وسطاء وشبكة أنشأتها في بلدان مختلفة لبيع النفط، تبيع إيران أكثر من 90% من نفطها عبر الأسطول الظلي إلى “مصافي قوري” في الصين، مما يشكل نحو 10% من واردات الصين النفطية، وقد أكدت الصين مرارا أنها تعتبر العقوبات الأمريكية الأحادية الجانب غير قانونية، وتواصل تعاملاتها الاقتصادية مع إيران.
شبكات الظل.. كيف تدير طهران تهريب النفط؟
تعتمد إيران على وسطاء في دول مثل الإمارات وهونغ كونغ، وشركات وهمية في بنما وليبيريا، مع تقنيات مثل إعادة تسمية السفن وتزوير وثائق الشحن.
النظام الإيراني يدير هذه الشبكات عبر شركات واجهة مثل Sepehr Energy وSahara Thunder، والتي تتخذ من طهران مقرا لها إحدى أدوات إيران الرئيسية للالتفاف على عقوبات النفط هذه الشركة، التي تُقدّم ظاهريا على أنها شركة مقاولات للنفط والغاز تُدير في الواقع شبكة من ناقلات النفط والسفن الخفية التي تنقل النفط الإيراني سرا إلى الأسواق العالمية، ونقلت 18 شحنة نفط بين 2022 و2024، بإيرادات تُقدر بـ1-3 مليارات دولار سنويا لدعم أنشطة الحرس، وفقا لـ رويترز.

ووفقا لتسريبات بريد إلكتروني، استخدمت شركة Sahara Thunder الإيرانية، وثائق مزورة لتمرير النفط الإيراني كعراقي، بما في ذلك شهادات منشأ مزيفة وفواتير شحن، ووفقا لـ تقرير رويترز، الذي نقله موقع “تجارت نيوز” وتعتمد الشركة على أسطول من السفن مجهولة الهوية أو ذات هويات مزيفة لتوصيل النفط الإيراني عبر عمليات النقل من سفينة إلى سفينة (STS) إلى مشترين في آسيا، خاصة الصين، عادة ما تُعطّل هذه الناقلات نظام التعريف الآلي (AIS) الخاص بها أو تُرسل معلومات موقع مزيفة لتجنب اكتشافها.
خلال الفترة التي سُرّبت فيها رسائل البريد الإلكتروني المخترقة لشركة “رعد الصحراء” من قِبل مجموعة “برانا نيتورك”، صدّرت الشركة نحو 20 مليون برميل من النفط، تُقدّر قيمتها بنحو 1.6 مليار دولار بناء على متوسط أسعار السوق في عام 2023.

وبلغت صادرات إيران النفطية في عام 2023 نحو 53 مليار دولار أمريكي، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2018 في عام 2024 وكتبت بلومبرج نيوز أن تدفق صادرات النفط الإيرانية إلى الصين تحسن بعد إزالة الاختناقات اللوجستية الناجمة عن تشديد العقوبات الأمريكية، مما مكّن المشترين من استلام شحنات النفط المتراكمة.
وذكرت وكالة “بلومبرج” الأمريكية نقلا عن بيانات من شركة “فيرتيكسا” لتتبع السفن أن صادرات إيران من النفط الخام إلى أكبر مشتريها، الصين، انخفضت بسبب العقوبات وعمليات الصيانة السنوية في المصافي الصينية مع بدء موسم الصيف، وبحسب موقع “عصر إيران” نقلا عن موقع “أويل برايس”، وبناء على هذه البيانات، تصدر إيران ما يزيد قليلا على 1.1 مليون برميل من النفط الخام إلى الصين يوميا.
وهو ما يقل بنسبة 20% عن صادراتها في مايو/أيار 2024 هذا أقل بنحو 400 ألف برميل يوميا عن أبريل/نيسان الماضي ومع ذلك، فإن البيانات ليست قاطعة تماما، إذ تلجأ الناقلات التي تحمل النفط الخام الإيراني إلى حيل ومناورات متنوعة لإخفاء مصدرها ومسارها، وأفادت إحصاءات معهد كيبلر مؤخرا أن عددا متزايدا من الناقلات التي تحمل النفط الإيراني إلى الصين تقوم الآن بإيقاف تشغيل أجهزة التتبع الخاصة بها، مما يحجب موقعها.

وقال مو یو خو، المحلل في معهد كيبلر، لـ بلومبرغ: “استُخدمت عمليات النقل من سفينة إلى أخرى لإخفاء مصدر تلك الشحنات”، وأضاف: “الآن، يُخفّضون الإشارات لفترة أطول، ما يجعل تتبّع مصدر صادرات هذه الناقلات، أي إيران، أكثر صعوبة”، ومع تأجيل أعمال الصيانة الموسمية في المصافي الصينية، والتي يُتوقع استمرارها من المرجح أن تظل تدفقات النفط من إيران إلى الصين أضعف من المعتاد، وفقا لأحد محللي “فيرتيكسا”.
وأضاف: “كما قامت المصافي الصينية بتخزين النفط الإيراني الرخيص في وقت سابق من هذا العام قبل تشديد واشنطن للعقوبات، لذا من المتوقع أن تكون مستويات مخزوناتها كافية تماما في الوقت الحالي”.
خرق القوانين البحرية.. لعبة خارج القواعد
ينتهك أسطول الظل قوانين المنظمة البحرية الدولية (IMO) من خلال تشغيل سفن بدون تأمين مناسب أو تسجيل رسمي.
ناقلات مثل “غرين أدماير“التي ترفع العلم الليبيري (وهي تابعة لشركة إيجيان شيبينغ، الشركة المُدارة للسفينة ومقرها أثينا) كانت تبحر في بحر البلطيق، تم رصدها بحسب وكالة رويترز، وهي تعبر المياه الروسية دون إشارة AIS واضحة وفقا لـ(بيانات MarineTraffic)، السفن تعمل تحت أعلام دول أخرى مثل ليبيريا وجزر مارشال، وهو ما يزيد من مخاطر الحوادث البحرية، تتبع مسارات السفن عبر منصات مثل Refinitiv Eikon يكشف تحركاتها من موانئ إيران إلى ميناء شاندونغ في الصين.
الأثر البيئي: قنبلة موقوتة

السفن القديمة في أسطول الظل، التي غالبا يزيد عمرها عن 20 عاما، تشكل خطرا بيئيا بسبب سوء الصيانة، تقارير تشير إلى مخاطر التسربات النفطية في مناطق حساسة مثل بحر الصين الجنوبي، والتي قد تكلف مئات الملايين للتنظيف وتُهدد النظم البيئية لعقود.
مخاطر التسرب: تقارير تشير إلى أن هذه السفن، التي تفتقر إلى معايير السلامة، عرضة للتسربات النفطية، التي قد تُسبب كارثة بيئية في مناطق حساسة مثل بحر الصين الجنوبي.
انبعاثات الكربون: مصافي “أباريق الشاي” تُعالج النفط الخام باستخدام تقنيات قديمة، مما يُنتج انبعاثات كربونية عالية.
كما تُساهم مصافي قوري أو “أباريق الشاي” بنسبة 5-7% من انبعاثات القطاع النفطي في الصين بسبب تقنياتها القديمة، وفقا لإحصاءات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.

سيف بلا حد.. العقوبات الأمريكية
منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018، كثّفت واشنطن عقوباتها على قطاع النفط الإيراني، لكن أسطول الظل قلّل من فعاليتها.
في ديسمبر 2024، استهدفت العقوبات 35 كيانا و12 ناقلة، وفي فبراير/شباط ومارس/آذار 2025، شملت العقوبات أفرادا مثل رئيس شركة النفط الإيرانية ووزير النفط محسن باك نجاد، إلى جانب سفن ترفع أعلام هونغ كونغ بحسب تقرير وزارة الخزانة الأمريكية والهدف منها، تعطيل تدفق الإيرادات التي يستخدمها النظام الإيراني لتمويل أنشطته المزعزعة للاستقرار على حد زعمهم.
هدفان تسعى أمريكا إلى تحقيقهما: من بين هذه الأسباب حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين خلال إدارة ترامب الأولى، خلال تلك الحرب التجارية، فرضت الصين رسوما جمركية على النفط الأمريكي، وردت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على مصفاة الشاي الثالثة في الصين.
واستبدلت بعض الرسوم الجمركية بالنفط الإيراني، والسبب الآخر هو بيع النفط الإيراني بأسعار مخفضة، وبحسب موقع “فرارو“، عن صحيفة “آسيا تايمز”، كان سعر النفط الإيراني أرخص بـ13 دولارا من متوسط سعر النفط في السوق، والسبب الثالث، مثير للاهتمام: “بعض أباريق الشاي الأصغر حجما لا تتاجر مع أي دولة أخرى باستثناء إيران وتدفع لإيران بالعملة الصينية بدلا من الدولار”.

وبهذه الطريقة، فإنهم محصنون من الولاية القضائية خارج الإقليم الأمريكي، “إن الشركات الصينية المملوكة للدولة التي لا تتمتع بالمرونة بهذه الطريقة لا تستطيع التعامل مع إيران لأنها ستعرض استثماراتها في أجزاء أخرى من العالم للخطر”.
وقد أدت الزيادة في عمليات نقل النفط عبر سفينة إلى سفينة واستخدام محطات بديلة لاستلام الشحنات إلى نمو كبير في هذه التجارة ببساطة، بعد عقوبات بايدن على شبكة مبيعات النفط الإيرانية في نهاية ولايته.
وتمكنت إيران من استعادة الشبكة وإعادة الصادرات إلى الأرقام التي كانت عليها قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، على الرغم من العقوبات، استمرت إيران في تصدير النفط بكميات كبيرة، مما يُظهر محدودية تأثير العقوبات.
3 تحديات لمكافحة التهريب
يُشكل أسطول الظل تحديا للنظام الدولي، ليس فقط بتهريب النفط، بل بتهديده للأمن البحري والبيئة، لكن ثمة عقبات رئيسية تواجه مكافحته:
1▪︎ رفض الموانئ: أعلن ميناء شاندونغ، عدم السماح لناقلات خاضعة للعقوبات بالدخول.
2▪︎ تحديث الإرشادات: في أبريل/نيسان 2025، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية إرشادات لكشف حيل التهريب (وزارة الخزانة الأمريكية).
3▪︎ صعوبة التتبع: إيقاف AIS وتغيير الأعلام يُعقد التتبع، لكن منظمة United Against Nuclear Iran طورت منهجيات تعتمد على التصوير بالأقمار الصناعية (UANI).
لسد الثغرات
لتعطيل أسطول الظل، يجب على المجتمع الدولي:
1▪︎ تعزيز قوانين الشحن: فرض عقوبات أكثر صرامة على انتهاكات التسجيل والتأمين.
2▪︎ تقنيات تتبع متقدمة: استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات عبر منصات مثل Refinitiv Eikon لكشف أنماط إغلاق AIS.
3▪︎ التعاون الدولي: تشكيل تحالف لمراقبة تجارة النفط غير القانونية، مع التركيز على مراكز الوسطاء مثل الإمارات وهونغ كونغ.

نقل في ظلام الليل
ويعد أسطول الظل، أو الأسطول المظلم، جزءا آخر من أهداف العقوبات الأمريكية، وهو ليس حكرا على إيران فقط، بل يقوم بنقل النفط خارج النظام الدولي بأشكال مختلفة ويسلمه إلى المصافي بـ “قوري” أو “أباريق الشاي”، وفي الوقت الحالي، ينتمي أكبر أسطول ظل إلى روسيا، التي واجهت عقوبات نفطية بعد غزوها لأوكرانيا وقامت بتوسيع هذا الأسطول، وتتم عمليات النقل من سفينة إلى أخرى غالبا ليلا لإخفاء مصدر النفط، مع تغيير متكرر لأسماء السفن وأعلامها.
وليست إيران وحدها من تبيع النفط ضمن هذه الشبكة الرمادية المعقدة، فقد أصبحت الشبكة العالمية من ناقلات النفط الخفية تجارة مزدهرة بمليارات الدولارات، وقد استخدمت فنزويلا وروسيا – اللتان تخضعان للعقوبات الأمريكية والدولية – اسما غامضا، واستخدمتا تكتيكات مثل تزوير المنشأ والنقل من سفينة إلى سفينة للحفاظ على تدفق النفط إلى المشترين.
تُظهر الكشوفات الأخيرة كيف استطاعت إيران التحايل على العقوبات الغربية وتصدير نفطها إلى الأسواق العالمية باستخدام شبكات غامضة وأساليب متطورة، هذه الشبكات لا تُمكّن إيران من الحفاظ على اقتصادها عائما فحسب، بل تُساعد أيضا دولا أخرى خاضعة للعقوبات مثل روسيا وفنزويلا، ومع تصاعد الضغوط الدولية، يبدو أن إيران تواصل تطوير هذه الشبكات الظلية للحفاظ على تجارتها النفطية وتأمين الموارد المالية التي تحتاج إليها.
أسطول الظل، ليس مجرد أداة تهريب، بل تحدٍ للنظام العالمي يعكس مرونة إيران في مواجهة العقوبات، لكن هذا التحايل يأتي بتكلفة بيئية واقتصادية باهظة على العالم، الحل يكمن في تعاون دولي وتكنولوجيا متقدمة لسد الثغرات، وضمان استقرار أسواق الطاقة والحفاظ على البيئة العالمية.