- زاد إيران - المحرر
- إيران, ترامب, متميز
- 63 Views
كتب: محمد بركات
وسط أجواء متوترة تسيطر على العلاقات الأمريكية الإيرانية، تظل محاولات واشنطن لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات النووية تواجه عقبات جوهرية، ففي ظل استمرار نهج العقوبات والضغوط القصوى، وعلى الرغم من الرسائل التي تبعث بها الإدارة الأمريكية، وضمن ذلك رسالة الرئيس دونالد ترامب الأخيرة، لا تزال إيران تتعامل مع هذه المساعي بحذر، مؤكدةً ضرورة التفاوض في ظل شروط متكافئة بعيدا عن الإملاءات والتهديدات.
فخلال استضافته، الأربعاء 19 مارس/آذار 2025، في أحد برامج التلفزيون الإيراني بمناسبة عيد النيروز، العيد القومي الإيراني، أكد عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، أن السياسة الخارجية لإيران تستند إلى منهجية عقلانية تضع مصلحة الشعب في المقدمة، مشيرا إلى أن الظروف الجديدة التي أوجدها الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، لم تغيّر من طبيعة الضغط الأقصى الذي تواجهه إيران.

كما أوضح عراقجي أن هذه السياسة ليست سوى تكرار لنهج سابق، لكن بصياغة دبلوماسية جديدة تتضمن إرسال الرسائل، مشددا على أن إيران لن تدخل في أي مفاوضات تحت وطأة العقوبات المتزايدة، إذ يجب أن تكون المفاوضات في ظل ظروف متكافئة.
وفي ما يتعلق برسالة ترامب، أوضح أن الرد عليها سيتم خلال الأيام المقبلة عبر القنوات المناسبة، رغم تزامنها مع أجواء النيروز وليالي القدر، مشيرا إلى أن الرسالة تحمل طابعا تهديديا في المقام الأول، لكنها تدّعي أيضا وجود بعض الفرص، مؤكدا أن إيران ستتعامل مع كلا الجانبين، التهديد والفرصة، وفقا لما يحقق مصالحها الوطنية.

كما شدد وزير الخارجية الإيراني على أن إيران ليست بصدد إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، موضحا أن المفاوضات غير المباشرة كانت مستمرة عبر قنوات أوروبية، إضافة إلى الصين وروسيا، سواء خلال الفترات السابقة أو في عهد الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، كما أكد أن إيران لن تتفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة طالما أن سياسة التهديد قائمة.
واختتم عراقجي تصريحاته بتأكيد استعداد إيران لمواجهة التحديات المستقبلية، موضحا أن الاستعداد للحرب هو السبيل لمواجهة التهديدات، ورغم الأجواء السياسية المضطربة، توقع أن يكون العام المقبل عاما معقدا، لكنه أكد أن إيران ستتغلب على هذه التعقيدات بما يحقق مصالحها الوطنية.
وفي الشأن نفسه، أكدت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، خلال لقاء صحفي الأربعاء 19 مارس/آذار 2025، في ما يتعلق بالرد على رسالة ترامب ووجود القوات الأمريكية في اليمن والتهديدات الأمنية التي قد تترتب على تحركات الولايات المتحدة الأمريكية ضد إيران، أن الحكومة في الوقت الحالي ليس لديها أي خطة للكشف عن محتوى الرسالة، وأوضحت أن الرسالة قيد الدراسة، وسيتم تقديم رد متكامل في الوقت المناسب وبالطريقة التي تراها الحكومة صائبة.

وتابعت مهاجراني: “نحن أمة تتسم باللطف والرحمة، لكننا بالطبع لا نخضع للبلطجة، التفاوض له آدابه، وفي الدبلوماسية التفاوضية، مع الحفاظ على هذه الآداب، لذلك سيظل باب المفاوضات مفتوحا دائما”.
جدير بالذكر، أن المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، قد صرح خلال مؤتمر صحفي الإثنين 17 مارس/آذار 2025، وذلك عن سؤاله عن فحوى رسالة ترامب، قائلا: “حاليا، لا نعتزم نشر محتوى هذه الرسالة عبر وسائل الإعلام. ما تم تداوله في الإعلام هو في الغالب مجرد تكهنات، ومضمون الرسالة لا يختلف كثيرا عما صرّح به الرئيس الأمريكي علنا. سنرد على هذه المراسلة بعد استكمال دراستها، وذلك عبر القنوات المناسبة”.

وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد صرح في 7 مارس/آذار 2025، بأنه أرسل رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، يدعوه فيها إلى التفاوض بشأن المشروع النووي الإيراني، الأمر الذي نفاه مسؤولو النظام في إيران، حتى سفر أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الأربعاء 12 مارس/آذار، للعاصمة طهران وتسليمه رسالة ترامب إلى الإيرانيين.


رسالة بمهلة
في هذا الشأن، ذكر موقع أكسيوس الأمريكي في تقرير له الأربعاء 19 مارس/آذار 2025، ونقلا عن مسؤول أمريكي ومصدرين مطلعين على فحوى الرسالة، أن رسالة ترامب إلى القيادة الإيرانية تتضمن مهلة زمنية مدتها شهران للتوصل إلى اتفاق نووي جديد.

هذا ولم يحدد الموقع ما إذا كانت المهلة الزمنية تبدأ من تاريخ تسليم الرسالة أو من بدء المفاوضات، كذلك فقد أشار إلى أنه في حال رفض إيران عرض ترامب وامتناعها عن التفاوض، فإن احتمال شن عمل عسكري من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل ضد المنشآت النووية الإيرانية سيرتفع بشكل كبير.
رفض أمريكي مستمر للنووي الإيراني
تأتي تلك الأحداث في الوقت الذي تبنت فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منذ مجيئها في 20 يناير/كانون الثاني، موقفا متشددا تجاه البرنامج النووي الإيراني، معتبرةً أنه يُشكّل تهديدا مباشرا للأمن الإقليمي والدولي، وهو النهج نفسه الذي تبنته واشنطن منذ انسحابها من الاتفاق النووي في مايو/أيار 2018، حيث وصف ترامب، الذي كان رئيسا حينها أيضا، الاتفاق بأنه كارثي وغير كاف لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
كما أكد ترامب مرارا، أن إدارته لن تسمح لإيران بتطوير أسلحة نووية، ملوّحا بفرض أقصى العقوبات الاقتصادية واللجوء إلى خيارات عسكرية إذا لزم الأمر، مشددا على ضرورة التوصل إلى اتفاق جديد أشمل لا يقتصر فقط على القيود النووية، بل يشمل أيضا برنامج الصواريخ الباليستية والنفوذ الإقليمي لطهران.
بهذا الشأن، كرر وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، خلال مقابلة الأربعاء 19 مارس/آذار 2025، تهديداته ضد إيران، مؤكدا أن الرئيس ترامب مستعد لفعل أي شيء لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، كما قال روبيو إن ترامب يفضل الحلول الدبلوماسية لكنه لن يتردد في اتخاذ إجراءات عسكرية إذا لزم الأمر.

كذلك، فقد أشار روبيو إلى أن امتلاك إيران للأسلحة النووية أمر غير مقبول إطلاقا، وأن واشنطن لن تعتمد على دعم الدول الأخرى في تنفيذ قراراتها، سواء شاركت الدول الحليفة أو اكتفت بالتشجيع الصامت.
أيضا، وعند سؤاله عن قدرة واشنطن على تدمير المنشآت النووية الإيرانية، أكد روبيو أن الولايات المتحدة لديها الإمكانات الكافية للقيام بذلك، بل وتهديد النظام الإيراني نفسه.
كما تطرق إلى العلاقة بين الصين وإيران، معتبرا أنها أكبر تحدٍّ يواجه أمريكا، متهما بكين بعدم الالتزام بقواعد التجارة والاحتيال لتحقيق مصالحها.