نشرت صحيفة “وطن امروز” الإيرانية الأصولية، السبت 31 مايو/أيار 2025، تقريرا استعرضت فيه الحملة الإعلامية الأمريكية حول قرب التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، واعتبرتها جزءا من حرب نفسية تستهدف الداخل الإيراني، كما سلّطت الضوء على رفض طهران هذه المزاعم، وتشديدها على ثوابتها في المفاوضات، وفي مقدمتها رفع العقوبات والاعتراف بحقها في التخصيب.
قالت الصحيفة إن عبارة “طريق التوافق يمر عبر طاولة المفاوضات وليس عبر الإعلام”، التي جاءت على لسان عباس عراقجي، وزير خارجية إيران، تنطوي على انتقاد مباشر لما تنشره وسائل الإعلام الغربية مؤخرا بتوجيه من المسؤولين الأمريكيين.
وأضافت أن أجواء إعلامية نشطت مؤخرا داخل الولايات المتحدة، تروّج لاقتراب التوصل إلى اتفاق نووي بين طهران وواشنطن، رغم أن المؤشرات الواقعية لا تدعم صحة هذه المزاعم.
“اتفاق مسقط”.. إشاعات منسوبة إلى مصادر أمريكية
ذكرت الصحيفة أن البداية كانت مع الصحفية الأمريكية المتخصصة في السياسة الخارجية، لارا روزن، حيث أكدت في تقرير لها أن الاتفاق النهائي بين إيران والولايات المتحدة سيُبرم قبل 9 يونيو/حزيران 2025، مشيرة إلى أن الاتفاق يُطلق عليه اسم “اتفاق مسقط” تكريما للعاصمة العمانية.
وأوضحت “روزن” في نشرتها الإلكترونية، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صرّح للصحفيين بأنه حث رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي على عدم مهاجمة إيران، بحجة أن بلاده على وشك التوصل إلى حل مع طهران.
وأضاف التقرير أن ترامب، خلال لقائه الصحفي يوم الأربعاء 28 مايو/أيار 2025، في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، أكد أن الأمور تسير بشكل جيد مع إيران، متوقعا تحقيق اتفاق منطقي ومعقول قريبا، مشيرا إلى أن هناك احتمالين فقط: إما اتفاق ذكي أو حل عنيف، معربا عن اعتقاده بأن أحدا لا يرغب في الخيار الثاني.
كما أشار ترامب إلى تحقيق تقدم كبير في المفاوضات، معبرا عن ثقته بأن المرحلة النهائية من الوثيقة ستنال موافقة الإيرانيين، وأن ما سيحدث سيكون مفاجئا وإيجابيا لهم، معربا عن تفاؤله بإمكانية أن تصبح إيران دولة عظيمة في المستقبل.
وأردفت أن شبكة CNN الأمريكية دعّمت ما ذكرته روزن، ونقلت عن “مصادر مطلعة” بأن الولايات المتحدة وإيران باتتا على مقربة من التوصل إلى اتفاق شامل، ربما يتم التوقيع عليه في الجولة المقبلة من المحادثات، دون أن تذكر تفاصيل إضافية سوى الإشارة إلى احتمال انعقاد الجولة في منطقة الشرق الأوسط.
وفي السياق ذاته، نشرت وكالة رويترز تقريرا يدّعي أن البلدين قريبان من اتفاق مؤقت، تقوم بموجبه إيران بتجميد عمليات تخصيب اليورانيوم لمدة عام، مقابل قيام الولايات المتحدة بإطلاق الأموال الإيرانية المجمّدة. وبحسب التقرير، فإن إيران ستوافق على هذا التجميد مقابل الاعتراف بحقها في التخصيب السلمي، إضافة إلى نقاط أخرى لم يُكشف عنها بالكامل.

الرد الإيراني على مزاعم “رويترز”
ذكرت الصحيفة أن وزارة الخارجية الإيرانية سارعت إلى نفي ما ورد في تقرير رويترز، حيث صرّح المتحدث باسم الوزارة، إسماعيل بقائي، أن استمرار تخصيب اليورانيوم في إيران “مبدأ لا يقبل التفاوض”.
وأضافت توضيح بقائي أن تقرير “رويترز” ليس سوى امتداد لسلسلة من الأكاذيب التي سبق نفيها مرارا، وأُثبت زيفها بالدليل.
الاتفاق لا يزال بعيدا عن الواقع
أكدت الصحيفة أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أبدى شكوكه حول ما إذا كانت إيران والولايات المتحدة تقتربان بالفعل من اتفاق. ففي رده على تصريحات ترامب وما تناقلته وسائل الإعلام الغربية، شدد على أن إيران تسعى إلى حل دبلوماسي يحقق مصالح جميع الأطراف.
وأضاف عراقجي عبر حسابه بإحدى شبكات التواصل الاجتماعي، أن وسائل الإعلام تواصل التكهن بقرب التوصل إلى اتفاق، لكنه أعرب عن عدم ثقته في أن المفاوضات قد وصلت فعليا إلى هذه المرحلة.
وأشار إلى أن طهران تبحث عن اتفاق حقيقي يؤدي إلى رفع شامل للعقوبات، ويضمن حقوق إيران النووية، بما فيها الحق في التخصيب.
وتابع أن طريق التوافق يمر عبر طاولة المفاوضات وليس من خلال الإعلام، مؤكدا أن الأخبار الزائفة الأخيرة التي تستغل اسم إيران لمهاجمة معارضي السياسة الأمريكية الداخلية، ليست ذات قيمة حتى لإسرائيل.

ثوابت إيرانية لا تراجع عنها
قالت الصحيفة إن ما يتضح من تصريحات عراقجي هو تمسك إيران بثوابتها، التي طالما تم التأكيد عليها منذ بداية المفاوضات غير المباشرة، وهي: رفع جميع العقوبات، والاعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم.
وأضافت أن أي حديث عن اقتراب توقيع الاتفاق دون تحقق هذين الشرطين الأساسيين، لا يعدو كونه ترويجا زائفا. فلا يمكن الحديث عن موعد للتوقيع ما لم تُلبَّ هذه المطالب. وتابعت بأن الجانب الأمريكي ما زال يرفض التراجع عن موقفه إزاء وقف التخصيب، ما يجعل الحديث عن “اتفاق وشيك” غير واقعي تماما.
ورأت أن التسرع الأمريكي في الترويج لقرب الاتفاق ليس إلا محاولة دعائية ضمن حرب نفسية تستهدف الداخل الإيراني. بينما تتبنى إيران موقفا هادئا ومتزنا، مدركة لدروس الاتفاق النووي السابق (برجام)، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة من جانب واحد. وأشارت إلى أن عراقجي نفسه سبق أن صرّح بأن إيران تتفاوض بهدوء وصبر.
نفي جديد لتقارير “رويترز” حول السعودية
انتقلت الصحيفة إلى جانب آخر من المزاعم الإعلامية، مشيرة إلى أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي نفى ما نشرته وكالة رويترز بشأن فحوى رسالة من ملك السعودية نُقلت عبر وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان خلال زيارته إلى طهران.
وأوضح بقائي أن “رويترز” دأبت على تجاوز القواعد المهنية، وتحولت إلى أداة ضمن حملة تضليل ممنهجة تستهدف إيران وقضايا المنطقة.
وأضاف أن ما نشرته الوكالة حول دعوة إيران إلى التفاوض مع الولايات المتحدة لتفادي هجوم إسرائيلي، عار من الصحة، مؤكدا أن الوزير خالد بن سلمان لم يحمل معه أي رسالة من هذا القبيل.

ترامب يروّج لأوهام تفتيش وتفجير المنشآت الإيرانية
ذكرت الصحيفة أن تصريحات ترامب الأخيرة حول التفتيش وتفجير المنشآت النووية الإيرانية أثارت كثيرا من الجدل، حيث زعم أنه يريد اتفاقا يسمح للولايات المتحدة بالدخول إلى أي موقع في إيران، وأخذ أي شيء، بل وتفجير المنشآت النووية إن تطلّب الأمر.
ونقلت تصريحات ترامب التي أكد فيها أن الولايات المتحدة تسعى إلى اتفاق قوي يمكّنها من الدخول في أي وقت، وأخذ ما ترغب فيه، وتفجير ما تشاء، دون سقوط ضحايا. وأضاف أنه يمكن تفجير مختبر سواء كان خاليا أو يحتوي على أشخاص بداخله.
شمخاني: إيران ليست ضعيفة لتُهدد أو تُخضع
أردفت الصحيفة أن علي شمخاني، المستشار السياسي للمرشد الأعلى، ردّ على تصريحات ترامب قائلا إن أحلام الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية وتفجيرها ليست جديدة، وقد راودت رؤساء الولايات المتحدة السابقين أيضا، لكنها مجرد أوهام.
وأكد شمخاني أن إيران دولة مستقلة، تملك بنية دفاعية قوية وشعبا مقاوما، ولها خطوط حمراء واضحة. وأضاف: ان المفاوضات بالنسبة لإيران وسيلة لحفظ المصالح الوطنية والعزة، وليست أداة للابتزاز أو الخضوع.