إيران تقاضي 4 دول أمام محكمة العدل الدولية.. ما القصة؟

كتب: ربيع السعدني 

تقدّمت إيران، الخميس 17 أبريل/نيسان 2025، بشكوى أمام محكمة العدل الدولية ضد 4 دول (كندا والسويد وأوكرانيا وبريطانيا)، على خلفية تحطّم طائرة ركاب أوكرانية في العام 2020، في واقعة أسفرت عن مقتل 176 شخصا، وفق المحكمة.

وكانت الطائرة، التابعة لخطوط الجوية الأوكرانية ومن طراز بوينغ 737-800، تقلّ ركابا يحملون جنسيات البلدان الأربعة، عندما أُسقطت بعيد إقلاعها من طهران في الثامن من يناير/كانون الثاني 2020، وبعد 3 أيام من ذلك أقرّت إيران بأن قواتها استهدفت الطائرة التي كانت متّجهة إلى كييف بصاروخي أرض-جو عن طريق الخطأ.

الطعن ضد منظمة الطيران المدني 

ويطعن هذا الإجراء في اختصاص منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) في البت في هذه القضية، حيث تستأنف إيران قرارها وتسعى إلى إلغائه في معرض الطعن بقرار أصدرته المنظمة التابعة للأمم المتحدة، ومقرّها مونتريال، في مارس/آذار 2025.

واعتبرت أن من اختصاصها الحكم في القضية التي تقدمت بها الدول الأربع ضد إيران وتتهم فيها طهران بـ”استخدام أسلحة ضد طائرة مدنية في أثناء تحليقها”.

ولجأت إيران إلى محكمة العدل الدولية سعيا لاستصدار حكم بأن القضية ليست من اختصاص منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) وإلغاء قرارها.

هل تملك منظمة الطيران صلاحية التحقيق؟

وفي هذا الصدد أعلن توكل حبيب زاده، رئيس المركز القانوني الرئاسي، نبأ شكوى إيران ضد 4 دول أوروبية في قضية الطائرة الأوكرانية إلى محكمة العدل، قائلا: “بناءً على هذا الاستئناف، طُلب من محكمة العدل الدولية رفض اختصاص مجلس منظمة الطيران المدني الدولي”.

وبدورها احتجت طهران على القرار في محكمة العدل الدولية، وأكد حبيب زاده لـ”ميزان أونلاين” التابع للسلطة القضائية: “لقد تم تسجيل الاعتراض المذكور لدى محكمة العدل الدولية في إطار دعوى الاستئناف وفقاً للمادة 84 من اتفاقية شيكاغو لعام 1944”.

وبحسب رئيس المركز القانوني الرئاسي، فإن أسباب هذا الاستئناف تتضمن عدم اختصاص المجلس بحل النزاع الذي أثارته الدول المذكورة، لأن الشرط المسبق للتفاوض المنصوص عليه في المادة 84 من اتفاقية شيكاغو لم يتم السعي إليه وتنفيذه بحسن نية من قبل الدول الأربع.

وأضاف: “إضافة إلى ذلك، فإن الحكومة البريطانية، كمستفيد ومطالب، ليس لها الحق في التدخل في القضية بسبب فشلها في تقديم الأدلة اللازمة وعليه، فإن تحديد المجلس لاختصاصه بالتحقيق في جوهر حادث تحطم الطائرة الأوكرانية لم يكن متوافقا مع الأحكام ذات الصلة في اتفاقية شيكاغو لعام 1944”.

وفي إشارة إلى تصرفات هذه الدول الأربع في محكمة العدل الدولية، قال  المدير العام للشؤون القانونية بوزارة الخارجية الإيرانية علي موسوي: “بما أن تحطم الطائرة الأوكرانية كان حادثا غير مقصود ولم تكن هناك نية متعمدة، فإن اللجوء إلى مجموعة القواعد ذات الصلة في منظمة الطيران المدني الدولي وإثارة القضية في محكمة العدل الدولية يفتقر إلى أي مبرر منطقي وقانوني”.

وبريطانيا ترحب  

وفي وقت سابق رحبت وزارة الخارجية البريطانية بقرار منظمة الطيران المدني الدولي، معتبرةً أنه يقرّبها “خطوة إضافية نحو محاسبة إيران عن إسقاطها غير المشروع” للطائرة.

وقالت المملكة المتحدة: “سنمضي الآن قدما إلى المرحلة التالية في قضيتنا ضد إيران أمام منظمة الطيران المدني الدولي”، مؤكدةً “سعيها المستمر إلى إحقاق العدالة والشفافية والمحاسبة من أجل الضحايا الـ176 وعائلاتهم”.

وفي وقت سابق تقدّمت الدول الأربع “كندا والسويد وأوكرانيا وبريطانيا” بشكوى مشتركة ضد إيران أمام محكمة العدل الدولية في العام 2023، تطالب فيها بإرغام إيران على دفع “تعويض كامل” للعائلات.

150 ألف دولار تعويضات

وفي العام 2020 عرضت إيران دفع “150 ألف دولار أو ما يعادل هذا المبلغ باليورو” إلى عائلات كل الضحايا دون أي تمييز بينهم على أساس الجنسية أو المواطنة أو الجنس، ووفقاً لقوانين بلدان الضحايا.

وعن أسس تحديد مبلغ التعويض، قال المتحدث السابق باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني أبو الفضل أموي: “هذا المبلغ تم تحديده بناء على اتفاقية شيكاغو وعمل الخبراء، المبلغ المعتاد الذي كان في قضايا دولية مماثلة”.

وأكد النائب أن “الحادث الذي وقع نتيجة إهمال، وهو ما تقوم المحكمة بالتحقيق فيه حاليا بحضور محاميي الضحايا، وباعتبارنا ممثلين للشعب فإننا نتابع هذه القضية أيضا، ونأمل أن نتمكن من تخفيف بعض معاناة الضحايا”.

وجّه مسؤولون أوكرانيون وكنديون انتقادات حادة للإعلان، مشدّدين على أن التعويض لا يحدّد بإعلان أحادي، وأكد المسؤول في منظمة الطيران المدني: “إن دفع هذا المبلغ لن يعني حرمان الأهالي من حقهم في متابعة القضية لدى الجهات المختصة وحتى قرار مجلس الحكومة ينص على أنه لا ينبغي أن يُفهم من ذلك أن الأسر سوف تتخلى عن سعيها مقابل الحصول على هذا المبلغ”.

الدول الأربع تقاضي طهران

وكانت كل من كندا والسويد وأوكرانيا والمملكة المتحدة- التي كان عدد من رعاياها على متن الطائرة- أعلنت في يونيو/حزيران 2023، أنها ستقاضي إيران أمام محكمة العدل الدولية سعيا للحصول على تعويضات لعائلات الضحايا في حادث تحطم الطائرة.

في الشكوى تقول هذه الدول إن إيران انتهكت اتفاقية مونتريال المتعددة الأطراف الموقعة عام 1971، والمتعلقة بالتهديدات للطيران المدني وبأن محاولات التحكيم الملزمة مع إيران باءت بالفشل.

وطلبت هذه الدول من المحكمة العليا للأمم المتحدة أن “تأمر بدفع تعويضات كاملة عن كل أذى لحق بهم وأن تجعل إيران تدفع تعويضات كاملة لمقدمي الطلبات عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالضحايا وعائلاتهم”.

كما يتعين على إيران إعادة ممتلكات الضحايا والاعتراف علنا “بأعمالها غير المشروعة دوليا”.

تفاصيل شكوى طهران ضد أوتاوا

وردا على ذلك، قررت إيران في يونيو/حزيران، مقاضاة كندا أمام أعلى محكمة في الأمم المتحدة (محكمة العدل الدولية)، لأنها سمحت في تشريعاتها لضحايا الهجمات الإرهابية بمطالبة طهران بتعويضات أمام محاكمها.

وتقول شكوى طهران إن أوتاوا، التي أدرجت إيران على لائحة الدول الراعية للإرهاب في 2012، انتهكت حصانة الدولة التي تتمتع بها.

تتمتع الحكومات عادة بالحصانة من الدعاوى المدنية في البلدان الأخرى، ولكن هناك قانون في كندا يحد من حصانة البلدان المدرجة على قائمة “الدول الراعية للإرهاب” المزعومة.

كلمات مفتاحية: