إيران وروسيا.. شراكة استراتيجية تتحدى العقوبات وتستهدف أسواق الطاقة العالمية

ترجمة: يارا حلمي 

نشر موقع “اطلاعات أونلاين” الإيراني الأصولي المحافظ، الثلاثاء 29 أبريل/نيسان 2025، تقريرا تناول فيه التعاون المتزايد بين إيران وروسيا في قطاع الطاقة، وضمن ذلك مشاريع مشتركة في النفط والغاز، وتطوير البنية التحتية للطاقة، وتوسيع التجارة الثنائية.

التعاون الاستراتيجي

ذكر الموقع أن الخبراء أكدوا أن التعاون بين إيران وروسيا سيوفر للطرف الإيراني إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة، بينما سيمنح روسيا سوقا جديدا للنفط والغاز. 

وأضاف أن إيران وروسيا، بامتلاكهما أكبر احتياطيات من الغاز في العالم، لديهما فرص واسعة للوجود في أسواق الطاقة والغاز العالمية. وتشير الإحصائيات إلى أن إيران وروسيا معا يمتلكان أكثر من 37% من احتياطيات الغاز العالمية. 

وتابع أن روسيا تحتل المرتبة الأولى باحتياطيات غاز تصل إلى 35 تريليون متر مكعب، ما يعادل أكثر من 19% من احتياطيات الغاز العالمية، وبعد روسيا، تحتل إيران المرتبة الثانية باحتياطيات غاز اكتشفت تصل إلى 33 تريليون متر مكعب، ما يعادل 17.1% من احتياطيات الغاز في العالم.

وأوضح أن العلاقات بين إيران وروسيا شهدت تقلبات على مر العصور؛ فقد وقف البلدان، اللذان يمتلكان مصادر ضخمة من النفط والغاز، في بعض الأحيان جنبا إلى جنب كحلفاء، وفي أحيان أخرى تنافسا مع بعضهما البعض.

وأشار إلى أن ما هو مؤكد هو أن طهران وموسكو قررتا، بدعم من المسؤولين رفيعي المستوى في كلا البلدين، التعاون والعمل معا في المجالات الاقتصادية والسياسية المختلفة، ويمكن أن يصبح التعاون بين البلدين أكثر وضوحا ضمن إطار اللجنة المشتركة الاقتصادية بين إيران وروسيا.

وأكد أن المسؤولين الإيرانيين، وبينهم وزير الطاقة الإيراني، يتوقعون أن تسهم هذه الشراكة في تعزيز القدرة التنافسية لكل من إيران وروسيا على الساحة الاقتصادية العالمية.

تطور العلاقات بين إيران وروسيا 

ذكر الموقع أن اللجنة الاقتصادية المشتركة بين إيران وروسيا بدأت فعالياتها في ديسمبر/كانون الأول 1996، من خلال الاجتماع الأول الذي عقد في موسكو، وترأس هذا الاجتماع كل من مرتضى محمد خان (من الجانب الإيراني) وأوليك داويداف (من الجانب الروسي)، حيث تمحورت المفاوضات حول مجالات الطاقة، النقل، وتطوير العلاقات الاقتصادية. 

وتابع أن الاجتماع الثاني عقد في يناير/كانون الثاني 1998، حيث تم توسيع التعاون بين البلدين ليشمل مجالات جديدة، أما الاجتماع الثالث فقد انعقد في  سبتمبر/أيلول 2000 في موسكو، وأضيفت إليه التعاون الثقافي ضمن مواضيع المفاوضات.

وأضاف أن الاجتماع الرابع عقد في مايو/أيار 2003، وركز على الحوار بين الإسلام والمسيحية، والاجتماع الخامس في ديسمبر/كانون الأول 2004، حيث تناول التعاون الصناعي والطاقة، ومن خلال هذه الاجتماعات، تم تعزيز أسس التعاون الاقتصادي بين إيران وروسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي.

وأوضح أن الاجتماع السادس في ديسمبر/كانون الأول 2006، في طهران، ركز بشكل أساسي على تعزيز التعاون التجاري بين البلدين، أما الاجتماع السابع في ديسمبر/كانون الأول 2007، في موسكو، فقد ركز على مناقشة القضايا الاقتصادية الرئيسية. 

وأشار إلى أنه في ديسمبر/كانون الأول 2009، تم توقيع اتفاقية تضم 120 مادة خلال الاجتماع الثامن، التي رسمت بشكل أكثر تفصيلا إطار التعاون بين إيران وروسيا، أما الاجتماعان التاسع والعاشر فقد شهدا في سبتمبر/أيلول 2011 وفبراير/شباط 2013، اهتماما خاصا في مجالات الطاقة والقطاع المصرفي.

وأكد أن الاجتماع الحادي عشر في سبتمبر/أيلول 2014، والاجتماع الثاني عشر في أكتوبر/تشرين الأول 2015، و الاجتماع الثالث عشر في ديسمبر/كانون الأول 2016، لكل منهم كان يهدف إلى تحقيق تقدم في تطوير العلاقات الاقتصادية. 

وبين أنه في مارس/آذار 2018 ويونيو/حزيران 2019، انعقدت الاجتماعات الرابعة عشرة والخامسة عشرة في طهران وأصفهان، حيث كان التركيز الأساسي على توسيع العلاقات التجارية والطاقة.

نقطة تحول في العلاقات

وذكر الموقع أن الاجتماع السادس عشر في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بموسكو يمثل نقطة تحول مهمة في العلاقات الثنائية، حيث تم توقيع العديد من مذكرات التفاهم، أما الاجتماع السابع آذار 2024 في طهران، فقد تم التركيز فيه على تطوير تكنولوجيا الغاز الطبيعي المسال والبترول والبتروكيماويات.

وتابع أن الاجتماع الثامن عشر تم عقده مؤخرا في موسكو، ليشهد نموا كبيرا في التعاون الاستراتيجي بين البلدين في مجالات الطاقة، والتجارة، والقطاع المصرفي، والتعاون في مجال الطاقة، خاصة في مجال النفط والغاز، قد يسهم في تحييد تأثير العقوبات الغربية ضد إيران وروسيا.

وأضاف أن محسن باك نجاد، وزير النفط الإيراني، يوضح أهم الإنجازات التي تم تحقيقها في الاجتماع الثامن عشر للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي بين إيران وروسيا، حيث يقول: “إن توسيع التعاون في قطاع النفط والغاز العلوي، ومتابعة مذكرات التفاهم مع شركة غازبروم، وإنشاء مركز غاز في إيران، وتجارة الغاز، والتعاون في سلسلة قيمة البتروكيماويات، وتبادل المنتجات النفطية كانت من بين القضايا الرئيسية التي تم مناقشتها في الاجتماع”.

وأوضح أن محسن باك نجاد أضاف: “تم وضع خطة لتفعيل الممر الدولي الشمالي – الجنوبي، مع التركيز على إكمال خط سكة الحديد رشت – أستارا، الذي يُعتبر الحلقة المفقودة في هذا المسار الترانزيني (تعني المرور عبر عدة نقاط جغرافية للوصول إلى مكان آخر).”

وأشار إلى أنه تابع حديثه: “كما تمت مناقشة إنشاء أنظمة مصرفية مستدامة لتسهيل التجارة والاستثمار ومطابقة المعايير بهدف تطوير التجارة الثنائية، وتعزيز المراكز التجارية، وتوسيع التعاون في مجالات الزراعة، الصحة، والجمارك”.

ولفت إلى أن باك نجاد أكد كذلك، أن حجم التبادل التجاري الحالي بين البلدين أقل بكثير من القدرات الفعلية، وأن الطريق سيكون ممهدا لزيادة استثمارات الشركات الروسية في صناعة النفط والغاز الإيرانية، خاصة مع تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي.

وبيّن أنه أشار إلى الإرادة الجادة من قبل الحكومة الروسية للمشاركة الفعالة في مشاريع قطاع الطاقة الإيراني، وقال: “إن السياسات التي تم تحديدها في البيانات المشتركة تهدف إلى تعزيز مستوى التعاون وزيادة حجم التبادلات، خاصة في قطاع الطاقة، حيث توجد تاريخ طويل من التعاون بين البلدين”.

عقود نفطية روسية في إيران

ذكر الموقع أن وزير النفط أضاف كذلك: “في الوقت الحالي، هناك أربعة عقود نفطية مع شركات روسية في إيران، حيث تعمل هذه الشركات على تطوير سبع حقول نفطية، وحجم الاستثمارات في هذه المشاريع يبلغ نحو 4 مليارات دولار، ومن وجهة نظرنا، يمكن ويجب أن يزيد هذا المبلغ”.

وتابع أن وزير النفط أكد أن إيران مستعدة للتعاون بشكل أكبر مع الجانب الروسي في مشاريع مختلفة في قطاع الطاقة، قائلا: “نأمل أن تؤدي هذه التعاونات إلى نتائج تحقق فوائد ملموسة للشعبين، خاصة في مجال تحييد العقوبات الغربية”.

وأضاف أن وزير الطاقة الروسي سيرجي تيشيليوف، تحدث أيضا عن مستوى العلاقات الطاقية بين إيران وروسيا، وقال: “إن جمهورية إيران وروسيا الفيدرالية قد توصلتا دائما إلى العديد من الاتفاقات في قطاع النفط والغاز”، وأضاف أن هذه التعاونات تستند إلى منافع مشتركة واستراتيجية بين البلدين، ويمكن أن تعزز مكانة إيران في سلسلة توريد الطاقة الإقليمية.

كما أوضح أن تيشيليوف أشار إلى اتفاقية التجارة الحرة بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وقال: “إن هذه الاتفاقية، التي ستدخل حيز التنفيذ في 15 مايو/أيار 2025، وستقضي على العديد من العوائق التي تعترض التجارة الثنائية، وبما أنه في نهاية عام 2024، وصلت مستوى العلاقات التجارية بين إيران وروسيا إلى نحو 4.8 مليار دولار، وهذه الاتفاقية يمكن أن توفر الأساس لقفزة كبيرة في التعاون الاقتصادي والطاقة”.

التوسع في التعاون في ظل العقوبات الغربية

ذكر الموقع أنه بالنظر إلى الوضع الحالي لروسيا من حيث العقوبات الأوروبية والأمريكية، فإن التعاون مع إيران يمكن أن يكون مفيدا للغاية لصناعة النفط في كلا البلدين، وإزالة تأثيرات العقوبات لكلا الطرفين ستوفر لإيران الوصول إلى التقنيات المتقدمة والاستثمارات، وفي المقابل ستوفر لروسيا سوقا جديدا للنفط والغاز.

وتابع أن ديميتري كيسيلوف، خبير الطاقة في معهد دراسات الطاقة الروسي، قال: “إن فكرة تبادل الغاز الروسي عبر دول الاتحاد السوفيتي السابق إلى إيران ثم إلى البلدان التي تحتاج إلى الغاز هي فكرة جذابة، ولديها إمكانيات كبيرة للربح لجميع الأطراف المعنية”.

وأضاف أن كيسيلوف أوضح قائلا: “ويمكن لروسيا من خلال هذا النظام تصدير الغاز الفائض إلى أسواق جديدة وزيادة عائداتها بالعملة الأجنبية، كما يمكن لإيران زيادة إيراداتها بالعملة الأجنبية وتقليل اعتمادها على النفط، البلدان التي تحتاج إلى الغاز يمكنها تلبية احتياجاتها من خلال هذا النظام”.

وأوضح أن كيسيلوف أضاف كذلك: “ومع ذلك، فإن هذه الخطة تواجه بعض التحديات، ومن بين هذه التحديات عدم وجود البنية التحتية اللازمة لنقل الغاز من روسيا إلى إيران ثم إلى البلدان التي تحتاج إليه، ويجب تطوير هذه البنية التحتية، وهذا يتطلب استثمارات كبيرة، كما أن التحدي الآخر هو أن الدول الغربية قد تعارض هذه الخطة؛ حيث قد يعتبرونها محاولة من روسيا للتحايل على العقوبات”.

كلمات مفتاحية: