إيران ومجموعة البريكس.. آمال وتحديات

كتبت: أسماء شاكر

تأسس في عام 2009، تحالف اقتصادي يسمى “بريكس” بين أربع دول وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين، ثم انضم إلى هذا التحالف لاحقاً جنوب أفريقيا عام 2010، وفي يوم 24 أغسطس/آب 2023 تم إعلان انضمام خمس دول جديدة إلى البريكس وهي: السعودية والإمارات ومصر وإثيوبيا وإيران. من أهداف هذا التحالف هو الحد من الاعتماد على الأنظمة المالية الغربية، خاصةً الدولار الأمريكي.

وبحسب تقرير وكالة تسنيم الدولية للأنباء بتاريخ 9 سبتمبر/أيلول 2024، فإن قمة البريكس التي ستعقد في كازان في أكتوبر/تشرين الأول 2024 بروسيا، هي أول مشاركة رسمية لإيران في هذه المجموعة كعضو. ومع رئاسة روسيا لهذا الاجتماع بشكل دوري، فهي تسعى إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الأعضاء الجدد، وضمن ذلك إيران. يتركز نهج روسيا في هذه الفترة على تطوير استخدام العملات الوطنية في المعاملات، وإنشاء نظام مالي جديد، وتعزيز التعاون بين البلدان التي تقع جنوب روسيا، وتشكل هذه الجهود جزءاً من الاستراتيجية الشاملة للبلاد للتعامل مع العقوبات الغربية وتعزيز التحالفات غير الغربية. وتم التخطيط لعدة اجتماعات رفيعة المستوى بين إيران وروسيا، ومن بين القضايا المهمة المحتملة توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي شامل بين البلدين.

وباعتبار إيران عضواً جديداً في مجموعة البريكس، فهي تسعى إلى الاستفادة من الفرص الاقتصادية الجديدة من خلال هذا التحالف، وفي الوقت نفسه تتطلع إلى تعميق علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا، خاصة في مجالات الطاقة والبنية التحتية.

نهج إيران وأهدافها من الانضمام إلى مجموعة البريكس

ويضيف التقرير، أن نهج إيران في مجموعة البريكس كعضو جديد، يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والمالي مع دول هذا التحالف، وتتضمن الأهداف الرئيسية لإيران ما يلي:

– تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي: تسعى إيران إلى توسيع استخدام العملات الوطنية لإبطال مفعول العقوبات الاقتصادية، وتوفر مجموعة البريكس منصة مناسبة لهذا الغرض.

– تعزيز التعاون بين بلدان الجنوب، وتعزيز البنية التحتية معها: من خلال مجموعة البريكس، تريد إيران تطوير علاقاتها مع الدول الاقتصادية الناشئة وزيادة التعاون التكنولوجي والبنية التحتية مع هذه الدول، لأن مجموعة البريكس لديها إمكانات استثمارية عالية بصفتها تحالفاً مالياً اقتصادياً. ويعد توسيع التجارة باستخدام العملات الوطنية، فضلاً عن جذب الاستثمار في البنية التحتية الاقتصادية الإيرانية، من بين المشاريع الرئيسية التي يمكن تعزيزها في المستقبل.

– تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري: نظراً إلى أن مجموعة البريكس تسعى إلى إنشاء هياكل مالية مستقلة عن الدولار والأنظمة المالية الغربية، فإن إيران يمكن أن تستغل هذه الفرصة لتوسيع تفاعلاتها التجارية مع الدول الأعضاء، خاصةً الصين وروسيا والهند، وإذا تم تنفيذ هذه الخطط بالكامل، يمكن تحرير إيران من ضغوط العقوبات المالية الدولية.

– التعاون في مجال الطاقة: باعتبار إيران واحدة من أكبر منتجي الطاقة في العالم، يمكنها أن تلعب دوراً رئيسياً في توفير الطاقة لأعضاء مجموعة البريكس. ونظراً إلى الحاجة المتزايدة للصين والهند لموارد الطاقة، يمكن أن يصبح هذا المجال أحد المحاور الرئيسية للتعاون بين إيران ومجموعة البريكس.

وإضافة إلى خلق عديد من الفرص لإيران، تواجه إيران داخل مجموعة البريكس تحديات قد تمنعها من استغلال عضويتها في هذه المجموعة بالكامل، وقد تُحدِّد هذه التحديات اتجاه هذا التحالف، ومن جملتها:

– استمرار العقوبات الدولية: إن أحد أكبر التحديات التي تواجه إيران هي العقوبات الاقتصادية، خاصة من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهذه العقوبات يمكنها أن تحد من قدرة إيران على الوصول إلى الأنظمة المالية العالمية والتعاون الاقتصادي مع الدول الأعضاء الأخرى في مجموعة البريكس.

– المنافسة الداخلية بين أعضاء مجموعة البريكس والتطورات الجيوسياسية: إن الدول الأعضاء في مجموعة البريكس مثل الصين والهند وروسيا لديها مصالحها وأولوياتها الخاصة، التي قد تتضارب في بعض الأحيان مع مصالح إيران. على سبيل المثال، يمكن للتنافسات الجيوسياسية بين إيران والهند أو حتى الصين في بعض المناطق (مثل آسيا الوسطى) أن تمنع التعاون الوثيق.

– الحاجة إلى الإصلاحات الاقتصادية الداخلية: تحتاج إيران إلى إصلاحات هيكلية في نظامها الاقتصادي لاستغلال الفرص الاقتصادية التي توفرها مجموعة البريكس بالكامل، وقد تعيق التحديات مثل التضخم وتقلبات العملة وضعف البنية التحتية المالية جذب الاستثمار الأجنبي والتعاون الأوسع مع أعضاء مجموعة البريكس.

– التفاعل على المستوى العالمي: يجب أن تكون إيران قادرة على التفاعل البناء مع الجهات الدولية مع الحفاظ على مصالحها. ونظراً إلى التوترات السياسية والاقتصادية مع الغرب، فإن إيران بحاجة إلى بناء الثقة على المستوى العالمي؛ حتى تتمكن من الاستفادة من قدرات مجموعة البريكس للتنمية الاقتصادية.

ويوصي كاتب التقرير: “يجب ألا ننسى أو نتجاهل حقيقة أن هذا الاجتماع وحضور رئيس إيران في أول رحلة له إلى روسيا يشكلان أيضاً فرصة جيدة لتحسين مستوى العلاقات بين طهران وموسكو. وبما أن روسيا، باعتبارها أحد الأعضاء الرئيسيين في مجموعة البريكس، تلعب دوراً مهماً في تطورات القوقاز ومفاوضات السلام بهذه المنطقة، فإن التعاون بين إيران وروسيا في إطار مجموعة البريكس يمكن أن يساعد في خلق نقطة مشتركة لحل هذه القضية. ومن ناحية أخرى، ونظراً إلى موقعها الجغرافي ودورها الرئيسي في ربط ممرات النقل الإقليمية، يمكن لإيران أن تستخدم اجتماعات مجموعة البريكس كمنصة لتعزيز دورها في إدارة ممرات العبور وتسهيل الاتصالات الإقليمية”.

إن مثل هذا التعاون في شكل مجموعة البريكس من شأنه أن يساعد في تشكيل اتفاقيات جديدة أو على الأقل حوارات بناءة لإزالة العقبات القائمة على طريق هذا الممر. وبطبيعة الحال، فإن نجاح هذه العملية يعتمد على المفاوضات السياسية المعقدة بين البلدان المعنية والقوى الكبرى، ويمكن أن تكون اجتماعات مجموعة البريكس فرصة دبلوماسية لدفع هذه المحادثات إلى الأمام، ولكن هناك بالتأكيد حاجة إلى مزيد من التفاعلات على مستويات دبلوماسية مختلفة.

إن مستقبل العلاقات بين إيران ومجموعة البريكس يحمل فرصاً كبيرة للتطور، ولكن نجاحه يعتمد على قدرة إيران على إدارة التحديات المحلية والدولية، فضلاً عن القيام بدور أكثر نشاطاً في هذا التحالف.

كلمات مفتاحية: