بناءً على طلب إيران.. اجتماع طارئ لـ”التعاون الإسلامي” في جدة.. لماذا؟

كتب: ربيع السعدني 

بعد الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية ورؤساء الدول العربية في القاهرة، استضافت جدة، الجمعة 7 مارس/آذار 2025، اجتماعا لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي (OIC)، ويعد هذا الاجتماع هو الثاني للمنظمة الإسلامية الذي يعقد بناءً على طلب إيران؛ لمعالجة القضية الفلسطينية، خلال 20 شهرا. ويأتي هذا الاجتماع ليؤكد رفض سياسات التهجير والعدوان والقتل والتدمير، ويُرسل رسالة واضحة للعالم بأن القضية الفلسطينية تظل القضية المركزية للأمة الإسلامية.

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، قد غادر طهران، متوجها إلى جدة؛ لحضور الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، لاستعراض الوضع في غزة بعد القمة الطارئة للقادة العرب في مصر يوم الثلاثاء 4 مارس/آذار 2025، والتي بحث فيها القادة العرب وتشاوروا بشأن تطورات الأوضاع في غزة وسبل دعم الشعب الفلسطيني في مواجهة خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للتهجير القسري للفلسطينيين.

وتتمثل النقطة الأساسية في المفاوضات، معارضة خطة التهجير القسري للفلسطينيين، والحاجة إلى تبني الأمة الإسلامية موقفا موحدا. وعبَّر عراقجي في لقاء، عن أمله في أن يؤدي الاجتماع إلى تحرك عملي لوقف المخططات العسكرية والسياسية الهادفة إلى التدمير الاستعماري لفلسطين.

وأضاف في جزء آخر من تصريحاته لوكالة “فرانس برس” على هامش اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في جدة، بحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا): “إذا هاجمت إسرائيل إيران، فإن ذلك سيؤدي إلى صراعات أوسع نطاقا في الشرق الأوسط”.

خطة لإعمار غزة بـ53 مليار دولار 

ورغم أن الخطة البالغة قيمتها نحو 53 مليار دولار، والتي أقرتها جامعة الدول العربية لإعادة إعمار غزة دون تشريد سكانها، قد أزالت كل الأعذار والمبررات لخطة ترامب المقترحة للتهجير، إلا أنها لم تلقَ ترحيبا من الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي. ومن هذا المنظور فإن اجتماع جدة يوفر دعما جديدا لهذه الخطة، حسبما ذكر تقرير وكالة “إيران برس”، يوم الجمعة 7 مارس/آذار 2025، وفي الوقت نفسه، يمكن لاجتماع جدة أن يتابع مخاطر التهجير القسري خارج غزة، وأن يتضمن جدول أعماله التصدي للتحرك التدريجي الذي تنتهجه تل أبيب لإجبار الناس على النزوح من الضفة الغربية.

ما أهداف اجتماع (OIC)؟

ويكتسب عقد هذا الاجتماع أهمية إضافية في ظل فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في الوفاء بمسؤولياته المحددة في ضمان السلم والأمن الدوليين، وجاء عقد هذا الاجتماع وقراراته ليشكلا أساسا قويا لتحقيق حق إيران في الدفاع المشروع ومحور المقاومة ضد الهجمات الإرهابية الأخيرة التي نفذها النظام الإسرائيلي. وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، الأربعاء 6 مارس/آذار 2025، خلال ظهوره في برنامج “العالم اليوم” على شبكة خبر: “إن الهدف من طلب عقد هذه القمة هو لفت انتباه منظمة التعاون الإسلامي، باعتبارها المنظمة الأهم في العالم الإسلامي، إلى قضية استمرار خطر الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، فضلا عن الأحداث الخطيرة التي تجري في الضفة الغربية”، وعن الهدف من تشكيل هذه المنظمة بحسب بقائي، يتمثل في الرغبة ذاتها لدعم فلسطين ضد الاحتلال، والآن فإن خطط التهجير القسري استمرار للإبادة الجماعية بطريقة أخرى، وهذا ما اقترحته إيران كعضو في هذه المنظمة ودولة مسؤولة.

التصدي لخطة ترامب

وفي ما يتعلق بالجرائم المرتكبة في فلسطين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية: “الأوضاع الثلاثة المحظورة بموجب القانون الدولي موجودة في فلسطين، نحن نواجه كيانا محتلا هو نظام عنصري ومحتل في الوقت نفسه، إن ما ذكره المقرر الأممي ليس أكثر من تعبير عن حقيقة ما يحدث في الأراضي المحتلة”، وأضاف أن طلب عقد الاجتماع كان بهدف التصدي لخطة ترامب ويجب على العالم الإسلامي أن يعلن معارضته الحازمة، ولحسن الحظ فإن معارضة العالم الإسلامي حازمة، قدمت الجامعة العربية خطة لإعادة إعمار غزة، وأيدتها حماس، وتأتي “قمة الجمعة” استمرارا لهذا التوجه، مع رغبة الدول الإسلامية في مواجهة هذه المؤامرة الخطيرة.

وعن أبرز أنشطة منظمة التعاون الإسلامي، قال بقائي: “التوقعات عالية من هذه المنظمة، ولا يمكن لأحد أن يدعي أن أداء المنظمة كان على غير المتوقع، وبناء على دراستنا فإن قرار وزراء التعاون الإسلامي يتضمن نقاطا مهمة، منها ضرورة محاسبة النظام الإسرائيلي والمعارضة الحازمة للخطط القائمة على نقل سكان غزة، وهذه الرسالة بحد ذاتها ذات أهمية كبيرة، وتُظهر أنه لن يكون هناك خلاف في العالم الإسلامي حول ضرورة مواجهة هذه المخططات”.

الاجتماع الطارئ الـ20

وفي سياق متصل، أعلن نائب وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، الذي شارك في الاجتماع نيابة عن طهران، وفقا لوكالة أنباء الطلبة “إيسنا”، وأكد في هذا الصدد: “اختتم اجتماع كبار الخبراء في الاجتماع الطارئ العشرين لوزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بشأن اعتداءات النظام الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والخطط المقدمة لتهجيره القسري من أرضه”.

وأضاف آبادي على حسابه بمنصة “إكس“: “سيتم عقد اجتماع وزاري لإقرار هذا القرار خلال الساعات القليلة المقبلة، وقد عقدت هذه القمة بناءً على طلب إيران والمملكة العربية السعودية وباكستان وفلسطين، ويتجلى عدد من مقترحات طهران في مشروع القرار”، وأوضح أن عودة سوريا إلى منظمة التعاون الإسلامي مدرجة أيضا على جدول الأعمال، بناءً على اقتراح بعض الأعضاء”.

اجتماعات استثنائية

منذ هجوم النظام الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ردا على عملية “عاصفة الأقصى” والتطورات التي تلتها، وضمن ذلك اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، عُقدت حتى الآن ثلاثة اجتماعات استثنائية، بحسب تقرير صحيفة “كيهان” الأصولية، على مستوى وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، واجتماعان مشتركان مع جامعة الدول العربية على مستوى القادة في جدة والرياض، وهي كالتالي:

  • شارك وزير الخارجية الراحل حسين أمير عبد اللهيان، على رأس وفد في اجتماعين استثنائيين على مستوى وزراء الخارجية في جدة (18 أكتوبر/تشرين الأول 2023، و5 مارس/آذار 2024) واللذين عقدا بناءً على اقتراح إيران، حضر علي باقري، القائم بأعمال وزير الخارجية آنذاك، الاجتماع الثالث بعد اغتيال “هنية” والذي عُقد في جدة بتاريخ 7 أغسطس/آب 2024.
  • عُقد في الرياض بين يومي 10 و11 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، الاجتماع الطارئ لرؤساء منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية بناءً على اقتراح من إيران ودول أخرى على مستوى القادة العرب والإسلاميين، وشارك في الاجتماع إبراهيم رئيسي وألقى كلمة، ومن الحكومة الرابعة عشرة، شارك النائب الأول لرئيس الجمهورية محمد رضا عارف، برفقة عباس عراقجي؛ لمناقشة الوضع في فلسطين. 
  • يوم الأحد 2 مارس/آذار 2025، عُقد اجتماع مغلق لوزراء الخارجية العرب تحضيرا للقمة العربية الطارئة التي استضافتها مصر يوم الثلاثاء 4 مارس/آذار؛ لمناقشة تطورات القضية الفلسطينية، وتوحيد الموقف العربي لمواجهة التحديات الراهنة.
  • عُقدت في الرياض أعمال القمة “العربية-الإسلامية” الاستثنائية غير العادية بالرياض في نوفمبر/تشرين الثاني 2025 بحضور نائب وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، وبمشاركة عدد كبير من زعماء ورؤساء دول العالَمين العربي والإسلامي.
كلمات مفتاحية: