- ربيع السعدني
- متميز
- 14 Views
كتب: ربيع السعدني
في خطوة أثارت جدلا عالميا واسعا، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 22 يونيو/حزيران 2025، عن تنفيذ هجوم عسكري استهدف ثلاث منشآت نووية إيرانية رئيسية في فوردو ونطنز وأصفهان، وُصفت الضربات بأنها “نجاح عسكري باهر”، بينما اعتبرها آخرون انتهاكا للقوانين الدولية وتصعيدا قد يجر المنطقة إلى حرب شاملة.
تفاصيل الهجوم الأمريكي
وفقا لتقارير شبكة “فوكس نيوز”، استخدمت الولايات المتحدة ست قنابل مخترقة للتحصينات بوزن 30 ألف رطل في الهجوم على المنشآت النووية الثلاث.
هذه القنابل، المعروفة بقدرتها على اختراق المنشآت المحصنة تحت الأرض، استهدفت بشكل رئيسي موقع فوردو، الذي يُعد أكثر المنشآت النووية الإيرانية تحصينا، مسؤول أمريكي أكد أن عدة قنابل من هذا النوع أُسقطت على فوردو، مما أدى، حسب التقييمات الأولية، إلى “إخراج المنشأة من الخدمة”، إضافة إلى ذلك، كشفت “فوكس نيوز” أن صواريخ “توماهوك” أُطلقت من غواصات أمريكية شاركت في الهجوم على منشآت نطنز وأصفهان.
هذه الصواريخ، المعروفة بدقتها العالية، استُخدمت لاستهداف البنية التحتية السطحية والمرافق المساعدة في الموقعين.
الطائرات المستخدمة

كشف رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، دان كين، اليوم الأحد، تفاصيل العملية العسكرية التي نفذتها بلاده ضد منشآت إيران النووية، قبل ساعات، بحسب شبكة CNN، وقال كين للصحفيين إن العملية العسكرية ضد إيران، والتي أطلق عليها اسم “مطرقة منتصف الليل”.
وشملت أكثر من 125 طائرة وعملية خداع شهدت نشر قاذفات قنابل فوق المحيط الهادئ كـ”فخ”، وأوضح أن العملية غير المسبوقة شارك فيها 7 “قاذفات شبح من طراز B2″، لافتا إلى أن القاذفات أسقطت أكثر من 12 قنبلة تزن 30 ألف رطل من الذخائر الخارقة الضخمة على منشأتين نوويتين إيرانيتين، “فوردو” و”نطنز”، فيما تم إطلاق صواريخ “توماهوك” على أصفهان.
واستعرض الأسلحة التي شاركت في العملية، موضحا أنها كانت أكثر من 125 طائرة، وضمن ذلك طائرات “بي 2- قاذفات الشبح”، وناقلات التزود بالوقود، وطائرات الاستطلاع والطائرات المقاتلة، مضيفا أن القاذفات ضربت فوردو ونطنز وأصفهان ابتداء من الساعة 6:40 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة وغادرت المجال الجوي الإيراني بحلول الساعة 7 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة.
وأفادت مصادر في وزارة الدفاع الأمريكية، نشرتها وكالة “آنا” الإيرانية، نقلا عن صحيفة “نيويورك تايمز”، أن قاذفات “بي-2” الشبحية كانت العمود الفقري للعملية، هذه الطائرات قادرة على حمل قنابل ثقيلة مخترقة للتحصينات، مما يجعلها الخيار الأمثل لاستهداف منشآت مثل فوردو المحفورة في الجبال تحت الأرض، وأشارت تقارير إلى أن طائرات أخرى، وقاذفات أمريكية كانت في طريقها إلى غوام لتشتيت الانتباه، ولم تشارك في الهجوم مباشرة، وفقا لـ”رويترز”.
حقيقة التسرب الإشعاعي

على الجانب الآخر أكد نائب رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني للشؤون السياسية أن المنشآت النووية الثلاث لا تحتوي على مواد قد تتسبب في تسرب إشعاعي، هذا التصريح، الذي لم تؤكده جهات مستقلة بعد، يهدف إلى طمأنة الرأي العام الإيراني وتقليل الذعر.
وأضاف مهدي محمدي، مستشار رئيس البرلمان الإيراني، أن الأضرار التي لحقت بالمنشآت يمكن إصلاحها، مشيرا إلى أن موقع فوردو كان قد أُخلي مسبقا تحسبا للهجوم.
تحليل المخاطر
رغم التصريحات الإيرانية، فإن استهداف منشآت نووية يثير تساؤلات حول احتمال التسرب الإشعاعي، خاصة إذا كانت المنشآت تحتوي على مواد مشعة مثل اليورانيوم المخصب.
ومع ذلك، فإن تصميم منشآت مثل فوردو، التي تُعد محصنة ضد الهجمات، يقلل من احتمال التسرب الكبير إذا لم تُستهدف غرف التخصيب مباشرة.
حتى الآن، لم تصدر تقارير دولية موثوقة تؤكد أو تنفي وجود تسرب إشعاعي، مما يترك المجال مفتوحا للتكهنات.
موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية
أدانت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية الهجوم، معتبرة إياه انتهاكا لمعاهدة حظر الانتشار النووي واتفاقية الضمانات.
وأشارت إلى أن المنشآت المستهدفة كانت تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يثير تساؤلات حول دور الوكالة في مراقبة الوضع بعد الهجوم، ومن المتوقع أن تصدر الوكالة تقريرا حول الأضرار والمخاطر الإشعاعية في الأيام المقبلة.

فيما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدم رصد أي زيادة في مستويات الإشعاع عقب الهجوم الأمريكي على منشآت نووية إيرانية، دون إصدار إدانة رسمية للهجوم.
مركز نظام السلامة النووية الإيراني أكد أن الاستعدادات المسبقة منعت أي تلوث إشعاعي. الهجوم، الذي وقع صباح الأحد، وُصف بأنه “غير قانوني” و”صارخ” على الأراضي الإيرانية.
السياق الدبلوماسي
أعلن ترامب أن الهجوم يمثل “لحظة تاريخية” للولايات المتحدة وإسرائيل، داعيا إيران إلى “السلام” ومهددا بمزيد من الضربات إذا لم تستجب، وفي كلمته من البيت الأبيض، بحضور نائب الرئيس جيه. دي. فانس ووزيري الخارجية والدفاع، وصف العملية بأنها “نجاح عسكري كبير” أدى إلى تدمير منشآت التخصيب النووي الإيرانية، من جانبه، شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترامب رسميا، واصفا الهجوم بأنه “قرار جريء سيغير التاريخ”، وأكد أن الهجوم يعكس مبدأ “السلام من خلال القوة”، مشيرا إلى التنسيق المسبق بين واشنطن وتل أبيب.
ردود الفعل الإيرانية
على الرغم من الهجوم، حافظت إيران على لهجة هادئة نسبيا، حيث أكدت السلطات في قم وأصفهان أن الوضع تحت السيطرة، وأن أنظمة الدفاع الجوي تمكنت من التصدي للأهداف المعادية.
وفي إشارة إلى العدوان الأمريكي على إيران وانعدام القانون في هذا البلد، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان لها عقب الضربة الأمريكية لمنشآت طهران النووية: “إن إيران تعترف بحقها في الدفاع عن نفسها ضد العدوان الأمريكي بكل قوتها”.

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أدان بشدة، الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية خلال محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، واصفا إياه بـ”العدواني وغير القانوني” بدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل، وأكد أن إيران تلتزم بالقوانين الدولية في أنشطتها النووية السلمية، ورفض اتهامات إنتاج أسلحة نووية، مشيرا إلى فتوى المرشد الإيراني بحظرها، واعتبر الهجوم دليلا على زيف ادعاءات الغرب بالسلام والديمقراطية، محذرا من أن إيران سترد بقوة وتحتفظ بحق الدفاع عن نفسها، كما دعا إلى تعزيز التعاون مع الهند ودول المنطقة لتحقيق الاستقرار.
الانقسام داخل الكونغرس
أثار الهجوم جدلا داخليا في الولايات المتحدة، حيث دعم زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، جون ثون، العملية، معتبرا أنها ضرورية لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، في المقابل، عارض نواب مثل توماس ماسي وسارا جاكوبس الهجوم، واصفين إياه بأنه “غير دستوري” و”تصعيدي”، وانتقد السيناتور برني ساندرز وستيف بانون، الإعلامي المحافظ، قرار ترامب، محذرين من تداعياته.

كما انتقد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي، حكيم جيفريز، انتقد الرئيس ترامب لعدم طلبه تفويض الكونجرس قبل الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية، محملا إياه المسؤولية الكاملة عن أي “عواقب سلبية”، وأشار إلى أن ترامب فشل في تحقيق وعده بإحلال السلام في الشرق الأوسط، محذرا من زيادة مخاطر الحرب، ومتهما إياه بتضليل البلاد بشأن نواياه.
التبعات الإقليمية والدولية
تغيير قواعد اللعبة في الشرق الأوسطيرى خبراء، مثل راي تاكيه من مجلس العلاقات الخارجية، أن الهجوم يمثل “مرحلة جديدة وإشكالية” في الشرق الأوسط.
قد يضطر القادة الإيرانيون للرد تحت ضغط الرأي العام، سواء عبر هجمات مباشرة أو من خلال وكلاء ومع ذلك، فإن التنسيق الأمريكي-الإسرائيلي يعزز من احتمال تصاعد التوترات في المنطقة.
موقف المجتمع الدولي
أدانت إيران الهجوم، مطالبة المجتمع الدولي بإدانة “الفوضى” ودعم حقوقها ومع ذلك، فإن صمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى الآن، رغم إشرافها على المنشآت، يثير تساؤلات حول حياديتها ومن المتوقع أن تشهد الأمم المتحدة نقاشات حادة حول شرعية الهجوم وتبعاته.
في أول رد إيراني على الضربات الأمريكية، أطلق وزير الخارجية عباس عراقجي عبر منصة إكس تصريحا حادا، معلنا: “إيران لن تقف مكتوفة الأيدي أمام العدوان الأمريكي على منشآتها النووية، وكل السبل مفتوحة لحماية سيادتنا”، وأضاف بلهجة تحذيرية: “الولايات المتحدة، بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن، انتهكت بشكل صارخ ميثاق الأمم المتحدة، القانون الدولي، ومعاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، عبر استهدافها الغاشم لمنشآتنا النووية السلمية”.

واستطرد قائلا: “ما حدث فجر اليوم ليس مجرد اعتداء، بل جرس إنذار للمجتمع الدولي، هذا العمل الإجرامي غير القانوني سيخلّف تداعيات عميقة وخطيرة، ينبغي أن تثير قلق كل دولة عضو في الأمم المتحدة”، وختم عراقجي متمسكا بحق بلاده: “بموجب ميثاق الأمم المتحدة، واستنادا إلى حق الدفاع الشرعي عن النفس، فإن إيران تحتفظ بكامل خياراتها لصون كرامتها الوطنية، مصالحها العليا، وأمن شعبها”.
ودعت طهران إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي لمعالجة الهجوم الأمريكي على أراضيها، وصفته بـ”العدوان الصارخ وغير القانوني”، السفير الإيراني أمير سعيد إيرواني، مندوب طهران الدائم لدى الأمم المتحدة طالب في رسالة إلى المجلس بإدانة الهجوم الأمريكي بشدة واتخاذ تدابير لازمة وفق ميثاق الأمم المتحدة لحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
بين القوة والسلام
يُعد الهجوم الأمريكي المفاجئ فجر الأحد 22 يونيو/حزيران 2025 على المنشآت النووية الإيرانية لحظة فارقة في العلاقات الدولية، قد تعيد تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط.
استخدام ست قنابل مخترقة للتحصينات وصواريخ توماهوك يعكس حجم العملية، لكن بين نفي وغياب تأكيد التسرب الإشعاعي يُبقي المخاطر البيئية غامضة، بينما يدعو ترامب إلى السلام، تتجه الأنظار إلى رد إيران والمجتمع الدولي، في انتظار ما إذا كانت هذه الضربات ستفتح باب المفاوضات أم ستُشعل فتيل حرب جديدة؟