تورطوا في اختفاء عميل “إف بي آي”.. عقوبات أمريكية على 3 مسؤولين أمنيين إيرانيين (القصة الكاملة)

كتب: ربيع السعدني

أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) أنها أدرجت ثلاثة مسؤولين إيرانيين على قائمة العقوبات الجديدة، مشيرة إلى اختفاء العميل الخاص السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي روبرت ليفنسون

وأعلنت أنها “فرضت عقوبات على ضباط استخبارات إيرانيين متورطين في احتجاز وإخفاء وربما قتل مواطن أمريكي بشكل غير قانوني”.

وفي بيان مطول لها يوم 25 مارس/آذار 2025، أوضحت (OFAC) أن “مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة بالتنسيق مع مكتب التحقيقات الفيدرالي، فرض عقوبات على ثلاثة مسؤولين من وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية متورطين في اختطاف واحتجاز وربما قتل العميل الخاص السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي”.

يأتي هذا الإجراء، بحسب وزارة الخارجية الأمريكية في أعقاب إدراج محمد بصيري وأحمد خزاعي على قائمة العقوبات في ديسمبر/كانون الأول 2020، واللذين تصرفا بصفتهما ضابطين في وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية في اختطاف ليفينسون واحتجازه ووفاته المحتملة، وستواصل الولايات المتحدة العمل على تحديد هوية المتورطين في هذه القضية.

من يكون العميل ليفينسون؟

اختفى ليفينسون العميل المخضرم والمتخصص في الجريمة المنظمة الروسية، في 9 مارس/آذار 2007، بعد وصوله إلى جزيرة كيش النائية، في أثناء عمله بموجب عقد غامض مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) لمحللي استخبارات في الوكالة. 

وخلال السنوات السبع الأولى من اختفائه، صرّح مسؤولون أمريكيون بأنه كان يعمل محققا خاصا، وأنه “ليس موظفا حكوميا أمريكيا”.

قائمة المتورطين

وزعمت وزارة الخزانة الأمريكية أن الأفراد الذين فرضت عليهم عقوبات وهم: “رضا أميري مقدم، وغلام حسين محمد نيا، وتقي دانشفار” والذين لعبوا جميعا دورا في اختطاف ليفينسون، وربما قتله، وكشف جهود إيران للتغطية على مسؤوليتهم أو إخفائها.

مكافحة التجسس

وفي السياق ذاته ووفقا لبيان مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، فقد شارك ضابط الاستخبارات الإيراني محمد بصيري في أنشطة مكافحة تجسس داخل إيران وخارجها، إضافة إلى تحقيقات حساسة تتعلق بقضايا الأمن القومي الإيراني. 

وعمل ضابط الاستخبارات الإيراني مباشرة مع مسؤولي استخبارات من دول أخرى للإضرار بالمصالح الأمريكية وترأس “خزاعي”، وفودا من وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية إلى دول أخرى لتقييم الأوضاع الأمنية.

نتيجةً للعقوبات الأمريكية، يتم  تجميد أي ممتلكاتٍ للأشخاص الخاضعين للولاية القضائية الأمريكية، ويُمنع الأمريكيون عموما من التعامل معهم في كافة المعاملات، كما يُعرّض الأجانب أنفسهم لخطر إدراجهم في القائمة السوداء بسبب تعاملهم معهم.

سجل إيران في حقوق الإنسان 

وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت: “إن معاملة إيران لـ’ليفينسون’ وصمة عار تُضاف بسجل طهران السيئ في انتهاكات حقوق الإنسان، وستواصل وزارة الخزانة العمل مع شركاء الحكومة الأمريكية لتحديد المسؤولين عن هذه الأعمال وكشف سلوكهم المشين”، وفقا لوكالة “رويترز”.

وقال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كيش باتيل: “إن الإجراء الذي اتخذه شركاؤنا في وزارة الخزانة مؤخرا يثبت أننا سنواصل العمل معا لتحديد هوية الضباط الإيرانيين الآخرين المتورطين في اختطاف بوب، وتستمر تحقيقاتنا، وسنتبع كل الخيارات لمحاسبة إيران”. 

5 ملايين دولار مكافأة 

وفي وقت سابق، نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) صورا وأسماء مواطنين إيرانيين اثنين، يزعم أنهما من كبار ضباط الأمن الإيرانيين، وأنهما متورطان في اختطاف العميل الفيدرالي السابق روبرت ليفينسون في جزيرة كيش، وأعلن عن مكافأةٓ قدرها 5 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى تحديد مكان هذا المواطن الأمريكي.

وزعم مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بي آي) في البيان الصادر يوم 4 فبراير/شباط 2025، أن “محمد بصيري وأحمد خزاعي، وهما ضابطا استخبارات إيرانيان لعبا دورا في اختطاف واحتجاز وربما قتل ليفنسون، وأن من يقدم معلومات عنهما سيتلقى مكافأة أيضا”.

ومن جهته قال سانجاي فيرماني، العميل الخاص المسؤول عن قسم مكافحة الإرهاب بمكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا“، إن “مكتب التحقيقات الفيدرالي يظل ملتزما بإعادة بوب إلى أسرته، وتحقيقاتنا المكثفة مستمرة للحصول على أدلة ومعلومات جديدة، ونحن نتابع كل الخيارات لمحاسبة أي مسؤول إيراني متورط في اختطافه”.

18 عاما من الإنكار

وجاء في بيان مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI): “على مدى ما يقرب من 18 عاما، أنكرت الحكومة الإيرانية معرفتها بمكان وجود بوب ليفينسون، على الرغم من أن كبار مسؤولي الاستخبارات أذنوا باختطاف بوب واحتجازه وشن حملة تضليل؛ لصرف اللوم عن إيران”.

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد عرضت في وقت سابق، مكافأةً قدرها 20 مليون دولار مقابل أي معلومات تؤدي إلى القبض على هذا المواطن، لكن مكتب التحقيقات الفيدرالي أعلن أنه إضافة إلى المكافأة المخصصة بموجب “مكافآت العدالة” التي أعلنتها وزارة الخارجية الأمريكية، فقد عرض مكتب التحقيقات الفيدرالي أيضا 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن الإيرانيين الاثنين.

وبذلك يصبح المبلغ الإجمالي المخصص للإبلاغ عن معلومات تُفضي إلى استعادة “ليفينسون” 25 مليون دولار، وهو المبلغ نفسه الذي عُرض سابقا للحصول على معلومات تُفضي إلى تحديد مكان زعيمي تنظيم القاعدة وداعش السابقين أسامة بن لادن وأبو بكر البغدادي.

سياسة الضغط القصوى 

الرئيس الأمريكي، الذي أعرب مرارا عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع إيران خلال ولايته الثانية، زعم في 4 فبراير/شباط 2025، أنه “مستعد للتحدث مع الرئيس الإيراني من خلال توقيع مذكرة لمواصلة سياسة الضغط الأقصى ضد طهران”.

وأكد أنه “تردد” في التوقيع على المذكرة، وقال ترامب: “هذا أمر صعب للغاية بالنسبة لإيران، آمل أن لا نضطر إلى استخدامه كثيرا، وعلينا أن نرى ما إذا كان بوسعنا التوصل إلى اتفاق مع طهران”.

رسالة ترامب المثيرة للجدل 

ورغم توقيع مذكرة تفرض سياسة الضغط القصوى على طهران، أعلن ترامب في مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس الإخبارية الأمريكية في 7 مارس/آذار 2025، أنه أرسل رسالة إلى المرشد الإيراني وطلب إجراء مفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني.

ومن جانبه أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، يوم 12 مارس/آذار 2025: “استقبلت هذا المساء (الأربعاء بتوقيت طهران) أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وإضافة إلى المناقشات حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، تلقيت أيضا رسالة من رئيس الولايات المتحدة”.

جولة خامسة من العقوبات

في الوقت نفسه، ووفقا لوزارة الخزانة الأمريكية، تم فرض أربع جولات سابقة من العقوبات على مبيعات النفط الإيرانية منذ إصدار مذكرة الأمن القومي الرئاسية في 4 فبراير/شباط 2025، من أجل ممارسة أقصى قدر من الضغط على طهران، بهدف خفض صادراتها من الخام إلى الصفر.

وخلال الأسبوع الماضي، وقعت الولايات المتحدة عقوبات متعلقة بإيران تستهدف فردا واحدا وعددا من الكيانات والسفن، من بينها مصفاة نفط صينية تابعة للقطاع الخاص يشتبه في قيامها بشراء ومعالجة النفط الإيراني، وفقا لوكالة “رويترز”.

وفي إطار سياسة الضغط القصوى التي ينتهجها الرئيس دونالد ترامب بزعم إجراء مفاوضات، وضعت وزارة الخزانة الأمريكية وزير النفط الإيراني محسن باكنجاد- الذي يشرف على عشرات المليارات من الدولارات من صادرات النفط الإيرانية وخصص مليارات الدولارات من النفط للقوات المسلحة الإيرانية للتصدير- على قائمة العقوبات بعد يوم واحد من وصول رسالته إلى طهران.

وبحسب وزارة الخزانة الأمريكية، فإنها فرضت عقوبات على 18 شركة و13 سفينة في ما يتعلق بإيران.

وفي السادس من مارس/آذار 2025، ادعى وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، تماشيا مع سياسة الضغط القصوى التي تنتهجها إدارة ترامب: “سنواصل فرض العقوبات على إيران، والتي تهدف إلى إغلاق صناعة النفط في البلاد وانهيار اقتصادها الضعيف”.

كلمات مفتاحية: