- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 152 Views
في عمق الجبال الإيرانية وتحت طبقات الأرض القاسية، يعيش آلاف العمال يوميات محفوفة بالخطر في سبيل استخراج ما يعتبره كثيرون الوقود الأسود للصناعة الوطنية، في وقت تتعاظم فيه الحاجة إلى موارد بديلة للطاقة وسط العقوبات المتصاعدة والتحديات الاقتصادية المتزايدة.
مناجم الفحم في إيران، التي تمتد من خراسان إلى كرمان ومازندران، ليست مجرد مواقع للإنتاج، بل تمثل نبض حياة لآلاف الأسر، وشريانا حيويا يربط بين الاقتصاد الوطني وأشد مناطقه تهميشا.
لكن خلف هذه الأرقام والإحصائيات الرسمية، يقبع واقع أكثر قسوة: واقع العمال الذين يدفعون حياتهم ثمنا للإهمال المزمن، ولسياسات لم تضع سلامتهم ولا معيشتهم في صلب الأولويات. فمن الأجور المتدنية إلى ظروف العمل البدائية، ومن غياب التأمين الصحي إلى سجل دامٍ من الحوادث والانفجارات، يعيش هؤلاء في دائرة من الاستغلال تنقطع فيها صلة الحقوق بالمخاطر.
هذا التقرير الاستقصائي يسعى إلى كشف خبايا هذا القطاع المنسي، وتوثيق معاناة عماله، وتسليط الضوء على أوجه التقصير الحكومي والتحديات التنظيمية، إلى جانب استعراض الحلول الممكنة لإنقاذ ما تبقى من كرامة الإنسان في باطن الأرض الإيرانية.
واقع الفحم ومناجمه في إيران
تُعتبر الموارد المعدنية في إيران من الأعمدة الأساسية في دعم الاقتصاد الوطني، فيما تحتل مناجم الفحم موقعا استراتيجيا ضمن هذه الموارد، لما لها من دور حيوي في تلبية احتياجات الصناعة، وتوليد الطاقة، وخلق فرص العمل، وبالرغم من التحديات الفنية والبيئية والاقتصادية التي تواجه هذا القطاع، إلا أن الفحم لا يزال يشكل عنصرا مهما في معادلة الأمن الصناعي والإنتاجي الإيراني، ولا سيما في ظل السعي لتقليل الاعتماد على واردات الطاقة وتنويع مصادر الدخل غير النفطي.

فتمتلك إيران احتياطات كبيرة من الفحم الحجري تقدر بنحو 3 مليارات طن، وهي موزعة على مناطق متعددة في إيران أبرزها خراسان الجنوبية، كرمان، ومازندران، وتشير البيانات الجيولوجية إلى أن أغلب هذه المناجم تقع ضمن الوحدات التكتونية الرسوبية في جبال البرز والمنطقة المركزية لإيران، وتشمل مناطق مثل طبس، البرز، وكرمان، وتُقدّر مساحة المناطق الغنية بالفحم بأكثر من 100 ألف كيلومتر مربع.
ويعتبر الفحم الإيراني من أنواع مختلفة، من بينها الفحم الحراري، فحم الكوك، والفحم الغازي. في منطقة طبس، على سبيل المثال، يُستخرج الفحم الحراري، بينما تتركز مناجم فحم الكوك في مناطق أخرى تُستخدم في الصناعات الثقيلة، كصناعة الحديد والصلب.

وبحسب تقارير رسمية صادرة عن وزارة الصناعة والتعدين والتجارة الإيرانية، تنتج البلاد سنويا حوالي 1.8 إلى 2.5 مليون طن من الفحم الحجري، وتستهلك معظم الإنتاج داخليا في قطاعي الطاقة والصناعات المعدنية، وتُعد شركة زغال سنج بروده طبس وشركة آذران بالایش من أكبر المنتجين في القطاع، وتلعب دورا محوريا في تزويد مصانع الصلب مثل ذوب آهن أصفهان بحاجتها من الفحم.
هذا ويتوزع إنتاج الفحم في إيران على عدد من المحافظات، من أهمها خراسان الجنوبية، وتضم مناجم ضخمة في منطقة طبس، وهي مسؤولة عن أكثر من 60% من إنتاج البلاد، وكرمان، خصوصا في مناطق زرند وراور وكوهبنان، وهي مناطق تعتمد اقتصاديا على نشاط المناجم، ومازندران وجيلان، حيث تحتوي على مناجم قديمة، مثل مناجم زيرآب وكياسر، وأخيرا طهران في مناطق شمشك وقاجره، التي تُعد من أقدم مناطق التعدين في البلاد.

أهمية الفحم للاقتصاد الإيراني
يُعدّ الفحم أحد العناصر الأساسية في دعم الصناعات الثقيلة في إيران، خاصةً صناعات الحديد والصلب التي تعتمد بشكل رئيسي على فحم الكوك في تشغيل الأفران العالية، هذا الاعتماد يجعل الفحم مكونا حيويا في سلاسل الإنتاج الصناعي، ومع التوسع المستمر في هذه الصناعات داخل إيران، تزايدت الحاجة إلى الفحم المحلي، لا سيما في ظل العقوبات الدولية التي صعّبت عمليات استيراد الفحم من الخارج.
وفي ظل ارتفاع الاستهلاك الداخلي للطاقة، خاصة خلال فصل الشتاء، تتجه إيران إلى استخدام الفحم كبديل جزئي عن الغاز الطبيعي في بعض وحدات إنتاج الكهرباء، مما يخفف الضغط عن قطاع الغاز الموجّه إلى التصدير. هذا التوجه يمنح البلاد مرونة أكبر في إدارة مواردها للطاقة، ويُسهم في تعزيز استقرار الإمدادات المحلية.

أيضا، فقطاع الفحم لا يقتصر دوره على الصناعة والطاقة فقط، بل يمثل أيضا مصدرا مهما لتوفير فرص العمل، فيُقدر عدد العاملين بشكل مباشر في هذا القطاع بأكثر من 20 ألف شخص، ينتشرون في محافظات عدة مثل كرمان وخراسان الجنوبية، فضلا عن عشرات الآلاف ممن يعملون في القطاعات المرتبطة به، كالنقل، والصيانة، وتصنيع المعدات.
كما تُشكل المناجم ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي في العديد من المدن الإيرانية، إذ نشأت مدن مثل زرند، راور، وكوهبنان حول مناجم الفحم، واعتمدت بشكل كبير على هذا القطاع كمصدر رئيسي للدخل، هذا الواقع يعكس الأهمية الاقتصادية والاجتماعية الواسعة لقطاع الفحم في دعم المجتمعات المحلية وتنشيط الحركة الاقتصادية في المناطق التي تعاني أصلا من نقص في فرص التنمية.
معاناة عمال المناجم الإيرانيين
على الرغم من أهمية صناعة الفحم في إيران، فإن عمال المناجم يواجهون واقعا صعبا للغاية، خاصة في ما يتعلق بمستوى معيشتهم وظروف عملهم القاسية، فرغم الأهمية الكبيرة التي تلعبها هذه الفئة في الاقتصاد الوطني، فإن حياة عمال المناجم وعائلاتهم تعكس حالة من الفقر وعدم الاستقرار، الأمر الذي يتضح جليل من الإحصائيات الرسمية التي تؤكد أن أكثر من 30 عائلة من عمال منجم الفحم الحجري في طبس تعيش تحت خط الفقر، في الفئات الثلاث الأدنى للدخل.
هذه البيانات تكشف فجوة كبيرة بين الجهد المبذول في العمل داخل المناجم والأجر الذي يحصلون عليه، بالإضافة إلى أن ظروف العمل القاسية تترافق مع غياب العدالة في توزيع الأجور والحقوق.

واحدة من أبرز معاناة هؤلاء العمال هي طبيعة العمل في المناجم نفسها، التي تُعرف بالصعوبة والخطورة الشديدة، خاصة في المناجم التقليدية التي لا تستخدم الميكنة بشكل كامل، حيث لا تزال معظم المناجم في إيران تعمل بطرق تقليدية، ما يزيد من مخاطر الحوادث والإصابات. بالرغم من خطورة العمل، يعاني هؤلاء العمال من تدني الأجور، خاصة أولئك الذين يتم توظيفهم عبر شركات المقاولات أو الوسطاء، حيث تنشأ بينهم وبين أصحاب العمل علاقة غير مباشرة تؤدي إلى تقليل حقوقهم ومزاياهم.
وتؤكد التقارير أن هناك نقصا حقيقيا في العدالة المتعلقة بالأجور والاتفاقيات العمالية، مما ينعكس سلبا على حياة العمال وعائلاتهم، التي تعيش في أغلب الأحيان في قرى نائية وتعاني من ظروف معيشية متدنية للغاية، فلا تتوفر لديهم الخدمات الأساسية أو الأمان الاقتصادي، وهو ما يجعلهم يعيشون تحت خط الفقر.
جانب آخر مهم هو مسألة السلامة والصحة المهنية، التي تبقى من الأولويات التي يجب أن تواكب تحسينات الأجور والمعيشة، فإلى جانب تأمين دخل عادل، هناك حاجة ملحة لضمان بيئة عمل آمنة تقلل من حوادث العمل التي تحصد أرواح الكثيرين منهم. الوزارة المختصة أشارت إلى أن تحسين ظروف العمل الاقتصادية والاجتماعية من شأنه أن يعزز الالتزام بمعايير السلامة ويقلل من المخاطر المرتبطة ببيئة العمل في المناجم.

تشير الإحصائيات إلى أن قطاع مناجم الفحم الحجري، رغم كونه يشكل نسبة صغيرة من مجمل نشاطات التعدين في إيران، فإنه يشغل نحو 12% من إجمالي العاملين في هذا القطاع، مع وجود أكثر من 20 ألف عامل في 101 منجم نشط، ومن اللافت أن 91% من هؤلاء العمال لديهم عقود عمل مباشرة، لكن مع ذلك يعانون من تدني الأجور، بينما يشكل تعويض العمال نسبة كبيرة من تكاليف الإنتاج في هذه المناجم مقارنة بالقطاعات الأخرى، ما يشير إلى تحديات تنظيمية واقتصادية داخل هذا القطاع.
خلاصة القول، إن معاناة عمال المناجم في إيران لا تقتصر على صعوبة العمل وخطورته، بل تتعداها إلى ضعف الأجور وغياب العدالة الاجتماعية، مما يجعل حياتهم اليومية مليئة بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية، هذه الظروف تستدعي تدخلات جادة من الحكومة والمؤسسات المعنية لضمان حقوق العمال وتحسين مستوى معيشتهم، مع التركيز على تطوير المناجم ميكانيكيا لضمان بيئة عمل أكثر أمانا وإنتاجية. فقط عبر هذه الإصلاحات يمكن لعائلات عمال المناجم أن تحقق حياة كريمة تليق بجهودهم وتضحياتهم.
تاريخ حوادث مناجم الفحم في إيران: سجل دموي من الإهمال والضحايا

شهدت إيران، على مدى العقود الثلاثة الماضية، سلسلة من الحوادث الدامية في مناجم الفحم، أسفرت عن مقتل العشرات من العمال وإصابة المئات، ما كشف عن هشاشة البنية التحتية الصناعية في هذا القطاع الحيوي، وضعف إجراءات السلامة، والقصور في الرقابة الفنية والتنظيمية.
ففي 19 أغسطس/آب عام 1994، شهد منجم فحم باب نيزو زرند بمدينة كرمان أولى الحوادث المأساوية الكبرى التي تم تسجيلها في تسعينيات القرن الماضي، حيث أسفر انفجار عن مقتل 8 عمال، هذا ولم تُنشر تفاصيل كثيرة في وسائل الإعلام الرسمية حينها، بسبب محدودية الشفافية، إلا أن الحادثة شكلت إنذارا مبكرا لما ستشهده المناجم لاحقا من مآس متكررة.

بعد أقل من عام، وتحديدا في يوليو/تموز 1995، وقع انفجار كبير داخل نفق ومنجم في منطقة سنجرود بجلان أدى إلى مقتل 21 شخصا، وكانت هذه الحادثة من أكثر الكوارث في قطاع المناجم دموية في تاريخ إيران، وأثارت حينها جدلا واسعا حول جاهزية معدات الطوارئ، وتأخر عمليات الإنقاذ، ونقص أنظمة التهوية، خاصة في الأنفاق العميقة التي ترتفع فيها نسب الغازات السامة.

وفي أكتوبر/تشربن الأول من العام 1997، عاد منجم باب نيزو زرند ليتصدر المشهد مرة أخرى، بعد انفجار جديد فيه أدى إلى مقتل9 عمال، وقد جاءت هذه الحادثة لتؤكد استمرار الخلل في بنية المنجم والرقابة الفنية، وأثارت تساؤلات جدية حول سبب السماح باستمرار العمليات فيه بعد حادثة 1994، دون اتخاذ إجراءات كافية لتحسين شروط العمل والسلامة.

ومن المثير للجدل، أن هذا المنجم قد تصدر عناوين الصحف للمرة الثالثة في أقل من عشر سنوات، حيث شهد انفجارا جديدا في فبراير/شباط عام 2004 أسفر عن مقتل 12 شخصا، وقد أثار تكرار الحوادث في هذا المنجم تحديدا بوضوح إلى غياب المحاسبة وعدم تنفيذ التوصيات السابقة، وبرغم المطالبات المتكررة بفتح تحقيق شامل، إلا أن النتائج بقيت غامضة، وغاب عن المشهد أي إعلان رسمي عن محاسبة المسؤولين.

وبعد فترة هدوء نسبي، شهد منجم هجدك زرند في كرمان حادثا مأساويا جديدا، حيث أدى انفجار وقع في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2011 إلى مقتل 4 عمال، وعلى الرغم من أن عدد الضحايا كان أقل من الحوادث السابقة، فإن الحادثة جددت المخاوف من ضعف إجراءات السلامة، خاصة في المناجم التي تعمل في مناطق جبلية ضيقة، وتواجه صعوبة في تهوية الأنفاق بفعالية.

انفجار آخر وقع في منجم بال شمالي بمدينة طبس في ديسمبر/كانون الأول 2012، وأودى بحياة 8 أشخاص، وقد أكد هذا الحادث أنه على الرغم من أن منطقة طبس تعتبر من أكثر مناطق إيران غنى بمناجم الفحم، إلا أن حوادثها تتكرر باستمرار بسبب قدم البنية التحتية، ونقص التدريب لدى العمال، فضلا عن ضعف نظم الإنذار المبكر لرصد تسرب الغازات أو انهيارات الأنفاق.

هذا وقد شهد منجم جشمه بودنه في محافظة كرمان انفجارا جديدا في 20 فبراير/شباط من العام 2014، راح ضحيته، 3 عمال وقد أشار تقرير لاحق إلى أن السبب يعود إلى اشتعال غاز الميثان داخل أحد الأنفاق أثناء عملية الحفر، وتكررت آنذاك المطالبات بتطبيق أنظمة كشف تسرب الغازات بشكل إلزامي في جميع المناجم العاملة.

وفي أغسطس/آب من العام نفسه، هز انفجار ضخم منجم الفحم في كياسر بمدنية مازندران، ما أسفر عن مقتل عاملين اثنين، وعلى الرغم من أن الحادثة لم تكن دموية بمقدار سابقاتها، فإنها أعادت تسليط الضوء على المخاطر المستمرة التي تحيط بالعاملين في هذا القطاع، حتى في الحوادث التي توصف بالمحدودة.

وفي مايو/أيار 2017 وقعت واحدة من أشد حوادث المناجم في إيران في تاريخها الحديث، حيث لقي 43 عاملا مصرعهم إثر انفجار هائل في منجم زمستان يورت بمدينة آذرشهر نتج عن شرارة كهربائية أثناء تشغيل قاطرة داخل النفق، تسببت في اشتعال غاز الميثان المتراكم.
وقد أدى الحادث إلى تدمير أجزاء كبيرة من النفق، وعجز فرق الإنقاذ عن الوصول إلى الضحايا في الوقت المناسب، وأثارت الكارثة غضبا واسعا في الشارع الإيراني، ووُجهت انتقادات شديدة للجهات المعنية، إلا أن التحقيقات لم تسفر عن محاسبة واضحة، وظلت الأصوات الحقوقية تطالب بإنشاء هيئة رقابية مستقلة لمراقبة سلامة المناجم.

في سبتمبر/أيلول من العام 2021، وقع انفجار جديد في منجم طرزه دامغان، أدى إلى مقتل 6 عمال كانوا داخل النفق لحظة الحادث، في حين كشفت التقارير الأولية أن الحادث ناجم عن انهيار أرضي، سببه ضعف الدعائم داخل النفق، وهو ما أثار مجددا قضية التكاليف المنخفضة التي تخصصها الشركات المالكة لصيانة البنية التحتية.
وفي أحدث الكوارث المتعلقة بالمناجم الإيرانية، فقد شهد منجم دشت خواف بمدينة طبس حادثا مروعا في سبتمبر/أيلول من العام 2024 أسفر عن مقتل 52 شخصا دفعة واحدة، ليكون الأكبر من حيث عدد الضحايا في تاريخ إيران، وكان الحادث إثر انفجار غازي عنيف داخل أحد الأنفاق العميقة أثناء الحفر، ما تسبب بانهيار كامل للمنجم فوق رؤوس العمال، وقد صدم الحادث الرأي العام، وأدى إلى موجة غضب واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومع ذلك، لم تعلَن أية نتائج رسمية لتحقيقات مستقلة، ولم تحاسب أية جهة على هذه الخسارة البشرية الكبيرة.
عمال الفحم يصرخون
منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979، مثلت احتجاجات عمال مناجم الفحم في إيران أحد أكثر أشكال التعبير العمالي صراحة واستمرارا ضد التهميش، والظلم الاجتماعي، وسوء الإدارة الحكومية، فرغم الشعارات التي رفعتها الثورة بشأن العدالة والإنصاف للفئات المحرومة، ظل عمّال المناجم يعانون من ظروف قاسية، دفعتهم مرارا للنزول إلى الشوارع أو تنفيذ إضرابات شلّت الإنتاج في مناطق رئيسية مثل طبس وكرمان وزرند وكلستان.
ففي الثمانينيات من القرن الماضي، ومع الحرب الإيرانية العراقية، كانت يد الدولة الأمنية شديدة الوطأة على أي تحرك عمالي. ومع ذلك، شهدت مناطق الفحم في كرمان بعض التحركات المحدودة، خصوصا بسبب تأخر صرف الأجور ونقص المواد الغذائية في المدن العمالية.

لكن في التسعينيات، وبعد موجة الخصخصة، بدأ عمّال المناجم يرفعون أصواتهم بشكل أوضح، فقد سجّل عام 1996 أول احتجاج واسع النطاق في مناجم زرند بمحافظة كرمان، حيث دخل مئات العمال في إضراب عن العمل بسبب عدم صرف الرواتب لشهور متتالية وسوء معاملة المقاولين. ورغم تهديدات الأجهزة الأمنية، استمرت الاحتجاجات أسبوعا، وانتهت بتسوية مؤقتة، دون تحقيق مطالب جوهرية.
ومع دخول الألفية الجديدة، تكررت الاحتجاجات بشكل شبه سنوي، ففي عام 2003، أضرب عمال منجم هجدك قرب زرند لمدة ثلاثة أيام بسبب ظروف العمل الخطرة والأجور المتدنية، وبعدها بعام، وقعت احتجاجات أوسع في مناجم باب نيزو، خاصة بعد حادث انهيار جزئي أودى بحياة عدد من العمال، وكان رد السلطات كالعادة والذي تمثل في اعتقال المنظمين، ووعود فارغة بالتحقيق.
وفي 2008، نفذ عمال منجم كجني في كرمان إضرابا شهيرا استمر أكثر من أسبوعين، رفعوا خلاله شعارات ضد الخصخصة، وطالبوا بإعادة المنجم إلى إشراف الدولة، حينها رُفعت لافتات كتب عليها ندفن تحت الأرض كي تعيشوا فوقها، فامنحونا الكرامة، هذا الاحتجاج أثار رد فعل عنيف من السلطات، حيث تم اعتقال 15 من قادة الاحتجاجات، وفُصل العشرات.

كذلك، شهد عام 2017 واحدا من أكبر الاحتجاجات العمالية في تاريخ إيران المعاصر، بعد انفجار مروّع في منجم زمستان يورت بمحافظة كلستان أسفر عن مقتل 43 عاملا، الغضب الشعبي لم يكن فقط بسبب الكارثة، بل بسبب الطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع عائلات الضحايا، حيث لم تُصرف تعويضات كافية، ولم تحاسب الجهات المسؤولة، والعمال واجهوا الرئيس روحاني أثناء زيارته للمنجم وهتفوا ضده هتافات مفادها أين وعودكم؟ لقد دفنتمونا تحت الأرض، بل وقام بعضهم برشق موكبه بالحجارة في مشهد صادم عبر عن ذروة الغضب المكبوت لدى هذه الشريحة المنسية.

وفي ظل أزمة اقتصادية متفاقمة، عادت الاحتجاجات العمالية بقوة بعد 2018، ففي طبس، خرج العمال عدة مرات مطالبين بصرف الأجور المتأخرة وتحسين شروط السلامة. وفي كلستان وكرمان، نفذت نقابات غير رسمية إضرابات متكررة، رغم تهديدات الحرس الثوري والأمن. كما ظهرت أشكال جديدة من الاحتجاج، مثل الاعتصام داخل الأنفاق، أو تعليق لافتات احتجاجية داخل مواقع العمل، ونشر مقاطع مصوّرة توثّق الإهمال وسوء المعاملة.
في 2021، شهد منجم باب نيزو في كرمان احتجاجا جماعيا بسبب طرد عدد من العمال دون سبب، وعدم تجديد عقود 300 عامل موسمي، ونظم المحتجون اعتصاما استمر عشرة أيام أمام مبنى محافظة كرمان، ورفعوا شعارات تطالب بتدخل البرلمان ومحاسبة مسؤولي قطاع المناجم.

وفي عام 2024، وبعد حادثة منجم دشت خواف، انفجرت موجة غضب جديدة، قادتها عائلات الضحايا وعمّال من مناجم مجاورة. خرجوا في مسيرات صامتة ارتدوا فيها أكفانا بيضاء، ورفعوا صور الضحايا، ورددوا شعارات مثل “أنتم تدفنوننا من أجل الأرباح”، و”لا موت بعد اليوم تحت الأرض”، وردت السلطة بوسائلها المعتادة التي تنوعت بين وعود غامضة، واعتقالات، وتشويه المحتجين في الإعلام الرسمي.

تلك الاحتجاجات العمالية في مناجم الفحم لم تكن مجرد مطالب اقتصادية، بل تحولت تدريجيا إلى احتجاجات سياسية طبقية، تعكس اختناق طبقة عمالية أنهكتها سياسات الخصخصة، وأرهقها غياب الحماية القانونية. ومع كل حادث مروع، وكل إضراب صامد، تؤكد هذه الفئة، ورغم القمع الوظيفي والحقوقي الذي تتعرض له، أنها لن تتوقف عن المطالبة بحقوقها، وأن جبهة عمال المناجم لا تزال واحدة من أخطر التحديات أمام نظام يفضل كتمان الأزمات على الاعتراف بها.
ما هي اللوائح المنظمة لشروط السلامة في المناجم الإيرانية؟
يشير مجال الصحة والسلامة والبيئة المعروف اختصارا بـHSE والمتبع في إيران، إلى مجموعة من المعايير والتعليمات التي تهدف إلى الحفاظ على صحة العمال، وسلامة عمليات التعدين، وحماية البيئة. ففي إيران، توجد لوائح مرتبطة بهذا المجال، لكن مستوى تطبيقها يختلف بين المناجم.
ومن بين المتطلبات الأساسية لمجال HSE استخدام معدات الحماية الشخصية مثل الخوذة والقفازات والكمامات التنفسية وأحذية السلامة، التي يجب فحصها باستمرار ويلزم العمال باستخدامها طوال مدة العمل، كما تلعب أنظمة التهوية القوية وأجهزة كشف الغازات الخطرة دورا مهما في مناجم الفحم، حيث يجب أن تعمل أنظمة التهوية باستمرار، وتخضع أجهزة الكشف للفحص التلقائي واليدوي.
إضافة إلى ذلك، يشكل التدريب الدوري للعمال جزءا أساسيا من تعليمات السلامة لتعريفهم بالمخاطر المهنية وكيفية استخدام المعدات وإدارة الأزمات، كما تعد المراقبة المستمرة لظروف بيئة العمل، من جودة الهواء إلى الإضاءة والظروف الفيزيائية، عاملا مهما في تقليل احتمالية وقوع الحوادث.
وعلى صعيد المسؤوليات القانونية، يعتبر موضوع السلامة المهنية مسؤولية داخل بيئة العمل وفق قانون العمل، ولوائح المجلس الأعلى للحماية الفنية، وقانون المناجم واللائحة التنفيذية له، حيث تم تحديد واجبات للحفاظ عليها بين صاحب العمل والعامل، مع ذلك، تقع على عاتق الحكومات بصفتها السلطة الحاكمة مسؤولية وضع الهيكل التنظيمي وتحديد متطلبات السلامة العامة وممارسة الإشراف الأعلى على المستوى الوطني.

ووفقا للقانون الإيراني، فتتولى عدة جهات مهام محددة لتنفيذ هذه المسؤوليات، منها هيئة المعايير الوطنية الإيرانية في إطار قانون تعزيز وتطوير نظام المعايير، ووزارة التعاون ووزارة الصناعة والتجارة في إطار قانون العمل في مجال السلامة المهنية، بالإضافة إلى منظمة النظام الهندسي، ومنظمة التدريب الفني والمهني، ووزارة الصحة، وأصحاب العمل في المناجم.
ماذا يقف وراء حوادث المناجم؟
على الرغم من وجود عدة آليات في القانون الإيراني وعدد من المؤسسات للتأكد من سلامات العمل بالمناجم، فإن هناك أسبابا رئيسة لوقوع تلك الحوادث، على رأسها نقص المعدات والتقنيات الحديثة، فمن المشاكل الأساسية في مناجم إيران استخدام معدات قديمة وغير فعالة، كذلك عدم استخدام التقنيات الجديدة للتهوية، وكشف ومراقبة الغازات الخطرة مثل الميثان وأول أكسيد الكربون يزيد بشكل كبير من خطر وقوع الحوادث، فمناجم الفحم، وبسبب انبعاث الغازات الخطرة، معرضة دائما للانفجارات والتسمم بالغاز، ويمكن لاستخدام معدات السلامة المتقدمة والذكية أن يمنع الكثير من هذه الحوادث.

أيضا يعد نقص التدريب الكافي للقوى العاملة من أحد الأسباب الهامة، عدم تدريب العمال في المناجم بشكل كاف على إدارة الأزمات والتعرف على مخاطر بيئة العمل هو أحد العوامل الرئيسية لحدوث الحوادث، ففي العديد من المناجم، لا يتم تقديم تدريبات متخصصة حول كيفية التعامل مع حالات الطوارئ والاستخدام الصحيح لمعدات السلامة بشكل صحيح.
كذلك ضعف الرقابة على تنفيذ تعليمات السلامة، فقلة الرقابة المنتظمة والفعالة على المناجم من قبل الجهات الرقابية يؤدي إلى بقاء العديد من المناجم معرضة للحوادث رغم وجود تعليمات سلامة، لا سيما في المناطق النائية حيث تكون عمليات التفتيش الدورية نادرة، وتكون مخاطر الحوادث أعلى بكثير.
وتشير التقارير إلى أن أكثر من 80% من الحوادث في إيران تحدث في مناجم القطاع الخاص، ولكن عملية الرقابة على السلامة والصحة في ورش العمل التعدينية تحت احتكار الدولة، والهيئات المهنية التي تعمل في مجال السلامة والصحة لا تملك صلاحية الرقابة المباشرة على هذا القطاع، ومن جهة أخرى، هناك عدم تناسب بين عدد المفتشين وعدد ورش العمل المسجلة، حيث تشير التقارير إلى وجود نحو 1200 مفتش لأكثر من مليون وثلاثمائة ألف ورشة مسجلة، مما يحول دون إمكانية القيام بزيارات دورية منتظمة.

وأخيرا عدم الاهتمام بمعايير السلامة، فعلى الرغم من وجود لوائح وقوانين، فإنه لا يتم الالتزام بها بشكل جيد، وعلى سبيل المثال عدم وجود مراقبات مستمرة لجودة الهواء، وغياب أنظمة الإنذار الآلية، وضعف إدارة المخاطر يزيد من احتمالية وقوع حوادث خطيرة.
كيف يمكن القضاء على تلك الأزمة؟
إن الحديث عن أية معالجة فعالة لأزمة كوارث مناجم الفحم في إيران لا بد أن تكون شاملة، وتتناول مختلف الجوانب الفنية والقانونية والاجتماعية، وبهذا الشأن فهناك حلول وتوصيات ومقترحات للقضاء على هذه الكوارث، وتحويل قطاع المناجم إلى بيئة عمل آمنة وإنسانية.
تحديث البنية التحتية للمناجم
إن كثيرا من الحوادث المميتة في مناجم الفحم الإيرانية يعود إلى البنية التحتية المتهالكة للمناجم، إذ لا تزال العديد من هذه المناجم تعمل بأنظمة قديمة تعود لعقود ماضية، وتفتقر إلى شبكات التهوية الجيدة، وأجهزة الاستشعار، ومخارج الطوارئ، مما يجعل أي حادث عرضي قابلا للتحول إلى كارثة جماعية.

وبهذا الشأن فيجب تخصيص ميزانية حكومية أو استثمارات خاصة لتحديث الممرات والأنفاق والمعدات، وإدخال التقنيات الحديثة في التصميم الهيكلي لمنع الانهيارات، تركيب أنظمة تهوية مركزية للحد من تراكم الغازات القابلة للاشتعال، مثل غاز الميثان، أيضا تحديث المصاعد وآليات النقل داخل المناجم بما يتوافق مع المعايير الدولية.
إصلاح الأطر القانونية وتطبيق معايير السلامة العالمية
حيث يظهر الواقع أن كثيرا من المناجم الإيرانية تعمل دون التزام صارم بقواعد السلامة، كما أن العقوبات المفروضة على الجهات المخالفة ضعيفة أو لا تنفذ فعليا، وتُعد هذه الثغرات القانونية من أبرز أسباب استمرار الحوادث المميتة، وعلى هذا فإن مراجعة القوانين التي تنظّم العمل في المناجم وتحديثها على أساس المعايير الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية لهو أمر في غاية الأهمية.

كما أن فرض إلزامية إجراء تقييم شامل للمخاطر قبل البدء في أي نشاط تعدين، وتفعيل العقوبات الإدارية والجنائية بحق الشركات أو الأفراد الذين يتسببون في الإهمال أو التقصير، مع اشتراط وجود مهندس سلامة معتمد ضمن كوادر كل منجم سيساهم بشكل كبير في حل تلك النقطة.
إنشاء هيئة وطنية مستقلة للسلامة في المناجم
إن من أكبر الإشكالات الراهنة تبعية الرقابة لوزارات متورطة في الإدارة أو الاستثمار داخل المناجم نفسها، ما يخلق تضاربا في المصالح ويمنع الرقابة المستقلة الفعالة، ومن هذا المنطلق يجب تأسيس هيئة مستقلة تُعنى بمراقبة سلامة العمل في المناجم، تتبع مباشرة للبرلمان أو ديوان الرئاسة، كما يجب منح هذه الهيئة صلاحيات قانونية للرقابة والتفتيش والتوصية بالإغلاق المؤقت أو الدائم لأي منجم مخالف، ونشر تقارير سنوية عن وضع السلامة في مختلف المناجم الإيرانية بشكل شفاف وعلني.
تدريب وتأهيل العمال وتعزيز الوعي بالسلامة
يتطلب العمل في المناجم مستوى عاليا من المعرفة والإدراك بالإجراءات الوقائية، خصوصا أن أغلب الحوادث تقع بسبب أخطاء بشرية ناتجة عن غياب التدريب الكافي أو قلة الوعي بالمخاطر المحتملة، ولضمان تفادي تلك الأخطاء يتوجب على الدولة إلزام الشركات بتنظيم دورات تدريبية دورية حول إرشادات السلامة وإجراءات الطوارئ، وإعداد أدلة إرشادية مصورة ومكتوبة توزع على العمال بلغة مبسطة، وعلى غرار الدول الرائدة في تلك الصناعة، يجب تنظيم تدريبات محاكاة لحالات الطوارئ كل ستة أشهر، مع توفير معدات الحماية الشخصية، مثل الخوذ، الكمامات، أجهزة التنفس، بشكل مجاني وإجباري.
تحسين شروط العمل وتوسيع التغطية التأمينية للعمال
غالبا ما يعاني عمال المناجم من ظروف معيشية صعبة وأجور منخفضة، ما يدفعهم إلى القبول بالمخاطر مقابل الحفاظ على مصدر رزقهم. كما أن أسر الضحايا تتعرض للإهمال بعد الكوارث، دون تعويضات عادلة، ومن واجب الحكومة أن تضمن رفع الأجور بما يتناسب مع خطورة بيئة العمل، مع فرض تغطية تأمينية شاملة على الشركات المشغلة، تشمل التأمين الصحي، وتأمين الحوادث، والتعويضات بعد الوفاة، وإنشاء صندوق وطني لتعويض المتضررين من كوارث المناجم، يُمول من ضرائب على أرباح شركات التعدين.
إدخال التكنولوجيا الذكية في رصد الأخطار والوقاية
أصبحت التقنيات الحديثة أداة أساسية في تقليل حوادث المناجم، إذ يمكن عبر استخدام أنظمة الاستشعار والرصد المبكر والذكاء الاصطناعي، كشف التغيرات في البيئة تحت الأرض قبل أن تتفاقم.

ويجب على المشرع والخبير الإيراني الالتزام بذلك العنصر عن صياغة قانون لحماية العمال بتلك المناجم، وأن يأخذ بعين الاعتبار تركيب حساسات لرصد تراكم الغازات السامة والانبعاثات الحرارية، استخدام أجهزة إنذار مبكر مربوطة بغرف التحكم، اعتماد طائرات مسيّرة لفحص الأعمدة والفتحات والأجزاء غير الآمنة، واستخدام الروبوتات لتنفيذ عمليات الحفر أو الإصلاح في المناطق التي يُحتمل فيها الانهيار.
تقليل الاعتماد على الفحم وتوسيع الاستثمار في الطاقات البديلة
على المدى البعيد، من الضروري التفكير في استراتيجية تقلل الاعتماد على الفحم كمصدر رئيسي للطاقة، بالنظر إلى مخاطره البيئية والبشرية، خصوصا في ضوء التوجه العالمي نحو الطاقات المتجددة، وهو الأمر الذي بدأه الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان في الآونة الأخيرة عندما أشار إلى تقليل استخدام الفحم في توليد الكهرباء والاتجاه إلى مصادر الطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية.
إلا أن هذا وحده لا يكفي لذلك التحول، فلابد من إطلاق برامج حكومية لتشجيع الشركات العاملة في الفحم على الانتقال نحو الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، وإنشاء وحدات تدريب مهني لتأهيل عمال المناجم للعمل في قطاعات بديلة أكثر أمانا، تخصيص قروض ومساعدات حكومية لتحفيز التحول التدريجي في مناطق التعدين.
تعزيز الشفافية والإعلام في تغطية حوادث المناجم
تميل بعض الجهات في الداخل الإيراني إلى التكتم على تفاصيل الحوادث، ما يؤدي إلى تكرار الأخطاء ذاتها في مواقع مختلفة، ويضعف ثقة الرأي العام في الحكومة والمؤسسات المعنية.
وفي سبيل القضاء على ذلك يجب أن تسمح الدولة بنشر تقارير مفصلة عن كل حادثة، تشمل الأسباب، والتحقيقات، والتوصيات، عبر المواقع الرسمية ووسائل الإعلام، وتشجيع الإعلام الاستقصائي على كشف المخالفات في المناجم وتوثيق شهادات العمال، والسماح بتمكين الصحفيين من الوصول إلى مواقع الحوادث ولقاء المسؤولين والعاملين بحرية.
في النهاية، فإن حل أزمة كوارث مناجم الفحم في إيران يتطلب رؤية استراتيجية وشاملة لا تعتمد فقط على المعالجات التقنية أو المسكنات المؤقتة، بل تتطلب إعادة نظر جذرية في طريقة إدارة هذا القطاع، والتوازن بين الربح الاقتصادي وحماية الإنسان، فكل منجم يجب أن يُدار باعتباره منشأة بشرية أولا، لا كمصدر للموارد فقط.
وتقع مسؤولية هذا التحول على الحكومة، والمشرّعين، وأصحاب الشركات، والمجتمع المدني، الذين يجب أن يتحركوا بشكل متكامل لوضع حد لهذا النزيف اليومي في أرواح العمال. إن الاستثمار الحقيقي ليس في الفحم أو المعادن، بل في الإنسان الذي يحفر في أعماق الأرض تحت خطر دائم، فقط ليعيش بكرامة.