- شروق حسن
- 71 Views
في توقيت حساس تمرّ فيه العلاقات بين إيران والغرب بمنعطف حرج، من تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى غياب المفاوضات العلنية، يسلّط الدكتور علي بيكدلي، الأستاذ الجامعي والمحلل في قضايا السياسة الخارجية، الضوء على المشهد الراهن في حوار خاص مع صحيفة “ستاره صبح” يوم الاثنين 9 يونيو/حزيران 2025.

نص الحوار:
هل تعني التطورات الأخيرة، من تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى غياب الجولة السادسة من المفاوضات، نهاية الدبلوماسية بين إيران والغرب؟
موجة متعددة الأضلاع تضغط على إيران، والولايات المتحدة، والدول الأوروبية الثلاث، والوكالة، وإسرائيل، تشكّل هذه الأضلاع موجة قد تشكّلت ضد إيران وتمارس ضغوطا على البلاد، تمرّ إيران بوضع صعب ومؤلم، والمناخ لا يسير لصالحها.
ورغم أننا منخرطون في دبلوماسية سرّية مع الولايات المتحدة، فإن استمرارها مع الأوروبيين ممكن أيضا، ولكن عملنا لا يزال مليئا بالعقبات، الأمل الوحيد هو أن الطرفين لا يملكان خيارا سوى التوصل إلى اتفاق عبر الدبلوماسية.
ترامب لا يرغب في إشعال حرب في المنطقة، لأن النزعة العسكرية تتعارض مع الوعد الذي قطعه للناخبين، إضافة إلى أن الولايات المتحدة تفقد كثيرا من الموارد في الحروب، وهو أمر لا يريده ترامب.
بعد الاتفاقيات التي وقعتها الولايات المتحدة مع ثلاث دول عربية، أصبحت ملتزمة بالحفاظ على أمن الشرق الأوسط.
سيستثمر محمد بن سلمان 300 مليار دولار في الولايات المتحدة، ولا يمكن لترامب أن يغض الطرف عن هذا المكسب الاقتصادي عبر حرب غير مرغوبة لا تحقق له أي هدف من أهدافه.
تواجه الولايات المتحدة انخفاضا في معدلات التوظيف، وغلاء المعيشة، وسخط المواطنين الأمريكيين، ولم يتمكن ترامب حتى الآن من الوفاء بأي من وعوده لهم.
كما أنه لم يحقق أي نجاح في أوكرانيا وغزة، لذا فإن التوصل إلى اتفاق مع إيران يحظى بأهمية كبيرة بالنسبة له.
يجب على الولايات المتحدة أن تتنازل عن بعض مطالبها في سياق المفاوضات، وأن تقبل بحدّ أدنى من التخصيب على الأراضي الإيرانية تحت إشراف خبراء الوكالة.
كما أن إيران، وإن كانت لا تستطيع التخلّي عن مطلبها في التخصيب، إلا أنها يجب أن تخفض نسبة التخصيب.
الأمور أصبحت صعبة بالنسبة لإيران والولايات المتحدة، وكلا الطرفين يريدان تجاوز التحديات دون تصعيد التوتر أو وقوع اشتباك، لقد دخلنا طريقا مسدودا، ولا سبيل للعودة، بل يجب أن نبني جسرا ونعبر من خلاله.
إن انسداد المفاوضات سيتبدد من خلال مرونة إيران والولايات المتحدة، لا أفكر بالحرب، لأنها ليست في مصلحة أي من الطرفين، تحرّكات نتنياهو السياسية والعسكرية قد تشعل فتيل حرب، ولكن إيران والولايات المتحدة لا تريدان الحرب، والمنطقة أيضا تخشى اشتعال نيرانها.
برأيي، اقتراح تشكيل كونسورتيوم لن يحقق نجاحا كبيرا، الأمريكيون يقولون إن التخصيب يجب أن يتم على الأراضي العربية، وإيران لا توافق على هذا الاقتراح، كلما تقدمنا إلى الأمام، ظهرت التعقيدات بشكل أوضح، ولكن لم تُغلق جميع النوافذ بعد.
تزامن محادثات إيران وأوروبا مع مفاوضات إيران والولايات المتحدة، أي تحدٍّ خلقه لنا؟ وهل بإمكان إيران أن تدافع عن خطوطها الحمراء؟
بإمكان رافائيل غروسي أن يحتفظ بالقرار الصادر ضد إيران، وأن يقرّه دون أن يرفعه إلى مجلس الأمن، وفي هذه الحالة، يصبح هذا القرار أداة للمساومة مع إيران.
إصدار القرار في مجلس الأمن هو مطلب إسرائيلي، ويجعل وضع إيران خطيرا، وإلا فإن هذا الوضع لن يحقق للولايات المتحدة وأوروبا شيئا سوى فرض المزيد من العقوبات على إيران، بينما تبقى المشكلة الأصلية مع ايران على حالها.

الضغط الأوروبي وضغط الوكالة يتوازيان مع محادثات إيران والولايات المتحدة، ويسيران في مسار واحد ولهدف واحد، الولايات المتحدة تقف في منتصف اللعبة ويمكن أن تكون عنصر توازن.
لقد أنفقت إيران الكثير من التكاليف من أجل تكنولوجيا الطاقة النووية، وتكلفة بناء المواقع النووية تمثل الجانب المادي الظاهر لهذا المشروع، واليوم، تعاني معيشة الشعب من مشاكل بسبب عقود من العقوبات، لكن إيران لا يمكنها أن تتخلى عن التخصيب دفعة واحدة.
هل يشكل الاتحاد بين الولايات المتحدة، وأوروبا، والوكالة الدولية للطاقة الذرية في الضغط على إيران تحالفا سياسيا بأهداف موحدة؟
بعد لقاء ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض، وانتشار ذلك اللقاء الفاضح، نشأ نوع من التوتر بين الولايات المتحدة وأوروبا، حيث لم تُشرك الدول الأوروبية في تلك المفاوضات.
بالطبع، الخلافات بين أوروبا وترامب ليست أمرا جديدا، لأن ترامب لا يعترف بالاتحاد الأوروبي وعلاقاته.
لكن اليوم، يحتاج ترامب إلى حل قضية إيران ليستفيد من هذه الورقة الرابحة في الحفاظ على قاعدته الانتخابية، عليه أن يضع هذه الورقة على الطاولة أمام حزبه وحتى خصومه، ولهذا السبب، فإن الولايات المتحدة ستتعاون مع أوروبا من أجل إنجاح المفاوضات.
التعاون مع الولايات المتحدة في كل مسألة يصبّ في مصلحة أوروبا، فرنسا تتولى قيادة الاتحاد الأوروبي وقيادة الدول الأوروبية الثلاث الأساسية في مواجهة أوروبا مع إيران.
ولهذا فإن اللقاءات والمحادثات بين المسؤولين الفرنسيين والأمريكيين تحظى بأهمية كبيرة، ومؤخرا، نشهد تنشيطا لهذه اللقاءات والاتصالات، ويبدو أن أوروبا والولايات المتحدة، على الأقل فيما يتعلق بإيران، قد تقاربتا وتوحدتا في الرأي وتسعيان إلى تحقيق أهداف مشتركة.