مسؤول في بلدية طهران: دبلوماسية المدن في إيران نافذة جديدة لكسر الحصار وتعزيز التعاون الدولي

ترجمة : دنيا ياسر

أجرت صحيفة “همشهري” الإيرانية الأصولية، الاثنين 2 يونيو/حزيران 2025 ، حوارا مع حميد رضا غلام‌ زاده، معاون الشؤون الدولية في مركز الاتصالات والشؤون الدولية ببلدية طهران، حول دور الدبلوماسية العامة والمحلية في مواجهة العقوبات وتعزيز العلاقات الدولية بعيدا عن المسارات الرسمية.

وفي ما يلي نص الحوار: 

ما دلالة زيارة زاكاني للبرازيل؟

الموضوع يرتبط بمسارات بديلة للدبلوماسية الرسمية، التي هي من صلاحيات السلطة التنفيذية، بالإضافة إلى جزء منها متمثل في الدبلوماسية البرلمانية. قاليباف يقوم بهذا الدور في البرلمان، وسفره إلى أمريكا اللاتينية الآن سيخلق فرصا جديدة، كما أن رحلته السابقة إلى بيروت كانت كاسرة للجمود، حتى إنه قاد الطائرة بنفسه، وهذا كان له وقع كبير.

لا يمكن إنكار هذه الأنشطة، فالعلاقات الدولية لم تعد تنحصر في الدبلوماسية الرسمية، بل في العقود الثلاثة الأخيرة أصبح فقط نحو 50% من العلاقات الدولية ضمن الدبلوماسية الرسمية، بينما أصبح العبء الأكبر على “البار الديبلوماسية” والحكومات المحلية كالبَلديات. هذه الأخيرة تملك إمكانات كبيرة، والدبلوماسية الحضرية على المستوى المحلي تُعزز الدبلوماسية الرسمية، فهي أكثر مرونة.

منظمة “UCLG” تعمل ضمن هذا النطاق، والحكومات المحلية تتحرك بوتيرة أسرع. مثلا، في موضوع البيئة أو تلوث الهواء، تدخلت الحكومات المحلية. بكين، مثلا، لم يكن فيها سماء زرقاء، ولكن بفضل مشروع التحوّل إلى السيارات الكهربائية، تم تقليص التلوث. 

أما في موضوع النفايات، فهو كذلك من المجالات التي تدخّلت فيها البلديات بسرعة. طبعا، لا يمكن اعتماد نموذج موحد على صعيد وطني، فمثلا إسفهان وطهران لديهما نمطان مختلفان من حيث هيكلية جمع النفايات. لذلك، تحتاج منظمة البيئة أن تدرس كل حالة على حدة، لكن البلدية يمكنها التدخل فورا. وقد فهمت منظمات مثل “يو سي إل جي” وبلديات بريكس وغيرهما أهمية هذه القدرات.

هل آسيا هي المساهم الأكبر في بريكس؟

نعم،  مدينة كازان في روسيا كانت المضيفة لذلك الحدث، وعُقد الاجتماع هناك في بداية  يوليو/تموز 2024. وتم الاتفاق فيه على أن يكون أول تجمع عام في عام 2025 في البرازيل. وخلال هذه الفترة تمّت المصادقة على النظام الأساسي للتجمع عبر اجتماعين: الأول في دبي، والثاني في أبريل/نيسان 2025 في طهران

ما المقصود بنادي المحاصَرين؟

السياسة الخارجية يجب أن تُحقق المصالح الوطنية. ليس فقط عبر البروتوكولات، بل يجب أن تكون مثمرة. حين نقول إن الدبلوماسية الحضرية قادرة على المساهمة، فذلك لأنها بالفعل تُحدث أثرا. حاولنا استكشاف هذه القدرات وتطبيقها عمليا. طهران تملك إمكانيات كبيرة يمكن تصديرها، فنحن نقدر على بناء مترو بنصف الكلفة العالمية.

هل المقصود البنية التحتية أم تصنيع عربات المترو؟

المقصود أساسا البنية التحتية، بما فيها حفر الأنفاق ومدّ السكك.

أي الدول تستخدم خدماتنا؟

صربيا، وبلغراد، وبغداد، ويريفان وأستانة في كازاخستان. وستُعقد اللجنة المشتركة بين إيران وكازاخستان نهاية هذا الشهر في أستانة، وسيمثل البلدية مندوب هناك. اتفاقية التعاون مع بلغراد وقعت منذ نحو 13 عاما، ولكن حينها كانت النظرة تشريفية، ولم تكن هناك جدية في توظيف الدبلوماسية الاقتصادية الحضرية. ومع بداية هذه المرحلة، قمنا بمراجعة جميع الاتفاقيات والتوأمات السابقة بهدف تفعيلها. بلغراد بدأت حاليا مرحلة الدراسات الأولية، وقد طلبوا منا بناء متنزه أو جسر.

هل هناك مكاسب غير اقتصادية؟

نعم؛ مثلا، هناك جسر في العراق يُعرف باسم “الجسر الإيطالي” لأن الإيطاليين بنوه. نحن لدينا إمكانات كثيرة في محيطنا، ويمكننا تسويقها. هناك الكثير من الفرص التي يمكن بيعها.

الصينيون يواجهون حرب الرسوم الجمركية، والروس في حرب عسكرية، فهل يمكننا تقديم خدماتنا لهم؟

حتى رؤساء بلديات البرازيل قالوا الشيء نفسه. أحدهم أخبرني: “من أجل الوقوف في وجه الهيمنة الأمريكية، علينا أن نقف معا.” عندما يتشكّل “نادي المحاصَرين”، تتعدد الدوافع، ويجب توحيدها. في السابق، كان معظم السياح الروس يتوجهون إلى أوروبا، ولكن في السنوات الثلاث الأخيرة، ومع الحظر، توقفت السياحة الروسية نحو أوروبا. لكننا فشلنا في اجتذابهم. لدينا البنية التحتية لاستقبالهم، وكان بالإمكان استغلالها.

أكثر من 6 أشهر في روسيا يسودها البرد، بينما نحن نتمتع بطقس مختلف يمكن استغلاله لجذب السياح الروس. بلدية طهران ستشارك في مؤتمر أوراسيا السياحي، وسيُعقد أيضا في تموز المقبل مؤتمر السياحة التابع للأمم المتحدة في طهران.

لكننا نخضع لعقوبات، فلماذا قد يأتينا السياح؟

نحن من نفرض العقوبات على أنفسنا. لدينا رحلات جوية، والسفر إلى إيران رخيص. متوسط إنفاق السائح الواحد يبلغ ألف دولار، وهذا لا يرتبط بسويفت أو فيزا كارد. فأي عقوبة لدينا؟ هل لا نصدر تأشيرات؟ لدينا فنادق ومعالم سياحية، فقط ينقصنا الثقة بالنفس لرؤية إمكاناتنا. المعرفة الإيرانية في الإدارة الحضرية قابلة للتصدير. لدينا منتجات وخدمات قابلة للتسويق. انظروا كم ساعدنا العراق في موسم الأربعين، وكان دورنا مؤثرا.

لكن كل مرة نحاول التحرك ضمن نادي المحاصَرين، تُثار ضجة، كأننا بعنا ميناء جابهار للهند، أو قلنا إننا بعنا كيش للصين أو لروسيا… لماذا؟

بعض الجهات مصلحتها أن يكون طريق التفاوض هو الطريق الوحيد المتاح. أنا لست ضد التفاوض ولا أوجه له نقدا. ولكن هناك من لا يجيدون سوى التفاوض، ويستخدمونه لتحقيق مصالحهم الخاصة. السيد زاكاني، رغم ظروف الحظر، قام بعملية التحول الكهربائي في النقل العام، وهذا الطريق لا يخدم مصالح البعض. وعندما نجد بديلا، يثيرون الضجيج الإعلامي. البدائل لا تروق للبعض، وهؤلاء في الظاهر يدعمون التفاوض، ولكن من أجل التفاوض فقط، وليس من أجل التوصل إلى حل.

 زاكاني وبزشكيان يقفان على طرفي نقيض سياسيا، ومع ذلك اجتمعا يوم تدشين الحافلات الكهربائية… فلماذا نخوض حربا إعلامية في شوارع طهران؟

أشهد أن هناك تفاهما جيدا بين زاكاني وبزشكيان في خدمة الناس. وهناك تنسيق فعلي بينهما، ومشروع التحول الكهربائي مثال على ذلك. البلدية تستطيع أن تخفف العبء عن الحكومة في بعض المجالات، لأن المستفيد هو الشعب، ومن ثم تتحقق أهداف إيران. نأمل أن يعمّ هذا التعاون سائر الوزارات. طبيعي أن المسألة تستغرق وقتا، لكن علينا الاستمرار في هذا الاتجاه. والتوافق بين زاكاني وبزشكيان يساعد في تطبيق السياسة الخارجية.

محمدخاني أشار الأسبوع الماضي إلى أن زاكاني قال في ريو دي جانيرو بالبرازيل إن علينا استغلال هذه الفرصة لاستيراد اللحوم الطازجة إلى إيران.

نُظمت هناك ثلاث جلسات، وفي كل مرة كان  زاكاني يكرر أن الناس يريدون لحوما ذات جودة. الدبلوماسية الحضرية والعلاقات الدولية المحلية تشكل فرصة كبيرة لتنفيذ المصالح الوطنية بمرونة، ولكن على نطاق الحكومات المحلية. هذه المشاركات سيكون لها أثر يتوسع ليشمل البلاد كلها ومنظومة القوة في إيران.