رغم الخلاف بين إدارته.. هل يتخلى ترامب عن “التفكيك الكامل” للبرنامج النووي الإيراني؟

كتب: ربيع السعدني 

أكدت مصادر أمريكية تراجع الرئيس ترامب عن الضربة الإسرائيلية التي كان مخططا لها على المواقع النووية الإيرانية، وبحسب ما نقله موقع “فرارو“، فإن هؤلاء المسؤولين الأمريكيين الذين لم تذكر صحيفة “نيويورك تايمز” أسماءهم؛ أعلنوا أن ترامب اتخذ هذا القرار في إطار جهوده للتفاوض مع طهران.

وبحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا”، فإن فريق الأمن القومي للرئيس الأمريكي منقسم بشأن أفضل السبل للتعامل مع القضية النووية الإيرانية.

وكتب موقع “أكسيوس” الإخباري في تقرير: “المسألة ليست مجرد مسألة نقاش نظري، في الوقت الذي أرسل فيه ترامب مفاوضيه إلى الشرق الأوسط للتوصل إلى اتفاق مع إيران، أرسل أيضا قاذفات بي-2 وحاملات طائرات إلى المنطقة كخطة بديلة”.

وكان الرئيس الأمريكي تعهد من قبل بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وأطلق في الأيام التي سبقت بدء المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة تصريحات هجومية ضد طهران، وهدد باتخاذ إجراء عسكري ضدها إذا رفضت التفاوض والتوصل لاتفاق مع واشنطن بشأن برنامجها النووي.

تفكيك البرنامج النووي 

قبل بضعة أسابيع فقط، أعلن مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب، مايك والتز، الذي اتخذ منذ فترة طويلة موقفا صارما بشأن إيران، هدف الإدارة في المفاوضات بشأن البرنامج النووي لطهران بكل وضوح: “تفكيك البرنامج النووي بالكامل”، وأوضح بعد ذلك أن هذا يعني أن إيران يجب أن تتخلى عن منشآتها لتخصيب الوقود النووي، والبنية الأساسية المرتبطة بـ”التسليح”، وحتى صواريخها بعيدة المدى.

بينما أكدت إيران أن هزائم أمريكا في الحروب المكلفة في المنطقة أظهرت أن العمل العسكري لم يعد خيارا أو حلا لمعالجة القضايا الإقليمية، فيما يشهد فريقه للأمن القومي انقساما حادا حول الوسيلة الأفضل لتحقيق ذلك.

ونشر موقع “انتخاب” الإيراني عن مجلة “ذي إيكونوميست” التصريحات الأخيرة للمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف بشأن القضية النووية الإيرانية ومستوى التخصيب، وأن ترامب ليس لديه مشكلة مع اتفاق مماثل للاتفاق النووي.

وأعادت نشر تصريحات ويتكوف الذي قاد وفدا دبلوماسيا في سلطنة عمان للتفاوض بشكل غير مباشر مع الوفد الإيراني، السبت 12 أبريل/نيسان 2025.

ترامب ليست لديه مشكلة مع التخصيب 

وكتب أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليست لديه مشكلة مع اتفاق يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم، وتحدث عن إيران في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الإخبارية حول نقطتين مهمتين.

قال ويتكوف إن ترامب يسعى إلى الحد من تخصيب إيران لليورانيوم إلى معدل 3.67% (وهو ما كان منصوصا عليه في خطة العمل الشاملة المشتركة)، ولكن في تطور غريب، كتب بعد ساعات على حسابه في شبكة إكس، أن ترامب يريد تفكيك المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار إلى أن إيران يمكنها مواصلة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 3.67%؛ وبحسب ويتكوف، “لتنفيذ برنامج نووي مدني، لا تحتاج إلى تخصيب يتجاوز هذه النسبة”، وأكد أنه يريد “التحقق من برنامج التخصيب”.

وأضاف التقرير الذي نشره موقع “فرارو“: “كنا نعلم بالفعل أن ترامب لن يُصرّ على النموذج الليبي (أي التفكيك الكامل للبرنامج النووي)  والآن، يبدو أنه لا يمانع في اتفاق يسمح لإيران بالتخصيب. لذا، نحن نتحدث أساسا عن اتفاق مشابه لخطة العمل الشاملة المشتركة؛ اتفاق يحدّ من التخصيب لكنه لا يحظره”. 

الطريق المسدود

وعلى صعيد آخر أكد الخبير البارز في الدراسات الأمريكية، هادي علمي فريمان، لوكالة “خبر أونلاين“، أن “إيران قادرة على التعامل مع تصريحات ويتكوف في المفاوضات غير المباشرة مع الأمريكيين، ويعتقد أن المحادثات ستصل إلى طريق مسدود إذا ما ترافق الحديث عن تفكيك المنشآت النووية مع رفض إيران قبوله”.

فيما نشر موقع “خبر بان” نقلا عن موقع “أكسيوس” الإخباري الأمريكي، أن هذا الانقسام ليس نقاشا نظريا، إذ أرسل ترامب بالفعل مفاوضين سعيا للتوصل إلى اتفاق، كما نشر قاذفات من طراز B-2 وحاملات طائرات كخيار عسكري بديل.

ويتباين المسؤولون في تقديرهم للمسار الأكثر قابلية للنجاح، لكنهم يتفقون على نقطة محورية وهي أنه في غياب اتفاق، فإن خيار الحرب يبقى واردا وبقوة.

وقد عقد ترامب اجتماعا يوم الاثنين 14 أبريل/نيسان 2025، في غرفة العمليات جمع فيه كبار مستشاريه بشأن إيران، وضم مسؤولين من كلا المعسكرين المؤيد والمعارض للتفاوض مع طهران داخل الإدارة الأمريكية.

الجبهة الداعمة للتفاوض 

ويقود المعسكر الداعم للحل الدبلوماسي نائب الرئيس جيه دي فانس، بشكل غير رسمي، حيث يؤمن هذا الفريق بأن التفاوض هو الخيار الأفضل والممكن، ويجب على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة لتقديم بعض التنازلات في سبيل التوصل لاتفاق. 

وتضم هذه الجبهة أيضا كلا من ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط، والذي كان المفاوض الأمريكي في الجولة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في عُمان، ووزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيت.

وتتمثل مخاوف هذه المجموعة في أن العمل العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية من شأنه أن يعرض القوات الأمريكية في المنطقة للخطر في حال الرد الإيراني، ويزعمون أيضا أن أي صراع جديد في منطقة الشرق الأوسط من شأنه أن يتسبب في ارتفاع حاد في أسعار النفط في وقت حرج بالنسبة للاقتصاد الأمريكي.

المتطرفون على الجبهة الثانية

أما الجبهة الأخرى، التي تتكون من مستشار الأمن القومي مايك والتز ووزير الخارجية ماركو روبيو، فإنها متشككة للغاية بشأن إيران وفرص التوصل إلى اتفاق من شأنها أن تعكس مسار البرنامج النووي الإيراني، ويشاركه الرأي أيضا أعضاء مجلس الشيوخ المقربون من ترامب، مثل ليندسي غراهام وتوم كوتون.

وتعتقد هذه الجبهة أن إيران أصبحت أضعف من أي وقت مضى، وبالتالي ينبغي للولايات المتحدة أن تتجنب التسوية وتصر بدلا من ذلك على تفكيك البرنامج النووي الإيراني، والخيار الآخر، من وجهة نظرهم، هو العمل العسكري المباشر ضد إيران أو دعم هجوم النظام الإسرائيلي.

خلاف متصاعد داخل إدارة ترامب

ووصفت مصادر إخبارية هذا التناقض والنهج غير الواضح للرئيس الأمريكي تجاه إيران بأنه علامة على الخلافات المتزايدة داخل فريق ترامب.

وفي هذا الصدد، كتب ديفيد سانجر، الصحفي الأمريكي الشهير في “نيويورك تايمز”، والذي غطى قضايا البيت الأبيض والأمن القومي الأمريكي لأكثر من عقدين: “يبدو أن هذا الخلاف متجذر أيضا في الانقسامات داخل فريق ترامب للأمن القومي في ظل مواجهته مجددا لإحدى أقدم المشكلات وأكثرها تعقيدا في السياسة الخارجية الأمريكية”.

ألا وهي: “كيف يمكن إيقاف البرنامج النووي الإيراني دون حرب؟ حتى الآن، كانت النتيجة موجة من الرسائل المتضاربة، والإشارات المتناقضة، والتهديدات القمعية”.

تدمير قدرات إيران أمر غير قابل للتحقيق

وأضافت الصحيفة الأمريكية: “إن غاري سامور، الذي تعامل مع قضية إيران بالتفصيل باعتباره أعلى مسؤول نووي في البيت الأبيض خلال إدارتي كلينتون وأوباما، أكد أن القضاء على قدرة إيران أمر غير قابل للتحقيق”.

وقال ساموري لصحيفة نيويورك تايمز: “لا أعتقد أن إيران ستوافق على القضاء على البرنامج بأكمله حتى لو تم تهديدها باستخدام القوة العسكرية”.

وأضاف: “كل الأساليب التي استخدمها كثيرون ضد إيران حتى الآن- التخريب والعقوبات والدبلوماسية- كانت كلها بهدف كسب الوقت، لا أعتقد أن ترامب يريد الذهاب إلى الحرب والإيرانيون لا يريدون الذهاب إلى الحرب، وهذا يشير إلى أنه قد يكون هناك مجال للاتفاق”.

حتى لا تفشل المفاوضات

وفي الواقع، ووفقا لمصادر مطلعة، بحسب مجلة “ذي إيكونوميست”، فقد زعم ستيف ويتكوف ونائب الرئيس جيه دي فانس، في اجتماعات داخلية، أن الإصرار على تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل من شأنه أن يتسبب في فشل المفاوضات. 

وقد أعلن الإيرانيون بالفعل أنهم لن يتخلوا عن برنامجهم النووي بشكل كامل، ومن ثم يحتفظون بخيار بناء القنبلة النووية.

كلمات مفتاحية: