- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 29 Views
كتب: ربيع السعدني
تُعدّ محادثات مسقط وروما بين إيران والولايات المتحدة خطوة دبلوماسية حاسمة تهدف إلى تخفيف التوترات الإقليمية ومناقشة قضايا حساسة، أبرزها البرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات.
ونظرا للطبيعة المعقدة لهذه المفاوضات غير المباشرة، التي تُجرى جولتها الثانية يوم السبت المقبل 19 أبريل/نيسان 2025، في العاصمة الإيطالية روما بوساطة عمانية أيضا، يتعين على الوفد الإيراني الحذر الشديد بحسب برلمانيين إيرانيين، مع اتخاذ احتياطات دقيقة لضمان حماية المصالح الوطنية والحفاظ على موقف قوي ومتماسك.
البداية السهلة لهذه المحادثات لا تعني بالضرورة تقدما سهلا في المستقبل، بحسب تقرير مطول لموقع “فرارو”. ومع دخول المحادثات في الصميم، فليس من المستبعد أن يلجأ الفريق الأمريكي إلى حيله الخادعة وأساليبه السامة السابقة للتأثير على أجواء التفاوض والحصول على المزيد من التنازلات في اتفاق نووي محتمل.
وهو ما أكده علي خامنئي، الذي وصف المحادثات النووية مع الولايات المتحدة بأنها واحدة من عشرات المهام الأخرى التي تقع على عاتق وزارة الخارجية الإيرانية.
المرشد: احذروا التفاؤل والتشاؤم الزائدين

وأوصى المرشد، المفاوضين في الجولة القادمة في روما بعدم “التفاؤل والتشاؤم الشديدين”، أضاف: “كان قرار البلاد التفاوض في المراحل الأولى قرارا صائبا بعد ذلك، علينا أن نمضي قدما بحذر، فالخطوط الحمراء واضحة تماما لنا وللطرف الآخر”.
وأضاف: “قد تصل المفاوضات إلى نتيجة وقد لا تصل، لسنا متفائلين ولا متشائمين جدا بشأن هذه المحادثات بالطبع، نحن متشائمون جدا بشأن الطرف الآخر، لكننا متفائلون بقدراتنا”.
الحفاظ على المصالح الوطنية

وفي هذا الإطار قال يحيى كمالي بور، عضو سابق في اللجنة القضائية والقانونية بالبرلمان، في إشارة إلى عملية المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة: “المهم في المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة هو التمسك بالمبادئ التي كرس النظام نفسه من أجلها ما يقرب من 46 عاما”.
وتابع: “يجب أن تكون عملية التفاوض على النحو الذي لا نفقد منجزاتنا التي حققناها على مدى 40 عاما في المجال النووي”، وأضاف في مقابلة مع وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا): “يجب إعلام الناس بالوضع، لا تستطيع أمريكا ولا أي دولة أخرى أن تؤذينا إذا كان الشعب يدعم سيادتها ونظامها، ولذلك ينبغي إبقاء الناس على اطلاع بعملية التفاوض ولا يجوز أن تسمع أنباء المفاوضات من وسائل الإعلام الأجنبية”.
وأوضح: “أعتقد، كما أكد المرشد، أن المفاوضات يجب أن تجري في أجواء هادئة ومشرفة، مع الحفاظ على المصالح الوطنية”.
الحذر الشديد

وفي هذا الصدد أوصى أمين لجنة المادة 90 في البرلمان محمد معتمدي زاده، ممثل أهالي بردسير وسيرجان بالمجلس أعضاء الوفد الإيراني المشارك في الجولة الثانية بالمحادثات في روما، بأن تستمر في التحقق لمعرفة حسن نية الطرف الآخر ولذلك، وأضاف: “ولذلك يتعين علينا أن نتصرف بحذر شديد، وبحرص، وبسياسة واضحة.
ونظرا إلى تماسك السلطات الثلاث، وفي ضوء السياسات العامة للنظام وتوجيهات المرشد يتعين علينا أن نتحرك بطريقة لا تتضمن التفاوض بشأن أي قضية أخرى غير القضية النووية”.
أما المسألة الثانية وفقا لـمعتمدي زاده، فهي مناقشة العقوبات، وأكد: “إذا تم رفع العقوبات فإن المفاوضات ستكون قد حققت النتائج اللازمة؛ وإلا فإننا سوف نتخلف عن خططنا مرة أخرى. لقد تصرف فريق التفاوض الإيراني بذكاء شديد هذه المرة، والبرلمان والحكومة على تنسيق كامل فيما بينهما ويتحركان قدما في تنفيذ الخطة”.
حيل واشنطن للضغط على طهران

وعلى الجانب الآخر خلال العقد الماضي، استخدم الأمريكيون حيلا مختلفة لتحقيق فوائد خالصة للولايات المتحدة وتكثيف الضغوط على إيران في المفاوضات، وهذه هي الحيل التي يجب النظر إليها، بحسب تقرير لوكالة “تسنيم” للأنباء، بعناية في الجولة الثانية من المفاوضات.
خدعة أمريكية
وتظهر التجارب التي اكتسبناها، بحسب تقرير وكالة تسنيم للأنباء، من عدة جولات من المفاوضات مع واشنطن على مدى العقد الماضي على الأقل، أن الأمريكيين استخدموا دائما سياسة “تأثير التباين“، حيث يقوم فيه أحد طرفي التفاوض أولاً بخلق توقعات عالية من خلال وعود جذابة أو توقعات إيجابية أو ضجيج إعلامي.
ثم يضع الطرف الآخر في حالة عاطفية أكثر سلبية من خط البداية من خلال تقديم مطالب غير متوقعة أو مفرطة، وبحسب واشنطن، فإن هذه الطريقة ستضع المفاوض الإيراني تحت الضغط النفسي من الرأي العام نتيجة صدمة الشعور بالفشل ولذلك سيضطر حتما إلى تقديم تنازلات أو قبول شروط غير مواتية.

لكن بعد وقت قصير، قد يقترح الجانب الأمريكي فجأة شروطا مثل عمليات تفتيش واسعة النطاق أو وقف كامل لبرنامج الصواريخ، وهي شروط غير مقبولة عمليا ويؤدي هذا التغيير المفاجئ، وخاصة مقارنة الوضع السلبي الحالي بالتوقعات الإيجابية السابقة، إلى تقلبات مالية حادة.
ما الحل لخدعة “تأثير التباين”؟
ولطالما استخدم الأمريكيون هذه الحيلة لمنع تخفيف العقوبات خلال رئاسة جو بايدن، حاولت إدارته الضغط على فريق التفاوض الإيراني لقبول الاتفاق الذي يصب في مصلحة الأمريكيين، من خلال زيادة وخفض حرارة التفاؤل.
ومن منظور أوسع، يمكن القول إن الاتفاق النووي تم تصميمه بالكامل على أساس الحفاظ على إمكانية فرض الشروط على الاقتصاد الإيراني.
والطريقة المنطقية لمواجهة هذه السياسة هي أن يعطي صناع القرار في إيران الأولوية لتحييد هذه الإجراءات القمعية في أثناء محاولة رفع العقوبات، إن الشرط الأول للتحرك نحو تحييد العقوبات، بحسب تقرير لوكالة تسنيم للأنباء، هو إزالة الشروط المرتبطة بثنائية سبل العيش والتفاوض.
خامنئي: تحييد العقوبات بأيدينا

لقد كان الحديث عن “تحييد العقوبات” مقارنة بـ”رفع العقوبات” أحد المجالات التي أكدها خامنئي دائما في لقاءٍ مع المشاركين في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد قاسم سليماني في 16 ديسمبر/كانون الأول 2020، قال عن سبب إعطاء الأولوية لتحييد العقوبات على رفعها: “رفع العقوبات بيد العدو، وتحييد العقوبات بأيدينا“.
ولذلك، فإن الجهود المبذولة لرفع العقوبات لا ينبغي أن تمنع إيران من متابعة السياسات اللازمة لتحييد العقوبات، مثل الاستثمار وتعزيز الإنتاج المحلي والعملية الوطنية وتوسيع التعاون الاقتصادي والعسكري والسياسي مع الصين وروسيا ودول الجوار في الشرق الأوسط.
السبيل الأفضل لمواجهة العقوبات
ولذلك أوصى علي خامنئي، في أول لقاء له مع كبار المسؤولين في السلطات الثلاث خلال العام الجديد، بأنه “لا ينبغي ربط قضايا البلاد بهذه المحادثات، ولا ينبغي تكرار الخطأ الذي ارتكب في الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015)، والذي جعل كل شيء بالنسبة للبلاد يعتمد على تقدم المحادثات، لأن البلاد تصبح مشروطة وكل شيء، بما في ذلك الاستثمار، معلق حتى تتضح نتيجة المحادثات”.

واعتبر خامنئي، أن الاستثمار في الإنتاج أفضل سبيل لمواجهة العقوبات، مضيفا: “ليس في وسعنا رفع العقوبات، لكن في وسعنا تحييدها، وهناك العديد من الطرق والقدرات الداخلية المناسبة لذلك، وإذا تحقق هذا الهدف فإن البلاد ستصبح منيعة أمام العقوبات”، واعتبر أن من المهم توسيع العلاقات مع الجيران والمراكز الاقتصادية في آسيا وأفريقيا ودول أخرى”.