- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 118 Views
في تصعيد جديد للحرب الاستخباراتية بين إيران وإسرائيل، أعلنت طهران عن اختراق أمني وصفته بـ”الضربة الاستخباراتية التاريخية”، مدعية الحصول على آلاف الوثائق الحساسة المتعلقة بالبرنامج النووي الإسرائيلي. هذه الأنباء أثارت جدلا إقليميا ودوليا، زادت من التوترات في الشرق الأوسط، خاصة مع صمت إسرائيل الرسمي وتساؤلات حول صحة التسريبات وتداعياتها على التوازن النووي.
“الكنز الاستراتيجي” الإيراني
نقلت قناة “برس تي.في” الإيرانية عن مصادر رسمية، أن الوثائق تشمل معلومات حول منشآت نووية إسرائيلية، وآلاف الوثائق المتعلقة بمشاريع الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة.
وزير الاستخبارات الإيراني، إسماعيل الخطيب، أكد أن الوثائق تحتوي على تفاصيل حيوية عن البرنامج النووي الإسرائيلي وعلاقات تل أبيب مع واشنطن، مشيرا إلى نية طهران نشرها قريبا، ووصف العملية بأنها “واسعة ومعقدة”، بدأت بالتسلل للوصول إلى هذا “الكنز المهم”، وقال: “تم التخطيط لعملية شاملة بدأت بجذب الموارد والوصول إليها، وأصبح من الممكن اليوم بفضل الله أن نشهد هذا الإنجاز”.
صمت إسرائيلي وقلق دولي
لم تصدر إسرائيل تعليقا رسميا، بحسب تقارير “بي بي سي” و”يورونيوز”، مما أثار قلقا دوليا وسط اتهامات متبادلة حول البرامج النووية.

وكالة الطاقة الذرية حذرت من تقدم إيران النووي، بينما تنفي طهران سعيها لامتلاك أسلحة نووية، وأشارت صحيفة “هآرتس” إلى أن الوثائق قد تتعلق ببرنامج “أماد” الإيراني، مما يعيد إلى الأذهان اتهامات نتنياهو عام 2018 بتهريب وثائق إيرانية، هذا يعكس استمرار الصراع الاستخباراتي والنووي بين البلدين، وسط مخاوف غربية من تصعيد إقليمي.
ردود فعل إعلامية عربية
أكدت شبكة “الميادين” أن العملية تحمل “رسائل بالغة الأهمية”، مراسلها في طهران رجح تورط إسرائيليين اعتقلتهم تل أبيب في تسريب الوثائق، مشيرا إلى أن الوثائق تعزز القدرات الهجومية الإيرانية.
وأفاد مراسل شبكة الميادين أيضا، بأن “ما كشفته المصادر من حيث كمية ونوعية الوثائق يعتبر خرقا أمنيا كبيرا للنظام المحتل”، بينما وصف موقع “الخليج أونلاين” الذي يقع مقره الرئيسي في بريطانيا العملية بخرق أمني خطير لإسرائيل، مؤكدا أنها تشمل آلاف الوثائق المتعلقة بالبرنامج النووي.
ويأتي هذا الإعلان بعد 17 يوما من إعلان جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)، والشرطة الإسرائيلية اعتقال شخصين يبلغان من العمر 24 عاما (روي مزراحي وألموغ أتياس) من شمال إسرائيل، بتهمة التعاون مع إيران، حيث كانا يحاولان تركيب كاميرات مراقبة في منزل وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، لصالح الاستخبارات الإيرانية.

صحيفة “الشرق الأوسط” ربطت التسريبات بمفاوضات حاسمة بين واشنطن وطهران، مشيرة إلى تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول مخاطر تخصيب إيران لليورانيوم، قائلا: “إنه إذا خصّبت إيران اليورانيوم، فـ سيتخذ قرارا خاطئا”.

تداعيات إقليمية محتملة
أثارت التسريبات مخاوف في السعودية من اختلال التوازن النووي، تقارير “نيويورك تايمز” أشارت إلى احتمال سعي دول خليجية لتطوير برامج نووية ردا على إيران.
بموجب هذا الاقتراح- الذي رفضته طهران- ستُسهّل الولايات المتحدة بناء مفاعلات الطاقة النووية لإيران، وستتفاوض على بناء منشآت تخصيب يديرها اتحاد من دول المنطقة، وبمجرد أن تبدأ إيران في جني أي فوائد من هذه الوعود، سيتعين عليها وقف جميع أنشطة التخصيب فيها.
شبكة “i24” الإسرائيلية نقلت عن مصادر مقربة من إيران، تأكيدها حصول طهران على أرشيف استراتيجي حساس، هذه التطورات تأتي وسط تصاعد التوتر بين طهران وتل أبيب، مما قد يفاقم الصراع الإقليمي.

حذر إسرائيلي واتهامات بالتجسس
تعاملت وسائل الإعلام الإسرائيلية بحذر، موقع “Y.Net”، التابع لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، ذكر أن الوثائق ربما تُهربت عبر إسرائيليين متهمين بالتجسس.

في حين أكدت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عدم وجود أدلة تدعم الادعاءات، بينما أشارت “جيروزالم بوست” إلى اتهام إسرائيليين، روي مزراحي وألموج أتياس، بالتجسس لإيران، وضمن ذلك زرع كاميرات قرب منزل وزير الدفاع يسرائيل كاتس.

فيما نقلت وكالة تسنيم للأنباء عن موقع “والا” العبري اختراق طهران محطة ديمونا النووية، مع صمت وزارة الدفاع الإسرائيلية، ووصفت صحيفة “معاريف” التسريبات بـ”المقلقة”، مؤكدة أن المعلومات نُقلت إلى مراكز أمنية في إيران وتتطلب مراجعة طويلة بسبب حجمها الكبير.
تغطية إعلامية عالمية
وكالة “رويترز” أشارت إلى عدم وضوح ارتباط التسريبات باختراق سابق لمركز أبحاث نووي إسرائيلي عام 2024 بما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات في المنطقة.
ولم يصدر تعليق رسمي فوري من إسرائيل ولم يتضح ما إذا كان التقرير مرتبطا بهجوم صاروخي مزعوم.
وتقرر طهران الكشف عن هذه العملية الآن وسط تصاعد التوترات بشأن برنامجها النووي.

في عام 2018، زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن عملاء إسرائيليين استولوا على “أرشيف” ضخم من الوثائق الإيرانية التي أظهرت أن طهران قامت بأعمال نووية أكثر مما كان معروفا في السابق.
فيما ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن إيران قالت إنها ستبدأ قريبا في الكشف عن معلومات من مجموعة من الأسرار النووية الإسرائيلية التي تزعم أنها حصلت عليها، في الوقت الذي تسعى فيه الدول الأوروبية إلى التصويت هذا الأسبوع على إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران بسبب برنامجها النووي.

وزعمت الصحيفة البريطانية أنه ربما تكون المزاعم غير المؤكدة التي أطلقتها أجهزة الاستخبارات الإيرانية بشأن تسريب هائل لأسرار إسرائيلية مصممة لتحويل الأنظار بعيدا عن ما تزعم طهران أنه برنامجها النووي المدني الذي يخضع لمراقبة مفرطة.
“بلومبرغ” أكدت أن الادعاءات تأتي وسط توترات متجددة، مع إعلان التلفزيون الإيراني عن حصول طهران على “كنز معلوماتي”، يأتي هذا الادعاء في ظل تصعيد متجدد للأعمال العدائية بين إيران وإسرائيل، الدولتين اللتين كادتا تندلع بينهما حرب شاملة العام الماضي وسط صراع غزة والضربات الإسرائيلية على الجماعات المدعومة من إيران.

ولم تُصدر الحكومة الإسرائيلية أي تعليق فوري على مزاعم إيران، وفي الشهر الماضي مايو/أيار 2025، ظهرت تقارير تفيد بأن إسرائيل تدرس توجيه ضربات محتملة لمواقع نووية إيرانية، وهي خطوة حذّر مسؤولون إيرانيون من أنها قد تُؤدي إلى رد فعل متناسب وتُعرقل المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة.
هل ينهار النظام من الداخل؟
كشفت وكالة تسنيم للأنباء، نقلا عن “تايمز أوف إسرائيل”، عن اعتقال مزراحي وأتياس بتهمة التجسس قرب مقر وزير الدفاع، مع تواصلهما مع عملاء إيرانيين عام 2025، وأكدت أن الرجلين كانا على دراية بأنهما يعملان لصالح إيران.
مصادر عبرية تحدثت عن احتمال إقالة مسؤولين أمنيين إسرائيليين بسبب هذا الفشل، حسين كناني مقدم، خبير إيراني، أشار إلى أن الوثائق تكشف أنشطة إسرائيلية غير قانونية، مثل اغتيال علماء نوويين، مما قد يتيح ملاحقتها دوليا بتهم “الإرهاب النووي”.
وأضاف أن هذه الوثائق يمكن تقديمها لمنتديات دولية مثل معاهدة حظر الانتشار النووي لتوجيه ضربة قوية لإسرائيل.
تسريبات وهشاشة داخلية
كما ذكرت الوكالة نقلا عن “إنتل تايمز”، أن التسريبات قد تكون مرتبطة باختراق أجهزة كمبيوتر مركز أبحاث نووي إسرائيلي عام 2024، بحسب بيان مجموعة “أنونيموس” في مارس/آذار والذي أعلنت فيه أن أجهزة الكمبيوتر التابعة لمركز الأبحاث النووية الإسرائيلي تعرضت للاختراق وسرقة آلاف الوثائق والخطط الموجودة فيها.
ونشر موقع “تابناك” أن موقع “شاموريم” أشار إلى تسريب معلومات من وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية، مما يعرض آلاف الإسرائيليين للخطر، هذه الأحداث تكشف هشاشة الأمن الداخلي الإسرائيلي، مع تقارير عن تكثيف إيران لجهود التجسس على مواطنين إسرائيليين، حيث اعتقلت الشرطة حوالي 30 شخصا بتهمة التجسس لإيران في ديسمبر/كانون الأول 2024.
“قرصنة وليست سرقة”

بينما قال محلل الاستخبارات الإسرائيلي رونين سولومون لصحيفة التلغراف وفقا لما نقلته صحيفة “هم ميهن“: “لا أعتقد أن الإسرائيليين سرقوا هذه المعلومات الجديدة، بل أعتقد أنها حصلت عليها عبر القرصنة، ربما من قبل مجموعات مثل مجموعة “أنونيموس من أجل العدالة”.
وأضاف أن العملية نُفذت على الأرجح خلال العام الماضي، وتابع: “عادة، عندما يسرق أحدهم شيئا كهذا، يحاول بيعه على الإنترنت وعادة ما يستغرق بيعه وقتا طويلا، نظرا إلى طول عملية التفاوض على السعر والتحقق من الهوية”، لكن في الوقت نفسه، قد يكون الأمر مجرد حرب نفسية.
أُلقي القبض مؤخرا على عشرات الإسرائيليين للاشتباه في تجسسهم لصالح إيران، تأتي هذه الاعتقالات في خضم موجة غير مسبوقة من عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية والاغتيالات الإيرانية ضد مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين.
كما يعكس هذا الاختراق تفاقم الصراع الاستخباراتي بين إيران وإسرائيل، مع تداعيات محتملة على الاستقرار الإقليمي، الصمت الإسرائيلي يزيد من الغموض، بينما تسعى إيران لاستغلال الوثائق لتعزيز موقفها دوليا.
هل ستكون هذه التسريبات بداية انهيار داخلي للنظام الإسرائيلي، أم ستظل جزءا من حرب الظل المستمرة؟ السؤال يبقى مفتوحا وسط تصاعد التوترات وترقب الخطوات المقبلة.