- زاد إيران - المحرر
- أمريكا, إيران, الاتفاق النووي, ترامب, متميز
- 86 Views
كتب: ربيع السعدني
عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجددا إلى اتخاذ موقف تهديدي ضد طهران، حيث صرح بأن “إيران ستواجه أشد القصف” إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي”.
في إشارة إلى تطور البرنامج النووي الإيراني، تأتي هذه التصريحات، التي أدلى بها في مقابلة مع شبكة “NBC News“، يوم الأحد الماضي 30 مارس/ آذار 2025 في إطار استراتيجية إدارة ترامب طويلة الأمد تجاه إيران، استراتيجية تعتمد على التهديد والضغط القصوى والسعي لإجبار إيران على التراجع.

دبلوماسية بالإكراه!
في حين أصرت طهران دائما على أن برنامجها النووي سلمي، فإن واشنطن، من خلال تكرار هذا الادعاء، تحاول إجبار إيران على إبرام اتفاق جديد وملائم مع الولايات المتحدة من خلال “الدبلوماسية القسرية”.
وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أنه بعد مرور 10 سنوات على توقيع الاتفاق النووي – و7 سنوات على انسحاب الولايات المتحدة منه بشكل أحادي – لا يوجد حتى أدنى دليل على أن إيران انتهكت هذا الالتزام، وحتى تولسي جابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، اعترفت مؤخرا بهذا الأمر بشكل كامل.

وأضاف عراقجي لوكالة أنباء تسنيم، إن الحوار الدبلوماسي أثبت فعاليته في الماضي ولا يزال بإمكانه أن يكون فعالا، ولكن يجب أن يكون واضحا للجميع أنه لا يوجد شيء اسمه “خيار عسكري”، ناهيك عن “الحل العسكري”.
وبحسب تقرير موقع “نورنيوز“: كرر دونالد ترامب مرة أخرى سياسة الضغط الأقصى من خلال تهديد إيران بـ”أشد القصف”، لكن طهران التي لم تستسلم للتهديد أرسلت ردا واضحا، حيث أكد وزير الخارجية الإيراني أن الإخفاقات الكارثية في منطقتنا، والتي كلفت الإدارات الأمريكية السابقة أكثر من 7 تريليون دولار، كافية”
في حين تصر الولايات المتحدة على طريق المفاوضات المباشرة، فإن إيران مع الحفاظ على استقلالها، مستعدة فقط للانخراط في حوار غير مباشر، وأعلنت أن أي عمل عسكري ضد إيران سيؤدي إلى حرب شاملة.
فشل الخيار العسكري

وبحسب تقرير “جاهان نيوز” إذا اختارت الولايات المتحدة الخيار العسكري، فلن يكون أمامها سوى خيارين، ولكن كلا الخيارين سوف ينتهي في النهاية إلى ضررها الخاص:
- الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية – نظرا لعمق وتشتت تلك المنشآت، فإن الولايات المتحدة لا تستطيع تدميرها بالكامل، وبالتالي فإن مثل هذا الهجوم لن يؤدي إلى وقف البرنامج النووي الإيراني فحسب، بل من شأنه أيضاً أن يقود إيران إلى استنتاج مفاده أنها يجب أن تتحرك نحو بناء قنبلة نووية لضمان أمنها.

- الهجوم على منشآت الطاقة الإيرانية – حتى لو نجحت الولايات المتحدة وإسرائيل في ضرب منشآت النفط والغاز الإيرانية، فإن هذا الإجراء من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل إيراني فوري، وتملك إيران القدرة على استهداف كافة منشآت الطاقة في المنطقة، وهذا الإجراء لن يؤدي إلى تعطيل سوق الطاقة العالمية فحسب، بل سيؤدي أيضًا إلى حرب أوسع نطاقًا ستكون خارج سيطرة أمريكا.
الرد الإيراني الحاسم
رفضت إيران الضغوط والتهديدات، لكنها أظهرت حتى الآن أنها لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة التهديدات الأمريكية، وأعلن كبار المسؤولين في البلاد في الوقت نفسه الذي أرسلوا فيه رسالة الرد لترامب أن إيران، مع ممارستها لضبط النفس، لن تدخل أبدا في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة تحت التهديد، ولن تخضع لمطالب واشنطن غير القانونية والمفرطة.

ومن بينهم محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان وعضو المجلس الأعلى للأمن القومي، الذي أعلن الموقف الرسمي للبلاد في يوم القدس العالمي هذا العام، مؤكدا أن أي عمل عسكري أمريكي سيقابل برد “متساوٍ”.
وهو ما قد يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة وفي تصريح له مؤخرا، حذر قاليباف من أنه في حال وقوع أي عدوان عسكري على إيران، فإن قواعد الولايات المتحدة وحلفائها لن تكون آمنة وتشير هذه الرسالة الواضحة إلى استعداد إيران لمواجهة أي عمل عدائي.
في ظل المفاوضات غير المباشرة، ولكن مع الحفاظ على عدم الثقة، إلى جانب التهديدات العسكرية التي أطلقها ترامب، أثيرت أيضا في وسائل الإعلام مزاعم حول إجراء مفاوضات بين إيران والولايات المتحدة.
أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في اجتماع مجلس الوزراء أن رد طهران على رسالة ترامب تم نقله إلى الجانب الأمريكي عبر سلطنة عمان وأوضح أنه في هذا الرد، ورغم رفض المفاوضات المباشرة، إلا أن الطريق إلى المحادثات غير المباشرة لا يزال مفتوحا.

لقد أظهرت إيران دائما أنها لا تتراجع عن مبدأ التفاوض، لكنها في الوقت نفسه تشكك في حسن نية أمريكا، وبحسب بزشكيان فإن سبب هذا التشاؤم هو تراجع واشنطن المتكرر عن الاتفاقيات الدولية والضغوط الاقتصادية الأحادية الجانب التي مورست على إيران حتى الآن.
طريق الدبلوماسية
في أحدث ردود الفعل على تبادل الرسائل بين طهران وواشنطن، كتبت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني على منصة “إكس” في 30 مارس/ آذار 2025: “تم إعداد وتسليم رد إيران على الرسالة المرسلة وفي هذا الصدد، وُضع مسار المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة على جدول الأعمال، والعملية الدبلوماسية مستمرة”.
ويأتي هذا الرد في أعقاب رد إيران على رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المرسلة عبر سلطنة عمان، وكان عباس عراقجي قد صرح في كلمة له في وقت سابق أن الرسالة الأمريكية تحتوي على تهديد وفي الوقت نفسه اقتراح للدبلوماسية وأكدت إيران أيضا على ضرورة الالتزام بالاتفاق النووي ورفضت أي تدخل في علاقاتها الإقليمية.

في المقابل، حذر ترامب من أن طهران ستواجه ظروفا صعبة إذا فشلت المفاوضات، لكن المسؤولين الإيرانيين يصرون على أن الطريق إلى الدبلوماسية مفتوح، ولكن ليس تحت الضغوط أو التهديدات.
لا للمفاوضات المباشرة
فيما أكد وزير الخارجية عباس عراقجي على ما قاله بزشكيان من أن “نافذة الدبلوماسية مفتوحة دائما، لكننا لن ندخل في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة تحت الضغط والتهديدات”.
وأضاف عراقجي: “مع السياسات والاتهامات التي تطلق كل يوم، لن ندخل في أي مفاوضات مباشرة، رغم أن الطريق مفتوح للمفاوضات غير المباشرة، ولدينا إمكانية القيام بذلك عبر قنوات مختلفة ولن نفوت أي فرصة لتحقيق المصالح الوطنية”.

جاء ذلك ردا على سؤال من مراسل الإذاعة الإيرانية حول سبب كون المفاوضات مع الولايات المتحدة غير مباشرة وليست مباشرة، فقال عراقجي: “بسبب التهديدات التي يتم إطلاقها، والتي هي في الواقع رد على الترهيب الأمريكي، فإننا لا نتفاوض من موقف الترهيب، وكنا دائما على استعداد للتفاوض من موقف متساو”.
بعد إرسال رسالته في احتفالات عيد النيروز، عرض وزير الخارجية الإيراني، وقال: “إن طهران تعتبر الدبلوماسية بديلا أكثر ملاءمة للسياسات الأحادية الجانب والضغوط غير العادلة والعقوبات القاسية والتهديدات والترهيب، وكانت دائما مستعدة للحوار والمفاوضات، ولكن المفاوضات التي تجرى من موقف متساو، والتي تخدم مصالح الشعب الإيراني”.
محتوى رسالة ترامب
سلم مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف الرسالة إلى رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي، وقام مسؤول إماراتي بتسليمها إلى الإيرانيين.

وفي بودكاست مع الصحفي “تاكر كارلسون” قدّم ويتكوف لمحة عن محتوى الرسالة، التي جاءت على هذا النحو: “أنا رئيس محب للسلام، والسلام هو ما أريده، لا داعي لحل هذه المشكلة عسكريا، نحن بحاجة إلى الحوار، وتوضيح سوء الفهم، ووضع برنامج تحقق حتى لا يقلق أحد من تحول المواد النووية الإيرانية إلى مواد صالحة للاستخدام في صنع الأسلحة، أريد الوصول إلى هذه النقطة، لأن البديل ليس مرغوبًا فيه”.
تحول مفاجئ
قد يكون هذا التحول في اللهجة والتركيز مؤشرا على رغبة واشنطن في تبني استراتيجية أكثر واقعية تجاه إيران نهج لم يعد، على النقيض من الماضي، يصر على انسحاب إيران الكامل من الساحات الإقليمية أو نزع سلاحها العسكري؛ وهي المطالب التي كانت تعتبر دائما خطوطا حمراء لا يمكن لطهران تجاوزها.

والآن يبدو أن إدارة ترامب، في إعادة ترتيب أولوياتها، ركزت على القضية النووية الإيرانية، وإذا استمر هذا التغير في المنظور ولم يكن مجرد تكتيك مؤقت، فربما تنفتح أبواب مسار جديد بين طهران وواشنطن.
وبعد إرسال الرد على الرسالة الأمريكية عبر سلطنة عمان، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي: “سياستنا لا تزال تتمثل في عدم التفاوض بشكل مباشر في ظل ظروف الضغوط القصوى والتهديدات العسكرية، ولكن المفاوضات غير المباشرة، كما كانت موجودة في الماضي، يمكن أن تستمر”.
رسائل أمريكا متناقضة

وقد أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إلى هذا النهج المزدوج، وقال بأن أمام أمريكا طريقا طويلا لإظهار صدقها.
وأضاف: “الحقيقة هي أن الرسائل الواردة من الولايات المتحدة هي رسائل متناقضة للغاية؛ وهذا يعني أنه في الوقت الذي تعرب فيه أمريكا عن استعدادها للتفاوض والحوار، يتم فرض عقوبات واسعة النطاق على مختلف قطاعاتنا التجارية والإنتاجية”.
وقد تكرر هذا الموقف من قبل خلال مسيرة يوم القدس، حيث رفض عراقجي المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة، وأكد أننا لن نتفاوض تحت أي ضغط أو تهديد، وأن أي شخص يتحدث إلى الشعب الإيراني بلغة التهديد سنرد عليه بنفس اللغة.
وساطة موسكو

على الجانب الآخر أعلنت روسيا استعدادها لإقامة حوار بناء “تفاوض غير مباشر” بين إيران والولايات المتحدة بشأن برنامج إيران النووي، وفقا لوكالة تسنيم للأنباء، نقلا عن وكالة “سبوتنيك” الروسية.
أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف في مقابلة مع مجلة الشؤون الدولية، أن “موسكو مستعدة لمساعدة الولايات المتحدة وإيران في إقامة حوار بناء بشأن البرنامج النووي الإيراني، لأن عواقب أي هجوم أمريكي على البنية التحتية النووية الإيرانية قد تكون كارثية على المنطقة بأكملها”.
ترامب يدرس بجدية عرض إيران
وعلى صعيد آخر ووفقا لوكالة تسنيم للأنباء أن مسؤولين أمريكيين قالا لوكالة أكسيوس إن البيت الأبيض يدرس بجدية اقتراح إيران بإجراء محادثات نووية غير مباشرة، وقال مسؤول أمريكي إن إدارة ترامب تعتقد أن المفاوضات المباشرة لديها فرصة أفضل للنجاح، لكنها لم ترفض عرض إيران، ولا تعترض على دور الوساطة الذي لعبته سلطنة عمان في الماضي.

وأفادت وكالة “أكسيوس” أيضا بوجود خلافات داخلية في البيت الأبيض بشأن المفاوضات مع إيران، وكتب أن هناك مجموعة في إدارة ترامب تعتقد أن الاتفاق مع إيران ممكن، في حين تعتبر مجموعة أخرى المفاوضات مضيعة للوقت.
وأضاف المسؤولان الأمريكيان لوكالة الأنباء الأمريكية إنه لم يتم اتخاذ أي قرار حتى الآن، وأن المشاورات لا تزال مستمرة.
- تصريح لأحد المسؤولين الأمريكيين: “بعد تبادل الرسائل، نحن ندرس الخطوات التالية لبدء المحادثات وبناء الثقة مع الإيرانيين”