- يسرا شمندي
- 44 Views
نشر موقع خبر أونلاين المعتدل، الخميس 15 مايو/أيار 2025، تقريرا ذكر فيه أن خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأحد 11 مايو/أيار 2025، في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وقادة الخليج، شكَّل نقطة تحول في السياسة الخارجية خلال ولايته الرئاسية الثانية.
وأضاف الموقع أنه خُصِّص جزء كبير من هذا الخطاب، الذي نُقل مباشرة عبر شبكات “سي إن إن”، و”العربية”، و”فوكس نيوز”، لإيران، حيث تضمن مزيجا من الانتقادات الحادة، والدعوة إلى التفاوض، والتهديد بمزيد من الضغوط القصوى.
وتابع أنه في ظل انعقاد الجولة الرابعة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في مسقط، فإن لهذا الخطاب آثارا مباشرة وغير مباشرة على مسار هذه المحادثات، ويمكن دراسة تأثير خطاب ترامب، قبيل الجولة الخامسة من المفاوضات الإيرانية الأمريكية في مسقط، من خلال ثلاثة محاور رئيسية: لهجته التهديدية، وعرضه للتفاوض، وإشارته إلى تغيير اسم الخليج الفارسي.
وأفاد بأن ترامب في خطابه وصف إيران بأنها القوة الأكثر تدميرا في الشرق الأوسط، وهدد بأنه في حال رفض طهران عرض التفاوض، فسيفرض ضغطا أقصى هائلا، بما في ذلك، تصفير صادرات النفط الإيرانية. وهذا الخطاب التهديدي، الذي قوبل بتصفيق الحاضرين، من شأنه أن يؤثر على أجواء المفاوضات.
وفي هذا السياق، يؤكد المراقبون السياسيون أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، حذّر في ردّه على خطوات أوروبا وتهديد الترويكا الأوروبية بتفعيل آلية الزناد، من أن أي استغلال لهذه الآلية سيؤدي إلى تصعيد توترات لا رجعة فيها. وهذا الرد يُظهر أن تهديدات ترامب قد أضعفت ثقة إيران في مسار المفاوضات.
وأشار الموقع إلى أن صحيفة نيويورك تايمز أكدت أن تهديدات ترامب الحادة في الرياض جعلت المفاوضين الإيرانيين يتخذون موقفا دفاعيا، وقد تدفعهم إلى مزيد من التشدد في المفاوضات. وهذا التحليل يُظهر أن الخطاب التهديدي، ولا سيما أمام القادة العرب، اعتُبر محاولة لكسب الدعم الإقليمي ضد إيران، مما أضرّ بأجواء بناء الثقة.
وذكر أن ترامب قدّم في جزء آخر من خطابه عرضا للتفاوض بلغة دبلوماسية، قائلا: لم آتِ اليوم لإدانة قادة إيران، بل لأقترح مسارا جديدا. وأشار إلى المفاوضات التي أجراها المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف في مسقط، مضيفا أنه في حال قبول طهران بالتفاوض، يمكن تقليص العقوبات.
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن عرض التفاوض يُعد محاولة للحفاظ على القناة الدبلوماسية مع إيران، لكن الشروط الصارمة، مثل التفكيك الكامل للبرنامج النووي، تقلل من فرص قبوله. ويُظهر هذا التحليل أن عرض التفاوض، رغم إيجابيته الظاهرية، له تأثير محدود على تقدم المفاوضات بسبب الشروط غير الواقعية.
وأفاد الموقع بأن شبكة “سي إن إن”، أشارت إلى أن هذا العرض صُمم أساسا لكسب دعم الدول العربية، وإظهار المرونة لأوروبا، أكثر من كونه موجها مباشرة نحو إيران.
وأوضح أن ترامب أشار في خطابه، إلى تسمية الخليج، مستخدما تعبير الخليج العربي بدلا من الخليج الفارسي، حيث قال: “لقد أرادوا تسميته خليج إيران، لكننا لن نسمح بذلك”. هذه التصريحات أثارت ردود فعل غاضبة في إيران، حيث وصفها عراقجي بأنها عدائية، فيما أطلق الرأي العام حملات قومية على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأورد الموقع أنه في مثل هذا المناخ، أصبح هذا الموضوع عاملا حساسا بالنسبة للرأي العام الإيراني تجاه المفاوضات، إلى حد أن شبكة فوكس نيوز ذكرت: الإشارة إلى تسمية الخليج، التي تُعد قضية هوية بالنسبة للإيرانيين، دفعت بالمفاوضات إلى الهامش وأثارت موجة من الغضب الشعبي.
وأضاف أن هذا التحليل يُظهر أن هذه التصريحات، زادت الضغط الداخلي على المفاوضين الإيرانيين وقلّصت من احتمالية مرونتهم في المحادثات، من خلال تحفيز المشاعر القومية.
الآثار غير المباشرة للخطاب على المفاوضات
١. تعزيز التحالف العربي-الأمريكي والضغط على إيران
أشاد ترامب في خطابه، بالعقود التي بلغت قيمتها 600 مليار دولار مع السعودية، منها عقد تسليحي بقيمة 142 مليار دولار، وقال: الولايات المتحدة ليس لديها حليف أقوى من السعودية. ويرى المراقبون السياسيون أن هذه العقود تشكل جزءا من استراتيجية تعزيز التحالف ضد إيران.
وأشارت صحيفة بوليتيكو في تحليلها، إلى أن خطاب الرياض كان محاولة لتشكيل جبهة عربية-أمريكية ضد إيران، مما قد يضغط على إيران خلال المفاوضات. ويُظهر هذا التحليل أن تعزيز العلاقات مع السعودية يضع إيران بشكل غير مباشر في موقف دبلوماسي أضعف، لأن دول الخليج قد تدعم عقوبات جديدة ضدها.
٢. الضغط على الحلفاء الأوروبيين وتعقيد المفاوضات
أشار ترامب في خطابه، بشكل غير مباشر إلى أوروبا، بقوله: “إن بعض الدول تعتقد أنها تستطيع إدارة المنطقة بدوننا، لكنها مخطئة”. وقد فُهمت هذه التصريحات على أنها انتقاد لدور أوروبا في الاتفاق النووي، مما زاد من الضغط على بريطانيا وفرنسا وألمانيا. وفي الوقت نفسه، حذّر عراقجي من آلية السناب باك واعتبرها نهاية دور أوروبا في الاتفاق.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن تصريحات ترامب وضعت أوروبا في موقف صعب، إذ عليها أن تختار بين دعم المفاوضات أو الانصياع لضغط الولايات المتحدة لفرض عقوبات جديدة. ويُظهر هذا التحليل أن الخطاب قلل من التنسيق الدولي في المفاوضات ودفع إيران إلى اتخاذ موقف أكثر تشددا. وأشارت شبكة سي إن إن إلى أن هذا الضغط قد يدفع المفاوضات نحو طريق مسدود.
٣. التأثير على الأسواق العالمية للطاقة واقتصاد إيران
وهدد ترامب بتصفير صادرات النفط الإيراني، مما أثار مخاوف بشأن أسواق الطاقة العالمية. وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال بعد دقائق من الخطاب بأن سعر خام برنت ارتفع بنسبة 2%، إذ يخشى السوق من تشديد العقوبات. وهذا الأمر يضع اقتصاد إيران، الذي يعتمد بشكل كبير على صادرات النفط، تحت ضغط شديد.
ويقول خبراء العلاقات الدولية إن التهديد بفرض عقوبات نفطية يجعل اقتصاد إيران أكثر هشاشة في المفاوضات، لكنه في الوقت نفسه يقلل من الدعم الدولي للعقوبات بسبب خطر ارتفاع أسعار الطاقة. ويُظهر هذا التحليل أن هذا التهديد يحفز إيران بشكل غير مباشر على التفاوض، لكن رد فعل الصين والهند، باعتبارهما من كبار مشتري النفط الإيراني، قد يخفف من هذا الضغط.
العواقب الإيجابية لخطاب ترامب على المفاوضات
ذكر الموقع أنه على الرغم من اللهجة الحادة، كان لخطاب ترامب آثار إيجابية على المفاوضات، ترتبط بشكل رئيسي بعرض التفاوض ودعم الدبلوماسية. فقد كان عرض التفاوض والإشارة إلى مفاوضات مسقط دليلا على رغبة ترامب في الحفاظ على القناة الدبلوماسية. وأشارت شبكة سي إن إن في تقريرها إلى أن ترامب بطرح عرض التفاوض أبقى أبواب الدبلوماسية مفتوحة، مما قد يمنع التصعيد العسكري.
وأضاف الموقع أن هذا الأثر الإيجابي، لا سيما مع رضا الطرفين النسبي عن الجولة الرابعة من المفاوضات في مسقط، حافظ على الأمل في إحراز تقدم.
ووفقا لذلك رأى المحللون الغربيون أن التهديد بـالضغط الأقصى وضع إيران تحت ضغط أكبر لتكثيف جهودها في متابعة المفاوضات بجدية أكبر.
وكتبت صحيفة بوليتيكو: «تهديدات ترامب قد تدفع إيران إلى قبول قيود نووية مقابل تخفيف العقوبات». هذا التأثير يصبح أكثر أهمية خصوصا مع تصريحات بدر البوسعيدي، وزير خارجية عمان، الذي أعلن عن «تسارع» المفاوضات. وتكتسب هذه النقطة أهمية خاصة لأن الحل الدبلوماسي متاح لترامب فقط لفترة محدودة.
وأقرَّ ترامب بفضل السعودية وأشار إلى دور بن سلمان في رفع العقوبات عن سوريا، مما أكسب الدعم العربي للدبلوماسية. ويرى الخبراء أن دعم السعودية للمفاوضات قد يوازن الضغط على إيران ويعزز الأجواء الدبلوماسية. وهذا الأثر الإيجابي يكتسب أهمية خاصة في ظل طلب بن سلمان منع الهجوم الإسرائيلي على إيران.
العواقب السلبية لخطاب ترامب على المفاوضات
يقول المراقبون السياسيون إن اللهجة الحادة والإشارة إلى تسمية الخليج زادتا من التوترات السياسية. والشروط الصارمة، مثل التفكيك الكامل للبرنامج النووي، والتهديد بفرض عقوبات جديدة، قلّلت من ثقة إيران في المفاوضات. وأفادت صحيفة نيويورك تايمز بأن الشروط غير الواقعية التي طرحها ترامب عرضت المفاوضات لخطر الفشل، لأن إيران تعتبرها غير مقبولة.
وأكَّد الموقع أن هذا الأثر السلبي، مع تحذير عراقجي بشأن آلية السناب باك، جعل المفاوضات أكثر هشاشة.
وتابع أن الانتقاد غير المباشر لأوروبا، وتعزيز العلاقات مع السعودية أديا إلى تعقيد التنسيق الدولي. وكتبت صحيفة واشنطن بوست في تحليلها: خطاب الرياض عمّق الانقسام بين الولايات المتحدة وأوروبا، مما قد يضعف الدعم الدولي للمفاوضات. وهذا الأثر، بالنظر إلى الدور الأساسي لأوروبا في الاتفاق النووي، زاد من تعقيد المفاوضات.
خطاب ترامب في السعودية لم يحمل أفكارا جديدة
أفاد الموقع بأن خطاب ترامب في الرياض كان ظاهريا، مزيجا من سياسات فترته الأولى (الضغط الأقصى)، ونهجه الجديد (عرض التفاوض)، لكنه لم يحمل أفكارا جديدة في مضمونه. فقد كانت الانتقادات تجاه السياسات الإقليمية لإيران، والتهديد بفرض عقوبات نفطية ما هي إلا تكرارا لمواقفه السابقة التي أدت في عام 2018 إلى الانسحاب من الاتفاق النووي.
وأضاف أن عرض التفاوض، بشروط غير واقعية مثل التفكيك الكامل للبرنامج النووي، كان مشابها لتصريحاته في عام 2017 التي طالب فيها باتفاق أشمل من الاتفاق النووي. أما الإشارة إلى تسمية الخليج، ورغم كونها مثيرة للجدل، فقد تم طرحها سابقا في 7 مايو/أيار 2025 ولم تكن جديدة.
وأوضح أن خطاب ترامب تضمن جوانب جديدة. إذ ألقاه بحضور قادة عرب وقُبيل الجولة الخامسة من المفاوضات، في محاولة لتعزيز التحالف الإقليمي ضد إيران، وإظهار مرونة دبلوماسية تجاه أوروبا. وكتبت صحيفة بوليتيكو في 13 مايو/أيار 2025: “ترامب قدّم السياسات القديمة نفسها في قالب جديد، لكن السياق الإقليمي والدبلوماسي يميّزه.”
وفي الختام، أقر الموقع أنه على الرغم من غياب التجديد في مضمون خطاب ترامب، فإن استراتيجيته وتوقيته أحدثا تأثيرات جديدة على مسار المفاوضات.