اقتصاد إيران تحت ضغط الحرب.. تضخم متصاعد، نقص في الدواء، وأمل في الاقتصاد المقاوم

نشرت الصحيفة الإيرانية “آرمان امروز“، في عددها الصادر يوم الجمعة 20 يونيو/حزيران 2025، تقريرا تحليليا موسعا رصدت فيه التداعيات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة للهجوم الإسرائيلي على إيران، ولفت التقرير إلى أن تأثيرات النزاع لم تقتصر على الجبهة العسكرية، بل امتدت لتُصيب عمق الاقتصاد الإيراني.

ذكرت الصحيفة الإيرانية “آرمان امروز”، أنه في اليوم الثامن من الهجوم الإسرائيلي على إيران تُعدّ الأوضاع الاقتصادية الداخلية وأثر الحرب عليها من أبرز القضايا المطروحة، كما يحظى تأثير النزاع الإقليمي على الاقتصاد العالمي باهتمام واسع.

وأضافت أنه يبدو أن الاقتصاد الإيراني، في ظل هذه الظروف، بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تطبيق نهج “الاقتصاد المقاوم”، والاستفادة من الحلول التي يقترحها الخبراء الاقتصاديون في هذا السياق.

ارتفاع أسعار النفط:
وذكرت الصحيفة أنه في اليوم السادس من الحرب، بلغ سعر خام برنت نحو 76.71 دولار، كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط إلى 75.19 دولار، وذلك نتيجة المخاوف من اضطراب محتمل في مضيق هرمز.

وتابعت أنه في الأيام الأولى، شهدت أسعار خام برنت تقلبات ملحوظة بنسبة تجاوزت +7%.
وأوضحت الصحيفة أن محللي بورصة “فايننشيال تايمز” يرون أن سوق النفط لم تُظهر حتى الآن رد فعل عنيفا، ويُعزى ذلك إلى استمرار الإنتاج الأمريكي وتواصل صادرات النفط الإيرانية.

وحذّرت الصحيفة من أنه في حال استهداف البنى التحتية التصديرية الإيرانية أو إغلاق مضيق هرمز، فقد ترتفع أسعار النفط بنسبة تتراوح بين 10 إلى 13 بالمئة، مما سيتسبب في صدمة تضخمية عالمية وضغط مضاعف على الاقتصاد الإيراني.

2. تأثير الحرب على القدرة الشرائية 

كتبت الصحيفة الإيرانية “آرمان امروز” أن معدل التضخم في السلع الأساسية بلغ حتى أبريل 2025 نحو 42%، وقد تم تسجيل زيادات في الأسعار تتراوح بين 30 إلى 70% في بعض المواد مثل الزيت، والأرز، والبطاطا.

وأضافت أن اندلاع الحرب سيؤدي إلى تفاقم معدلات التضخم، لا سيما في مجالات الوقود ومصادر الطاقة.

وأوضحت أن حالة “الركود التضخمي” (Stagflation) باتت محتملة، إذ أظهر تحليل أجراه مكتب NABE في الولايات المتحدة أن كل زيادة قدرها 10 دولارات في سعر النفط تؤدي إلى ارتفاع التضخم بنسبة 0.4%، كما تؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي بمقدار 0.4 نقطة مئوية.

وتابعت الصحيفة أن إيران، بسبب هشاشة اقتصادها، معرضة بشكل أكبر لخطر التضخم المرتفع المقترن بانخفاض الإنتاج.

وذكرت أيضا أن الريال الإيراني فقد أكثر من 50% من قيمته خلال الأشهر الستة الماضية، وهو ما أدى إلى زيادة في كلفة الواردات وتفاقم الضغوط التضخمية.

3. الوقود والطاقة

أشارت الصحيفة الإيرانية “آرمان امروز” إلى أن استهلاك البنزين اليومي شهد ارتفاعا بنسبة تتراوح بين 7 و8% في الفترة من ديسمبر/كانون الأول 2024 حتى يونيو/حزيران 2025، في حين بلغ العجز في الإنتاج ما بين 15 إلى 20 مليون لتر يوميا.

وأضافت أن الهجمات التي استهدفت البنى التحتية للطاقة في 12 يونيو/حزيران أدّت إلى ظهور طوابير طويلة ونقص واسع في البنزين.

وتابعت أن هذه الأزمة أصبحت أكثر وضوحا خلال أيام الذروة في الاستهلاك، مثل أيام العطل، حيث ظهرت بجلاء نقاط الضعف في التخزين وتوزيع الوقود.

4. الواردات/الصادرات

كتبت الصحيفة الإيرانية “آرمان امروز” أن الانفجار الذي أصاب ميناء “رجائي” – والذي يُعدّ القلب التجاري لإيران – أدى إلى اضطراب كبير أثّر على ما نسبته 85 إلى 90% من حجم الحاويات في البلاد، كما ألحق أضرارا بعملية استيراد السلع الأساسية وبعوائد البلاد من العملة الصعبة.

وأضافت أن هناك مخاوف من أن تؤدي العقوبات أو الهجمات على مضيق هرمز إلى ارتفاع تكاليف التأمين على الشحن البحري، وزيادة احتمال لجوء السفن إلى طرق بديلة باهظة الثمن.

وتابعت أن أزمة العملة الأجنبية والعقوبات قد تسببت في نقص حاد في الأدوية، ومن المرجح أن تؤدي الحرب إلى مزيد من القيود على الواردات، وقد تم حتى الآن تسجيل ارتفاعات في أسعار غالبية الأدوية تراوحت بين 100 و700%.

5. تداعيات اقتصادية واجتماعية

ذكرت الصحيفة الإيرانية “آرمان امروز” أن البلاد تشهد أزمة في قطاع التأمين ومستوى المعيشة، حيث يبلغ متوسط راتب العامل الذي يعيل أسرة مكوّنة من ثلاثة أفراد نحو 120 دولارا شهريا، بينما تبلغ كلفة سلة المعيشة الأساسية نحو 400 دولار أو أكثر.

وأضافت أن البطالة واسعة النطاق، حيث إن نحو 50٪ من الرجال بين سن 25 إلى 40 إما عاطلون عن العمل وإما انسحبوا من سوق العمل.

وأشارت إلى أن النظام العلاجي يعاني من أزمة متفاقمة، كما أن النقص في الأدوية يزيد من الضغط على الصحة العامة.

6. الحلول المطروحة 

تعزيز “الاقتصاد المقاوم”

كتبت الصحيفة الإيرانية “آرمان امروز” أنه على الحكومة أن توسّع قدرات الإنتاج المحلي في السلع الاستراتيجية مثل الوقود، والأدوية، والمواد الغذائية، وتعمل على تقليص الواردات بهدف تقليل الاعتماد على العملة الأجنبية.

التخزين الاستباقي

وأضافت الصحيفة أن إنشاء احتياطات طارئة من الوقود والمواد الغذائية، والبدء في توزيعها بشكل موجّه على المحافظات والموانئ الرئيسية، يُعدّ جزءا مهما من إدارة الأزمة لتجنّب حدوث نقص حاد.

 توفير العملة الصعبة

وتابعت الصحيفة أن توسيع نطاق الصادرات غير النفطية- خاصة في مجالات البتروكيماويات، والطاقة الكهربائية، والتكنولوجيا القائمة على المعرفة، والصناعات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة- يمكن أن يساهم في استقرار سعر الصرف وتعزيز الإيرادات من العملة الصعبة.

تثبيت سعر الصرف

وختمت الصحيفة بأن على الحكومة إدارة سعر الصرف من خلال ضخ الموارد في نظام “نيما”، وتنسيق السوق الحر والرسمية، كما أن زيادة الدعم النقدي المباشر للفئات ذات الدخل المحدود ضروري لتعويض تآكل قدرتهم الشرائية.

ضمان الوصول إلى الدواء

كتبت الصحيفة الإيرانية “آرمان امروز” أن التعامل الفعّال مع المنظمات الدولية من أجل الإفراج عن الأدوية المرخّصة، ورفع القيود التي يفرضها البنك المركزي، ودعم الشركات المحلية المنتجة للأدوية، تُعدّ أفضل السبل لاحتواء أزمة الدواء.

دعم قطاع النقل والموانئ

وأضافت الصحيفة أن تسريع عملية إعادة تأهيل ميناء “رجائي”، وتعزيز الرقابة، وإغلاق قنوات التجارة غير الرسمية في سلسلة توريد السلع الأساسية، تُعدّ خطوات مهمة، كما أن خفض تكاليف التأمين على الشحن عبر التفاوض مع الشركات الدولية يُعدّ إجراء فعّالا.

8. الخلاصة

ذكرت الصحيفة الإيرانية “آرمان امروز” أن الحرب بين إيران وإسرائيل فرضت ضغوطا كبيرة على الاقتصاد الإيراني، من خلال ارتفاع أسعار النفط والطاقة، وضعف قيمة الريال، وتفاقم تضخم المواد الغذائية والأدوية، وأزمة البنزين، والاضطرابات في التجارة الخارجية.

وتابعت الصحيفة أن هذه الأزمة قد تؤدي إلى تفاقم مستويات الفقر والبطالة، إلا أن تطبيق سياسات الاقتصاد المقاوم، والتخزين الذكي، وإجراءات تثبيت العملة، وضمان توفير الوقود والدواء للفئات الفقيرة، يمكن أن يتيح فرصة لتجاوز هذه المرحلة العصيبة.

وختمت الصحيفة بأن تقليص حجم الأضرار الممكنة يعتمد على استغلال قدرات التصدير غير النفطي، وإعادة تأهيل الموانئ وسلاسل الإمداد.

كما أكدت أنه على الحكومة، من أجل إدارة المخاطر، أن تفهم هيكل الأزمة، وتُعدّ سيناريوهات مستقبلية، وتضع استراتيجية تنفيذية تغطي فترة تتراوح بين شهرين إلى ستة أشهر، بهدف تجنّب مزيد من الصدمات الاقتصادية.