- شروق حسن
- 32 Views
ترجمة: شروق حسن
نشرت وكالة “خبر أونلاين” الإيرانية المعتدلة، يوم الأحد 1 يونيو/حزيران 2025، تقريرا تفصيليا يرصد أداء علي رضا زاكاني بعد قرابة أربع سنوات من تولّيه رئاسة بلدية طهران، متتبعة المسافة بين وعوده الطموحة وإنجازاته الفعلية.
وذكرت أن زاكاني قد قدّم، عند ترشّحه لهذا المنصب، برنامجا تحت عنوان «طهران، الحاضرة النموذج في العالم الإسلامي» أمام البرلمان؛ برنامجٌ كان من المفترض أن يحوّل طهران، عبر مقاربة ثورية، وإدارة نزيهة، ونظرةٍ مستقبلية، إلى مدينة فعّالة، قابلة للحياة، وتليق بمكانة إيران في العالم الإسلامي.
وتابعت أن زاكاني، في قسم النقل والمرور من كُتيّب برامجه، وجّه معظم انتقاداته إلى تهالك أسطول النقل العام، والاضطراب في شبكة الطرق، ونقص البُنى التحتية للنقل النظيف.
وأعلن أنّ طهران بحاجة إلى «تحوّل بنيوي» في إدارة المرور، مؤكدا أنّ الخروج من أزمة الازدحام وتلوث الهواء لا يكون إلا من خلال تطوير وسائل النقل العام، والتحوّل الذكي الكامل في شبكة المدينة، وإعادة تنظيم السياسات المرورية.
وأضافت أن زاكاني شدّد على ضرورة الإسراع في استكمال خطوط المترو ذات الأولوية، وربط المدن التابعة مثل برديس، برند، و هشتجرد بالعاصمة عبر سكك الحديد، وتجديد أسطول الحافلات وسيارات الأجرة بالاعتماد على المركبات النظيفة.
كما وعد بأنّه من خلال إنشاء محطات شحن للسيارات الكهربائية، وتوسيع مسارات الدراجات الهوائية، وتحديث أنظمة التحكم المروري لتكون ذكية، سيُخرج طهران من تبعيتها للسيارات الخاصة ويضعها على مسار المدن الذكية في العالم.
كتبت الوكالة الإيرانية “خبر أونلاين” أن استطلاعا للرأي أجرته بلدية طهران في شتاء عام 2021 أظهر ملامح التصوّر الحالي لسكان العاصمة عن مدينتهم.
وتضمّن هذا الاستطلاع، الذي جرى في مناطق مختلفة من المدينة، عدة أسئلة محورية حول أولويات ومطالب المواطنين.
وأضافت أن السؤال الأول في الاستطلاع كان: «ما هي أهم مشكلتكم (كمواطنين)؟»، فجاءت الإجابات على النحو الآتي:
- التلوث الهوائي (بمعدل 47% من المشاركين).
- الأضرار الاجتماعية (بنسبة 32% من المشاركين).
وأشارت إلى أن المواطنين طُلب منهم تحديد «خمسة إجراءات ضرورية يجب القيام بها في المدينة إذا أصبحوا هم رؤساء البلدية». فكانت الإجابات البارزة كما يلي:
- الإدارة القوية ومكافحة الفساد (45%).
- التحكّم في أسعار المساكن والإيجارات (41%).
- توسعة شبكة المترو (40%).
- تحسين جودة الطرق والمواصلات في المدينة (33%).
- تنظيم مشكلات الباعة المتجولين (32%).
وتابعت أن سؤالا آخر وُجّه إلى المواطنين هو: «ما الذي سيجعل طهران مدينة صالحة للعيش؟»، فبرزت إجابة: «حل مشكلة التلوث، ومعالجة فقر الأحياء الفقيرة» بوصفها المطلب الأهم.
كما أضافت أن من بين تطلعات السكان لتحسين مستوى الراحة اليومية، برز مطلب «تحول طهران إلى مدينة ذكية وتقديم خدمات ذكية» بنسبة 70٪ من المشاركين في الاستطلاع.
وعود علي رضا زاكاني
كتبت الوكالة الإيرانية “خبر أونلاين” أن علي رضا زاكاني قدّم سلسلة من الوعود تبدأ من مكافحة تلوّث الهواء وتنتهي بالقضاء على الفساد الإداري داخل بلدية طهران.
ومن وجهة نظره، لم يعد تلوث الهواء مجرد معضلة بيئية، بل بات تهديدا مباشرا لصحة المواطنين وأملهم في الحياة، ولهذا، تعهّد بخفض إنتاج الملوّثات من خلال إصلاح نظام الرسوم السنوية على السيارات، وفرض قيود ذكية على حركة المركبات الملوّثة، والتعاون مع القطاع الخاص لإنشاء مواقف سيارات حديثة وقياسية، ضمن إطار مشروعه لـ«طهران تتنفس».
وأضافت أن زاكاني وصف بلدية طهران بأنها جهاز مترهّل، ثقيل، غير فعّال، ومبتلى بالفساد الإداري، معلنا عزمه على إدخال إصلاحات جذرية.
وتحدّث بصراحة عن وجود المحسوبيات، وانعدام الشفافية، والاختلالات البنيوية، وانعدام الثقة العامة، مؤكدا أنّ بلدية المستقبل يجب أن تقوم على مبدأ الجدارة، والمساءلة، ومشاركة المواطنين.
واعتبر «التحوّل الذكي في العمليات البلدية» العمود الفقري لهذا التغيير، بحيث تُقدَّم جميع الخدمات، من إصدار رخص البناء إلى دفع الرسوم، عبر منصات رقمية ودون الحاجة إلى مراجعة حضورية.
وتابعت أن مكافحة الفساد كانت من المحاور البارزة في برنامج زاكاني، حيث وعد بتنفيذ قانون تعارض المصالح، وإلغاء التواقيع الذهبية، ونشر تقارير أداء المديرين البلديين بشكل فصلي، وتأسيس ديوان محاسبة خاص بالبلدية، بهدف ضرب أسس الفساد في طهران.
كما اقترح إنشاء منظومة وطنية لتسجيل ومراقبة ممتلكات مدراء البلدية، لترسيخ الشفافية المالية في هيكل الإدارة الحضرية.
وأشارت إلى أن زاكاني اعتبر أن النجاح في إدارة طهران لا يمكن تحقيقه من دون إعادة بناء رأس المال الاجتماعي.
ولهذا شدّد على أهمية مشاركة المواطنين في صنع القرار المحلي، وتطبيق مبدأ الميزانية التشاركية، وتشكيل مجالس الأحياء، مؤكدا أن هذه الآليات، رغم أنها ليست جديدة، إلا أنها ستتحول – بحسب ما صرّح به – بفضل الأدوات الرقمية الحديثة، من مجرد شعارات رمزية إلى آليات حقيقية لكسب ثقة المواطنين.
فشل الوعود
كتبت الوكالة الإيرانية “خبر أونلاين” أن وعود عليرضا زاكاني قد باءت بالفشل، ففي برنامجه الانتخابي لعام 2021، لم يقدّم طهران مجرد مدينة، بل نموذجا لحضارة إسلامية-إيرانية، وكان يفترض بها أن تصبح على المستوى العالمي رمزا للنظام، والنظافة، والعدالة، والمشاركة الاجتماعية.
وبعد مرور أربع سنوات على تلك الوعود، بات من الممكن اليوم إجراء تقييم مقارن لمدى تحقق تلك الأهداف، والطريق الذي سلكته العاصمة الإيرانية خلال هذه الفترة.
وأضافت أن نرجس سليماني، عضو مجلس مدينة طهران، انتقدت أداء زاكاني خلال جلسة تنبيه في الأسبوع الماضي، وقالت: «هو الذي غالبا ما يعزو نجاحاته إلى عجز الآخرين وانعدام فكرهم وغيرتهم، كيف ينوي في المستقبل أن يشرح سجله العملي ويقوم بنقد ذاتي جاد له؟»
وتابعت أن سليماني أشارت إلى البرامج التي قدّمها زاكاني عند ترشّحه لمنصب رئيس بلدية طهران، وقالت صراحة: «عليرضا زاكاني فشل في وعوده.»
وأوضحت أن نرجس سليماني انتقدت بشدة أداءه في مجال النقل العام، مشيرة إلى أنه، رغم توفّر ميزانية مناسبة، لم يتحقق أي تقدّم يُذكر، إذ لم يتجاوز عدد حافلات النقل العام وسيارات الأجرة ما كان عليه في عام 2017.
وفي ما يتعلّق بتلوّث الهواء، فقد صُنّف خريف وشتاء عام 2024 ضمن أكثر الفصول تلوّثا في تاريخ العاصمة.
كما أشارت إلى أن زاكاني يتحدث عن التحوّل الذكي، في حين تعاني المنظمة من فوضى إدارية عارمة، وحتى في مجالات مثل المترو، التي تمتلك قابلية عالية لاستخدام التكنولوجيا، لم تُنفّذ التحديثات في وقتها، وسُجّلت أخطاء متعددة في نظام الإشارات.
قطاع النقل

كتبت الوكالة الإيرانية “خبر أونلاين”، أن جعفر تشكري هاشمي، رئيس لجنة الإعمار والنقل في مجلس بلدية طهران، علّق على مدى تحقق وعود عليرضا زاكاني في مجال النقل والمرور، قائلا: «استنادا إلى التقرير الذي قدمته البلدية نفسها، فإن 54% فقط من المهام والتعهدات المتعلقة بقطاع النقل والإعمار قد تم تنفيذها، في حين أن 46% المتبقية لم تُنفذ بعد.
بطبيعة الحال، أؤكد أن هذا التقرير لم يتم التحقق من صحته بعد من قِبل البرلمان، ونحن بصدد مراجعته بدقة.
وكما أشار أحد زملائنا في البرلمان، نأمل أن يُعرض التقييم النهائي لهذا التقرير في جلسة علنية داخل البرلمان».
وأضافت أن تشكري تابع قائلا: «البلدية أعلنت أن متوسط نسبة إنجاز البرامج يتجاوز 80%، لكن بحسب التقرير ذاته الذي قدّموه، فإن النسبة الفعلية في قطاع النقل لا تتجاوز 54%، ولم يُذكر أي تقدم إضافي.
وفي استعراض مدته ثلاث سنوات من أصل البرنامج الرباعي للبلدية، تبيّن أن أغلب الوعود كانت تتعلق بمجال النقل.
وتابعت أن رئيس اللجنة، ردا على سؤال بشأن طبيعة الوعود المقدمة، قال: «إذا كانت الوعود ضمن الإطار الرسمي للبرنامج، فيمكن النظر فيها، أما تلك التي خارج إطار البرنامج، فهي من الأساس ليست ذات موضوعية.
فكل برنامج خارج عن مصادقة البرلمان، ينبغي أولا أن يُعرض عليه ويحظى بموافقته، برامج البرلمان المصادق عليها واضحة تماما، وقد شددنا أثناء صياغة البرنامج التنموي الرابع للمدينة على ضرورة أن تكون المؤشرات كمية، كي نتمكن من التقييم الحقيقي، وألا يتحول البرنامج إلى مجرّد عموميات.»
وأشارت إلى أن تشكري ختم تصريحه بالقول: «علينا الآن أن نُتيح المجال لاستكمال المراجعات، لمعرفة ما إذا كانت نسبة التقدم البالغة 54% التي أعلنتها البلدية تتطابق مع تقييماتنا أم لا، قد تكون هذه النسبة أعلى أو أقل، لقد استلمنا التقرير، وتحليل محتواه مدرج ضمن جدول أعمال اللجنة».
وأضافت وكالة “خبر أونلاين” أن عليأصغر قائمي، عضو مجلس بلدية طهران، علّق بدوره على ادعاء البلدية بشأن تنفيذ 80% من البرنامج الرباعي، قائلا: كان من المقرر أن يتم تقييم هذا البرنامج الرباعي الذي صادقت عليه البلدية بنفسها.

وأضافت أن “القول إن 80% من البرنامج قد نُفذ، ليس سوى ادعاء يجب إثباته، المتابعة الشخصية لي ولعدد من زملائي الذين يراقبون ملف النقل تُظهر أن هذا الرقم غير واقعي، خلال الأسبوع المقبل سنستكمل مراجعاتنا وسنقدم رقما أدق.
تقييمنا الحالي يشير إلى أن نسبة التنفيذ أقل من 50%، بينما تمثل حصة قطاع النقل وحده أكثر من 70% من المهام الرئيسية للبلدية”.
وتابعت أن قائمي أشار إلى أحد الأمثلة على عدم تحقق الوعود، قائلا: «على سبيل المثال، عدد الحافلات التي كان من المفترض تأمينها خلال السنوات الأخيرة، لا يتطابق مع الواقع. إذا كانت نسبة التقدم 80% بالفعل، كان يجب أن تكون جميع المحاور متقدمة بنفس المستوى، لا سيما في قطاع النقل الذي يشكل الحصة الأكبر.
وكتبت أيضا أن قائمي تطرق إلى متابعته للرسالة التي سبق أن أثارها داخل المجلس بشأن وعود زاكاني، قائلا: «قبل نحو شهر، قدّم السيد زاكاني ردّا، لكنه لم يكن مقنعا.
بعض الأرقام الواردة كانت مختلقة، وبعض الادعاءات غير قابلة للإثبات، وبعض المستندات غير واقعية أو مكررة، تحدثنا مع الجهة التي أعدّت نص الرد، وطلبوا مهلة لإرسال تصحيح، لكن مرّ شهران ولم يصل أي ردّ معدّل حتى الآن، أنا أتابع الموضوع، وإذا لم يصل الرد في صورته المعدلة، فسنسلك مسارات أخرى لمتابعة القضية».
وذكرت وكالة “خبر أونلاين” أن ناصر أماني، عضو مجلس بلدية طهران، علّق أيضا على وعود زاكاني وتنبيه نرجس سليماني، قائلا: «كنا دائما نؤكد أن كبار المديرين، لا سيما في الإدارة الحضرية، يجب أن يكونوا حساسين ومسؤولين تجاه وعودهم، المواطنون على اتصال مباشر بأداء المسؤولين ويتوقعون الوفاء بالوعود.

في السابق، عندما كان يُقال إن مشروعا سيفتتح خلال عام، كان يُنصب له لافتة ولوحة عدّ تنازلي زمنية في الموقع، وإذا لم يُنجز المشروع في موعده، كان ذلك يُعد نقطة سلبية، وكان رئيس البلدية يخاطب الناس بصدق، ويعتذر، ويشرح أسباب التأخير، ربما كان الناس يتفهمون أو لا، لكن هذا التقليد كان محمودا، للأسف، هذا النهج لم يُتبع في هذه الدورة».
وأضافت أن أماني واصل حديثه بالقول: «لقد قُطعت وعود، ولكن لم تُنصب أي لوحات عدّ تنازلي، وعندما لم تتحقق الوعود، لم يُقدَّم أي اعتذار، ولم تُطرح أي توضيحات بتواضع، بل إن الأمر بلغ في بعض الحالات إلى حد التعامل من موقع المُطالِب مع أعضاء البرلمان الذين كانوا يذكّرون بتلك الوعود.
البرنامج الذي قدّمه رئيس البلدية في البداية يختلف كثيرا عن برنامج التنمية الرابع الذي أقرّه المجلس، البعض يقول إننا ننفذ برنامج المجلس المصادق عليه؛ نعم، لكن هذا البرنامج يختلف كثيرا عن الوعود التي قدمها زاكاني في البداية».
وختمت الوكالة تقريرها، بالإشارة إلى أن واقع تنفيذ وعود رئيس بلدية طهران يُظهر أن الطريق لا يزال مليئا بالتحديات، إن المراجعة الدقيقة والشفافية الأكبر هما المفتاح لاستعادة الثقة وتصحيح مسار الإدارة الحضرية.