ترامب يضغط وطهران تخسر 30 مليار دولار.. هل تنهار صادرات النفط والغاز الإيرانية؟

كتب: ربيع السعدني 

في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تواجه إيران شبح خسائر اقتصادية هائلة قد تصل إلى 30 مليار دولار سنويا، نتيجة تراجع إنتاج النفط والغاز بسبب تقادم الآبار ونقص الاستثمارات مع استمرار فرض العقوبات الدولية وتفاقم التحديات الهيكلية، يعاني الاقتصاد الإيراني من هشاشة متزايدة.

حيث يهدد انخفاض ضغط حقل غاز جنوب بارس بتقليص الإنتاج اليومي بنسبة 70% خلال عامين وسط هذا الواقع المقلق، تبرز تحذيرات الخبراء من استمرار الاعتماد على اقتصاد ريعي نفطي، في وقت تسعى فيه دول الخليج الأخرى إلى تنويع اقتصاداتها وتعزيز الاستثمار الأجنبي. فهل تستطيع إيران تغيير مسارها الاقتصادي قبل فوات الأوان؟

مخاوف الانخفاض اليومي

معظم آبار النفط والغاز في إيران قديمة ولم تعد لديها القدرة الإنتاجية الكافية، وفقا لموقع “فرارو” هناك مخاوف جدية من أن حقل غاز جنوب فارس سيواجه خلال العامين المقبلين انخفاضا في الضغط قد يؤدي إلى انخفاض الإنتاج اليومي بنسبة 70% وفي هذا الصدد يقول محمد حسين عادلي الخبير الاقتصادي ومحافظ البنك المركزي السابق خلال مشاركته في مؤتمر “الخليج الفارسي في ضوء التطورات الإقليمية والدولية”: إن جميع الدول المطلة على الخليج الفارسي لديها اليوم خطة محددة للتنمية ضمن إطار زمني محدد؛ أغلبهم يتبعون رؤية 2030. 

وتتضمن استراتيجية التنمية المستقبلية لهذه البلدان بعدين: يركز الأول على الاستمرار في استغلال موارد النفط والغاز، أي الوقود الأحفوري، والثاني على تطوير الطاقات المتجددة وتنويع الاقتصاد، وبحسب موقع “إطلاعات“، أجاب عادلي على سؤال حول سبب النمو الاقتصادي لهذه الدول، وقال: “أولا من خلال بيع النفط والغاز، ثم من خلال السياحة، والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإنشاء المكاتب المالية، وما إلى ذلك”، خاصة الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي لا يجلب معه المال فحسب، بل أيضا التكنولوجيا والعمليات التجارية والأعمال”.

آبار نفط قديمة

عكس ذلك، على حد وصفه، “وضعنا مثير للقلق، معظم آبار النفط والغاز في إيران قديمة ولم تعد لديها القدرة الإنتاجية الكافية، وقد يتسبب هذا في خسائر للاقتصاد الوطني تصل إلى 30 مليار دولار على الأقل وفي أحدث تقرير لها عن الاقتصاد الإيراني، زعمت بلومبرج أنه إذا شدد دونالد ترامب العقوبات على النفط الإيراني، فإن الإيرادات السنوية لطهران البالغة 44 مليار دولار من صادرات النفط ستشهد انخفاضا كبيرا، مما قد يضغط بشكل أكبر على اقتصاد البلاد”.

وبحسب موقع “إيكو إيران“، حلل موقع بلومبرغ في تقرير، أن ترامب قد يتسبب في أضرار بقيمة 30 مليار دولار لاقتصاد البلاد من خلال العودة إلى حملة الضغوط القصوى ضد طهران، ووفقا لـ”بيانات بلومبرغ لتتبع ناقلات النفط” وتقديرات المنظمات التجارية، فإن التحايل على العقوبات وتخفيف تطبيق العقوبات الأمريكية على مدى السنوات الأربع الماضية سمح لإيران بزيادة صادراتها النفطية بما يصل إلى مليون برميل يوميا، مع ذهاب معظم إمداداتها إلى الصين، ولكن هذا قد يتغير بسرعة

تراجع في الصادرات 

وفي هذه الحالة، إذا استهدف ترامب صادرات النفط الإيرانية واستطاع إيقاف زيادة البلاد بمقدار مليون برميل يوميا، فإنه سيخفض الصادرات بمقدار الثلثين، وهو ما قد يكلف إيران نحو 30 مليون دولار سنويا وقد تتفاوت المكاسب والخسائر المحتملة الناجمة عن هذه العقوبات اعتمادا على الخصم الذي تقدمه إيران للمشترين مقابل إمداداتها النفطية.

ماذا نفعل في إيران؟ آبارنا تتقدم في السن، وخلال السنوات الثلاث المقبلة سوف يتعرض حقل فارس الجنوبي لانخفاض في الضغط مما سيؤدي إلى خفض إنتاجه اليومي إلى أقل من النصف، وسوف نخسر 30 مليار دولار.. هكذا حذر خبير الاقتصاد الكلي وحيد شقاقي في حين تحرص هذه الدول على عدم سقوط آبارها النفطية في هذا الفخ.

خطة إنقاذ وحلول عاجلة

وأضاف شقاقي: “بالحكمة والعقلانية، يجب تغيير المسار الاقتصادي لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وتحسين بيئة الأعمال، ما دام الاقتصاد الإيراني يندرج ضمن دائرة شبه الدول، والفكر الحكومي، والاقتصاد الريعي النفطي، ولم يكن للقطاع الخاص أي دور أو حضور في المشهد الاقتصادي، فإن هذا الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على أخبار العقوبات والقضايا الدولية”.

وقال: “أتذكر أنه في عام 2013 أُعلن عن سياسات اقتصاد المقاومة لتعزيز مرونة البلاد من خلال النمو الاقتصادي الداخلي والخارجي. ومع ذلك، نظرا لغياب الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية، وضعف القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني، وعدم إصرار جميع أفراد المجتمع على المشاركة في الاقتصاد، لا يزال الاقتصاد يعاني من هيكل الدولة القائم على ريع النفط، وهذا الوضع مشروط للغاية وذو مرونة ضعيفة”. 

وأضاف: “لا يمكن إدارة اقتصاد البلاد بشكل صحيح عندما يكون الوضع هكذا، في هذه الأثناء، لا ينبغي أن تكون حياة الإيرانيين مرتبطة بأيام السبت هذه المرة، على مدى السنوات الـ14 الماضية، منذ فرض العقوبات كان متوسط ​​النمو الاقتصادي للبلاد أقل من 1.5 في المائة ومع تفاقم اختلالات التوازن في البلاد خلال السنوات المقبلة، فإن الاتجاه المتوسط ​​الأجل للنمو الاقتصادي سوف يتباطأ، وفي سيناريو متفائل، سوف ينخفض ​​إلى أقل من 2%”.

جدوى اقتصاد المقاومة 

وأكد شقاقي أن “أي تأخير في الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية والتسويف في اتخاذ القرارات الصعبة سيزيد من تعقيد الظروف المقبلة ويزيد من تأثر الاقتصاد الإيراني ومن ثم، فلا بد من تغيير المسار الاقتصادي بحكمة وعقلانية لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني، في الوقت الذي لا يشغل فيه القطاع الخاص أي حصة أو دور أو حضور في المشهد الاقتصادي، فإن مثل هذا الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على أخبار العقوبات والقضايا الدولية”. 

منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين، أصبح النقاش حول اقتصاد المقاومة ساخنا في إيران، ولكن خلال هذه الفترة، لم تتحسن المرونة الاقتصادية فحسب، بل أصبح الاقتصاد أكثر مشروطية من أي وقت مضى، كل ما يتطلبه الأمر هو صدور خبر واحد حتى تتفاعل الأسواق الإيرانية بسرعة قدر الإمكان.

وبحسب موقع “خبر أونلاين”، فإن الحالة الأخيرة التي يمكن أن تشير إلى مشروطية الاقتصاد الإيراني كانت رد فعل أسواق الصرف الأجنبي ورأس المال على نبأ مثل تأجيل المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، وسرعان ما ردت سوق العملة بقوة، حيث انخفض الريال بنسبة 5% يوم بعد يومين من إعلان ذلك دون أن يتغير أي شيء فعليا. 

التمويل اللازم

وأوضح أحد أعضاء هيئة التدريس في جامعة خوارزمي، أن تعويض الاستهلاك والحد من الاختلالات الاقتصادية يتطلب موارد مالية أكبر من الناتج المحلي الإجمالي الحالي للبلاد، ومع الإنتاجية السلبية والصفرية والاعتماد فقط على الموارد المالية الضئيلة الحالية، فمن المستحيل الحد من الاختلالات الاقتصادية، ولذلك إذا لم يتمكن الاقتصاد من خفض هذا المستوى من الحساسية وإدارة العواطف، فلن تتشكل الأرضية اللازمة للنمو المستدام. 

إن الاقتصاد الذي يتفاعل بسرعة وبشكل مفاجئ مع كل حدث يكون قد فقد بالفعل أساس استقراره واستمراريته، ويجب عليه استعادة الاستقرار قبل اتخاذ أي إجراء وفي الوقت نفسه، يصبح الاقتصاد المشروط، في الممارسة العملية، معتمدا على التطورات في مناطق أخرى وحتى في بلدان أخرى، وهي العملية التي تتعارض أيضا مع “الاستقلال”.