جاسوس إسرائيل في حزب الله.. قصة محمد صالح من صفوف الحزب إلى مبنى الموساد

جاسوس موساد در حزب الله چگونه شناسایی شد و به دام افتاد؟ / او هرگز مداح رسمی حزب‌الله نبوده است

في تطور أمني بالغ الخطورة، كشفت السلطات اللبنانية عن اعتقال محمد صالح، قبل نحو ثلاثة أسابيع، وتحديدا في 28 أبريل/نيسان 2025، وهو مواطن لبناني كان قد انخرط في صفوف حزب الله سابقا، بتهمة التجسس لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي، عملية الاعتقال التي تمت على يد الأجهزة الأمنية اللبنانية وبالتنسيق مع بعض أعضاء حزب الله ومحامي شركة خدمات مالية، فتحت ملفا حساسا عن اختراق أمني طال أحد الأفراد الذين كانوا جزءا من مراكز المقاومة الأكثر أهمية.

A white background with black text

AI-generated content may be incorrect.

كيف تم كشفه؟

قادت الصدفة إلى انكشاف أمر محمد صالح، المتهم بالتجسس لصالح إسرائيل، فقد كان يعمل ضمن شبكة مالية في لبنان ويتعاون مع إحدى شركات الخدمات المالية المعروفة باسم Wish، وقد استطاع من خلال بناء علاقة ثقة مع أحد ممثلي الشركة، إجراء عدة تحويلات مالية لصالح عملاء أو شركاء.

جاسوس موساد در حزب الله چگونه شناسایی شد و به دام افتاد؟ / او هرگز مداح رسمی حزب‌الله نبوده است

غير أن آخر عملية له كانت مريبة على حد وصف السلطات اللبنانية، فقد طلب صالح تحويل مبلغ 20 ألف دولار، وتمت الموافقة عليه، إلا أنه رفض تسليم المبلغ، مما أثار شكوك ممثل الشركة، الذي قرر تعقبه ومراجعة هاتفه المحمول، لتتكشف مراسلات بريدية مريبة مع شخص يُدعى لويس.

وعند تفحص البريد الإلكتروني، وُجدت محادثات تتضمن تبادل معلومات حساسة حول جهة غامضة تحمل اسما مستعارا، والذي كان المنظمة، ليقوم ممثل الشركة بإبلاغ بعض مسؤولي حزب الله.

وما إن وصلت المعلومة إلى الحزب، حتى جرى توقيف محمد صالح على الفور وإخضاعه لتحقيق أولي داخل أطر الحزب الأمنية، وبعد التأكد من الاشتباهات والقرائن، سُلّم إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية بالتنسيق مع المحامي المشتكي والأجهزة الأمنية الرسمية.

من هو محمد صالح؟

كان محمد صالح أحد الأعضاء السابقين في حزب الله، كما كان عضوا في اثنتين من أهم الوحدات داخل المقاومة اللبنانية، أولها الوحدة 4100 وهي وحدة تُعنى بالنقل والتوزيع الاستراتيجي، وغالبا ما تتعامل مع تحركات بالغة الحساسية سواء على مستوى الأفراد أو المعدات، أيضا الوحدة 1100، وهي وحدة متخصصة في الأمن وحماية المعلومات، وتعتبر بمثابة جهاز استخبارات داخلي داخل هيكل الحزب.

جزییات به دام افتادن جاسوس موساد در لبنان

إضافة إلى ذلك، فقد شارك صالح في جبهات القتال بسوريا، خصوصا في معارك حلب، وهي من أكثر الجبهات تعقيدا وتعريضا للأفراد للاختراق.

كذلك، فقد كان والده من الرعيل الأول في حزب الله، ومن الأعضاء القدامى الذين ساهموا في بناء قواعد المقاومة في الجنوب، وشارك في وحدة الرضوان كأحد العناصر الأساسيين.

وتفيد المصادر أن صالح طُرد من الحزب قبيل انطلاق عملية طوفان الأقصى، وهي العملية التي قامت بها حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول للعام 2023، وذلك بسبب تورطه في أنشطة مالية مشبوهة داخل البورصات غير المرخصة.

فيسبوك كان بوابة الموساد

بحسب التحقيقات، بدأت علاقة محمد صالح بالموساد في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2024، من خلال منشور إعلاني على منصة فيسبوك يستهدف تحديدا من كانوا أعضاء سابقين في حزب الله، وقد جاء الإعلان تحت عنوان “هل كنت عضوا في حزب الله؟”.

في ذلك الوقت، بادر محمد إلى التواصل مع أجهزة التجسس الإسرائيلية، وذلك بعد تعرضه لأزمة مالية حادة بسبب خسائر في البورصة وتراكم الديون، وعرض حينها التعاون مع الموساد مقابل أموال لتسديد ديونه، حيث كان بحاجة إلى نحو 18 ألف دولار، وقدم نفسه كمن يملك معلومات كثيرة عن قادة حزب الله ومستعد لكشفها، وبناء على ذلك، بدأ تعاونه مع الموساد، ودفع له مبلغا قدره 23 ألف دولار.

ومن هنا بدأ التواصل الجاد، وكان عبر ثلاثة أشخاص يخفون هوياتهم الحقيقية تحت أسماء مستعارة، محسن وأبو داود وعلي، والجدير بالذكر أن هذه اللقاءات والتنسيقات الأولية لم تتم داخل لبنان، بل في العراق، وهو ما يثير أيضا تساؤلات حول شبكات الموساد في الداخل العراقي، خصوصا في مناطق وجود الفصائل المسلحة.

مهمات استخباراتية.. العودة لاختراق الحزب

حسب المعلومات الأولية، فقد كانت المهمة الأساسية لمحمد هي العودة إلى حزب الله، وتحديدا إلى وحدة الدعم المركزي، وهناك يقوم بجمع معلومات دقيقة تشمل نوع الدراجات النارية التي تستخدمها مختلف وحدات الحزب، وآليات شراء المعدات والتمويل اللوجستي، أسماء مسؤولي الإمداد والنقل، وتفاصيل عن البنية التحتية للحزب.

في المقابل، كان الموساد يدفع له أموالا مقابل كل معلومة، بل وصل الأمر إلى تقديم قوائم تتضمن أسماء وأرقام هواتف، ما يشير إلى مدى الخطر الذي شكله وجوده داخل أي دائرة أمنية.

A person in a hat

AI-generated content may be incorrect.

كذلك، فقد أظهرت التحقيقات معه، والذي يبلغ من العمر حوالي ثلاثين عاما، أنه كان متورطا في اغتيال أكثر من 35 عضوا وقائدا في حزب الله من خلال تزويد الموساد بمعلومات دقيقة عن أماكن وجودهم وطبيعة أنشطتهم، كما أن مصادر قضائية أفادت بأنه، وبحكم علاقاته القريبة من الحزب، فقد زود إسرائيل بمعلومات شديدة الدقة عن عدد من قادة وأعضاء حزب الله، وضمن ذلك أسماء جميع القادة الجدد الذين تم تعيينهم بدلا من الذين قتلوا في الحرب الأخيرة، حيث كان يرسل أسماءهم ومعلومات عنهم إلى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية فور تعيينهم، ليتم استهدافهم بالاغتيال.

شائعات وشهادات

رغم تداول شائعات كثيرة حول محمد صالح، منها أنه شقيق شهيد أو أنه مداح، أي ملقي أشعارا شيعية في مراسم الاحتفالات الشيعية الكبرى، رسمي في الحزب، فإن التحقيقات والبيانات المقربة نفت ذلك، فالشهيد المقصود ليس شقيقه، بل شقيق زوجته السابقة، كذلك فلم يكن الصالح منشدا رسميا، بل أصدر نشيدا واحدا فقط ولم يكن له موقع في الإعلام الحزبي، كما أنه حاول الانخراط في المجالس التنظيمية لكنه لم ينجح في الوصول إلى موقع رسمي.

وأظهرت التحقيقات أن لصالح علاقة وثيقة مع حسن بدير، الذي اغتيل مؤخرا في ضاحية بيروت الجنوبية، وعلى الرغم من عدم وجود دليل قاطع يربط اعتقاله بمقتل بدير، فإن التحريات لا تزال جارية، وسط ترجيحات بأن تصفية بدير ربما جاءت بعد تسريب بيانات عبر صالح.

جرس إنذار للأمن اللبناني

تكشف قضية محمد صالح عن مدى جرأة الموساد في استهداف حتى الأعضاء السابقين في حزب الله، واستغلال نقاط ضعفهم المالية لتجنيدهم.

كما تبرز الحاجة المُلحة لمراجعة البنية الأمنية والتنظيمية داخل الحزب، الذي مُني بضربات قوية في الآونة الأخيرة، منها عملية تفجير البيجرات والتي تمت في سبتمبر/أيلول من العام 2024، واغتيال عدد من قيادته على رأسهم حسن نصر الله، الأمين العام الأسبق، في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، بجانب عدد من القيادات الأخرى.