- دنيا ياسر
- 38 Views
ترجمة دنيا ياسر نورالدين
نشرت صحيفة “ارمان ملي” الإيرانية الإصلاحية، الثلاثاء 13 مايو/أيار 2025، تقريرا استعرضت فيه ملامح التحول في مسار المفاوضات النووية الإيرانية، حيث تتجه طهران نحو تعزيز الحوار مع واشنطن مقابل تراجع دور أوروبا. كما سلطت الضوء على التوتر المتصاعد بين إيران والدول الأوروبية، خاصة بعد تلويح الأخيرة بتفعيل آلية “سنابباك”، ورد طهران الحاد على تلك التهديدات.
ذكرت الصحيفة أن المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، في ظل الظروف الراهنة، باتت منقسمة فعليا إلى مسارين منفصلين، وذلك نتيجة للخلافات بين أوروبا والولايات المتحدة بشأن العمل الجماعي، وهي خلافات نشأت نتيجة لسياسات إدارة ترامب السابقة.
تراجع دور أوروبا في المفاوضات
قالت الصحيفة إن المفاوضات مع الدول الأوروبية أصبحت ذات طابع ثانوي داخل إيران، على الرغم من الدور الأساسي الذي لعبته أوروبا في التوصل إلى الاتفاق النووي (برجام). وأوضحت أن السبب في ذلك يعود إلى أن القرار النهائي بشأن رفع العقوبات بيد الولايات المتحدة وحدها.
وتابعت أن الأوروبيين لا يزالون يعتبرون الاتفاق النووي وثيقة قابلة للتطبيق، ويواصلون اتخاذ مواقف معينة فيما يتعلق بآلية الزناد ومستويات تخصيب اليورانيوم داخل إيران.
وأضافت أنه في الآونة الأخيرة، وقبيل الجولة الرابعة من المفاوضات بين طهران وواشنطن، اتخذت بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا مواقف غير دبلوماسية تجاه إيران، ما يشير إلى احتمالية سعي هذه الدول لتفعيل آلية الزناد ضد طهران، على الرغم من أن أنظارها لا تزال متجهة نحو نتائج الحوار الثنائي بين إيران والولايات المتحدة.
جمود في المفاوضات مع أوروبا
أردفت الصحيفة أن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة تشهد تقدما ملموسا، في حين وصلت المباحثات مع الجانب الأوروبي إلى طريق مسدود، وذلك بسبب مجموعة من الخلافات المرتبطة بملفات غير نووية مثل حقوق الإنسان، واستخدام الطائرات المسيرة الإيرانية من قبل روسيا في حرب أوكرانيا.
وأضافت أن لقاءات متعددة عقدت بين الجانبين الإيراني والأوروبي بقيادة مجيد تخت روانچي، ولكن لم تطرح أجندة واضحة خلال هذه الاجتماعات.
وذكرت أن إيران أعلنت في نهاية هذه اللقاءات أن المباحثات قد وصلت إلى مستوى قد يفضي إلى استئناف المفاوضات النووية، إلا أن المفاوضات توقفت بعد ذلك فعليا، مشيرة إلى أن السبب قد يكون انشغال الفريق القانوني والسياسي في وزارة الخارجية الإيرانية بالمباحثات مع واشنطن، إلى جانب غياب الإرادة الجدية لدى الجانب الأوروبي لمتابعة المفاوضات بشكل مستقل.
تحذير أوروبي مبطن
قالت الصحيفة إن عددا من المسؤولين الأوروبيين أطلقوا تحذيرات، بعضها مباشر وبعضها ضمني، بشأن التطورات الحالية. فقد أكدت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أن بلادها لا يمكن أن تظل مكتوفة الأيدي أمام خروقات إيران للقيود التي نص عليها الاتفاق النووي، مشيرة إلى أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن فرنسا ستلجأ إلى استخدام الوسائل الدبلوماسية المتاحة.
وعلقت أن هذا التصريح يعد، من وجهة نظر طهران، بمثابة تهديد مباشر لتفعيل آلية الزناد، ويعكس رغبة الأوروبيين في البقاء طرفا فاعلا ضمن أي اتفاق محتمل بين طهران وواشنطن، حتى لو كان دورهم رمزيا فقط.
عراقجي يوجه رسالة حادة لأوروبا
ذكرت الصحيفة أنه بعد عقد الجولة الرابعة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، ورغم عدم تسريب أي معلومات عن مضمونها، خرج عباس عراقجي في اليوم التالي بتصريحات شديدة اللهجة ضد أوروبا.
وأشارت إلى أن هذه التصريحات توحي بأن العراقيل الأوروبية كانت حاضرة في هذه الجولة من المباحثات.
وتابعت أن الولايات المتحدة، إذا أرادت اتخاذ أي إجراء قانوني ضد البرنامج النووي الإيراني، فإنها تحتاج إلى تفعيل آلية “سناب باك” عبر أوروبا، وذلك بنقل الملف من مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مجلس الأمن الدولي.
وفي هذا السياق، كتب عراقجي في تغريدة له: لقد أعلنا موقفنا بوضوح. وقد وجهنا تحذيرا رسميا إلى جميع الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي مفاده أن أي محاولة لاستغلال آلية إعادة فرض العقوبات (سناب باك) ستكون لها عواقب وخيمة، ليس فقط على استمرار دور أوروبا في هذا الاتفاق، بل قد تؤدي أيضا إلى تصعيد لا يمكن التراجع عنه.
وأضاف: ينبغي على الدول الأوروبية الثلاث (E3) أن تسأل نفسها كيف وصلنا إلى هذا الطريق المسدود. وقد أعربت، عقب مباحثات أجريتها مع روسيا والصين، عن استعدادي لزيارة باريس وبرلين ولندن لفتح فصل جديد في العلاقات. هذا التحرك أدى إلى انطلاق حوارات تمهيدية على مستوى نواب وزراء الخارجية، وهو بداية هشة ولكن تبعث على الأمل. غير أن الوقت يمضي بسرعة، وطريقة تعاملنا مع هذه اللحظة المفصلية ستحدد مستقبل العلاقات بين إيران وأوروبا بشكل أعمق مما يتخيله الكثيرون. إيران مستعدة لتغيير قواعد اللعبة، ونأمل أن يتحلى شركاؤنا الأوروبيون بنفس الإرادة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأوروبيين، بعد ملاحظتهم لتقارب المواقف بين إيران والولايات المتحدة، بدأوا يشعرون أنهم قد يستثنون من أي اتفاق قادم، ولهذا لجأوا إلى التلويح بتفعيل آلية الزناد عبر التصريحات الإعلامية، رغم إدراكهم أن هذا الخيار قد لا يكون ذا جدوى عملية، خاصة في ظل سعي طهران لحل الملف النووي مباشرة مع واشنطن.
وأوضحت أن تفعيل هذه الآلية قد يزيد من تعقيد الجوانب القانونية والسياسية للملف النووي، ولذلك سعى عراقجي إلى تحذير الأوروبيين من أن عرقلة هذا المسار ستضر بجميع الأطراف.
نافذة الدبلوماسية لم تُغلق
ورغم كل ذلك، شددت الصحيفة على أن إيران لا تزال تبقي نافذة الدبلوماسية مفتوحة أمام الأوروبيين، وأكدت استعدادها لقبول مشاركتهم في المفاوضات إذا غيروا من نهجهم.
وختمت بالقول إن وجود أوروبا في هذا المسار، نظرا لفهمها العميق للبنية السياسية والاقتصادية في إيران، ليس بالضرورة أن يكون ضد مصلحة طهران، غير أن غياب الدور الفعلي والفعال سيجعل من أوروبا عنصرا معرقلا بدلا من أن تكون شريكا فاعلا في صياغة التفاهمات المستقبلية.