- يسرا شمندي
- 127 Views
ترجمة: يسرا شمندي
نشرت صحيفة شرق الإصلاحية، في 14 مايو/أيار 2025، تقريرا ذكرت فيه أن زيارة رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، لدول الخليج العربي (السعودية، وقطر، والإمارات) التي بدأت يوم الاثنين 12 مايو/أيار 2025، تعتبر نقطة تحول هامة في الدبلوماسية الإقليمية، حيث أصبحت إيران محورا رئيسيا في التطورات الإقليمية.

وأضافت الصحيفة أن الزيارة تركز على العقود الاقتصادية، ومبيعات الأسلحة، واستمرار المفاوضات النووية مع طهران، مما يعكس تعقيدات الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط.
وتابعت أنه، في رأي بعض المراقبين، ورغم أن القضايا العربية–الأمريكية قد تشكل محور زيارة ترامب لدول الخليج، فإن الملفات المتعلقة بإيران– من تقدمها النووي إلى دورها في الجغرافيا السياسية الإقليمية– جعلت منها عنصرا أساسيا في حسابات هذه الزيارة.
ظلال المفاوضات على زيارة ترامب
وأشارت الصحيفة إلى أن زيارة ترامب للرياض والدوحة وأبوظبي تمت في وقت حققت فيه المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة تقدما ملحوظا في الجولات الأربع الأخيرة (مسقط، وروما، أبريل/نيسان-مايو/أيار 2025). وقد وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، هذه المفاوضات بأنها جدية وبناءة، حيث من المتوقع أن تُعقد الجولة الخامسة في أواخر مايو/أيار 2025 بهدف وضع إطار اتفاقي جديد.
وفقا لتقرير الجزيرة، قدمت إيران اقتراحا بتقليص تخصيب اليورانيوم من 60% إلى 3.67% مقابل رفع العقوبات والوصول إلى الأصول المجمدة (نحو 100 مليار دولار)، ما يعكس مرونة دبلوماسية من إيران تهدف إلى استعادة اتفاق شبيه بالاتفاق النووي السابق (الاتفاق النووي الإيراني).
وأكّدت الصحيفة أن الطرف الآخر يتبنى سياسة خارجية متذبذبة وغموضا دبلوماسيا. من جهة، يُظهر كل من ترامب والمبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف تفاؤلا بشأن استمرارية المفاوضات، بينما من جهة أخرى، وصلت المحادثات إلى مرحلة هشة بسبب الضغوط الإسرائيلية.
وفي إطار هذه الضغوط، فرض وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، مؤخرا عقوبات جديدة على ثلاثة أفراد وكيان إيراني، متهما إياهم بتوسيع البرنامج النووي الإيراني.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الادعاءات تستند إلى تخصيب إيران بنسبة 60%، رغم أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 أكد أن إيران لم تنتهك معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT). كما أكدت إيران مرارا أن برنامجها النووي سلمي وأن فتوى قائد الثورة تحظر إنتاج الأسلحة النووية.
وأكد ترامب في خطاب ألقاه في 10 مايو/أيار 2025، أن تحولات جيدة تحدث فيما يتعلق بإيران، لكنه هدد باتخاذ إجراءات عسكرية في حال فشل الدبلوماسية، وهذه الثنائية تعقّدت بعد إقالة مستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل والتز، مما يعكس الارتباك في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وأفادت الصحيفة بأن إيران نجحت في الحفاظ على خطوطها الحمراء (وقف دورة تخصيب اليورانيوم) في المفاوضات، مستفيدة من قوتها النووية. وأظهرت تقارير وكالة رويترز في 11 مايو/أيار 2025 أن هذه التقدمات جعلت إيران قريبة خطوة واحدة من تخصيب اليورانيوم إلى 90% (المستوى العسكري)، لكن طهران اختارت بوعي عدم تجاوزه.
تغيير توجهات دول الخليج؛ من المواجهة إلى تهدئة التوترات
بيّنت الصحيفة أن المفاوضات النووية الإيرانية أثّرت في تغيير مواقف دول الخليج، التي انتقلت من دعم سياسة الضغط الأقصى في عهد ترامب الأول إلى نهج أكثر حذرا، حيث دفعت تجربة حرب اليمن والمتغيرات الإقليمية في السعودية والإمارات نحو دعم الاتفاق النووي وتبنّي موقف مناهض للحرب.
وأضافت أنه منذ عام 2023، وبوساطة صينية، بدأت المملكة العربية السعودية بقيادة محمد بن سلمان في تحسين علاقاتها مع إيران. وبحسب تقرير لصحيفة العربي الجديد، لا تبدو الرياض مترددة في لعب دور الوسيط في المفاوضات النووية، مع استمرارها في الضغط على فريق ترامب لتفادي أي تصعيد عسكري. أما الإمارات، التي وقعت اتفاقية تجارة حرة مع إيران عام 2024، فتركّز على دعم الاستقرار الإقليمي.
ومن جهة أخرى، لعبت قطر أدوارا مختلفة في الوساطة على مدار الفترات الماضية، وهي الآن تدعم استضافة مسقط للمفاوضات. وبالتالي، تلعب الدوحة دورا حاسما في تسهيل الحوار بين إيران والولايات المتحدة، إن هذا التحول في المواقف، الناجم عن إدراك دول الخليج لضعفها أمام إيران، منح طهران فرصة لتعزيز نفوذها الدبلوماسي.
وتابعت الصحيفة أنه بناء على هذه النقاط، فإن المفاوضات النووية الحالية تحمل أهمية استراتيجية لإيران ولثبات المنطقة بشكل عام. تؤكد إيران في هذه المفاوضات على ثلاثة مبادئ أساسية: الحفاظ على تخصيب اليورانيوم، وعدم التفاوض بشأن برنامجها الصاروخي، وضمان التزام الولايات المتحدة بالاتفاق”.
وأوردت أن عرض تقليل تخصيب اليورانيوم إلى 3.67% وقبول الرقابة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية يعكس مرونة دبلوماسية من جانب إيران. وأكد عراقجي في مقابلة له، أن الضمانات القوية لضمان عدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق تعد أولوية أساسية بالنسبة لإيران.
وبيّنت أنه رغم التهديدات الإسرائيلية والعقوبات الأمريكية الجديدة، تبقى المفاوضات النووية مع إيران في وضع هش. فبينما تضغط إسرائيل لفرض خيارات متشددة كالهجوم العسكري أو تطبيق نموذج ليبيا، تكتفي واشنطن بالسيطرة على البرنامج النووي.
وبحسب “فايننشيال تايمز”، تصاعدت الخلافات بين الجانبين، في حين أظهر استطلاع لجامعة ميريلاند أن 69% من الأمريكيين، بينهم 64% من الجمهوريين، يفضلون التوصل إلى اتفاق تفاوضي، ما يمنح إيران مساحة للاستمرار في الحوار.
إيران في صلب المعادلات
وذكرت الصحيفة أن زيارة ترامب للمنطقة تفرض عليه التعامل بجدية مع العلاقات العربية الإيرانية، في ظل الدور المحوري الذي تلعبه إيران إقليميا وضمن المفاوضات النووية. فقد عززت طهران موقعها عبر تحسين علاقاتها مع السعودية والإمارات، وتوثيق التعاون مع قطر، والمساهمة في حل أزمات كالأزمة اليمنية. ووفق مركز كوينسي، فقد استثمرت إيران علاقاتها الإقليمية بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول لتعزيز نفوذها مع دول الجوار.
وأشارت إلى أن إيران تسعى إلى دعم الاستقرار الإقليمي. عكس إسرائيل التي تسببت هجماتها على غزة وتهديداتها لطهران في عزلها إقليميا وتوتير علاقاتها مع العرب والولايات المتحدة، فمواقف إيران الداعية لوقف دائم لإطلاق النار في غزة وحل الدولتين تتقاطع مع الموقف السعودي، خاصة بعد تقارب تجلّى في قمة الرياض 2024. كما تواصل إيران دورها الإيجابي عبر دعم التهدئة في اليمن والمشاركة في الوساطات الإقليمية.
أهداف ترامب الاقتصادية وتأثيرها على إيران
ذكرت الصحيفة أن زيارة ترامب تركزت على العقود الاقتصادية، وضمن ذلك بيع أسلحة للسعودية بقيمة 100 مليار دولار وجذب استثمارات إقليمية تصل إلى 600 مليار دولار من السعودية و1.4 تريليون دولار من الإمارات.
وأكدت “فايننشيال تايمز” أن حضور كبار المسؤولين الأمريكيين مثل رجال الأعمال البارزين في مجالات التكنولوجيا إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ في لقاء استثماري مع بن سلمان والمسؤولين العرب يعكس تحولا في النظرة والسلوك.
بينما يسعى ترامب لخفض أسعار النفط لدعم الاقتصاد الأمريكي، فإن هذا يضر بدول الخليج ويعود بالفائدة على إيران التي تستفيد من ارتفاع الأسعار بسبب قيود إنتاجها النفطي.
وأضافت الصحيفة أن تقارير بلومبرغ تشير إلى أن السعودية، بسبب مشاريعها مثل “نيوم”، غير قادرة على الوفاء بوعودها الاستثمارية، مما يسهم في تراجع النفوذ الاقتصادي الأمريكي.
وتابعت أنه من جهة أخرى، أصبحت إيران مركزا رئيسيا للتجارة الإقليمية بفضل تطوير ميناء تشابهار وممر الشمال-الجنوب، إضافة إلى اتفاق التجارة الحرة مع الهند والصين في 2024، مما ساعدها على تقليل اعتمادها على الغرب وتعزيز قدرتها على مقاومة العقوبات. وقد يعزز عرض إيران للاستثمار في المفاوضات النووية موقفها بشكل كبير.
دور اللاعبين الإقليميين والدوليين
أخبرت الصحيفة بأن دول الخليج، خاصةً السعودية والإمارات، تبنت مواقف جديدة في سياستها الإقليمية تجاه إيران، حيث أصبحت الرياض تدعم التهدئة مع إيران بعد أن كانت تستضيف مفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا. كما لعبت قطر دورا في الوساطة بين إسرائيل وحماس وأسهمت في تحرير الرهائن.
وأكدت أن الإمارات ساعدت في تعزيز الاستقرار الإقليمي من خلال اتفاقات التجارة الحرة مع إيران. ووفقا لتقرير العربي الجديد في 9 مايو/أيار 2025، تدعم هذه الدول الاتفاق النووي الإيراني بهدف تعزيز استقرار المنطقة وتحقيق أهدافها التجارية وتنفيذ الاتفاقيات مع ترامب.
وأفادت الصحيفة بأن روسيا والصين تدعمان إحياء الاتفاق النووي مع إيران، حيث اقترحت روسيا تخزين اليورانيوم المخصب الإيراني لتقليل التوترات. في المقابل، يسعى النظام الإسرائيلي لإحداث عدم الاستقرار من خلال دعم الهجمات على غزة وتهديداته ضد إيران. أما الولايات المتحدة، فتتأرجح بين الدبلوماسية والتهديدات العسكرية. وتشير مجلة فارن أفيرز الأمريكية إلى أن إقالة مايكل والتز تعكس الفوضى في إدارة ترامب.
وأضافت أن أوروبا تتبع نهجا دبلوماسيا محفوفا بالمخاطر عبر تهديد تفعيل آلية الزناد خلال مفاوضات طهران وواشنطن. وقد تسعى واشنطن لتوزيع الأدوار مع أوروبا، حيث تلعب دور الشرطي الجيد والشرطي السيئ، أو قد تكثف الضغط على طهران بالإبقاء على آلية الزناد بيد أوروبا. لكن في النهاية، سيؤدي هذا إلى تصعيد التوترات دون تحقيق مصالح أي من الأطراف.
زيارة ترامب والمعادلات الجديدة للجمهوريين تجاه إيران
أبرزت الصحيفة أن سفر ترامب يشكل فرصة لإيران لاستغلال الفجوات بين الولايات المتحدة، وإسرائيل، ودول الخليج. ففي سيناريو متفائل، قد تؤدي الجولة الخامسة من المفاوضات إلى اتفاق يُلغي العقوبات ويعيد تنشيط الاقتصاد الإيراني، مما يقلل من خطر الحرب ويعزز العلاقات الإيرانية مع جيرانها، ويُسهم في تشكيل نظام إقليمي جديد يمنح إيران دورا مؤثرا.
واصلت الصحيفة، وفي سياق متصل، أن السيناريو المتشائم قد يشهد إفشال المفاوضات بسبب ضغوط إسرائيل والمتشددين الأمريكيين، مثل ماركو روبيو. ومع ذلك، فإن مرونة إيران ودعم الرأي العام العالمي للدبلوماسية يقللان من احتمال اندلاع صراع. ووفقا لـ”مركز كوينسي”، يفضّل 64% من الجمهوريين اتفاقا يفتح المجال للدبلوماسية، فيما تبدو إيران في موقع أقوى مقارنة ببداية عهد ترامب.
وفي النهاية أكدت الصحيفة أن إيران تستطيع الاستفادة من نجاح المفاوضات الحالية لتعزيز موقعها الدولي، خاصة مع تركيز زيارة ترامب على مصالح واشنطن. وبفضل تقدمها النووي ودعم بعض دول الخليج، تتمتع طهران بموقع تفاوضي قوي. وتُعد المفاوضات، بوساطة عمان ودعم السعودية والإمارات وقطر، فرصة لإلغاء العقوبات وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.