- زاد إيران - المحرر
- أمريكا, إيران, المرشد الإىراني, ترامب, خامنئي, متميز
- 99 Views
كتب: ربيع السعدني
دخلت السياسة الخارجية الإيرانية مرحلة حرجة في مواجهة الضغوط الشديدة من ترامب نتيجة استمرار سياسة الضغط القصوى والعقوبات واسعة النطاق التي وضعت إيران في موقف صعب.
وفي حين تعرب واشنطن عن استعدادها للتفاوض، فإن الظروف الصعبة والضغوط المتزايدة قد تجبر إيران على الاختيار بين الدبلوماسية أو المقاومة. ومن ناحية أخرى، فإن إمكانية تفعيل “آلية الزناد” وعودة العقوبات تشكل تهديدا خطيرا يجب التعامل معه من خلال الدبلوماسية النشطة والاستفادة من الثغرات الدولية.

وبحسب تقرير موقع “فرارو“، فإن تشديد العقوبات من قبل الولايات المتحدة، خاصة في القطاعين المالي والنفطي، يشير إلى استعداد واشنطن لممارسة مزيد من الضغوط. وفي هذه الأثناء، أدت التوترات الجديدة في منطقة الخليج، والهجمات الأخيرة التي شنتها القوات اليمنية على السفن الأمريكية، والاتهامات المباشرة من البيت الأبيض لطهران، إلى زيادة الأزمة.
مزيد من الضغوط
وفي هذه الظروف الحرجة، لا تشير الرسالة الرسمية التي وجهها ترامب إلى طهران بشكل واضح إلى استعداد الولايات المتحدة للتفاوض، بل يتم تفسيرها على أنها تكتيك ضغط جديد من جانب واشنطن، يهدف إلى ممارسة مزيد من الضغوط على إيران لفرض شروط أكثر صعوبة على إيران في مجال السياسة الخارجية.

العصا والجزرة
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن باحث بمعهد واشنطن قوله: “من خلال مهاجمة اليمن وإرسال رسالة إلى إيران، فإن ترامب ينتهج استراتيجية العصا والجزرة”. ويؤكد المراقبون السياسيون أن الهدف هو إضعاف محور المقاومة وفي الوقت نفسه فتح أبواب الدبلوماسية لمنع المواجهة المباشرة.
وفي مواجهة هذا النهج، تواجه إيران خيارين: “المقاومة أو القبول”، إن طريق المقاومة يعني استمرار الضغوط الشديدة من الغرب، ولكن القبول به قد يضعف موقف إيران أيضا. إن استكشاف الخيارات البديلة والاستفادة من القدرات الدبلوماسية هي الطرق الممكنة للخروج من المأزق الحالي.
الدبلوماسية أم التهديد العسكري؟
قد تبدو تصريحات دونالد ترامب المثيرة للجدل، والتي أعلن فيها أن “إيران يجب أن تتفاوض مع الولايات المتحدة تحت أي ظرف من الظروف“، للوهلة الأولى، كأنها تشير إلى أن واشنطن تبحث عن طريقة لتحسين العلاقات وخفض التوترات.
ولكن ما لم يذكره ترامب هو الشروط الباهظة والشروط غير المنطقية التي وضعها لبدء أي حوار مع طهران، يتحدث الرئيس الأمريكي عن استعداده للتفاوض، بينما وراء هذه الكلمات يضع إيران في موقف صعب، حيث ستضطر إلى قبول أقصى قدر من الضغط من أجل أي حوار.

في هذه الأثناء، أكد وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيت، في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، أن ترامب يعتبر “المفاوضات” الخيار الأول لوقف البرنامج النووي الإيراني، وأكد أيضا أن إيران لن تمتلك أسلحة نووية بحلول نهاية رئاسة ترامب.
وقال هيغسيت في المقابلة، إن ترامب أرسل رسالة “واضحة” إلى إيران، مضيفا أن الرئيس الأمريكي بالتنسيق مع وزارة الدفاع والمؤسسات العسكرية في البلاد، وكذلك مع حلفاء الولايات المتحدة، سيفعل كل ما هو ضروري لمنع طهران من الحصول على قنبلة نووية.
كما أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، في تصريحات متطابقة مع وزير الدفاع، أولوية الدبلوماسية في حل القضية النووية الإيرانية، وقال: “ترامب هدفه نشر السلام ويفضل حل هذه القضية من خلال الحوار دون اللجوء للخيار العسكري”.

ولكن، بحسب روبيو، “إذا كان علينا الاختيار بين قبول إيران المسلحة نوويا واستخدام الخيار العسكري، فمن الواضح أن الخيار العسكري سيكون الخيار النهائي”.
السيناريوهات المحتملة
وفي إشارة إلى استعداد إدارة ترامب لجميع السيناريوهات، أكد روبيو: “على الرغم من أننا نفضل حل هذه الأزمة سلميا، فإننا مستعدون لتسليم مسؤولية التعامل مع هذه القضية إلى البنتاغون إذا تطلبت الظروف ذلك”.
وأكد أيضا، أن استعداد واشنطن للحديث لن يكون له معنى إلا عندما تبدي إيران استعدادها للتفاوض، وتشير هذه التصريحات إلى أن إدارة ترامب، على الرغم من إعطاء الأولوية للدبلوماسية، حافظت أيضا على استعدادها للمواجهة العسكرية إذا لزم الأمر.
وفي أحدث ردود الفعل على القضية النووية الإيرانية، وفي يوم الجمعة 21 مارس/آذار 2025، وفي ختام مقابلة مع بودكاست “تاكر كارلسون“، تحدث ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، عن إمكانية سفره أو عضو آخر في حكومته إلى طهران، مشيرا إلى الأبعاد المعقدة للقضية الإيرانية، خاصة في المجال النووي والحاجة إلى الاستعانة بخبراء فنيين، وكان كارلسون قد قدم هذا الاقتراح في السابق.
الاتفاق أو الخيار العسكري
وأضاف ويتكوف: “أعتقد أن هذه القضية لديها فرصة حقيقية للحل دبلوماسيا، ليس لأنني تحدثت بشكل مباشر مع أي شخص في إيران، ولكن منطقيا، يبدو أن هذا المسار يجب أن يتم حله من خلال الدبلوماسية”.
ورغم أن هذا الاقتراح يعد إشارة إلى نهج أكثر مرونة من جانب إدارة ترامب، فإنه لا يتوافق تماما مع الموقف الرسمي لواشنطن، الذي يؤكد الوقف الكامل لجميع الأنشطة النووية الإيرانية.
وأكد المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون الشرق الأوسط، أن “ترامب يتجنب الحرب، لكنه إذا لزم الأمر فسيستخدم القوة العسكرية لمنع الحرب”.
تفكيك البرنامج النووي الإيراني
في هذه الأثناء، أكد مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض مايكل والتز، حزم إدارة ترامب، قائلا: “مرة أخرى إن الولايات المتحدة لا تريد فقط وقف البرنامج النووي الإيراني بالكامل، بل يجب أن تتم هذه العملية بطريقة شفافة وقابلة للتحقق بالنسبة للمجتمع الدولي”.
وفي استمرار لتصريحاته المعادية لإيران، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي: “نحن نسعى إلى تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل“، وأكد والتز في مقابلة مع شبكة “سي بي إس”، أن “جميع الخيارات متاحة”.
تعكس هذه التصريحات المتناقضة التوترات الداخلية داخل الحكومة الأمريكية بشأن كيفية التعامل مع التحديات النووية التي تواجهها إيران.
الدبلوماسية تتطلب الاحترام المتبادل
كتب حسين موسويان، كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين السابق، والأستاذ بجامعة برينستون، في مقال نشره موقع “ميدل إيست آي” الإخباري، أنه يعتقد أن ترامب قادر على النجاح في الدبلوماسية مع إيران وإنهاء الجمود المستمر منذ 40 عاما في العلاقات بين واشنطن وطهران من خلال الالتزام ببعض المبادئ الأساسية.
ويعتقد أن هذه المبادئ تشمل الاحترام المتبادل، وتنسيق الأقوال والأفعال، وتحديد النطاق الدقيق للمفاوضات، والتوصل إلى اتفاق متوازن، وخلق الضمانات لاستدامة الاتفاق.
ويؤكد موسويان في هذا المقال، أن احترام الكرامة الوطنية للإيرانيين، الذين لديهم تاريخ يمتد لسبعة آلاف عام، أمر حيوي لدفع المفاوضات إلى الأمام، وأن استخدام التهديدات أو الإذلال لن يوصلهم إلى طاولة المفاوضات.
وفي مقاله أشار إلى أن أحد أهم المخاوف الإيرانية هو عدم وجود ضمانات كافية للرؤساء الأمريكيين المستقبليين، للالتزام بأي اتفاق جديد، وهي قضية أصبحت أكثر بروزا مع انسحاب ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015.
آلية التفعيل والعقوبات الجديدة
خلال الأشهر القليلة المقبلة، من المرجح أن يتم تفعيل “آلية الزناد” من خلال الدول الأوروبية، وسيتم إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران.
في الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته إيران ومجموعة 5+1 (ألمانيا والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة) في عام 2015، تم تضمين مفهوم إعادة فرض العقوبات على وجه التحديد في البنود المتعلقة بعودة العقوبات.
“آلية الزناد” هي آلية تسمح لأحد الأطراف في الاتفاق (هنا أعضاء مجموعة 5+1) بإعادة فرض العقوبات التي تم رفعها سابقا تلقائيا دون الحاجة إلى موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إذا ثبت بشكل مقنع، أن أحد الأطراف قد انتهك الاتفاق.
بعد تفعيل آلية الزناد أو “سناب باك“، ستعود العقوبات الدولية، خاصة في القطاعات المالية والمصرفية والنفطية والتجارية التي ستضر بإيران، إلى حالتها السابقة، وسوف يشمل ذلك فرض قيود صارمة على صادرات النفط، والوصول إلى الأسواق العالمية، والتجارة الدولية، وجذب الاستثمار الأجنبي.
ومن ثم فإن تفعيل آلية الزناد سيضع إيران تحت ضغوط أكبر من ذي قبل على المستوى الدولي، خاصة في الأمم المتحدة والمؤسسات العالمية الأخرى، ومن شأنه أن يشكل ضربة قوية لمصالح إيران الاستراتيجية وطويلة الأمد.
ما المطلوب من طهران؟
ولمنع تفعيل آلية الزناد، بحسب تقرير “فرارو”، يتعين على إيران أن تفعل الآتي:
- تثبت باستمرارٍ تعاونها الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
- توفر قدرا أكبر من الشفافية في أنشطتها النووية، خاصة في مجال المراقبة والتفتيش.
- تعزيز العلاقات مع الدول الأوروبية، ويجب على إيران أن تحاول على المستوى الدبلوماسي إقناع فرنسا وألمانيا وبريطانيا بأن تفعيل آلية “سناب باك” ليس ضارا بإيران فحسب، بل أيضا بالأمن والاستقرار العالميين.
- باعتبارها الأطراف الرئيسية في الاتفاق النووي، يمكن لهذه الدول أن تلعب دورا حيويا في منع تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات
الخيارات البديلة
وبناءً على هذه المعادلات، فإن إيران مضطرة إلى البحث عن خيارات بديلة تمكنها من منع تصاعد التوترات دون قبول متطلبات واشنطن، ويتم ذلك من خلال:
- الاستفادة من القدرات الدبلوماسية الإقليمية والدولية.
- تعزيز التحالفات الاقتصادية والأمنية مع القوى العالمية الأخرى.
- خلق مساحة جديدة للتفاوض في صيغ خارج الإطار الذي تفضله الولايات المتحدة، يمكن أن تكون سبلا للخروج من المأزق الحالي.