بشروط خمسة.. إيران توافق على الانضمام إلى اتفاقية باليرمو وسط جدل داخلي واشتراطات سيادية

Oplus 131072

تناول موقع “فرارو” الإيراني الإصلاحي، في تقرير له الجمعة 16 مايو/أيار 2025، مسار انضمام إيران إلى اتفاقية باليرمو، بدءا من تقديم اللائحة وحتى موافقة مجمع تشخيص مصلحة النظام عليها بشروط. كما سلّط الضوء على الشروط الخمسة التي وضعتها إيران، وأبرز الانتقادات والجدل السياسي المرتبط بالاتفاقية.

ذكرت الصحيفة أن مجمع تشخيص مصلحة النظام وافق على انضمام إيران إلى اتفاقية باليرمو التابعة للأمم المتحدة، ولكن بشروط محددة. وبحسب محسن دهنوي، المتحدث باسم المجمع، فقد جاءت هذه الموافقة بعد أربعة أشهر من الدراسة المتخصصة لمشروع انضمام حكومة إيران إلى اتفاقية مكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود. وقد جرى بحث المشروع ضمن اللجان التخصصية، إلى جانب عقد خمس جلسات مشتركة وثلاث جلسات عامة متتالية في المجمع.

وتابعت أن انضمام إيران إلى هذه الاتفاقية سيتم مع الالتزام بالشروط التي أضافها البرلمان الإيراني إلى نص مشروع الانضمام، مع التشديد على الالتزام بالدستور والقوانين الداخلية للدولة. تجدر الإشارة إلى أن اتفاقية باليرمو تعتبر من الاتفاقيات التابعة لمجموعة العمل المالي الدولية (FATF).

خلفية تشريعية طويلة للمصادقة على الاتفاقية

ذكرت الصحيفة موضحةً أن مشروع انضمام إيران إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود، والتي تُعرف باتفاقية باليرمو، أُعدّ في عهد حكومة حسن روحاني عبر وزارة الخارجية، وأُحيل إلى البرلمان في مناسبتين، الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2013، حيث قوبل برفض من البرلمان التاسع، والثانية في عام 2016، حيث أعيد عرضه على البرلمان العاشر.

وتابعت أنه قد تمّت المصادقة عليه في عام 2017 بعد إضافة بعض الشروط، إلا أن مجلس صيانة الدستور أبدى اعتراضات عليه، مما أدى إلى إحالته في أكتوبر/تشرين الأول 2018 إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام للبت النهائي. وها هو الملف يُعاد فتحه خلال حكومة مسعود بزشكيان، حيث أدرجه المجمع مجددا ضمن جدول أعماله ووافق عليه بصورة مشروطة.

ما هي اتفاقية باليرمو؟

أوضحت الصحيفة أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود، تمّت المصادقة عليها بتاريخ 21 ديسمبر/كانون الأول 2000، في مدينة باليرمو الإيطالية، ودخلت حيز التنفيذ للدول الأعضاء في الأمم المتحدة 2003. وتهدف الاتفاقية، كما يشير اسمها، إلى مكافحة الجرائم المنظمة التي تتجاوز حدود الدول، من خلال تعزيز التعاون الدولي والتنسيق بين الدول الأعضاء.

وتابعت أن  الدول المنضمة إلى الاتفاقية تُلزم باتخاذ تدابير لمكافحة الجرائم التالية: مكافحة تهريب البشر، خاصةً النساء والأطفال، ومكافحة تهريب المهاجرين برا وبحرا وجوا، ومكافحة تصنيع وتهريب الأسلحة النارية وأجزائها.

وأردفت أن مقدمة الاتفاقية على ضرورة انضمام الدول إلى الاتفاقية الأم؛ حتى يتسنى لها الانضمام إلى البروتوكولات الفرعية الخاصة بكل نوع من الجرائم المذكورة. ومن أهم النقاط التي وردت في الاتفاقية، والتي تم تأكيدها، موضوع مكافحة غسيل الأموال، والذي خُصّص له نص مفصل في المادة السابعة.

ما هي الشروط الخمسة التي وضعتها إيران؟

ذكرت الصحيفة أن البرلمان الإيراني قد أرفق خمسة شروط أساسية ضمن تقرير صدر بتاريخ 16 أغسطس/آب 2017، كشرط للموافقة على انضمام إيران إلى الاتفاقية، وهي كالتالي:

أضافت الصحيفة أولا تفسير وتنفيذ المواد وفق القانون الداخلي ستقوم إيران بتفسير وتنفيذ بنود الاتفاقية، لاسيما المواد 2، 3، 5، 10 و23، استنادا إلى قوانينها الداخلية، وخاصة المبادئ المنصوص عليها في الدستور.

وتابعت: “ثانيا: التحفظ على التحكيم الدولي لا تعتبر إيران نفسها ملزمة بالفقرة الثانية من المادة 35، التي تنص على إحالة النزاعات إلى التحكيم أو محكمة العدل الدولية في حال تعذر حلها عبر التفاوض”. وأكدت إيران أن أي إحالة من هذا النوع يجب أن تتم وفقًا للمادة 139 من الدستور الإيراني.

وذكرت: “ثالثا القرارات القضائية حسب الحالة تحتفظ إيران بحقها في اتخاذ القرار بشأن التعاون القضائي والاسترداد بناءً على المواد 15، 16 و18، بشكل مستقل وحسب كل حالة”.

وتابعت: “رابعا دعم حركات التحرر، ترى إيران أن الاتفاقية لا تمسّ بحق الشعوب أو الجماعات الواقعة تحت الاحتلال أو الاستعمار في مقاومة العدوان وتقرير المصير. ويستند هذا البند إلى المادة 154 من الدستور الإيراني”.

وذكرت: “خامسا: عدم الاعتراف بإسرائيل لا تعني موافقة إيران على الاتفاقية الاعتراف بما يسمى  الإحتلال الإسرائيلي. كما نصت المادة على أن الهيئة المركزية المكلفة بمتابعة تنفيذ الفقرة 13 من المادة 18 ستُعيَّن من قبل مجلس الوزراء”.

ما هي المواد المثيرة للجدل داخل الاتفاقية؟

تابعت الصحيفة توضيح المواد التي اعتبرها البرلمان مثارا للجدل، والتي وردت في الشروط الأولى:

المادة 2: تُعرّف المصطلحات الأساسية مثل الجريمة العابرة للحدود والجماعات الإجرامية المنظمة.

المادة 3: توضّح نطاق تطبيق الاتفاقية وشروط تصنيف الجريمة على أنها فرامليّة.

المادة 5: تنص على ضرورة تجريم المشاركة في الجماعات الإجرامية المنظمة.

المادة 10: تتعلق بمسؤولية الكيانات القانونية عن الجرائم العابرة للحدود وضرورة معاقبتها.

المادة 23: تشير إلى ضرورة تجريم أي سلوك يعيق سير العدالة، بما في ذلك التهديد أو الرشوة.

ما هي أسباب رفض بعض الجهات للاتفاقية؟

أفادت الصحيفة بأن وكالة “تسنيم” كانت من بين الجهات التي عبّرت عن رفضها الشديد لانضمام إيران إلى الاتفاقية، حيث نشرت في 1 فبراير/شباط 2018 تقريرا بعنوان: “ما هي اتفاقية باليرمو ولماذا لا يجب أن تنضم إيران إليها؟”.

وذكرت أن من أبرز المعارضين للاتفاقية النائب سيد حسين نقوي حسيني، المتحدث باسم لجنة الأمن القومي في البرلمان، والذي رأى أن الشروط التي أضافها البرلمان غير كافية، وحذر من نوايا الغرب في استخدام الاتفاقية كوسيلة للضغط على إيران بعد الاتفاق النووي.

كما نقلت الصحيفة عن النائب بزمان‌فر أنه يرى في الانضمام إلى الاتفاقية نوعا من “التحايل الذاتي” الذي سيُفضي إلى فرض قيود على إيران.

وأضاف علي أدياني‌راد، نائب قائمشهر، أن المادة 39 من الاتفاقية، التي تسمح للدول بتقديم تحفظات، تبقى مشروطة بقبول بقية الدول، مما قد يُفقد إيران سيطرتها على هذه التعديلات. وأشار إلى أن بعض الدول مثل مصر وقعت في هذا الفخ، ما جعله يعتبر الاتفاقية أداة بيد النظام العالمي للهيمنة على الدول.

أما حسينعلي حاجي دليكاني، نائب شاهين شهر، فقد شدد على أن الاتفاقية تتعارض بشكل أساسي مع الدستور الإيراني وتضرّ باستقلال البلاد. وأوضح أن تعريف الغرب للإرهاب يختلف عن تعريف إيران، مستدلًا باتهام حزب الله من قبل الولايات المتحدة بتهريب المخدرات، مما قد يُستخدم لاحقا لتقويض دعم إيران لحركات المقاومة.

وختمت الصحيفة بالإشارة إلى أن الموافقة على الاتفاقية تُفسَّر من قبل بعض النواب كموافقة ضمنية على اتهامات موجهة لإيران من قبل الغرب بشأن الجرائم العابرة للحدود، ما يُعد انتقاصا من سيادة البلاد ودورها الإقليمي.