- ربيع السعدني
- متميز
- 111 Views
في تصريح أشعل جدلا واسعا داخل إيران وخارجها، كشف علي شمخاني، المستشار السياسي والعسكري والنووي البارز للمرشد الإيراني علي خامنئي، عن استعداد طهران لتوقيع اتفاق نووي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشروط محددة.
جاء ذلك خلال مقابلة مع قناة NBC News الإخبارية الأمريكية يوم الأربعاء 14 مايو/أيار 2025، حيث أعلن شمخاني أن إيران مستعدة للتخلي عن مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، والتعهد بعدم تصنيع أسلحة نووية، والسماح بتفتيش دولي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المرهقة.
هذه التصريحات، التي تعد الأوضح من داخل دائرة المرشد أثارت غضبا واسعا في إيران، وفتحت الباب أمام تساؤلات حول مستقبل المفاوضات النووية في ظل توترات إقليمية ودولية متصاعدة، بين غصن الزيتون الذي يلوح به ترامب و”الأسلاك الشائكة” التي يراها شمخاني.
يبقى السؤال: هل تنجح المفاوضات في إنهاء أزمة استمرت عقودا، أم أنها ستُفاقم الانقسامات داخل إيران وفي المنطقة؟
قال المستشار السياسي للمرشد الإيراني خلال المقابلة، إن إيران مستعدة لتوقيع اتفاق نووي بشروط معينة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
ويعد شمخاني، أحد أرفع المسؤولين الإيرانيين الذين تحدثوا علنا عن المحادثات النووية الجارية.
رفع العقوبات شرط أساسي

وقال شمخاني إن إيران ستتعهد بعدم تصنيع أسلحة نووية، والتخلص من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب الذي يمكن استخدامه في الأسلحة، والاتفاق على تخصيب اليورانيوم فقط بالمستويات المنخفضة اللازمة للاستخدام المدني، والسماح للمفتشين الدوليين بالإشراف على العملية.
وذلك مقابل الرفع الفوري لجميع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران. وعند سؤاله عما إذا كانت إيران ستوافق على توقيع اتفاقٍ اليوم إذا تمت تلبية تلك الشروط، قال شمخاني: “نعم، هذا ممكن”، وتبدو تصريحاته كأوضح بيان علني حتى الآن بشأن توقعات إيران واستعدادها للتوصل إلى اتفاق من داخل دائرة المرشد الإيراني الذي يملك القول الفصل في جميع قضايا الأمن القومي.
وقال شمخاني: “لا يزال ذلك ممكنا، إذا تصرف الأمريكيون كما يقولون، فمن المؤكد أننا يمكن أن نحظى بعلاقات أفضل”، مضيفا: “قد يؤدي ذلك إلى وضع أفضل في المستقبل القريب”.
جلس شمخاني مع قناة NBC News بعد ساعات فقط من عرض ترامب على إيران “غصن زيتون” مصحوبا بتهديدات بعقوبات اقتصادية ساحقة إذا لم تقبل إيران باتفاق للحد من برنامجها النووي، وأعرب شمخاني عن إحباطه من نبرة ترامب واستمرار تهديداته، وقال: “يتحدث عن غصن الزيتون، الذي لم نره، كل ما نراه هو أسلاك شائكة”.
ترامب يعيد نشر مقابلة شمخاني
وعلى صعيد آخر أعاد ترامب نشر مقابلة شمخاني مع قناة NBC News عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي Truth Social حول الاتفاق مع الولايات المتحدة الذي أكد خلالها إن إيران مستعدة للالتزام بعدم بناء الأسلحة النووية مطلقا، والتخلي عن مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب (الذي لديه قدرات لصنع الأسلحة)، وتخصيب اليورانيوم فقط إلى المستويات المنخفضة اللازمة للاستخدامات المدنية، والسماح للمفتشين الدوليين بمراقبة هذه العملية شريطة رفع كافة العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران على الفور.

وقد كرر ترامب مرارا أن إيران لا يمكن السماح لها بتطوير سلاح نووي ورغم أن إيران نفت دائما سعيها للقيام بذلك، إلا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الجهة الرقابية النووية التابعة للأمم المتحدة، تقول إن إيران قد قامت بتخصيب كمية كافية من اليورانيوم قريب من درجة التخصيب العسكرية لصنع ست قنابل نووية.
وتجري الولايات المتحدة وإيران محادثات حول البرنامج النووي الإيراني منذ أسابيع، حيث وصف المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الجولة الأخيرة في العاصمة العمانية، بأنها “مشجعة”، وأضاف خلال مقابلة مع موقع بريتبارت الإخباري “لن نقبل باتفاق ضعيف مع إيران، وإذا لم يكن الاتفاق المقترح قويا فسوف ننسحب منه”.
منشآت نووية ثلاث تدرس واشنطن تفكيكها
وقال أيضا: “خطنا الأحمر هو: التخصيب صفر، وهذا يعني تفكيك المنشأة وعدم تسليحها وتفكيك منشآت التخصيب الثلاث في نطنز وفوردو وأصفهان.. هذه هي المنشآت النووية الثلاث التي ندرس تفكيكها”.
وفي المقابل، وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي المفاوضات بأنها “صعبة ولكنها مفيدة”، وأكد أن “التخصيب قضية لن تتخلى عنها إيران، ولا مجال للتنازل عنها” وأضاف: “ومع ذلك، قد تتغير أبعاده ومستوياته أو كمياته لفترة معينة للسماح ببناء الثقة”.
وفي سياق متصل، أوضح مجيد تخت روانجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، في مقابلة مع وكالة تسنيم للأنباء على هامش الحدث، التصريحات الأخيرة لعراقجي كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين بعد الاجتماع في مسقط، يوم الأحد 11 مايو/أيار 2025، بشأن الحد من مستوى وكمية التخصيب كإجراء لبناء الثقة بالمفاوضات، قال: “لم ندخل بعد في التفاصيل بشأن مستوى وكمية التخصيب، وفي إطار ذلك، أعلنا أنه لفترة محدودة، يمكننا قبول سلسلة من القيود المتعلقة بمستوى وقدرة التخصيب وقضايا أخرى في المجال النووي، كتدابير ضمان عن الإطار”.
إجراءات بناء الضمانات
وأوضح تخت روانجي أن هذا الإعلان عن استعداد إيران لاتخاذ مثل هذه الإجراءات يأتي في مقابل رفع العقوبات، مضيفا: “لذلك فإن إجراءاتنا ليست خطوات أحادية الجانب، بل هي جزء من إجراءات بناء الضمانات التي يمكن أن تطرحها إيران لتقول إن برنامجنا النووي سلمي بالكامل”، وأكد نائب وزير الخارجية: “في المقابل، يجب على الآخرين أن يتخذوا إجراءات لرفع العقوبات
وفي مقابلة الأربعاء 14 مايو/أيار 2025، أعرب شمخاني عن قلقه من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المعروف بلقب بيبي، قد يحاول عرقلة العملية من خلال الضغط الخلفي في واشنطن، وأضاف: “إذا تخلص الأمريكيون من نفوذ نتنياهو في واشنطن، فإن التوصل إلى اتفاق مع إيران سيكون ممكنا”.

ترامب: أريد تسوية ملف ايران عاجلا
وعلى الجانب الآخر قال الرئيس دونالد ترامب يوم الأربعاء 14 مايو/أيار 2025، بحسب وكالة أسوشيتيد برس، إنه يريد بشكل عاجل، “التوصل إلى اتفاق مع إيران لتقليص برنامجها النووي، لكن على طهران أن تنهي دعمها للجماعات الوكيلة في جميع أنحاء الشرق الأوسط كجزء من أي اتفاق محتمل”، وأكد الرئيس الأمريكي أن إيران لن تحصل على سلاح نووي أبدا، وقال أيضا إنه “مستعد لإنهاء الصراعات الماضية وخلافاتنا العميقة مع إيران، أريد التوصل إلى اتفاق مع إيران لجعل العالم مكانا أكثر أمانا”.
وأضاف ترامب أنه إذا رفضت إيران غصن الزيتون الذي اقترحه بشأن الاتفاق النووي، “فلن يكون أمامنا خيار سوى ممارسة أقصى قدر من الضغط على نطاق واسع”، وواصل ادعاءاته قائلا إننا منعنا إيران من تسمية الخليج العربي بـ “الخليج الفارسي”.
لكن في تصريحات أدلى بها في وقت سابق خلال اجتماع مجلس التعاون الخليجي الذي استضافه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في الرياض، أوضح ترامب أنه يتوقع من طهران إنهاء دورها كأكبر داعم مالي للجماعات المسلحة.
ترامب يضع شروطه للتوصل إلى اتفاق مع إيران
وقال ترامب خلال لقائه بقادة مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض: “يجب على إيران أن تتوقف عن رعاية الإرهاب، وأن توقف حروبها الدموية بالوكالة، وأن تنهي بشكل دائم وقابل للتحقق سعيها لامتلاك أسلحة نووية، لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي”.
وفي وقت سابق أدلى الرئيس الأمريكي ترامب بتصريحات عدائية تُظهر أنه لم يعترف بعد بحقيقة الشعب الإيراني؛ “إنهم لا يعرفون الحماسة والفروسية والتسامح والتضحية لهذه الأمة” ورد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على ذلك، خلال اجتماع بالنخب الإيرانية في محافظة كرمانشاه، قائلا: “نحن نسعى للسلام ولا نسعى للحرب، ولكننا لن نبيع كرامتنا وكبريائنا مقابل أي شيء، ولن ننحني لأي قوة أو نستسلم”.

ومع ذلك، هناك إشارات على أن ترامب قد بدأ في الابتعاد عن نتنياهو وكانت شبكة NBC News قد أفادت سابقا، نقلا عن اثنين من المسؤولين الأمريكيين ودبلوماسيين من الشرق الأوسط وشخصين آخرين مطلعين على التوترات، أن الزعيمين باتا على خلاف متزايد بشأن استراتيجية التعامل مع التحديات في المنطقة، وضمن ذلك إيران.
وأيد نتنياهو العمل العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، ولكن ترامب يرى الآن فرصة لإزالة تهديد امتلاك إيران لسلاح نووي من خلال إبرام صفقة مع الحكومة، وفقا للمصادر.
وقد أجرت الولايات المتحدة وإيران أربع جولات من المحادثات منذ أوائل الشهر الماضي، وقال ترامب إنه يعتقد أن التوصل إلى اتفاق نووي ممكن، لكنه حذر من أن النافذة الزمنية تضيق، وتأتي أحدث جهود الرئيس الجمهوري للضغط على إيران لوقف دعمها لحماس في غزة وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن في وقت تواجه فيه شبكة وكلائها في الشرق الأوسط انتكاسات كبيرة منذ الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في أحداث “طوفان الأقصى” خلال السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.