- ربيع السعدني
- متميز
- 43 Views
كتب: ربيع السعدني
حذرت إيران الأوروبيين من استغلال تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي سرب مؤخرا لأهداف سياسية، في تصعيد جديد يهدد بإشعال فتيل التوتر الدولي، أطلقت إيران تحذيرا صلبا للدول الأوروبية من استغلال تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لأغراض سياسية.
وسط اتهامات دولية بتسريع تخصيب اليورانيوم وتنفيذ أنشطة نووية “سرية”، أكدت طهران، عبر وزير خارجيتها عباس عراقجي وبيان مشترك مع منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أنها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أي تحركات “غير لائقة”، التقرير، الذي وصفته إيران بـ”المتحيز” و”المتأثر بالضغوط الإسرائيلية”، يفتح الباب أمام مواجهة دبلوماسية حامية، بينما تلوح طهران برد “مناسب” لحماية مصالحها، فهل نحن على أعتاب أزمة نووية جديدة؟
في هذا المجال أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن بلاده سترد إذا “استغلت” الدول الأوروبية التقرير لأهداف “سياسية” بعد أن اتهم طهران بتسريع وتيرة إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب، وأضاف في مكالمة هاتفية مع المدير العام للوكالة رافائيل غروسي إن “إيران سترد بشكل مناسب على أي تحرك غير لائق من جانب الأطراف الأوروبية”، ودعا عراقجي الوكالة إلى عدم إتاحة الفرصة “لبعض الأطراف” لإساءة استخدام التقرير “لتحقيق أهدافها السياسية” ضد إيران.
بيان إيراني مشترك
وفي سياق متصل أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية بيانا مشتركا أعربتا فيه عن رفضهما القاطع لما ورد في تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي اتهمت فيه إيران بتنفيذ أنشطة نووية “سرية”، وذكر البيان أن “الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعدت تقريرها الجديد بسبب ضغوط عليها، مشيرة إلى أن التقرير الجديد يتجاوز المهام الموكلة إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي ويتعارض مع المعايير المهنية التي تحكم أنشطة المنظمات الدولية، خاصة مبدأ الحياد.

وجاء في البيان المشترك، بحسب ما نقلته وكالة “إرنا”، أن “إعادة طرح مزاعم لا أساس لها وتكرارها في التقرير، إلى جانب القلق المبالغ فيه بشأنها، لا يضفي شرعية على هذه الاتهامات، بل يشكل ذريعة لحملات سياسية ضد طهران”، وعبر البيان عن الأسف لأن التقرير الصادر “رغم اعترافه بالتعاون الإيراني، لم يعكس مستوى التعاون الحقيقي”، وندّد بما وصفه بـ”الاعتماد الواسع على وثائق مضللة”، قدمتها إسرائيل “لإعادة إحياء اتهامات سابقة لا تستند إلى أدلة”.
وأضاف البيان أن الاتهامات تركزت على مزاعم بوجود مواقع أو أنشطة نووية غير معلنة تعود إلى عقود مضت، مؤكدا أن طهران أوضحت مرارا أنها لا تملك أنشطة نووية غير مصرح بها، وقد قدمت كل التوضيحات والمعلومات المطلوبة للوكالة بشأن المواقع المذكورة”، وأعربت طهران عن “أسفها العميق إزاء افتقار المدير العام للوكالة للحياد وتجاهله للنهج المهني، متأثرا بالضغوط السياسية في إعداد ونشر هذا التقرير”، مؤكدا أن “الأسلحة النووية ليست لها مكان في العقيدة الدفاعية الإيرانية”، مشددا على أن “برنامج التخصيب الإيراني مخصص للأغراض السلمية فقط، ويخضع للإشراف الكامل من جانب الوكالة”.
وأكمل: “وأخيرا، تم التأكيد على أنه إذا كانت بعض البلدان تنوي إساءة استخدام تعاون إيران وتفاعلاتها مع الوكالة ونهجها الشفاف وبناء الثقة في أنشطة التحقق التي تقوم بها الوكالة أو التقرير الحالي خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران ستتخذ وتنفذ التدابير المناسبة ردا على مثل هذا النهج، من أجل حماية الحقوق والمصالح المشروعة للبلاد، والتي ستتحمل تلك البلدان عواقبها ومسؤولياتها”.
ماذا جاء في تقرير الوكالة النووية؟

قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تقرير سري إلى الدول الأعضاء اطلعت عليه رويترز، ونقلته وكالة تسنيم للأنباء، إن إيران نفذت في السابق أنشطة نووية سرية بمواد لم تعلن عنها للوكالة التابعة للأمم المتحدة في ثلاثة مواقع كانت قيد التحقيق منذ فترة طويلة، وجاء في التقرير “الشامل” الذي طلبه مجلس محافظي الوكالة الدولية في نوفمبر أن “هذه المواقع الثلاثة، ومواقع أخرى محتملة ذات صلة، كانت جزءا من برنامج نووي منظم غير معلن نفذته إيران حتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وأن بعض الأنشطة استخدمت مواد نووية غير معلن عنها”.
كما كشف التقرير أن طهران سرّعت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وأوضح أنه حتى 17 مايو/أيار، قامت إيران بتخزين 408.6 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60%، وهذه زيادة بواقع 133.8 كيلوغرام منذ آخر تقرير أجرته الوكالة في فبراير.
وأضافت الوكالة أن “إيران جمعت كمية إضافية من اليورانيوم المخصب بنسبة قريبة من المستخدم في سلاح نووي”، داعية طهران للتعاون مع تحقيقاتها، وتبعد هذه المادة خطوة تقنية قصيرة عن المستويات الصالحة لصناعة أسلحة ونسبتها 90%، وجاء التقرير في وقت حساس فيما تجري طهران وواشنطن العديد من جولات المحادثات بشأن اتفاق نووي محتمل يسعى الرئيس الأمريكي إلى التوصل إليه.

في الأسابيع الأخيرة، اعتمد زعماء بريطانيا وألمانيا وفرنسا لغة هجومية حادة تجاه الأنشطة النووية الإيرانية، وينبع الكثير من هذه السياسة العدائية من قدرة الأوروبيين المحتملة على استحضار آلية الزناد “سناب باك”، ابني تعد جزءا من خطة العمل الشاملة المشتركة التي سمحت للدول الأوروبية ببدء عملية إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران إذا وجدت أنها تنتهك خطة العمل الشاملة المشتركة، وبطبيعة الحال، فإن هذه الآلية صالحة فقط حتى 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025.
وبعد ذلك لن يُسمح للدول الأعضاء في خطة العمل الشاملة المشتركة باستخدامها، ولذلك ربما يمكننا أن نخمن ما هو السبب وراء الضغوط التي تمارسها الترويكا الأوروبية على إيران هذه الأيام.
محاولة سياسية لتشويه إيران بمزاعم باطلة
وعلى الجانب الآخر أصدر كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية الإيراني، بيانا ردا على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واصفا إياه بمحاولة سياسية لإحياء ادعاءات غير مثبتة، وانتقد التقرير لاستناده إلى قرار نوفمبر/ كانون الثاني 2024 الذي تبنته الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة، متجاهلا إنجازات زيارة المدير العام لإيران.
وأكد آبادي أن التقرير ركز على وجود مواد نووية في أربعة مواقع مزعومة منذ عقدين، استنادا إلى بيانات ملفقة من إسرائيل، دون دليل على انحرافات نووية حالية، مشيرا إلى تناقض الوكالة التي نفت وجود برنامج نووي غير معلن مستمر، متهما إياها بالخضوع لضغوط سياسية، ودافع عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، مؤكدا أنه يجري تحت إشراف الوكالة وهو قرار غير محظور.

كما رد على اتهامات إلغاء تعيين مفتشين، موضحا أن ذلك رد على إجراءات سياسية من دول أوروبية، أكد استمرار تعاون إيران مع الوكالة، مشيرا إلى تحركات سياسية ضد إيران بينما تُغلق ملفات دول أخرى، وختم بتأكيد التزام إيران بعدم امتلاك أسلحة نووية، محذرا من عواقب استمرار الضغوط السياسية.
إنذار صريح
في المقابل اعتبرت إسرائيل أن آخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول برنامج إيران النووي يؤكد “بشكل لا لبس فيه” أن طهرانىتعمل على تطوير أسلحة نووية، ودعت المجتمع الدولي لـ”وقف إيران فورا”.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان له يوم السبت 31 مايو/أيار 2025، إن تقرير الذرية الدولية يمثل “إنذارا صريحا” من أن طهران لا تزال عازمة على استكمال برنامجها للأسلحة النووية، وأضاف البيان: “يؤكد التقرير بشكل لا لبس فيه ما كانت إسرائيل تقوله منذ سنوات عديدة: إن الهدف من البرنامج النووي الإيراني ليس سلميا، وتشهد على ذلك المستويات المقلقة لأنشطة تخصيب اليورانيوم الإيرانية، فهذا المستوى من التخصيب لا يوجد إلا في الدول التي تعمل على تطوير أسلحة نووية، ولا يوجد له مبرر مدني”.
خيارات أخيرة

وتأتي هذه الادعاءات في وقت أكد فيه مسؤولو طهران مرارا على الطبيعة السلمية لبرنامجهم النووي وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية هي التي تقوم بأكبر عدد من الزيارات والمراقبة لـ إيران التي لطالما حذرت دول الترويكا الأوروبية الثلاث من ابتزاز طهران باستخدام آلية الزناد، بحسب تقرير لوكالة تسنيم للأنباء وينبغي بالتأكيد توضيح هذه التحذيرات ليس فقط على طاولة المفاوضات مع دول “فرنسا وبريطانيا وألمانيا” والتي تجري بالتوازي مع المفاوضات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة، بل وأيضا في المواقف الصريحة والعلنية للدبلوماسيين الإيرانيين.
وعن أهم الخيارات المحتملة المتاحة أمام طهران، جاء في التقرير أن الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، وطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والحق في استدعاء برنامج الأسلحة النووية، وإخفاء مخزونات اليورانيوم المخصب هي من بين الإجراءات التي سيكون لدى طهران القدرة على تنفيذها إذا تم تفعيل آلية الزناد وعودة العقوبات المتعددة الأطراف من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.