- يسرا شمندي
- 63 Views
ترجمة: يسرا شمندي
نشرت صحيفة فرهيختكان، في 2 مايو/أيار 2025، تقريرا أكدت فيه أن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة تشهد حاليا تصعيدا كبيرا، حيث يسعى الطرفان إلى بناء الثقة واتخاذ خطوات نحو التوصل إلى اتفاق محتمل في عام 2025. ورغم ذلك، فإن هذه العملية لن تكون سهلة بسبب تراكم انعدام الثقة بين الطرفين، خاصةً منذ فترة ما قبل الثورة، وهو ما يشكل تحديات كبيرة أمامهما.

وقد أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في مقابلة حديثة مع قناة الجزيرة، أن كسب ثقة إيران ليس بالأمر السهل، لأن الأموال الإيرانية مجمّدة منذ سنوات في عدة دول بسبب الإجراءات الأمريكية، وأشار إلى أن إيران أوفت بالتزاماتها، بينما لم تلتزم الحكومة الأمريكية بتعهداتها، ويجب عليها اتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز الثقة.
والجدير بالذكر أن من بين القضايا التي قد تكون محل نقاش، والتي قد تطلب إيران من الجانب الأمريكي تنفيذها كجزء من عملية بناء الثقة، الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة في الخارج. ومن المؤسف أنه لا توجد إحصاءات رسمية دقيقة عن حجم هذه الأصول، إلا أن التقرير الحالي يحاول من خلال مراجعة الأخبار وتصريحات المسؤولين الحكوميين والخبراء، تسليط الضوء على هذا الموضوع.
كم تبلغ قيمة الأموال الإيرانية المجمّدة؟
منذ إعلان التوصل إلى الاتفاق النووي في عام 2015، تم نشر تصريحات متناقضة حول حجم أصول إيران في الخارج. حيث تتراوح التقديرات بين 20 مليار دولار و180 مليار دولار، ففي البداية قدم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تقديرا يقارب 100 مليار دولار في حديثه مع الصحفي الأمريكي فريد زكريا، ثم قلص هذا الرقم إلى نصفه أي بين 50 و60 مليار دولار.
وفي عام 2015 في وقت توقيع الاتفاق النووي، ادعى أستاذ الاقتصاد في مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة برانديز الأمريكية نادر حبيبي، في مقال له، أن القيمة الإجمالية لجميع الأصول المجمدة لإيران منذ عام 1979 ربما تزيد على 100 مليار دولار.
ومع ذلك، فإن الأصول التي سيتم تحريرها بعد توقيع الاتفاق النووي هي الأصول التي تم تجميدها حديثا بسبب البرنامج النووي الإيراني، وهذه الأصول تشكل فقط جزءا صغيرا من إجمالي الأصول المجمدة لإيران، ومن المرجح أنها لن تشمل أيّا من الأصول الموجودة في الولايات المتحدة، وقد أعلن أن حجم الأصول الإيرانية هو 102 مليار دولار، مع تخصيص 89.6 مليار دولار في الخارج و12 مليار دولار في الولايات المتحدة.
كل هذا في الوقت الذي أعلن فيه رئيس البنك المركزي الإيراني آنذاك سيف، في 4 أغسطس/آب 2015، أن حجم الأصول المجمدة لإيران يبلغ 29 مليار دولار، وهو الرقم الذي أكده وزير الاقتصاد آنذاك علي طيب نيا.
وقد صرّح سيف بأن حجم الأصول المجمدة لإيران هو 29 مليار دولار، منها 23 مليار دولار من أموال البنك المركزي في دول اليابان وكوريا والإمارات العربية المتحدة، و6 مليارات دولار من مبيعات النفط الموجودة في الهند.
ومن بعد إعلان الرقم البالغ 29 مليار دولار من قبل سيف، قدم نائب محافظ البنك المركزي الإيراني للشؤون النقدية غلام علي كامياب، بعض التوضيحات حول هذا الموضوع، مشيرا إلى الفرق بين مفهوم “الاحتياطيات النقدية” و”الأصول النقدية”.
وقال: “إن الموارد التابعة للبنك المركزي التي ستُحرر بموجب تنفيذ الاتفاق النووي وتصبح قابلة للاستخدام تبلغ نحو 23 مليار دولار، كما سيتم تحرير 6 مليارات دولار من الأصول المجمدة التابعة للحكومة التي هي عوائد صادرات النفط، وستُودع في حساب البنك المركزي”. وأضافأن مجموع الأموال المحررة والقابلة للوصول سيكون حوالي 29 مليار دولار.
وفي متابعة لتوضيحاته، قال كامياب: “يضاف إلى هذا الرقم 22.4 مليار دولار كضمانات في الصين لتمويل المشاريع، ونحو 24.5 مليار دولار تم إيداعها في شركة تابعة لوزارة النفط، ونحو 10 مليارات دولار كودائع لدى البنوك الإيرانية، و3.7 مليار دولار من السندات المجمدة نتيجة لحكم محكمة، إضافة إلى الأموال المتاحة في الحسابات”.
كما أضاف: “في الوقت ذاته، يوجد نحو 10 مليارات دولار كودائع لدى البنوك المحلية بناءً على قرارات هيئات مختلفة، وهذه تعتبر جزءاً من الأصول المتاحة”. وفي الختام، أكد أن “23 مليار دولار هي موارد البنك المركزي و6 مليارات دولار تخص الحكومة، والآن هي مجمدة في الحسابات الخارجية، وفي المجموع، لدينا نحو 90 إلى 100 مليار دولار من الأصول المجمدة في البنوك الأجنبية”.
هل تم تحرير جميع أموال إيران بموجب الاتفاق النووي؟
في ضوء ذلك أُعلِنَت تقديرات متباينة بشأن حجم الأموال المجمدة العائدة لإيران قبيل توقيع الاتفاق النووي، إلا أن التقارير التي تلت توقيع الاتفاق تشير إلى أن طهران تمكّنت من استعادة ما يقارب 40 مليار دولار من أصولها المجمدة خلال الفترة الممتدة من توقيع الاتفاق وحتى انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب منه عام 2018.
ومن بين هذه التقارير، يُشار إلى تقرير البنك الدولي الصادر في أغسطس/آب 2016، والذي أفاد بأن إيران استطاعت خلال الأشهر الثمانية الأولى من تنفيذ الاتفاق النووي الوصول إلى نحو 30 مليار دولار من أموالها المحتجزة في البنوك الأجنبية، وفي تقارير إعلامية أخرى، ظهرت تقديرات مختلفة، غير أن العديد منها يشير إلى أن إجمالي المبالغ التي فُكّ تجميدها بعد الاتفاق النووي بلغ نحو 40 مليار دولار.
من نفي إيران إلى تأكيد أمريكا؟
صرح وزير الخارجية الإيراني آنذاك أمير عبداللهيان في 6 سبتمبر/أيلول 2023، بأنه لا توجد أموال مجمدة في أي دولة، وقال لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إنه “يمكننا استخدام الأصول التي بحوزتنا”.
وفي سبتمبر/أيلول 2023، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية آنذاك ناصر كنعاني، إنه “لا توجد لدينا أموال مجمدة كثيرة في دول أخرى”، وأضاف أن “لدينا أموالا مجمدة في اليابان التي تمكنا من الوصول إليها واستخدامها في الحالات التي نحتاجها”، كما أشار إلى وجود أموال مجمدة في تركيا، وأن الوصول إليها متاح بشكل نسبي.
ومع ذلك، في 7 سبتمبر/أيلول 2023، تحدث نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية شهريار حيدري في البرلمان، في مقابلة مع صحيفة “تعادل” عن موضوع الأموال المجمدة لإيران وقال: “لدينا أموال مجمدة في دول مثل أمريكا، بريطانيا، كوريا، الصين، والعراق من بين هذه الدول، وقد كانت العراق رائدة في تحرير أموال إيران، كما أن أكبر حجم من الأموال المجمدة لإيران يوجد في كوريا والعراق، حيث يدينان لإيران بنحو 16 مليار دولار”.
بشكل إجمالي، لا توجد إحصاءات دقيقة حول قيمة الأصول المجمدة لإيران في الدول الأجنبية، ولكن في عام 2021، أعلن خدمة أبحاث الكونغرس الأمريكي أن الرقم يتراوح بين 100 و120 مليار دولار. كما ذكر المقرر الخاص لمجلس حقوق الإنسان ألين دولهان في عام 2022، أن الأصول المجمدة لإيران تتراوح بين 100 و130 مليار دولار.
كما قدّر صندوق النقد الدولي في تقريره لعام 2022، قيمة الأصول المجمدة لإيران حتى نهاية أبريل/نيسان 2020 بنحو 115 مليار دولار، وتشمل بعض هذه الأصول الأموال النقدية الناتجة عن مبيعات النفط والغاز، ولكن جزءا كبيرا منها غير نقدي، ويشمل أسهم الشركات الأمريكية والأوروبية التي تم شراؤها قبل الثورة الإسلامية.
من 2 إلى 12 مليار دولار في أمريكا!
بدأت العقوبات الأمريكية وتجميد الأصول الإيرانية مع انتصار الثورة الإسلامية في عام 1979، وللمرة الأولى، جرى تجميد أصول إيران بأمر من الرئيس جيمي كارتر بعد حادثة احتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين كرهائن، حيث قطعت الولايات المتحدة علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع إيران، كما حظر كارتر استيراد النفط الإيراني وجمّد نحو 11 مليار دولار من أصول إيران.
وفي عام 1981، وُقّع اتفاق بوساطة الجزائر لإعادة هذه الأصول، لكنه لم يُنفذ قط، وفي الواقع لا توجد إحصاءات دقيقة عن الأموال النقدية الإيرانية في البنوك الأمريكية وقت الثورة، ولكن بعض التقديرات تشير إلى أن الأصول المجمدة كانت تتراوح بين 10 و12 مليار دولار، ويُقال إن نحو 8 مليارات دولار من هذه الأموال قد أُعيدت إلى إيران.
على مدار هذه السنوات، تم تجميد بعض الأصول الإيرانية بالكامل، بينما خضعت أصول أخرى لقيود شديدة، دون وجود إحصاءات دقيقة حول حجمها. ووفقا لأحدث تقرير صادر عن وزارة الخزانة الأمريكية بشأن تجميد الأصول الإيرانية، فإن ما يقرب من مليار و973 مليون دولار من الأصول المالية الإيرانية لا تزال مجمدة داخل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى 19 مليون دولار من الأصول “المفرج عنها” مثل الأموال المخصصة لبعثة إيران لدى الأمم المتحدة، والتي تُعتبر محمية بموجب الحصانة الدبلوماسية، لكنها أيضا خاضعة للتجميد.
أشار نادر حبيبي في تقرير عام 2015، إلى أن الأصول المالية والمادية الإيرانية في الولايات المتحدة، والتي جُمّدت بشكل أساسي خلال السنوات الأولى بعد الثورة الإسلامية، كانت تبلغ في الأصل نحو 12 مليار دولار، لكنه أوضح أن القيمة الحالية لهذه الأصول ارتفعت بشكل كبير نتيجة تراكم العوائد السنوية على مدى أكثر من 30 عاما، فوفق معدل عائد متحفظ يبلغ 3% سنويا، تُقدّر القيمة الحالية لهذا المحفظة المالية بعد 35 سنة بما يزيد على 33 مليار دولار، ومع ذلك، يبقى من غير الواضح مقدار ما تمكنت إيران من استرداده من هذه الأصول داخل الولايات المتحدة بعد الاتفاق النووي.
من حفرة كوريا إلى بئر قطر.
في منتصف عام 2024، انتشر خبر الإفراج عن 7 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمّدة، لكن هذه القضية كانت معقّدة بطبيعتها. فقد جُمّدت هذه الأموال في كوريا الجنوبية بسبب العقوبات التي فرضها دونالد ترامب.
وكان عبد الناصر همتي، محافظ البنك المركزي الإيراني السابق، أول من أعلن عن الإفراج عن هذه الأموال، وكانت كوريا الجنوبية هي المشتري الوحيد للمكثفات الغازية من إيران، إلا أن عائدات هذه الشحنات بقيت مجمّدة بسبب العقوبات. وقد خُصّص جزء من هذا المبلغ لشراء الأدوية، لكن كوريا الجنوبية دفعت لإيران ما يقرب من مليار دولار أقل من المبلغ الفعلي بسبب انخفاض قيمة عملتها.
وفي عام 2023 تم التوصل إلى اتفاق بين إيران والولايات المتحدة لتبادل السجناء، تضمن الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمّدة (بعد خصم نحو مليار دولار كرسوم وتكاليف أخرى)، حيث نُقلت هذه الأموال من البنوك الكورية إلى بنوك في قطر، على أن تستخدمها إيران فقط لشراء سلع غير خاضعة للعقوبات ولأغراض إنسانية.
لكن بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ، أفادت ثلاث صحف أمريكية بأن الولايات المتحدة طلبت من قطر تجميد وصول إيران إلى هذه الأموال، وتم بالفعل التوصل إلى اتفاق يقضي بمنع إيران من استخدام هذه الأموال المودعة في البنوك القطرية
أما الدولة التالية فهي الصين، ويُقال إن لديها ما بين 22 و30 مليار دولار من عائدات بيع النفط الإيراني. أما العراق، فهو دولة أخرى لم تتمكن إيران من استلام جزء كبير من مستحقاتها لقاء بيع الكهرباء والغاز إليه. كما أن لدى إيران أصولا في اليابان تُقدّر بنحو 2 مليار دولار، إن هذه الأرقام تم الإعلان عنها رغم أن بعضها قد تم نفيه من قبل حكومة إبراهيم رئيسي، ويُعد الرقم الوحيد المُعتمد رسميا هو مبلغ الـ6 مليارات دولارٍ الموجود في قطر.