- زاد إيران - المحرر
- 25 Views
كتبت: مطهرة ميرزائي
أعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، السبت 7 يونيو/حزيران 2025، نقلا عن مصادر مطلعة، عن تحقيق “أكبر انتصار لأجهزة الاستخبارات الإيرانية” في مواجهة أجهزة التجسس التابعة لإسرائيل.
ووفقا للمعلومات المنشورة في وسائل الإعلام الإيرانية، تمكنت الأجهزة الأمنية الإيرانية من تنفيذ عملية “ميدانية وسيبرانية” معقدة داخل الأراضي المحتلة، أفضت إلى الاستحواذ على كميات كبيرة من الوثائق الاستراتيجية الإسرائيلية، لا سيما تلك المتعلقة بالبرنامج النووي الإسرائيلي.
وبحسب المصادر، فقد جرى نقل هذه الوثائق الحساسة إلى داخل الأراضي الإيرانية، حيث وُضِعت في موقع آمن، لتخضع لاحقا للفحص والدراسة من قبل الجهات المختصة.
العملية التي أُطلق عليها اسم “الوعد الصادق السيبراني” اعتُبرت، بحسب وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، استعراضا جديدا لقوة إيران، لكن ما ميّز هذه المواجهة عن سائر العمليات السابقة كان أسلوب تنفيذها وطريقتها المختلفة.
وبحسب بعض المستخدمين من “التيار الأصولي” على منصات التواصل الاجتماعي، فإن هذه العملية تمهيدٌ للوعود الصادقة المقبلة، وعمقها الاستراتيجي بالغٌ إلى درجة أنها تصلح لتكون أساسا حتى لـ”الوعد الصادق العاشر”.
كما أفادت حسابات أمنية إسرائيلية بأن الوثائق المعنية قد سُحبت من وزارة الأمن الداخلي، ومن خوادم مرتبطة بالبرنامج النووي، وبعض الوثائق الموجودة في مجمع “هاكيريا”، ثم نُقلت إلى إيران.

وقد بلغت أصداء هذا الانتصار الكبير في ميدان “حرب الظل” من العمق والاتساع، حدّ أن بعض المحللين تحدّثوا عن احتمال حدوث “زلزال” داخل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وإقالة رؤساء جهاز “الشاباك” و”الموساد”، بل ربما محاكمتهم.
وسيتم قريبا نشر الوثائق التي تم الحصول عليها من خلال هذه العملية السيبرانية.
أما التوصيف الذي أطلقه عليها السيد إسماعيل خطيب، وزير الاستخبارات، فقد ضاعف من أهمية الحدث.
فقد وصف إسماعيل خطيب، وزير الاستخبارات، هذه العملية في تصريح لوكالة “إيسنا” بـ”كنز المعلومات الاستراتيجية لإسرائيل”، مؤكدا أن الوثائق التي تم الحصول عليها تعود إلى منشآت نووية إسرائيلية.
وأضاف أن هذه الوثائق تعزز من القدرة الهجومية للبلاد، مشيرا إلى أن ما تم الحصول عليه يشمل وثائق نووية كاملة، إضافة إلى معلومات تتعلق بالولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى، معتبرا أن هذه الوثائق تعزّز من القدرات الهجومية الإيرانية.
وأوضح وزير الاستخبارات أن هذه العملية كانت واسعة النطاق، شاملة ومعقدة، وقد تم التخطيط لها بدءا من الاختراق، مرورا بتجنيد المصادر، وانتهاء بتوسيع الوصول إلى تلك المصادر، مما أتاح – بفضل الله – الحصول على هذا الكنز الاستراتيجي.
وأكد خطيب أن أهمية هذه الوثائق لا تقل عن أهمية طريقة نقلها، قائلا: لقد حمينا هذه الوثائق وطريقة نقلها، وكما استغرقنا وقتا للإعلان عن الوصول إليها وضمان نقلها الآمن إلى داخل البلاد، فإننا سنحمي طرق نقلها كذلك. ولن نعلن قريبا عن أساليب النقل، لكننا سنقوم بنشر الوثائق في القريب العاجل.

البرنامج النووي الإسرائيلي هدفه تخفيف الضغط عن نفسه
قال “أندريه مهاوج”، رئيس تحرير قناة “فرانس 24″، إن تمكّن إيران من الوصول إلى معلومات نووية سرّية تخصّ إسرائيل، يُظهر القدرات الاستخباراتية المتقدّمة لطهران. وأضاف أن إيران، من خلال كشفها عن معلومات نووية حساسة، تسعى لإقناع العالم بأن البرنامج النووي الإسرائيلي هو في جوهره برنامج عسكري، يهدف إلى التخفيف من الضغوط الدولية المفروضة على تل أبيب. كما اعتبر هذه الخطوة الإيرانية بمثابة إجراء استباقي في مواجهة أيّ هجوم سيبراني قد تنفّذه إسرائيل ضد إيران مستقبلا.
من جانبه، يرى حسين كنعاني مقدم، الخبير في الشؤون الخارجية، أن سيطرة إيران واختراقها للبُنى الاستخباراتية التابعة للموساد – الذي يُعدّ من أقوى أجهزة الاستخبارات عالميا – يدلّ على تفوّق إيران المعلوماتي. وأشار إلى أن الوثائق التي تمّ الحصول عليها تكشف عن:
- أنشطة غير قانونية تقوم بها إسرائيل في المجال النووي
- التكتّم الشديد على هذه الأنشطة
- إضافة إلى أعمال إرهابية نُفذت ضد قوى نووية أخرى في العالم، مثل ما حدث في سوريا، والعراق، وفي مناطق متعدّدة، فضلا عن اغتيال علماء نوويين.
وأكد أن كل هذه الوقائع تُعدّ ذات أهمية كبرى، ويمكن أن تُستخدم في إدانة إسرائيل في المحاكم الدولية بصفته يمارس “إرهابا نوويا”. كما يمكن تسليم هذه الوثائق إلى هيئات دولية مثل وكالة الطاقة الذرية (NPT) ومجلس المحافظين، ما سيمثل ضربة قاسية لإسرائيل.
واختتم تصريحه بالقول: إن “اختراق المنظومة الاستخباراتية الإسرائيلية أتاح لإيران الوصول إلى معلومات قيّمة عن منظومات التجسس التابعة لإسرائيل، وهذه المعلومات يمكن أن توضع في خدمة فصائل المقاومة، لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية عليها، سواء في لبنان أو فلسطين أو سوريا”.

كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية الضربة السيبرانية الإيرانية؟
تنوّعت التحليلات الإخبارية وفقا لاختلاف التوجهات التحريرية، لكنها في مجملها أشارت إلى بروز إيران كقوة في المجال السيبراني. في هذا السياق، ذكرت النسخة العربية من شبكة i24 الإسرائيلية، في خبرٍ بعنوان: “إيران تعلن حصولها على آلاف الوثائق المرتبطة بالبرنامج النووي الإسرائيلي”، أن هذا الادعاء – الذي نقلته أيضا قناة “الميادين” المقرّبة من حزب الله وإيران – يؤكد أن جهاز الاستخبارات الإيراني تمكّن من الوصول إلى أرشيف واسع يضم معلومات استراتيجية وحساسة.
وفي السياق ذاته، نشر موقع “واي نت” – النسخة الإلكترونية لصحيفة يديعوت أحرونوت – تقريرا أشار فيه إلى أن إيران تدّعي تنفيذ عملية تجسس استطاعت من خلالها الاستحواذ على “كنز” من الوثائق النووية والاستراتيجية الخاصة بإسرائيل.
وأضاف الموقع أن هذه الادعاءات غير المؤكدة تقول إن الوثائق تم تهريبها إلى إيران، وربما تكون لها علاقة باعتقال إسرائيليين اثنين بتهمة التجسس.
أما موقع “تايمز أوف إسرائيل”، فقد كتب بحذر: “وسائل الإعلام الإيرانية زعمت أن طهران حصلت على كنز من الوثائق النووية الحساسة التابعة لإسرائيل”، مشيرا إلى أنه لا توجد أي أدلة حتى الآن تدعم صحة هذه المزاعم.
من جهتها، تناولت صحيفة “جيروزاليم بوست” هذا الخبر، وكتبت:
“وسائل الإعلام التابعة لإيران أعلنت السبت أن طهران حصلت على وثائق استخباراتية إسرائيلية، بينها مستندات حساسة مرتبطة بالقدرات النووية الإسرائيلية”.
وأشارت الصحيفة إلى أن النيابة العامة الإسرائيلية وجهت اتهامات بالتجسس لمواطنَين إسرائيليين، وهما “روعي مزراحي” و”ألموغ أتياس”، وكلاهما يبلغ من العمر 25 عاما، وقد اتُهما بالتواصل مع عنصر استخبارات إيراني، وبأن هذا العنصر طلب منهما تركيب كاميرات تجسس.

وفي السياق ذاته، نقلت وكالة رويترز الخبر تحت عنوان:
“إيران تقول إنها حصلت على وثائق نووية حساسة”، مشيرة إلى عدم صدور أي رد رسمي من السلطات الإسرائيلية، وأنه ليس من الواضح ما إذا كان هذا التقرير مرتبطا بعملية اختراق سيبرانية لمركز أبحاث نووي إسرائيلي وقعت العام الماضي.
أما وكالة بلومبرغ الأمريكية، فقد نشرت الخبر تحت عنوان:
“إيران تدّعي حصولها على مجموعة من الوثائق النووية الحساسة الإسرائيلية”، وقالت إن التلفزيون الحكومي الإيراني أعلن السبت أن طهران حصلت على “كنز كبير” من المعلومات النووية الحساسة الخاصة بإسرائيل، لكن بلومبرغ وصفت الخبر بـ”الادعاء”، دون تأكيد.
بحسب ما كتبته وكالة “بلومبرغ”، فإن هذا الادعاء يأتي في خضم تصاعد جديد في التوترات العدائية بين إيران وإسرائيل. ولم يصدر حتى الآن أي ردّ فوري من الجانب الإسرائيلي على مزاعم إيران.
من جانبه، قال رونين سولومون، محلل الشؤون الاستخباراتية، في مقابلة مع قناة “إيران إنترناشيونال”:
“نحن لا نعلم ما إذا كانت هذه المعلومات علمية أم عملياتية، وقد لا تكون سوى تفاصيل تتعلق بسلاسل الإمداد. لم يصدر أي تأكيد رسمي من السلطات الإسرائيلية، ولذلك قد تكون هذه مجرد حرب نفسية”
وأضاف سولومون: “تسعى إيران إلى تكرار ما فعلته إسرائيل في عام 2018 بخصوص أرشيفها النووي”.
وكان يشير إلى العملية الاستخباراتية التي نفذتها إسرائيل في فبراير/شباط 2018 والتي استولت خلالها على كمية كبيرة من الوثائق النووية التابعة لإيران، تم تهريبها من مستودع في منطقة شور آباد بطهران.
في حينه، أعلنت إسرائيل أنها حصلت على 55 ألف صفحة من الوثائق الورقية، و55 ألف ملف رقمي تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني.
ومنذ ذلك الحين، اتهمت طهران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها استندت إلى هذه الوثائق في تقاريرها عن أنشطة إيران النووية.
ماذا يقول الإيرانيون؟
قال سعيد آخوندي، أحد النشطاء على مواقع التواصل، في حديثه لموقع “زاد إيران”:
“إذا كانت عملية “الوعد الصادق” مايو/أيار 2024 قد أثبتت أن الصواريخ الإيرانية قادرة على اختراق أي نظام دفاعي، فإن العملية السيبرانية الأخيرة أثبتت أن قراصنة إيران قادرون أيضا على اختراق قلب المنظومة الاستخباراتية لإسرائيل. هاتان العمليتان، حين تُقرأان معا، تحملان رسالة واضحة: إيران قوة لا تُقهر، سواء في ميدان الحرب الصاروخية أو في ساحة الحرب السيبرانية”.
وعن سبب وصف هذه الهجمة بـ”الوعد الصادق الرقمي”، قال:
“تماما كما كانت عملية الوعد الصادق ردا مباشرا على جريمة شيراز، فإن هذه العملية السيبرانية تأتي كردّ على الهجمات السيبرانية الإسرائيلية ضد البنية التحتية الحيوية في إيران”.
وأوضح آخوندي أن العملية الأخيرة استهدفت نقطة ضعف استراتيجية:
“فإذا كانت العملية قد استهدفت القواعد العسكرية، فإن هذه العملية ركزت على منشآت ديمونا النووية، وهي أكثر المواقع التي استثمرت فيها إسرائيل أمنيا”.
وأضاف:
“هاتان العمليتان أثبتتا للعدو أن إيران لا تملك فقط القدرة على الهجوم، بل تعرف جيدا أين ومتى وكيف توجه ضربتها لتحقق أقصى تأثير”.
وتابع قائلا:
“الاحتلال الإسرائيلي، الذي كان يقدّم نفسه كـ”قلعة منيعة” في الفضاء السيبراني، شهد هذه المرة اختراقا لواحدة من أكثر معلوماته النووية حساسية. هذه العملية أثبتت أن حتى أكثر أنظمة الأمن تطورا في الغرب قابلة للاختراق من قبل الخبراء الإيرانيين”.
وأكد آخوندي أنه في الوقت الذي تتهم فيه الدول الغربية إيران بالسعي لامتلاك سلاح نووي، فإن هذه العملية ربما تكشف عن الطبيعة الحقيقية للبرنامج النووي العسكري الإسرائيلي، وهو ما من شأنه أن يعزز موقف إيران في المحافل الدولية.
وأردف:
“بعد سنوات من الهجمات السيبرانية التي استهدفت إيران – مثل فيروس “ستاكسنت” – أثبتت طهران أنها لا تكتفي بالدفاع، بل قادرة أيضا على تنفيذ هجمات هجومية مؤثرة”.
وختم بالقول: بأن هذه العملية باتت خريطة طريق لحركات المقاومة في كيفية استخدام الحرب السيبرانية”.
وأوضح أن التهديد الإيراني لم يعد مزحة. إن كانت صواريخنا قد تجاوزت أنظمة دفاعكم، فإن قراصنتنا يستطيعون التسلل إلى قلب معلوماتكم. وأيّ عدوان جديد سيُواجَه بردّ أكثر قسوة.
وختم حديثه قائلا:
“ازدواجيتكم تجاه البرنامج النووي الإسرائيلي لم تعد قابلة للإخفاء. فإيران ليست فقط قوة صاروخية، بل قوة عظمى في الفضاء السيبراني.
العملية الأخيرة هي مزيج من دقة “الوعد الصادق” وغموض العمليات السيبرانية. فإذا كانت طائراتنا المسيّرة وصواريخنا قد غزت أجواء إسرائيل في مايو/أيار 2024، فإن هذه المرة، بياناتنا السيبرانية هي من تسللت إلى غرف الموساد المحصّنة ومفاعلات ديمونا النووية. وهذا يثبت أن إيران قد أصبحت قوة ردع لا يمكن إنكارها، سواء في المجال الصلب أو السيبراني”.