دبلوماسي إيراني سابق: إيران وأمريكا ذهبتا للمفاوضات لإنجاز اتفاق وليس الخلاف 

ترجمة: شروق حسن
 

في حوار خاص مع موقع “فرارو“، الأربعاء 14 مايو/أيار 2025، تحدّث محمد علي سبحاني، السفير الإيراني السابق والمحلل البارز في الشؤون الدبلوماسية، عن سير المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، مؤكدا أن الغموض والتناقضات الراهنة لا تُعدّ مصدر قلق، بل هي جزء طبيعي من مثل هذا النوع من التفاوض.

صوت وموقف واحد لإيران في المفاوضات

قال محمد علي سبحاني لـ”فرارو” إن الغموض في المفاوضات أمر طبيعي دائما، لكن هذه الجولة من المفاوضات بالغة الأهمية، إذ لدى الطرفين مطالب، ويتوقع كل طرف أن تتقدم المفاوضات على أساس تبادل متكافئ لتلك المطالب.

أضاف سبحاني في حواره مع “فرارو” الإصلاحية، أنه وعلى هذا الأساس، يجب أن يتم الانتظار لحدوث أمرين ، الأول هو أن يصل الطرفان في النهاية إلى نهج موحد، ولكن يجب الإشارة إلى أن النهج الذي يطرحانه الآن ليس بالضرورة هو نهجهما النهائي.

قال كذلك، إن الطرف الأمريكي والطرف الإيراني في الوقت الراهن يطرحان نقاطا قد تتغير جزئيا لدى كلا الطرفين في مرحلة معينة، ويصلان إلى مسار مشترك، لذا، فإن رفع سقف التوقعات من قبل الأمريكيين، أو عدم توازن بعض مطالب الطرفين في هذه المرحلة، يمكن تفسيره بناء على هذا الأساس ذاته.

وأضاف أنه في المراحل الأولى، أعلن بعض المسؤولين الأمريكيين، خاصةً كبير المفاوضين الأمريكيين، ويتكوف، أن تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67% مقبول لديهم.

وبناءً على ذلك، قدّر الطرف الإيراني أن التوصل إلى اتفاق وفق هذا النهج لن يكون أمرا صعبا أو بعيد المنال، لكننا نواجه الآن تغيّرا وتناقضا في تصريحات مختلف المسؤولين الأمريكيين.

أوضح الدبلوماسي الإيراني السابق أنه في إيران، تقرّر أن يكون هناك صوت واحد وموقف موحد في التعامل مع المفاوضات، وهذا الأمر ممكن إلى حدّ ما ضمن النظام الإيراني. 

ومع ذلك، وحسبما قال الدبلوماسي السابق، هناك نقاش حول ما إذا كانت هذه الوضعية تصبّ في مصلحة ايران أم لا، فبعضهم يقول إنه يجب أن تسمح ايران للجميع بالتعبير عن آرائهم المختلفة وإبداء مواقفهم، وأن يقوم المفاوض بإجراء التفاوض، مع الالتزام في النهاية بالخطوط الحمراء، والمضي قدما في العملية.

 وبالنظر إلى كل ذلك، يجب أن يتم الانتباه إلى أن طرح هذه المواقف الحالية لا يعني بالضرورة أن الاتفاق النهائي سيتمّ على هذه المبادئ بعينها، على حد قوله.

 التوصل إلى اتفاق

 تابع الدبلوماسي الإيراني المخضرم بالقول إن النقطة الثانية هي أنه ومن خلال الأجواء العامة للمفاوضات، يدرك الجميع أن كلا الطرفين الإيراني والأمريكي حضرا إلى طاولة التفاوض بهدف التوصل إلى اتفاق، وبالتالي، فإن كِلا الطرفين لديهما القدرة على التراجع عن بعض مواقفهما من أجل الوصول إلى اتفاق محتمل.

أوضح قائلا إن الارتباك والغموض المحتمل في مسار المفاوضات، والذي لفتت إليه بعض وسائل الإعلام، لا يُثير القلق على الإطلاق، فهذه طبيعة المفاوضات من هذا النوع، ففي مثل هذه المفاوضات، عادةً ما يُعلن الطرفان عن أعلى سقف لمطالبهما، ثم يبدأ كل طرف بالتدريج في التنازل عن بعض تلك المواقف.

حلول قابلة للتحقيق

 أما في القضية النووية، وحسبما قال الدبلوماسي الايراني السابق، فإن هذه المسألة لها حلول واضحة وقابلة للتحقيق، وخلاصة كل ما طُرح حتى الآن من الجانب الأمريكي، هو أنهم لا يريدون أن تصل إيران إلى السلاح النووي. 

أضاف أن “إيران ومن جانبها أعلنت أنها مستعدة لقبول جميع الضرورات المطلوبة في إطار رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإذا التزم الطرف الأمريكي بالصدق، وبقي على موقفه القائل بأن التخصيب يجب أن يكون في إطار الأنشطة السلمية، فإن هناك حلولا فنية متاحة للتوصل إلى اتفاق».

وأوضح أن الطرف الأمريكي أبدى استعداده في مجال المحادثات الفنية، وبالتالي، فإن ما تحقّق في الجولة الرابعة من المفاوضات هو أن الطرفين تمكّنا من مواصلة المسار، استمع كلٌّ منهما إلى الآخر، ويحاولان الآن إيجاد حلول أكثر جدية للتوصل إلى اتفاق عبر المفاوضات، هذا هو الانطباع الذي يمكن استخلاصه من مجموع تصريحات الطرفين المفاوضين، الإيراني والأمريكي، حتى هذه اللحظة.

إضافة إلى كل ذلك، فيرى الدبلوماسي الايراني السابق أنه من الأفضل أن تركز وسائل الإعلام الإيرانية أكثر على تصريحات المسؤولين الإيرانيين، بدلا من التركيز على المواقف المتناقضة للأطراف الأخرى، ويجب متابعة مسار النتائج بنظرة متفائلة، وبالطبع، لا ينبغي التشكيك في ثقة المفاوضين الإيرانيين بأنفسهم.

وأشار في ختام حديثه، إلى أن الذي يحرّك المفاوضات ليس التراجع أمام المطالب، بل هو استخدام جميع الأدوات الممكنة الذي يؤدي إلى تقدّم المفاوضات، المفاوضات التي تُبنى على استراتيجية “رابح – رابح” هي التي تُفضي إلى نتيجة.