- زاد إيران - المحرر
- 11 Views
أجرت صحيفة فرهيختكان الأصولية، الأربعاء 18 يونيو/حزيران 2025، حوارا مع الخبير السياسي محمد علي شفيعي حول احتمالات دخول الولايات المتحدة في الحرب ضد إيران، وتأثير ذلك على مواقف ترامب ودول الخليج، وكذلك حول سلوك إيران المتوقع في حال حدوث الهجوم الأمريكي.
ما تحليلكم لسلوك ترامب منذ بداية الاشتباكات وحتى الآن، في ظل التصريحات المتناقضة التي يدلي بها المسؤولون الأمريكيون بشأن دخول الولايات المتحدة في الحرب بين إيران وإسرائيل؟
ما أراه في سلوك ترامب منذ البداية، حتى في مسألة التهديد لمدة 60 يوما الذي قال فيه إن إيران مُنحت 60 يوما ولم تتعاون، لا يبدو لي دقيقا. يبدو أنه ذكر هذا الرقم عشوائيا، ولم يكن ينوي الالتزام به كثيرا، لأن جدول المفاوضات لا يتناسب أصلا مع فترة 60 يوما. ولو كان الأمر كذلك، لما كان هناك سبب لتحديد موعد للمفاوضات في اليوم الـ62.
لكن هذا التصريح استغلّه اللوبي الإسرائيلي والنظام الإسرائيلي، ونجحا في ترسيخ فكرة أن الآن هو أفضل وقت للهجوم، من أجل إفشال المفاوضات.
ولم يكن ترامب، بشكل عام، منذ البداية مؤيدا تماما لفكرة مهاجمة إيران، لكنه أيضا لم يكن معارضا تماما. بل كان ينظر إليها كأداة ضغط، يمكن استخدامها للحصول على تنازلات في المفاوضات. وكان يتعامل مع الموضوع بذهنية تجارية، وكان يرى أنه إذا احتفظ بهذه العصا، فسيمكنه انتزاع تنازلات من إيران وإجبارها على قبول شروط معينة في المفاوضات.
ما الخيارات المتاحة أمام الأمريكيين في التعامل مع إيران؟ هل سيتجهون نحو التفاوض والوساطة، أم أنهم سيدخلون في مواجهة مباشرة معها؟
أرى هذا الطرح متعدد الأبعاد. فالتلاعب بالرأي العام الإيراني يُعدّ مسألة مهمة. والمنشور الذي وضعه ترامب على منصة تروث سوشال والذي دعا فيه سكان طهران إلى مغادرة المدينة، لا يشبه تهديد النظام الإسرائيلي المتعلق بالمنطقة الثالثة، فهناك كان الهدف محددا. أما ترامب، فقد أثار موضوعا عاما، ويهدف بشكل واضح إلى التأثير على الرأي العام.
ومع ذلك، فإنه لا يزال يتعامل مع الأمر كأداة، بمعنى: بما أن إيران لم تتراجع في هذه الحرب، فسوف أستغل هذا الاشتباك القائم وواقع أن إيران تتذوّق طعم الحرب، لأقول: إذا تفاوضتم، سيتم رفع هذا التهديد، ويمكن الوصول إلى السلام.
أي إن الأمر بات يتجاوز معادلة النووي مقابل رفع العقوبات، وأصبح الآن النووي مقابل رفع الحرب. ويحاول ترامب استخدام الحرب كأداة ضغط. أما ما إذا كان هذا سيؤدي إلى دخول أمريكا الحرب في حال صمود إيران، فبالنظر إلى ديناميكيات السلطة داخل إدارة ترامب، وتزايد نفوذ الداعين إلى الحرب، يبدو لي أن هذا الاحتمال ليس بعيدا، وقد يتوصل إلى قرار بدخول الحرب.
لكن طبيعة هذا الدخول لا تزال غير واضحة، فبحسب ما يُتداول في وسائل الإعلام، قد يشمل إرسال أمريكا طائرات حربية أو تنفيذ ضربات على منشأة فوردو النووية، وهي من بين السيناريوهات المطروحة حاليا. وبرأيي، فإن ترامب قد يقتنع بضرورة ضرب منشآت إيران النووية تحت الأرض، مثل فوردو ونطنز، للبدء بالحرب.
أما باقي المنشآت، فسيستهدفها الإسرائيليون بأنفسهم، لكن فوردو – نظرا لموقعها وطبيعتها المحصنة تحت الأرض – يصعب الوصول إليها. فكما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد تم استهدافها عدة مرات مؤخرا دون أن تتعرض لأذى.
لكن من الممكن أن تتدخل أمريكا لضرب فوردو. والقضية هنا أن أي دخول أمريكي للحرب سيكون محدودا في بدايته، لكن من الطبيعي ألا يبقى محدودا. أما عن إمكانية منع دخول أمريكا الحرب، فذلك يعتمد على مدى قدرة إيران على ممارسة الضغط. فإذا كان ضغط إيران العسكري قويا لدرجة تجعل كلفة الحرب على أمريكا مرتفعة جدا، فربما يردع ذلك ترامب عن الدخول في الحرب.
ما الفرص والتهديدات التي قد تواجهها إيران إذا دخلت الولايات المتحدة الحرب ضدها؟ وهل سيكون ردّ إيران موجّها نحو الولايات المتحدة مباشرة أم سيبقى محصورا في الأراضي المحتلة؟
قال المرشد الأعلى الإيراني في يونيو/حزيران 2024، إن المواجهة التي دخل فيها النظام الإسرائيلي تُعدّ حربا وجودية لكل من إيران والنظام. وفي ذلك الوقت، لم يُفهم هذا التصريح بشكل كامل، لأن إيران لم تكن قد دخلت الحرب بشكل مباشر بعد. غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه، في يوم بدء الهجمات خلال الأسبوع الماضي، قال إن هذه الحرب وجودية بالنسبة لإسرائيل أيضا.
إن الحرب الوجودية تعني أنه يجب استخدام كل ما هو متاح من إمكانات. سواء كنا دعاة سلم أو مؤيدين للحرب، وسواء أحببنا الحرب أو كرهناها، فإن إيران اليوم منخرطة في حرب وجودية.
وحتى لو رفعنا راية السلام الآن، فإن أفضل سيناريو قد يتحقق سيكون مشابها لما يجري في لبنان، أي أن نتوقف عن الهجوم، بينما يستمر العدو في استهداف مناطق داخل إيران، وبالتالي ستبقى إيران عرضة للهجمات حتى في حال الاستسلام والدعوة إلى التفاوض.
إن أفضل خيار متاح لإيران الآن هو ما تقوم به بالفعل وهو إبقاء الحرب محدودة. فكما رأينا ميدانيا، فإن الأهداف الإيرانية تركز على مواقع محددة، مثل الهجوم صباح يوم الثلاثاء 17 يونيو/حزيران 2025 الذي استهدف مقر الموساد المركزي. لكن في حال دخول أمريكا إلى الحرب بشكل مباشر، فإنها ستضطر لاستخدام البنى التحتية لدول الخليج، وبالتالي ستقوم إيران باستهداف تلك الدول أيضا.
أما إذا شاركت السفن الحربية الأمريكية في العمليات، فستُستهدف أيضا. وبالنظر إلى دقة وقدرة التدمير العالية للصواريخ الإيرانية، فإن هذه السفن ليست أهدافا صعبة. فأول الأهداف ستكون حاملات الطائرات والسفن الحربية الأمريكية في المنطقة، وسيتم توسيع رقعة الحرب إلى الدول المجاورة. وهذا التوسع سيدفع هذه الدول إلى ممارسة ضغوط على أمريكا لثنيها عن المضي في الحرب.