- ربيع السعدني
- متميز
- 27 Views
كتب: ربيع السعدني
في ليلةٍ دامية أضاءت سماء الشرق الأوسط بوميض الصواريخ والطائرات المسيرة، أطلقت إيران موجة هجومية جديدة على إسرائيل، معلنةً بدء عملية “الوعد الصادق 3″، جاء الهجوم كردٍ مباشر على ضربات إسرائيلية استهدفت إيران، مخلفةً دمارا وخسائر بشرية هائلة.
في ليل السبت-الأحد، 14-15 يونيو/حزيران 2025، أطلقت إيران هجوما مضادا تحت اسم “الوعد الصادق 3″، ردا على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت قادتها العسكريين وعلماءها النوويين، العملية شملت إطلاق دفعة أولى من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، باستخدام صاروخ “صادق 3” المسير تحت الاسم الرمزي “يا علي بن أبي طالب” والذي أطلقته قوات الحرس الثوري الجوفضائي ضد النظام الإسرائيلي مع تركيز خاص على مدينة حيفا الإسرائيلية، التلفزيون الإيراني الرسمي أعلن أن الهجوم استهدف مصفاة نفط في حيفا ومنشآت إنتاج وقود الطائرات المقاتلة، إلى جانب مراكز إمدادات الطاقة.
كما نجحت عدة صواريخ إيرانية في اختراق أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، مما تسبب بسقوطها في مناطق مأهولة ودوت انفجارات في حيفا وتل أبيب، وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بحدوث أضرار جسيمة في مبانٍ سكنية واندلاع حرائق في منشآت نفطية، هيئة الإسعاف الإسرائيلية سجلت مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 13 آخرين في حيفا وطمرة والكريوت، بينما أكدت مصادر إسرائيلية مقتل 5 أشخاص وإصابة العشرات في المناطق الشمالية.

وكان مسؤولون إيرانيون قد أكدوا في وقت سابق، أن رد إيران سيكون أكثر تدميرا من ذي قبل إذا استمرت الهجمات الإرهابية التي يشنها النظام الإسرائيلي على إيران، وأكد الحرس الثوري في بيانه الثاني، استمرار العمليات الهجومية “بشكل أكثر شراسة” إذا استمرت الاعتداءات الإسرائيلية، كما أشار إلى أن الهجمات استهدفت بنية تحتية عسكرية إسرائيلية حيوية، مما يعكس تصعيدا استراتيجيا في الرد الإيراني.
وبالتزامن مع بدء هذه العملية، تم إعلان حالة التأهب في كافة الأراضي المحتل منذ بداية الهجوم الإسرائيلي فجر الجمعة، 13 يونيو/حزيران 2025، تحت اسم “الأسد الصاعد”، بعشرات المقاتلات، استهدفت خلاله قادة عسكريين وعلماء نووين، ومنشآت نووية إيرانية وقواعد صواريخ في مناطق متفرقة، بما في ذلك طهران وخرم آباد، الضربات أصابت أهدافا حساسة، منها مقر وزارة الدفاع الإيرانية ومنظمة الأبحاث والابتكار الدفاعي (سبند)، ومنشأة نطنز النووية؛ مما تسبب بأضرار طفيفة لبعض المباني.

كما استهدفت الضربات الإسرائيلية مستودعات نفطية في طهران، منها مستودع شهران، حيث اندلعت النيران في خزانين للوقود، أحدهما صهريج لتخزين المنتجات البترولية بمستودع نفط، وبدأت جهود إخماده واحتوائه، وضربت قذيفة خزان وقود جنوب طهران، وتشير التحقيقات إلى أن الوضع تحت السيطرة.
كما أعلنت وزارة النفط في هذا الصدد أن كمية الوقود في هذين الخزانين ليست كبيرة.
الجيش الإسرائيلي أعلن أن عملياته استهدفت منشآت تحت الأرض تحتوي على صواريخ أرض-أرض وصواريخ كروز، مشيراً إلى تدمير “عشرات المواقع المماثلة” وقتل قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين إيرانيين. في المقابل، فعّلت إيران دفاعاتها الجوية في طهران وست محافظات أخرى، وضمن ذلك هرمزكان وكرمانشاه.
ونجحت منظومة الدفاع الجوي الإيرانية في اعتراض ثلاثة صواريخ كروز وعشر طائرات مسيرة إسرائيلية، وضمن ذلك طائرتان تم تدميرهما فوق موقع نطنز النووي بواسطة منظومة “خرداد” الصاروخية الثالثة التابعة للحرس الثوري هذه الضربات الإسرائيلية وضعت إيران في حالة تأهب قصوى، وكانت الشرارة التي أشعلت الرد الإيراني.
محاولة اغتيال فاشلة

في خضم التصعيد بين إيران وإسرائيل، حاولت الأخيرة توسيع نطاق عملياتها لتشمل أهدافا في اليمن، وزعمت وسائل إعلام إسرائيلية، من ضمنها القناة 14، أن إسرائيل نفذت غارتين جويتين استهدفتا اجتماعا لقادة يمنيين في صنعاء، من ضمنهم محمد الغماري، رئيس هيئة الأركان العامة للجيش اليمني.
الهجوم، بحسب الادعاءات، استهدف منزلا في العاصمة اليمنية، لكن عبد الله الحوثي، أحد قيادات حركة أنصار الله، أعلن عبر منصة “إكس”، فشل العملية الإسرائيلية، وكالة تسنيم الإيرانية أكدت أن الغماري نجا من المحاولة، مما يشير إلى فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية في اليمن.
هذه الحادثة أثارت تساؤلات حول مدى قدرة إسرائيل على توسيع جبهات الصراع دون تعريض نفسها لمزيد من المخاطر.
حيفا تحت النار
في إسرائيل، أعلنت الشرطة حالة التأهب القصوى في جميع الأراضي المحتلة مع بدء الهجوم الإيراني. حيفا، المدينة الساحلية الاستراتيجية، كانت الهدف الأبرز، القناة 12 الإسرائيلية أفادت بأضرار جسيمة في شوارع ومبانٍ في حيفا، طمرة، والكريوت.
مصفاة النفط في حيفا، وهي منشأة حيوية، تعرضت لضربات مباشرة، مما زاد من حدة التوتر في المنطقة، جهاز الإطفاء الإسرائيلي أكد اندلاع حرائق في مبانٍ سكنية، بينما سجلت هيئة الإسعاف خسائر بشرية وإصابات.، وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية مقتل خمسة أشخاص في طمرة، وأصيب ثمانية آخرون، بينما أشارت صحيفة “يسرائيل هيوم” إلى إصابة 15 شخصا في الجليل، هذه الأرقام تعكس حجم الدمار الذي خلفه الهجوم الإيراني، والذي وُصف بأنه الأكثر كثافة منذ بدء التصعيد.
حرب استنزاف أم انتصار سريع؟

مع استمرار الاشتباكات، حذرت وسائل إعلام عبرية من مخاطر الدخول في حرب استنزاف طويلة الأمد مع إيران، المحلل دينيس سترانوفيتش، في تقرير لموقع “والا”، أشار إلى أن إسرائيل قد حققت مكاسب أولية من خلال ضرباتها، لكن استمرار الصراع دون دعم دولي، خاصة من الولايات المتحدة، قد يؤدي إلى تآكل هذه المكاسب، الحرب الطويلة، بحسب التقرير، قد تهدد الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي، خاصة مع تصاعد إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية.
إيران، من جانبها، أظهرت قدرة دفاعية وهجومية متزامنة، منظوماتها الجوية نجحت في صد هجمات إسرائيلية، بينما واصلت قواتها استهداف مواقع استراتيجية في إسرائيل، وأكد الحرس الثوري أن عملياته ستتوسع إذا استمرت الاعتداءات، مما ينذر بمزيد من التصعيد.
المواجهة بين إيران وإسرائيل، التي بدأت كضربات متبادلة، تتجه الآن نحو تصعيد خطير قد يجر المنطقة إلى دوامة حرب شاملة، إيران، بقدراتها الصاروخية والدفاعية، أظهرت تصميما على الرد بقوة، بينما تواجه إسرائيل تحديات الحفاظ على تفوقها العسكري وسط خسائر متزايدة مع فشل محاولة الاغتيال في اليمن وتصاعد الخسائر في حيفا، تظل الأسئلة مفتوحة: هل ستتمكن إسرائيل من احتواء الصراع؟ وهل ستتمكن إيران من تحويل ردها إلى انتصار استراتيجي؟ الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كانت هذه المواجهة ستُطفأ أم ستتحول إلى نارٍ تلتهم المنطقة بأسرها.