- شروق حسن
- 56 Views
ترجمة: شروق حسن
كشفت صحيفة فرهختيكان الإيرانية الأصولیة، الخميس 22 مايو/أيار 2025، عن تعيين عبد الرضا رحماني فضلي سفيرا جديدا لإيران لدى الصين، ويأتي هذا التعيين في ظل ظروف دولية وإقليمية حساسة، تتقاطع فيها الضغوط الأمريكية القصوى على صادرات النفط الإيراني مع تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين.

كتبت الصحيفة الإيرانية “فرهختيكان” أنه بعد شهرين من بدء عمل الحكومة، تم أخيرا تعيين سفير إيراني جديد لدى الصين.
وأضافت الصحيفة أن محمد باقر قاليباف أعلن هذا الخبر الأربعاء 21 مايو/أيار 2025، خلال الجلسة العلنية للبرلمان، ثم صرّح بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية، بأن رحماني فضلي سيتوجّه إلى بكين بصفته السفير الجديد لإيران لدى الصين.
وكانت الصحيفة قد ذكرت في وقت سابق، أن رحماني فضلي يُعد من الخيارات الجادة لتولي منصب السفير الجديد لإيران في الصين.
وتابعت أن رحماني فضلي، بطبيعة الحال، لا يمتلك سجلا يُذكر في التعامل مع الملفات الخارجية الإيرانية، وتتركز خبراته في السياسة الداخلية، لا سيما في مجال تأمين الأمن الوطني، حيث كانت قيادته لوزارة الداخلية في حكومة روحاني آخر وأبرز مسؤولياته في الساحة السياسية، ومع ذلك، يُقال إن ثقله السياسي ومستوى علاقاته يُعدّان مقدمة لتحسين العلاقات مع الصين.
وذكرت أن رحماني فضلي يتوجّه إلى بكين في وقت يواجه فيه كلّ من إيران والصين أزمات، وهي أزمات تجعل من مسؤولياته في موقع السفارة أكثر أهمية وثقلا.
فمن جهة، أطلقت الولايات المتحدة حملة “الضغط الأقصى” للحد من مبيعات النفط الإيراني، ومن جهة أخرى، تتفاقم الفجوات بين الصين وأمريكا يوما بعد آخر.
وترى الصحيفة أن هذه التطورات تتيح فرصا كثيرة أمام البلدين للاستفادة من الإمكانات الاقتصادية والسياسية من أجل تعزيز العلاقات، وفي هذا السياق، يمكن للدور والمبادرات التي يتولاها السفير الإيراني الجديد في بكين أن تلعب دورا مؤثرا في تقوية هذه العلاقات وتحقيق هذه الامتيازات فعليا.
وأضافت أن من بين المهام الأساسية التي تنتظر السفير الجديد، العمل على تفعيل الاستثمارات المنصوص عليها في الاتفاقية الـ25 سنة.
وكتبت الصحيفة أنه في ملف العلاقات الإيرانية الصينية، تُعد أبرز أوجه التعاون توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الممتدة لـ25 عاما بين إيران والصين، وهي اتفاقية كان من المقرر أن تكون خارطة طريق للتعاون طويل الأمد بين البلدين.
وأشارت إلى أنه منذ توقيع هذه المعاهدة حتى 2021، لم تتجاوز هذه الاتفاقية حدود الورق، إلا أن حكومة ابراهيم رئيسي قامت في مارس/آذار 2021 بإدخال الاتفاق حيّز التنفيذ.
وذكرت أن افتتاح القنصلية الإيرانية الجديدة في بندرعباس كان الخطوة الأولى نحو تنفيذ هذه الاتفاقية وبدء الاستثمارات الصينية في إيران.
وأوضحت أن من بين البنود المتفق عليها، انطلاق مشاريع تطوير الحقول الغازية والنفطية بالتعاون مع الصين، إلى جانب تطوير خطوط السكك الحديدية، وهي من الموضوعات التي حظيت بالاهتمام في إطار الاتفاقية الـ25 سنة بين إيران والصين، وتشير الصحيفة إلى أن جميع بنود الاتفاق لم تُنفّذ بعد، ولا يزال هناك طريق طويل أمام تطبيقها بالكامل.
وأكدت الصحيفة أن القضية المحورية في العلاقات الإيرانية الصينية، والتي أُشير إليها كذلك في هذه الاتفاقية، تتمثل في توجيه وتشجيع الصين على الاستثمار في إيران.
وتابعت أن الصين، في إطار تعزيز دورها الإقليمي في آسيا، تسعى إلى تقوية علاقاتها مع الدول المجاورة، بهدف رفع قدرتها في مواجهة الولايات المتحدة، وأيضا ضمن برنامج واضح وممنهج وضعه الصينيون للتنمية.
وتابعت الصحيفة بالإشارة إلى أن الاستفادة من هذه الفرصة لزيادة الاستثمارات الثنائية في مجالات البنية التحتية تتيح لإيران، في ظل ظروف الحظر، أن تعزز قدرتها الاقتصادية بالاعتماد على قوة الصين.
وترى أن هذا الأمر لن يتحقق من دون مشاورات دبلوماسية، وفي هذا الإطار، يمكن أن يلعب السفير الإيراني لدى الصين دورا حاسما في تهيئة هذا المناخ للاستثمار وتعزيز العلاقات بين البلدين.
صادرات النفط لا تزال الموضوع الثنائي الأهم
أضافت الصحيفة أن الصين أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، حيث استحوذت، وفقا لإحصائيات شركة “كبلر”، على 77 بالمئة من صادرات النفط الإيراني خلال العام الماضي، وتشتري الصين النفط الإيراني رغم ظروف الحظر، مستخدمين أساليب التفاف على العقوبات.
وتابعت أن شراء الصين للنفط الإيراني أتاح لإيران، رغم العقوبات، أن تبيع جزءا كبيرا من نفطها إلى بكين.
كما أن التخفيضات التي قدمتها إيران على النفط شجّعت الصينيين، لا سيما المصافي الخاصة التي كانت تستورد من إيران، على مواصلة تجارتهم معها.
وأضافت أن دونالد ترامب، في إطار تفعيل حملة “الضغط الأقصى”، سعى إلى تقييد بيع النفط الإيراني إلى الصين، وقد وجّه رسالة تهديدية في هذا الصدد جاء فيها: “أي دولة أو شخص يشتري النفط أو المنتجات البتروكيماوية من إيران، سيخضع فورا لعقوبات الولايات المتحدة”، وهي رسالة كانت موجّهة إلى الصين تحديدا.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التهديد، الذي جاء متزامنا مع إعلان الحرب الجمركية على الصين والجولة الرابعة من مفاوضات إيران وأمريكا، كان محاولة للضغط على الصين من أجل الحد من تعاملها التجاري مع إيران وإيصال صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر.
وتابعت أن ترامب، ورغم تراجعه مؤقتا عن فرض حرب جمركية على الصين، فإن التوترات المستمرة بين البلدين دفعت بكين إلى الكشف عن إنجازات عسكرية وتقديم مساعدات تسليحية لدول مثل روسيا.
وأوضحت أن كل هذه التطورات تبيّن أن هناك فرصا جديدة لبيع النفط الإيراني إلى الصين مباشرة وبأسعار أفضل، وهو ما يتطلب تعزيز العلاقات السياسية الثنائية.
واعتبرت أن السفير الإيراني الجديد في بكين يمكنه أن يلعب دورا محوريا في تحسين هذه العلاقات وتفعيل المبادرات التي تعزز التجارة وبيع النفط، ومن خلال استثمار هذا المسار يمكن منع واشنطن من تعكير العلاقات الاقتصادية بين طهران وبكين.
ما زال بالإمكان الاستغناء عن الدولار
أشارت إلى أن الخبراء لطالما شدّدوا على أن استخدام عملات بديلة للدولار في المبادلات التجارية قد يساعد بشكل خاص الدول الخاضعة للعقوبات الأمريكية، ومن بينها إيران، في التخفيف من آثار هذه العقوبات.
وتابعت أنه من غير الممكن تجاهل القلق الأمريكي من هذه الجهود الرامية إلى تقليص هيمنة الدولار، وهو ما تؤكده تهديدات ترامب المتعلقة بقمة مجموعة “بريكس”، والتي تسعى إلى إنشاء عملة موحدة للتبادل التجاري.
وذكرت أن إيران، في إطار علاقاتها مع الصين — التي فُرضت عليها مؤخرا أيضا عقوبات أوروبية — يمكنها أن تتخذ خطوات بالتوازي مع دول أخرى نحو استبعاد الدولار من مبادلاتها التجارية.
وأضافت أن جزءا من هذا التوجه يمكن تنفيذه ضمن العلاقات الثنائية، كما فعلت إيران في تعاملاتها مع روسيا، في حين يمكن تنفيذ الجزء الآخر ضمن أطر أوسع مع عدد من الدول المتعاونة.
وأكدت الصحيفة أن التزام إيران وجديتها في هذا المسار يمكن أن يرسخ موقعها كلاعب محوري. ويُعدّ استبدال الدولار بعملة أخرى، ووضع خطة واضحة ومبادرات عملية لذلك، من المهام الرئيسية التي يمكن أن يتولاها السفير الإيراني الجديد في الصين.
ثمة فرصة لتعزيز التعاونات الدفاعية
أضافت أن الصين دخلت بشكل مباشر في مرحلة تعزيز قدراتهم العسكرية، رغم أن خططهم التنموية كانت تسير في السابق ضمن مسار سلمي بالكامل، غير أن تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة دفع بكين إلى المضي علنا في تقوية قدراتها الدفاعية.
وتابعت أن الكشف عن طائرة مسيّرة هجومية من قبل الصين، تزامنا مع إعلان الولايات المتحدة عن “القبة الذهبية”، أعاد إلى الأذهان مشاهد شبيهة بفترة الحرب الباردة، إلا أن الأمر لا يقتصر على ذلك.
وأضافت أن حضور الرئيس الصيني في مناورات “نصر روسيا”، وإجراء مناورات مشتركة مع موسكو، بل وحتى فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الصين بسبب دعمها لروسيا في حرب أوكرانيا، كل ذلك يبرهن على أن بكين قد تبنت نهجا جديدا في المجالين الدفاعي والأمني.
وأكدت الصحيفة أن إيران يمكنها في ظل هذا التحول أن تستثمر هذه الفرصة وتتجه نحو تعزيز التعاونات الدفاعية والأمنية مع الصين، فالارتقاء بالعلاقات في هذا المجال من شأنه أن يمنح طهران أوراق قوة إضافية في مواجهة الضغوط الأمريكية، ولا يتركها خالية اليدين عند التصعيد.
وشدّدت على أن هذه القضية تمثل واحدة من المهام الأساسية في ملف العلاقات الإيرانية الصينية، وأن السفير الإيراني الجديد في بكين يمكنه أن يتخذ خطوات مهمة في هذا الاتجاه.
تفعيل الدبلوماسية العامة
ذكرت أن تعزيز الدبلوماسية الثقافية والتخطيط لها يُعدّ من المهام التي يستطيع السفراء من خلالها — إن أُنجزت بدقة وفي الوقت المناسب — أن يسهموا في توطيد العلاقات الثنائية وتعزيز الثقة المتبادلة.
وأشارت إلى أن هناك عدة مهام رئيسية تقع ضمن نطاق عمل السفير الجديد في هذا المجال، أولها ضرورة الاهتمام باستخدام الوسائل الإعلامية ومواجهة الحرب النفسية التي يشنّها المنافسون.
وأضافت أنه بالتزامن مع الجهود التي تبذلها وزارة الخارجية الإيرانية لتعزيز العلاقات مع الصين، تشنّ وسائل الإعلام المعادية والفارسية الناطقة من الخارج حملة تضليل وشائعات بشأن هذه العلاقات، بهدف خلق مشاعر سلبية لدى الرأي العام الإيراني حيالها.
وتابعت أن إحدى النقاط التي تغفل عنها الخارجية الإيرانية عادة- وتشمل الملف الصيني أيضا- هي أهمية استخدام الإعلام لتوجيه الرأي العام وتبيان ما توفره العلاقات الثنائية من فرص حيوية لإيران، ما يستوجب وجود خطط وسياسات إعلامية مدروسة من قِبل الأجهزة المعنية.
وأضافت أن استثمار الإمكانات الثقافية المتبادلة بين إيران والصين يمثّل فرصة مثالية، لا سيما أن أثره سينعكس أيضا في المجال السياسي.
وذكرت أنه في المجالات العلمية والبحثية والجامعية، يمكن الاستفادة من التبادلات الثنائية لتعزيز العلاقات، ومنها التعاون مع الجامعات الصينية وتنفيذ مشاريع علمية مشتركة، وهو ما ستكون له آثار إيجابية في السياسة أيضا.
وتابعت الصحيفة بالإشارة إلى أن من بين أبرز مهام السفير الجديد، وضع تعريف دقيق وسياسات فاعلة لتفعيل الدبلوماسية العامة بما يخدم تطوير العلاقات الثنائية مع الصين.
الاستفادة من إمكانات موقع السفير
وأضافت أن الجهاز الدبلوماسي والسياسة الخارجية في إيران يواجهان انتقادات بشأن عدم استغلال السفارات في الدول المختلفة بالقدر المطلوب، وغياب التخطيط المحدد لذلك.
وترى أن جزءا من هذه المشكلة يعود إلى اختيار السفراء، والجزء الآخر إلى غياب السياسات والخطط المدروسة.
وتابعت أن السفارة الإيرانية في الصين ليست استثناء من هذه القاعدة، إذ يوجّه الخبراء والمتخصصون انتقادات، مفادها أن السفراء في السنوات الماضية لم ينفذوا الخطط والإجراءات الجادة المطلوبة لتعزيز العلاقات وتوسيعها كما ينبغي.
وذكرت أن العلاقات بين إيران والصين لم تتحرك، خلال السنوات الماضية، على المسار المأمول، الأمر الذي أدى إلى غياب دور فاعل لإيران إلى جانب الصين في بعض المواضع.
وأضافت أن هذه الحقيقة لا يمكن إنكارها، فإلى جانب مسؤولية الحكومة في التخطيط الجاد لتقوية العلاقات مع الصين وتنفيذها عمليّا، فإن المبادرات التي يطرحها السفير وقدراته الشخصية يمكن أن تؤدي دورا مؤثرا في تعزيز العلاقات مع هذا البلد، الذي يرتبط بإيران بتفاعلات استراتيجية.
وأكدت أنه من المتوقع أن يعمل السفير الإيراني الجديد، من خلال الاستفادة من إمكانات السفارة واستخدام أدوات التفاوض، على لعب دور محوري في توسيع وتعزيز العلاقات مع الصين وسط هذه الأوضاع المضطربة.
وختمت بالقول إن تعزيز هذه العلاقات في ظل المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة يُعدّ ورقة قوة بيد طهران، تمنع الطرف الأمريكي من استخدام التهديد والضغط لإجبار إيران على قبول شروطه.