فواتير باهظة وانقطاع متكرر.. من المسؤول عن أزمات الكهرباء ونقص المياه في طهران؟

كتب: ربيع السعدني 

تواجه طهران ومحافظة هرمزغان أزمات متفاقمة في انقطاع الكهرباء والمياه، حيث تصل مدة الانقطاعات إلى 4 ساعات يوميا في بعض المناطق، مصحوبة بغياب التخطيط والإعلان المسبق، الأطفال، كبار السن، والمرضى هم الأكثر تضررا، مع شكاوى من نقص التنسيق وتجاهل احتياجات المواطنين. 

في طهران، يفاقم الجفاف المستمر منذ خمس سنوات أزمة المياه، مع خطط لترشيد الاستهلاك عبر معدات موفرة قد تقلل الاستهلاك بنسبة 30% ويطالب المواطنون بحلول عاجلة وشفافية من السلطات لمواجهة هذه الظروف غير الإنسانية. وأفادت وكالة تسنيم للأنباء، بأن البلاد واجهت هذا العام، ولأول مرة في منتصف أبريل/نيسان 2025، عجزا في إنتاج الكهرباء نسبة للطلب، وشهدنا انقطاعات مخططة للتيار الكهربائي بالقطاع المنزلي في الشهر الأول من العام.

العواقب السلبية لانقطاع التيار الكهربائي

انقطاعات الكهرباء المتكررة لها عواقب سلبية واسعة النطاق على حياة المواطنين والاقتصاد في محافظة هرمزجان، وعلى المستوى المحلي، تؤدي هذه الانقطاعات إلى تعطيل الأنشطة اليومية، وتتسبب في تعطل الأجهزة الكهربائية، وتخلق استياءً عاما، يمكن أن يكون هذا الوضع مرهقا للغاية وحتى خطيرا، خاصة بالنسبة لكبار السن والأطفال والمرضى.

في القطاع الاقتصادي، تؤدي عمليات انقطاع الكهرباء إلى إغلاق مؤقت للأعمال، وانخفاض الإنتاج، وزيادة التكاليف، وانخفاض الإنتاجية، وتتأثر الصناعات الكبيرة والصغيرة على حد سواء بهذا الوضع، على سبيل المثال، قد تضطر مصانع التصنيع إلى إيقاف خطوط الإنتاج الخاصة بها بسبب انقطاع التيار الكهربائي، مما يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة وتأخير في تسليم الطلبات.

في حين كان من المتوقع أن يستمر هذا الوضع غير المخطط له في تنفيذ انقطاعات التيار الكهربائي الربيعية لمدة أسبوع إلى أسبوعين وأن يقوم مجمع تافانير ووزارة الطاقة بتنظيم وضع إمدادات الكهرباء مرة أخرى، إلا أن الانقطاعات المخطط لها وغير المخطط لها والتي بدأت في منتصف أبريل/نيسان 2025 استمرت بشكل لا يصدق ويتم ربطها بانقطاعات التيار الكهربائي المخطط لها في موسم الحار هذا العام.

4 ساعات بدون كهرباء

شهدت مدن محافظة طهران، خلال الأسبوع الجاري انقطاعات للتيار الكهربائي لمدة تتراوح بين ساعتين وأربع ساعات في قرى ومدن شمال المحافظة (منطقة شميرانات) ووصولا إلى مدن غرب المحافظة (شهريار وضواحيها)، وغالبا ما كانت هذه الانقطاعات غير مخطط لها وبتنسيق ضئيل مع الجدول الزمني المعلن وتسببت انقطاعات الكهرباء الطويلة والمتكررة في مدن طهران وبعض المحافظات الأخرى في البلاد، في الأماكن التي يتم فيها توفير المياه من الآبار، في انقطاع المياه لمدة عدة ساعات بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن آبار إمدادات المياه.

على سبيل المثال، في منطقة صبا شهر بمقاطعة شهريار، تسبب انقطاع التيار الكهربائي عن الآبار في انقطاع مياه الشرب لأكثر من 4 ساعات في اليوم السابق كما شهدت منطقة شميرانات بطهران وبعض مدن شمال المحافظة انقطاعا للتيار الكهربائي لمدة ساعتين ظهرا كانقطاع مخطط له، إلا أن هذا الانقطاع استمر لأكثر من 4 ساعات ولم يستجب أي رقم، بما في ذلك الخط السريع 121، للمواطنين المحبطين من انقطاع التيار الكهربائي.

شكاوى وكابوس لا يطاق

وتعود الشكاوى التي تقدم بها المواطنون بشكل رئيسي إلى انقطاعات غير مخطط لها، إما لم يتم الإبلاغ عنها أو لم يكن هناك تنسيق بين توقيت الانقطاع وتوقيت استعادة التيار الكهربائي في حين تصل درجات الحرارة في محافظة هرمزجان لأكثر من 45 درجة مئوية خلال فصول السنة الحارة والرطوبة الخانقة تجعل التنفس صعبا، فإن انقطاعات الكهرباء المتكررة وغير المجدولة حولت حياة سكان هذه المنطقة إلى كابوس لا يطاق.

وتبدأ مواسم الحرارة المرتفعة في السنة في هرمزجان مع بداية الربيع وتستمر حتى الخريف، لا تتعلق هذه الفصول بالحرارة فقط؛ بحسب تقرير وكالة تسنيم للأنباء فهو مزيج من الرطوبة المذهلة، والشمس الحارقة، ودرجات الحرارة التي تتجاوز في بعض الأحيان 45 درجة وفي مثل هذه الظروف، لا تعد الكهرباء ضرورة فحسب، بل هي أيضا شرط لاستمرار الحياة اليومية، لكن انقطاعات الكهرباء المتكررة وغير المعلنة في هذه المدينة والقرى المحيطة بها أزعجت المواطنين وأثارت موجة من السخط والاحتجاجات.

وقد أدت هذه الانقطاعات، التي تستمر أحيانا ما بين ساعة إلى ثلاث ساعات خلال ذروة الحرارة، إلى تعطيل الحياة في العاصمة الاقتصادية لإيران وتعريض الصحة البدنية والعقلية للناس للخطر.

المدارس.. مكان للتعليم أم للمعاناة؟

بصوت يملؤه اليأس، في إحدى مدارس بندر عباس، يقول أحد المعلمين القدامى: “تخيلوا لو انقطعت الكهرباء عن فصل دراسي يضم أربعين طالبا، في ظل درجات حرارة تتجاوز الأربعين درجة مئوية ورطوبة خانقة، سيشعر الأطفال بالإحباط والقلق، ويتصبب العرق عرقا على رؤوسهم ووجوههم، ولن يتمكنوا حتى من التركيز على دروسهم”، وأضاف: “نحن المعلمين لا نملك القدرة على إدارة هذا الوضع، لم يقتصر تأثير هذا الوضع على تعطيل العملية التعليمية فحسب، بل عرض صحة الطلاب للخطر أيضا”.

ضحايا صامتون للحرارة

وفي المنازل في هرمزجان، تكون الظروف أكثر صعوبة بالنسبة للفئات الحساسة مثل الأطفال وكبار السن، قالت أم شابة لديها طفل رضيع يبلغ من العمر ستة أشهر وشخص مسن مريض في المنزل، في مقابلة مع وكالة “تسنيم”: “طفلي لا يهدأ من الحر، ولا أستطيع تهدئته، كما أن الشخص المسن في العائلة لا يتحمل الحر دون مكيف هواء بسبب مرض في القلب، عندما ينقطع التيار الكهربائي، نشعر وكأن حياتنا تتوقف أيضا”.

ويتساءل: “لماذا يقطعون الكهرباء في هذا الحر، دون سابق إنذار؟ أليست حياة البشر مهمة بالنسبة للسلطات؟”.

منسيون على حافة الحرارة

على الرغم من أن مدينة بندر عباس في دائرة الضوء باعتبارها عاصمة محافظة هرمزغان، إلا أن القرى المحيطة بها تعيش ظروفا أسوأ بكثير، قال رجل مسن من قرية تازيان، على بُعد 30 كيلومترا من بندر عباس، بوجه متعب: “ينقطع التيار الكهربائي مرتين يوميا، كل مرة لمدة ثلاث ساعات، لا توجد لدينا مرافق حضرية في القرية، ولا حتى مروحة مناسبة، حرارة الجنوب، بلا كهرباء، كالفرن.. لماذا نعاني نحن القرويون كل هذا المعاناة؟”

توقف المصاعد وتجارب مريرة

ومن بين أكثر الروايات المؤلمة ما جاء على لسان أحد المواطنين الذي روى تجربة صادمة: “كانت الساعة الثانية ظهرا، وكنت في مصعد شقتنا مع ابني البالغ من العمر 4 سنوات فجأة انقطعت الكهرباء وتوقف المصعد، الظلام، والحرارة، وصراخ الخوف الذي أطلقه ابني كانت لحظات لن أنساها أبدا، لقد علقنا في تلك المساحة الضيقة والخانقة لمدة ساعة تقريبا”.

ويتساءل بغضب: “هل يعرف المسؤولون في طهران، وهم يجلسون في مكاتبهم الباردة، ماذا يعني حر الجنوب؟ هل سبق لهم أن خاضوا مثل هذه التجربة؟”

ذروة الأزمة

وفي بعض مناطق بندر عباس، ترافق انقطاع التيار الكهربائي مع مشكلة أخرى: انقطاع المياه المتزامن، وقال أحد سكان حي جولشهر بغضب لوكالة تسنيم للأنباء: ماذا يعني 4 ساعات بدون ماء وكهرباء في هذا الحر؟ لا أعلم ماذا كان يفكر فيه المسؤولون عندما قاموا بقطعهما في نفس الوقت، لا يمكننا حتى شرب كوب من الماء البارد أو غسل أيدينا ووجوهنا، ويتابع: “هذا الفوضى وانعدام التخطيط حول حياتنا إلى جحيم، إذا كان الأمر سيكون حاسما، فأخبرونا على الأقل حتى نتمكن من إعداد أنفسنا”.

لماذا يعد انقطاع الكهرباء في بندر عباس أزمة؟

تلعب بندر عباس، باعتبارها واحدة من أهم المراكز الاقتصادية والصناعية في إيران، دورا رئيسيا في سلسلة إمدادات الطاقة والتجارة في البلاد. لكن يبدو أن البنية التحتية للكهرباء في هذه المدينة ومحافظة هرمزجان لا تتماشى مع احتياجاتها المتزايدة، لكن ما أثار غضب المواطنين أكثر هو غياب التخطيط الدقيق والمعلومات الشفافة من قبل إدارة الكهرباء.

وقال أحد سكان بندر عباس لوكالة تسنيم: “إذا كان هناك انقطاع للتيار الكهربائي، فأعطونا على الأقل جدولا زمنيا، لا يمكننا أن نتفاجأ كل يوم، حتى في ذروة الحرارة هذا عدم احترام للشعب”.

الاستجابة والتحرك الفوري

إن انقطاع التيار الكهربائي في بندر عباس والمناطق المحيطة بها لم يتسبب في تعطيل الحياة اليومية فحسب، بل هدد أيضا الصحة الجسدية والعقلية للمواطنين، أدى الحر الشديد في الجنوب، مع انقطاع الكهرباء، إلى خلق ظروف غير إنسانية خطيرة بشكل خاص على الأطفال وكبار السن والمرضى ويتوقع مواطني هرمزجان من المسؤولين الإقليميين والوطنيين إدارة هذه الأزمة بالتخطيط الدقيق والاستثمار في البنية التحتية والمعلومات الشفافة.

وقال أحد الناشطين الاجتماعيين لوكالة تسنيم للأنباء: “نحن أهل الجنوب، تعاملنا دائما مع الحر والصعوبات، لكن هذا التهور لم يعد يطاق، يجب على المسؤولين أن يكونوا مسؤولين وأن يقدموا حلولا مستدامة”.

60 % من الأجهزة الكهربائية في هرمزغان “مهترئة”

وأشار المدير التنفيذي لشركة توزيع الكهرباء في هرمزجان محمد كريمي إلى أن 60% من المعدات الكهربائية في المحافظة مهترئة، وقال: “في هذا الصدد، نحن بحاجة إلى المزيد من الاستثمار والجهد الكبير حتى نتمكن من تعويض بعض هذا التخلف بالموارد السنوية”.

وأضاف: “من الضروري ضخ المزيد من الاستثمارات في مجال الكهرباء والطاقة حتى لا نتخلف عن النمو الاقتصادي في هرمزغان ونواكب ظروف النمو والتطور في هرمزغان”.

استراتيجيات التعامل مع الأزمات

إن معالجة أزمة انقطاع الكهرباء في هرمزغن تتطلب التعاون والتآزر بين الحكومة والقطاع الخاص والجمهور. وينبغي للحكومة أن تمهد الطريق لتطوير البنية التحتية للكهرباء في المحافظة من خلال تبني سياسات داعمة، وخلق الحوافز اللازمة، وتسهيل الاستثمار في قطاع الطاقة.

ويمكن للقطاع الخاص أيضا أن يلعب دورا مهما في حل هذه المشكلة من خلال الاستثمار في مشاريع إنتاج الطاقة، وتحسين شبكة التوزيع، وتقديم الخدمات الاستشارية.

ويمكن للناس أيضا المساهمة في تقليل الطلب على الكهرباء ومنع انقطاع التيار الكهربائي من خلال مراعاة أنماط الاستهلاك المناسبة واستخدام الأجهزة الكهربائية الموفرة للطاقة.

دليل انقطاع التيار الكهربائي

على الجانب الآخر أعلنت شركة توزيع الكهرباء في طهران الكبرى لمواطني طهران أنه يمكن الحصول على معلومات حول الانقطاعات المحتملة للتيار الكهربائي في طهران من خلال زيارة نظام الطوارئ الذكي لشركة توزيع الكهرباء في طهران الكبرى.

كما أنه عقب إعلان الشركة الأخير وإرسال رسائل نصية تحذيرية للمشتركين ذوي الاستهلاك العالي، تعرض 1033 مشتركا في طهران لم ينتبهوا للتحذيرات لانقطاع التيار الكهربائي، ولم يقللوا من استهلاكهم للكهرباء، وذلك بذكاء وعن بعد.

ومن الواضح أن عملية مراقبة استهلاك المشتركين للكهرباء مستمرة بشكل يومي، وسوف يواجه المشتركون الذين لا يلتزمون بالتحذيرات قيودا.

تساؤل أخير

في طهران وهرمزجان، حيث تتحول الحياة اليومية إلى معركة بسبب انقطاعات الكهرباء والمياه، يتردد صوت المواطنين المحبطين: متى ستنتهي هذه المعاناة؟ الحرارة الخانقة، الجفاف المستمر، والبنية التحتية المتداعية ليست مجرد أزمات، بل تهديد مباشر للصحة والكرامة الإنسانية.. فهل ستستجيب العاصمة قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة؟

كلمات مفتاحية: