برلمانيان إيرانيان: البرلمان مؤسسة للتشريع والرقابة وليس ساحة صراعات

نشرت صحيفة فرهيختكان الأصولية، الجمعة 13 يونيو/حزيران 2025، تقريرا تضمن  تصريحات البرلمانيين الإيرانيين ميثم ظهوریان، ومجتبی زارعي، في حوار أُجري معهما بشأن ملاحظات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، حول سلوكيات بعض النواب في الجلسات العلنية، لا سيما ما يتعلق بالخلافات السياسية والصخب داخل البرلمان.


ميثم ظهوریان: يُهدَر وقت كبير من جلسات المجلس في القضايا الجانبية

أشار النائب البرلماني عن دائرة مشهد ميثم ظهوریان، في تعليقه على تصريحات خامنئي بشأن معايير الثورية وضرورة ابتعاد النواب عن الضجيج والممارسات السياسية غير الأخلاقية، إلى أنه على الرغم من أن عدد النواب الذين يثيرون القضايا الجانبية في المجلس قليل، فإن جزءا من وقت المجلس يُهدر في هذه النقاشات الهامشية. 

منبر البرلمان يجب أن يُكرَّس للدفاع عن حقوق الشعب

صرَّح ميثم ظهوریان بأن من أهم ما ورد في توصيات خامنئي هو ضرورة أن يجد النائب نقطة التوازن في سلوكه، وقال أن خامنئي أشار إلى نقطتين تُعدّان أساسا مهما لهذا التوازن. الأولى، أنه من الواضح أن منبر البرلمان لا ينبغي أن يكون مكانا لسوء الأخلاق؛ فمكانة البرلمان وموقعه يفرضان أن يُستخدم هذا المنبر للدفاع عن حقوق الشعب، وينبغي بطبيعة الحال أن يكون خاليا من التصرفات غير الأخلاقية وما شابهها. 

وأضاف: “أما النقطة الثانية، فهي أن النائب يجب أن يتمتع بالشجاعة والوضوح في الكلام، بمعنى ألا يسمح باستغلال قضايا الناس، وألا يُستخدم المنبر لأغراض سياسية أو يُستغل بانعدام التقوى، بل يجب أن يُستخدم بوضوح وشجاعة”. 

وأكد ما قاله المرشد الأعلى علي خامنئي بشأن ضرورة طرح ومعالجة قضايا الناس ومشاكل إيران عبر منبر البرلمان. لذلك، فإن إيجاد نقطة توازن يُعد أمرا بالغ الأهمية؛ إذ ينبغي للنائب أن يُحسن استخدام المنبر، ويتصف بالشجاعة والصراحة، ويوجه خطابه نحو خدمة مصالح الناس، لا أن يُحوّل هذا المنبر إلى ساحة لانعدام التقوى، أو لسوء الأخلاق، أو للصراعات السياسية بين التيارات المختلفة داخل البرلمان.

هدر جزء من وقت البرلمان في القضايا الجانبية والمشاحنات

تطرق ظهوریان أيضا إلى أن جزءا من وقت البرلمان يُهدر في القضايا الجانبية التي تتضمّن أحياناًمظاهر من سوء الأخلاق وانعدام التقوى، وقال أن في الخطب والمداخلات، نجد بعض النواب يوجّهون كلامهم ضد بعضهم البعض؛ أحدهم يقول شيئا، والآخر يرد عليه. وهو جزء لا بأس به – لا أقول إنه كبير جدا – لكن على كل حال، يُستهلك من وقت البرلمان في هذه القضايا الجانبية والصراعات الفئوية، وهي لا تُفضي إلى نتائج تخدم حلّ مشكلات إيران. 

وأفاد بأنه من الممكن استخدام منبر البرلمان بشكل أفضل من هذا. وبطبيعة الحال، أعرب بخامنئي شكل عام عن رضاه عن هذا البرلمان، وقال إنّه كان باعثا على الهدوء والأمل، وكذلك سلوك النواب وخطاباتهم. لكن في نهاية المطاف، كانت هناك حالات أُهدِر فيها وقت البرلمان في نقاشات لا علاقة لها بمشاكل إيران، بل وفي جدال وردود بين الأفراد. 

وأضاف أنه إذا تم تقليص مثل هذه الأمور، فمن الطبيعي أن يصبح المجلس أكثر فاعلية في معالجة قضايا إيران.

الثورية لا تقتصر على رفع الصوت بل تتعلق باتجاهه أيضا

أشار ظهوریان إلى تصريحات خامنئي حول مقومات الثورية، مشددا على أن النائب يُفترض أن يُجسّد صوت الشعب، إلا أن الثورية لا تٌختزل في ارتفاع الصوت، بل في مقصده ومحتواه. أي أن القضايا التي تُطرح يجب أن تكون فعلا قضايا الناس، لا مصالح شخصية ولا خلافات سياسية. فالمنبر الذي يمتلكه النائب، والصوت العالي الذي يرفعه، هو أحد أدوات النائب، لكن لا ينبغي اختزال وظيفة النيابة في هذا فقط. 

وأوضح أن النائب مسؤول عن التشريع والرقابة، ومع ذلك فإن الخطابات أداة مهمة، وإذا استُخدمت بشكل صحيح، وبصراحة وشجاعة، فإنها يمكن أن تساهم في حل مشكلات الناس. أما إذا استُخدمت بشكل خاطئ، فقد تُختزل النيابة في خطابات صاخبة وحادة. ومن الطبيعي أن هذا جانب من العمل النيابي يجب أن يُعرَّف ويُضبط بشكل صحيح، لكي يُستخدم هذا المنبر بالطريقة السليمة.

مجتبی زارعي: يجب أن يسود العقل والحكمة في البرلمان

أشار النائب عن دائرة طهران، مجتبی زارعي، في سياق تعليقه على تصريحات خامنئي بشأن معايير الثورية داخل البرلمان، إلى أن إدخال الأغراض الشخصية في العمل البرلماني يتعارض مع النهج الثوري، مؤكدا في الوقت نفسه أن استخدام منبر البرلمان في كشف الملفات والتشهير، على خلاف الأصول المتبعة، لا يساهم فعليا في مكافحة الفساد. 

إقحام الأغراض الشخصية في البرلمان  لا ينسجم مع النهج الثوري

لفت زراعي النظر في تعليقه على تصريحات خامنئي بشأن معايير الثورية داخل البرلمان إلى أن الثورية ليست مظهرا شكليا، فإقحام الأغراض الشخصية في عمل البرلمان يختلف تماما عن النهج الثوري. فالنائب الثوري لا بد أن يتمتع بالشجاعة، لكن عليه في الوقت نفسه أن يفهم مفهوم الثورية بشكل صحيح. وبصيغة أخرى، أوضح خامنئي أن الثورية لا تعني إثارة الضجيج. 

وأبرز أن “خامنئي في بداية كلامه، وجّه لنا أيضا تحذيرا ضمنيا، يتعلق بفهم الأسلوب الخاص للبرلمان واختلافه عن البرلمانات في البلدان الأخرى، وكان هذا بمثابة تنبيه من الناحية التنفيذية أيضا”.

وسلّط الضوء على مسألة فهم طبيعة المجالس، حيث طرح خامنئي تساؤلا حول الجهة التي تقع عليها مسؤولية الحفاظ على هذه الهوية، مؤكِّدا أن القول بأن المجلس يجب أن يكون كالمسجد ليس أمرا ذاتيا، بل أمر يتوقف على سلوك النواب أنفسهم. 

وقد نوَّه إلى قصة برصيصا العابد، التي ستُعرض في البث الكامل رغم عدم ورودها في المقتطفات المختصرة، وفي إشارة إلى أن من يدّعي العبادة لا ينبغي أن ينخدع بالشيطان. وبالمثل، فإن من يدّعي الثورية داخل البرلمان ويزعم أنه يمارس عملا ثوريا، عليه أن يحترم قدسية العمل البرلماني.

وأردف أنه تذكّر هنا مقولة الفقيه التنظيمي محمد حسين بهشتي، ذلك الذي كان يعمل مع خامنئي ضمن الأطر التنظيمية، حيث قال أن الحزب يجب أن يكون معبدا، لا معبودا. وعلى المنوال نفسه، أكَّد خامنئي أن المجلس يجب أن يكون كالمسجد.

قلة من نواب البرلمان يميلون إلى الاصطفافات السياسية

أشار زارعي أيضا إلى أن عددا قليلا من النواب في البرلمان لديهم ميل إلى الاصطفافات الفئوية، وقال إن خامنئي أعلن نوعا من الحظر، حين صرَّح بأن التعاون بين السلطات، الذي بدأ يتشكل حاليا– ولم يكن موجودا في الدورات السابقة– هو أمر إيجابي، وأكد “لا تخلقوا اصطفافات داخل إيران؛ فإن رؤساء السلطات الثلاث ليسوا خصوما كي يأتي أحدهم ويرسم خطا فاصلا ويشكّل جبهة ضد سلطة أخرى”. 

وبيَّن أن بعض النواب، وهم قلّة– إذ إن خامنئي عبّر في المجمل عن رضاه، مؤكّدا أن الغالبية في البرلمان، لا سيّما في الدورة الثانية عشرة، يتّسمون بالعقلانية والاتزان– لكن تُسجَّل على بعضهم ميول واضحة إلى الاصطفافات.

وأورد أن “خامنئي وضع حتى شروطا للكلام نفسه. ومن وجهة نظري، فقد وجّه ضربة لما يمكن وصفه بمركز إدارة الرسائل النصية، وأشار إلى حملات الضغط المنظمة، مبرزا أن النائب، سواء في التصويت أو الامتناع عنه، مسؤول أمام معيارين: الله والقانون. كما دعا إلى تجنّب إقحام الأغراض الشخصية، وإلى مراعاة ما يُرضي الله وتفادي تضارب المصالح”.

مكافحة الفساد في البرلمان لا ينبغي أن تُخلط بالتشهير

أوضح زراعي حول ما إذا كان طرح أي نقد من على منبر البرلمان يُعد بالضرورة مثالا على سوء السلوك السياسي، وقال: “كنت قد ذكرت سابقا أن البرلمان ليس دارا للتشهير، بل هو مؤسسة للرقابة والتشريع”. 

وأضاف أنه، كنائب في البرلمان، “حين تتوافر لدي إمكانية الاطلاع على المعلومات والأخبار، وألحظ حتى مخالفة واحدة، فإن الإعلان عنها من دون الرجوع إلى الآليات القانونية والرسمية – وهو ما أشار إليه خامنئي بـالمنبر، وفي موضع آخر وصفه بـالمنبر المرتفع للبرلمان، نظرا لسعة مدى تأثير صوت النائب – لا يُعدّ شكلا حقيقيا من أشكال مكافحة الفساد، ذلك أن البرلمان يمتلك ذراعين رقابيين واضحين: ديوان المحاسبات، ولجنة المادة 90”.

وتابع: “نحن الآن نعيش زمن ازدهار الأطر القانونية في إيران؛ ولدينا السلطات الثلاث، وكلّ منها يمتلك نُظما فرعية. وينبغي علينا أن نعمل عبر هذه المسارات. طبعا، وهذا لا يمنع النائب من أداء دوره. فقد أكّد خامنئي في 12 يونيو/حزيران 2025 أنه يؤيد المهام الرقابية للبرلمان”. 

ونبَّه إلى أنه لا يجوز أن يَتحوّل كل ما يصل إلى علم النائب من معلومة إلى استجواب أو مساءلة للوزراء والمسؤولين. بل يجب أولا التعامل مع المعلومات الواردة عبر القنوات المختصة.

وأفاد: “نحن نقترب من الدخول في العقد الخامس من عمر الثورة؛ وهذا يعني أننا كدولة وكهيكل وصلنا إلى مرحلة النضج. وهذا النضج يقتضي أن تكون الرقابة مؤسسية، لا فردية. لأن الرقابة الفردية قد تتحول إلى أداة للأغراض الشخصية أو تضارب المصالح أو الاصطفافات السياسية. لذلك، لا يمكن الحكم بأن كل نقد يُطرح في البرلمان هو إيجابي أو سلبي بالمطلق، بل يجب أن نُقيِّم من أي مسار يكون أداء الدور النيابي أكثر فاعلية”.

وفي النهاية أكَّد زراعي أن “البرلمان جزء من الحُكم، ولا يقف في جبهة مقابلة. لذلك، لا ينبغي أن نخلط بين مكافحة الفساد والتشهير. هذا خطأ. فنحن جميعا ننتمي إلى غرفة عمليات واحدة، وهي إيران، وهي محل حرمة واحترام، ولكن بعقلانية. والعقلانية تقتضي وجود رقابة حقيقية ومكافحة فعالة للفساد”.