- دنيا ياسر
- 55 Views
نشرت وكالة أنباء “جماران” الإيرانية الإصلاحية، السبت 17 مايو/أيار 2025، تقريرا استعرضت فيه تحليل عباس خامه یار، المستشار الثقافي السابق لإيران في لبنان، حول تصريحات دونالد ترامب الأخيرة بشأن زيارته لدول الخليج، مبرزا الطابع الاستعراضي والشخصي في تعامله مع السياسة الخارجية.
ذكر عباس خاميار أنه “من المفترض أن تتناسب تصريحات رئيس الدولة التي تصف نفسها بالقوة العظمى العالمية مع مكانته ومسؤولياته. غير أن ما نسمعه أحيانا من أقوال خفيفة، عاميّة، وأحيانا مستفزة، يثير الدهشة، خصوصا عندما يكون المتحدث هو الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية”.
السياسة الدولية.. حين تتحول الكلمات إلى مرآة للرؤية
أشار إلى أن الكلمات في المشهد السياسي الدولي المضطرب اليوم لم تعد مجرّد وسيلة للتواصل، بل تحوّلت إلى مرآة تعكس مستوى البصيرة ونمط التفكير لدى السياسيين. وفي زمن تستطيع فيه كلمات قادة العالم أن تؤثر في مسار الدبلوماسية ومصير الشعوب وحتى في الرأي العام، تظهر أحيانا تصريحات لا تتجاوز فقط حدود التوقع، بل تلامس حدود الدهشة والأسى.
تابع خاميار حديثه بالإشارة إلى أن من أبرز هذه التصريحات، ما صدر مؤخرا عن دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، حين وصف زيارته لثلاث دول عربية خليجية- هي السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة- بأسلوب بعيد عن اللغة الدبلوماسية ومضمون العمل السياسي. إذ استخدم تعبيرات ساخرة وأسلوبا أقرب إلى برامج الترفيه التلفزيونية منه إلى خطابات رؤساء الدول.
حين يصبح “العشق” السياسي عرضا تلفزيونيا
أضاف خاميار أنه شعر بالدهشة الشديدة عندما سمع ترامب يقول: “المضيفون العرب كانوا فعلا عطاشى إلى الحب، وأنا منحتهم هذا الحب!”. وهو تصريح، وفق خاميار، لم يكن يثير الاستغراب بسبب لغته العامية فقط، بل بسبب أنه صدر من رئيس دولة تدّعي أنها زعيمة العالم، مما أثار في نفسه شعورا بعدم الارتياح وطرح تساؤلات عميقة حول فهم ترامب للعلاقات الدولية.
وتابع خاميار: “رأيت أن أستعين بالذكاء الاصطناعي لتحليل هذه التصريحات غير المألوفة، فجاء الرد واضحا ومثيرا للتأمل، وسأعرضه هنا كما هو دون أي تعديل:
تصريحات ترامب الأخيرة بشأن زيارته للدول العربية جاءت مجددا بأسلوب ساخر ومليء بالايحاءات. وصفه لاستقبال حار من الدول المضيفة أظهر مرة أخرى أنه يتعامل مع السياسة الخارجية وفق معايير عرض إعلامي لا سياسي”.
“تخصيص” السياسة الخارجية.. من الدبلوماسية إلى التجربة الشخصية
واستطرد خاميار شارحا ما ورد في تحليل الذكاء الاصطناعي، فأوضح أن ما بدا في الوهلة الأولى كنوع من الفكاهة، يحمل في طياته دلالات أعمق، أهمها أن ترامب لا يتعامل مع العلاقات الدولية وفق المنهج التقليدي القائم على الاستراتيجيات والمصالح، بل يحول اللقاءات الرسمية إلى تجارب شخصية وعاطفية.
وتابع أنه عندما يبالغ في وصف المصافحات، ويصفها بأنها “أكثر مما يمكن تخيله”، فإن هذا الخطاب يعكس ميلا إلى المبالغة و”الشخصنة” وتحويل السياسة إلى عرض مسرحي.
وأشار خاميار إلى أن تخصيص السياسة الخارجية بهذا الشكل، خاصة عندما يقترن بالنرجسية والمبالغة، يشكل خطرا كبيرا على صورة الولايات المتحدة في العالم. فبدلا من تعزيز العلاقات الاستراتيجية، قد تُفهم تلك التصريحات على أنها نوع من الإهانة الضمنية للدول المضيفة، مما يُفقد اللقاءات الرسمية معناها الحقيقي.
تآكل “القوة الناعمة” أمام لغة العرض
وأضاف أن استخدام ترامب لغة المشاعر والعرض المسرحي بدلا من اللغة الدبلوماسية، يُعد تقويضا لرصيد بلاده الرمزي كقوة ناعمة. فالعالم العربي، بكل تعقيداته التاريخية والسياسية والثقافية، لا ينبغي اختزاله في استعارات عاطفية وتضخيمات ذاتية.
وأوضح أن هذا الأسلوب المختلف وغير التقليدي قد يكون ممتعا ومحببا لدى الجمهور الأمريكي الداخلي، لكنه على المستوى الدولي، يُعد مؤشرا على عدم فهم عمق العلاقات التاريخية والحساسيات الثقافية. فالتعبير عن العلاقات الاستراتيجية من خلال لغة العاطفة والتهكم، حتى إن جذب الإعلام، يظل من الناحية الدبلوماسية محمّلا برسائل متناقضة، خصوصا لشعوب تتعامل مع الولايات المتحدة باعتبارها شريكا استراتيجيا لا مجرد صديق عاطفي.

“الحب” بلغة ترامب.. هل يعني المال؟
وفي خلاصة تحليله، أشار خاميار إلى أن ما يمكن استنتاجه من تصريحات ترامب ليس فقط ضعفا في لغة الدبلوماسية، بل نظرة اختزالية للسياسة الدولية. فقد حوّل السياسة إلى مسرح شعارات فارغة ومنفصلة عن الواقع والمنطق.
لكنه يعود ليؤكد أنه خلف الكلمات التي استخدمها ترامب مثل «الحب»، تكمن حقائق أكثر جدية. إذ إن هذه الزيارة أسفرت عن توقيع صفقات بمئات المليارات من الدولارات مع تلك الدول، في مجالات تتعلق أساسا ببيع الأسلحة والتعاون الاقتصادي.
وتابع أن ما يعني «الحب» وفقا لتفسير ترامب، ليس سوى مرادف لـ«الربح»؛ ربح متبادل ظاهريا، لكنه في الحقيقة غير متكافئ على الإطلاق.
واختتم خاميار تحليله بالقول إن ترامب أظهر مجددا أنه لا يُعرّف السياسة فحسب، بل حتى لغتها، وفق معايير تجارية وشخصية واستعراضية. وهي نظرة قد تجد من يرحب بها على المدى القصير، لكنها على المدى البعيد تهدد صورة الولايات المتحدة وتحولها إلى دولة تضع حتى مفهوم «الحب» في ميزان الربح والخسارة.